مدى مصر

مجلس الدولة مراجعة عقود «الضبعة» تنتهي في ١٣ سبتمبر رنا ممدوح ٦ سبتمبر ٢٠١٧ قال المستشار أحمد أبو النجا، رئيس اللجنة الثالثة للفتوى بمجلس الدولة، لـ «مدى مصر» إن اللجنة ستنتهي من مراجعة العقود الخاصة بمحطة الضبعة النووية في ١٣ سبتمبر الجاري. كانت وسائل إعلام نقلت أمس تصريحات لرئيس الوزراء، شريف إسماعيل، بانتهاء مجلس الدولة من مراجعة العقود الخاصة بالمحطة. وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، الإثنين الماضي، في تصريحات على هامش قمة «بريكس» بالصين «أنهينا جميع الإجراءات المتعلقة بالاتفاق على عقد بناء محطة الطاقة النووية في الضبعة، ونأمل أن يتمكن الرئيس الروسي من التواجد معنا خلال حفل توقيع العقد»، بحسب وكالة سبوتنيك الروسية. وتلزم المادة ١٩٠ من الدستور الحكومة بعرض مشروعات العقود التي تكون الدولة أو إحدى الهيئات العامة طرفًا فيها، على مجلس الدولة لمراجعتها، وإبداء الرأي القانوني فيها. من جانبه، كشف مصدر قضائي بمجلس الدولة، فضل عدم ذكر اسمه، أن اللجنة الثالثة للفتوى، وهي إحدى الإدارات التابعة للجمعية العمومية للفتوى والتشريع بالمجلس، تسلمت من الحكومة ثلاثة عقود تخص مشروع إنشاء المحطة النووية؛ العقد الرئيسي الخاص بإنشاء المحطة، وتسلمته اللجنة في بداية العام الجاري، وقد انتهت اللجنة من مراجعته قبل عدة أشهر، مشيرًا إلى أن اللجنة أبدت عشرات الملاحظات حول بنود هذا العقد، ولا يعرف مصير تلك الملاحظات سوى مجلس الوزراء. وأوضح أن وزارة الكهرباء أرسلت إلى اللجنة في ٢٦ أغسطس الماضي عقدين أبرمتهما الوزارة مع شركة «روساتو» الروسية، أحدهما خاص بآلية تشغيل وصيانة المفاعل، والآخر خاص بإمداد المفاعل بالوقود اللازم، وقد حدد رئيس مجلس الدولة جلسة خاصة لنظر العقدين في ٣٠ أغسطس الماضي. وأضاف المصدر أن جلسة اللجنة الثالثة في ٣٠ أغسطس شارك فيها رؤساء لجان النقل والري والبترول والزراعة والصناعة بمجلس الدولة، ونظرًا لضخامة العقدين، حيث تزيد صفحاتهما عن ٥٠٠ صفحة، أعطى المستشار أحمد أبو النجا وقتًا للأعضاء للاطلاع عليهما وتحديد ملاحظاتهم، على أن يتم مناقشة تلك الملاحظات خلال جلسة ١٣ سبتمبر الجاري مع ممثلي الحكومة. وتوجب المادة ٥٨ من قانون مجلس الدولة رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢ على الهيئات والوزارات ومصالح الدولة عدم إبرام أو قبول أو إجازة أي عقد تزيد قيمته عن خمسة آلاف جنيه إلا بعد استفتاء إدارة الفتوى المختصة. «رأينا غير ملزم، وللحكومة ألا تستجيب لملاحظاتنا، ولكن العرض وجوبي»، يقول المصدر القضائي، موضحًا أن اللجنة ينتهي دورها بإعلام الحكومة بملاحظاتها حول بنود العقود الثلاث، أما أن تستجيب الحكومة لها من عدمه فهو أمر لا يخص مجلس الدولة.
بعد قرون من الحلم بـ«كردستان»، هل يكون مسعود برزاني هو من يفعلها؟ محسن عوض الله ٦ سبتمبر ٢٠١٧ لم يتوقف الحلم بدولة «كردستان» عن الحضور فى الأدب الكردي. في قصيدته «الوطن»، عبّر الشاعر فائق بيكس، المتوفى في ١٩٤٨، عن هذا الحلم بقوله «آه .. يا أيها الوطن، فتنت بك بجنون وان كنت في ظلمة الليل، وقدماي في القيود لكنني أتذكر هامتك فلا تظنني أنساك لا السجون ولا المعارك تجبرني على بيعك. » رغم كل الخلافات المتجذرة فى التاريخ الكردي، والتي لا تزال حاضرة حتي اليوم، ورغم كل الإحباط والمشاكل الإقليمية والثورات الموءودة، فقد أصر أكراد العراق على تحديد ٢٥ سبتمبر المقبل موعدًا للإستفتاء على استقلال الإقليم، كخطوة فى طريق إعلان الدولة الكردية، حيث رفض الزعيم مسعود برزاني الضغوط الدولية والتهديدات التي مورست على الإقليم من أجل تأجيل الإستفتاء أو إلغائه. يسعي برزاني، المنتهية ولايته منذ ٢٠١٥، لحل القضية الكردية وإنهاء أزمة الكرد والوصول بـ«أبناء الجبل» لمرحلة الدولة، التى طالما كانت حلمًا أجهضته القوي الدولية والظروف الإقليمية والخلافات الكردية الكردية. طموحات برزاني لم تحظ بقبول دولي، حيث سارعت دول مثل ألمانيا وتركيا وروسيا وأمريكا لمطالبة القيادات الكردية بمراجعة قرارها وعدم اتخاذ إجراءات منفردة، وبالدخول فى حوار مع حكومة بغداد لحل الخلافات من أجل الحفاظ على وحدة أراضي العراق. بين كل هذه الضغوط، كان الرفض الألماني تحديدًا بمثابة صدمة بالنسبة للأكراد، حيث تعد ألمانيا شريكًا رئيسيًا لكردستان العراق، فقد قدمت لها منذ سبتمبر ٢٠١٤ أسلحة تقدر قيمتها بنحو ٩٠ مليون يورو، كما يتمركز حوالي ١٣٠ جنديًا ألمانيًا في أربيل لتدريب قوات البيشمركة الكردية. كما أن واشنطن، التي تعتبر حليفًا استراتيجيًا للأكراد، أعلنت تمسكها بوحدة العراق الديمقراطي الفيدرالي معتبرة إجراء الاستفتاء في هذا الوقت يصرف النظر عن الحرب على داعش. وبجانب الضغطين الأمريكي والألماني، فالأصوات الأعلى ضد الاستفتاء صدرت من طهران وأنقرة، ففي طهران اعتبر أمين المجلس الاعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، أن «إجراء الاستفتاء في اقليم كردستان العراق سيؤدي إلى فرض العزلة وممارسة الضغوط على أكراد العراق وإضعاف الإقليم والعراق بأسره». وفي تركيا، وصل الأمر بالنائب البرلماني، محمد عونال، لدعوة بلاده للتدخل فى العراق، معتبرًا استفتاء كردستان مخالفًا للقانون الدولي، وقائلًا إن معاهدة أنقرة، التي جرى التوقيع عليها بين تركيا وبريطانيا والعراق عام ١٩٢٦، لتسوية الحدود مع تركيا، وباشتراط سلامة وحماية الأراضي العراقية، تمنح أنقرة حق التدخل العسكري إذا تهددت وحدة الأراضي العراقية. الرفض الدولي لاستقلال إقليم كردستان، ورغم إمكانية تبدل الحال فى أي لحظة، إلا أنه قد يعمق جراح الكرد، الذين سارعوا لامتصاص غضب حلفائهم بتصريح دبلوماسي لوزير خارجية العراق سابقًا، هوشيار زيباري، معلنًا أن الاستفتاء لا يعني «الاستقلال»، كما كشفت مصادر كردية لكاتب المقال عن أن وفودًا من الإقليم ستتوجه للعواصم الغربية لشرح وجهة النظر الكردية حول الاستفتاء. خلافات كردية كردية في روايته «ثلاث خطوات إلى المشنقة» التي صدرت نسختها العربية في مايو الماضي، يتعقب الكاتب الكردي جان دوست، ما وصفه بـ«اللعنة التي أصابت الكرد»، وفشل وخيبة أمل الشّتات الكردي في تكوين دولة كردية على مر التاريخ، حتى أنه يقول في حوار صحفي «صرت أنقّب في كتب التاريخ عن سبب الهزيمة الكردية، عن سبب اللعنة الكردية التّي منعت هذا الشعب من بناء دولة مستقلة، كباقي خلق الله». بعيدًا عن المواقف الدولية المعلنة من الاستفتاء المزمع إجراؤه هذا الشهر، فالأزمة الأكبر التي تواجه استقلال كردستان وتهدد مستقبل الدولة الجديدة، هي الخلافات الكردية الكردية، بين القوي السياسية سواء داخل الإقليم أو خارجه؛ فالاجتماع الذي حُدّد فيه موعد الاستفتاء غاب عنه ممثلو الجماعة الإسلامية وحركة التغييرالكردية، وهما قوتان سياسيتان ذاتا وزن كبير داخل الشارع الكردي، وعلى الأخص حركة التغيير التي تمثل كتلة برلمانية كبيرة داخل برلمان الإقليم «المنحل» بقرار من رئيس الإقليم مسعود برزاني . كما يعيش إقليم كردستان أزمة سياسية كبيرة، فحركة التغيير، وهي القوة الثانية بالبرلمان، تعتبر مسعود برزاني رئيسًا غير شرعي، نظرًا لانتهاء ولايته فى أغسطس ٢٠١٥، وقيامه بحل البرلمان ونفي رئيسه المنتمي إلى «حركة التغيير» خارج أربيل. كما سبق وأن اتهم حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، بزعامة جلال الطالباني، «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، الذي يتزعمه رئيس الإقليم مسعود بارزاني، بكونه سبب التراجع الاقتصادي للإقليم، وطالبه بالكشف عن مصادر تمويله، لأنه متهم بالسيطرة بشكل متشعب على كل مفاصل كردستان، والهيمنة على مقاليد السلطة. كما طالبت الأحزاب الكردية عائلة برزاني بالتنحي عن السلطة وإفساح المجال لغيرهم في رئاسة كردستان، ودعت حركة التغيير لمحاكمة رئيس حكومة الإقليم، نيجيرفان بارزاني، ابن أخي مسعود برزاني، لإهداره ثروات الشعب الكردي، على خلفية إبرام عقد نفطي طويل الأمد، يسري لمدة عشرين عامًا، مع شركة «روس نفط» الروسية. تكمن أزمة الخلافات الكردية الكردية فى إمكانية تحول الخلاف السياسي لصراع عسكري، خاصة مع سابقة وقوع حرب أهلية بالإقليم، حيث شهد الإقليم اقتتالًا بين الفصائل الكردية المتناحرة في أواسط التسعينيات، وكانت أبرز الفصائل المتناحرة «الاتحاد الوطني الكردستاني» و«الحزب الديمقراطي الكردستاني». وعلى مدار ثلاث سنوات من الصراع، تدخلت الفصائل الكردية من إيران وتركيا، كما تدخلت القوات الإيرانية والعراقية والتركية والأمريكية في الحرب، التي لقي فيها ما يتراوح بين ثلاثة إلى خمسة ألاف مقاتل ومدني كردي حتفهم. رغم وجود شبه توافق على إجراء الاستفتاء، إلا أن كثيرًا من القوي الكردية ترى أن الأجواء غير مناسبة حاليًا له، مطالبة بعودة البرلمان وحل أزمة رئاسة الإقليم قبل الحديث عن استقلال الدولة، الذي سيعد إشهاره لحظة فارقة فى تاريخ الأكراد، لا تريد الأحزاب أن يُنسب لقيادات الحزب الديمقراطي من العائلة البرزانية وحدها، وبحسب مراقبين، فإن إعلان موعد الاستفتاء هو محاولة من السيد برزاني للقفز على المشاكل الداخلية دون حلها. غياب التوافق الكردى قبل إعلان الدولة يهدد بتفجيرها من الداخل، فى ظل ارتباط قوى وأحزاب كردية بعواصم مناوئة للحلم الكردي. فمن المعروف أن حزب «الاتحاد الديمقراطي»، الذى يتخذ من السليمانية مقرًا له، تربطه علاقة وثيقة بطهران، وهو نفس الاتهام الذى يلاحق «حركة التغيير»؛ أما أربيل، عاصمة الإقليم ومقر «الحزب الديمقراطي»، فترتبط سياسيًا واقتصاديًا بأنقرة، كما يرتبط «حزب العمال» المنتشر بمنطقة سنجار شمال العراق بالأجندة الإيرانية، وتلاحقه اتهامات بالعمل مع نظام الأسد فى سوريا. هذه الارتباطات كلها تجعل من الدولة المحتملة فريسة سهلة لما يعرف وسط الأكراد بـ«الدول المغتصبة لأرض كردستان»، والتى هي فى واقع الأمر ممولة وراعية لكل الأحزاب الكردية! دولة بلا بحر في قصيدة «طريق مسدود»، يعبّر الشاعر الكردي شيركو بيكه س عن المأساة الكردية بقوله «كل مرة لكي أقابل الله أقف.. أصطف.. أقف أنغرس.. أنبت.. أنفّض. الطابور طويل.. رأسه يبتديء من أنفالي ورأسه الآخر عند صليب المسيح ولا ينتهي ولمّا يحين دوري بعد الجميع وعلى وشك الوصول إلى عرشه المقدّس إذا به ينهض ويغادر وهو يقول لي أعرف من أنت ولماذا أتيت اعذرني لا حلّ للقضية الكُرديّة حتى عندي!» رغم الإصرار على إجراء الاستفتاء، فإن حل القضية الكردية لا يزال أمرًا معقدًا حتى الآن، فحتى بعيدًا عن الخلافات السياسية، ثمة تحديات اقتصادية كبيرة تنتظر الدولة الكردية التي تفتقد لمنفذ بحري، ما سيجعلها عرضة للحصار من دول الجوار، وتحديدًا تركيا وإيران، وهما بالأساس دولتان تعاديان فكرة الوطن الكردي. كما ستضطر الدولة المستقبلية، التي ستعتمد غالبًا على تصدير النفط، للجوء للموانئ التركية، ما يجعلها أسيرة لوجهة النظر التركية، ويجعل أى اختلاف سياسي مع الحكومة التركية قابلًا لخنقها اقتصاديًا. يضاف إلى ذلك أن تصدير النفط من كردستان إلى تركيا، ولضمان استمرارية تدفقه عبر موانئ تركيا، دون تعرض الأنابيب لأعمال إرهابية، سيحتاج لسلام دائم بين الحكومة التركية و«حزب العمال الكردستاني»، وهو ما يصعب حدوثه حاليًا فى ظل المواجهات العسكرية بين الطرفين على أرض سوريا، أو العمليات التي ينفذها «حزب العمال الكردستاني» فى الداخل التركي. لا أحد ينكر على الأكراد حقوقهم فى الدولة القومية، ولكن من المؤكد أن إقليم حكم ذاتي مستقل ضمن دولة فيدرالية مستقرة، أفضل بكثير من دولة تهددها الخلافات السياسية والحروب الأهلية، ولا ينعم أهلها بالأمن والامان.
«النقض» تقرر عدم تنفيذ تعديلات «الإجراءات الجنائية والطعن» بأثر رجعي مدى مصر ٦ سبتمبر ٢٠١٧ قررت «الهيئة العامة لتوحيد المبادئ القانونية» في محكمة النقض اليوم، الأربعاء، عدم إعادة النظر في الأحكام الصادرة من المحكمة، والتي لم تطبق تعديلات قانون الإجراءات الجنائية وقانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، الصادرة في شهر أبريل الماضي، وتطبيق هذه التعديلات فقط على الطعون الجديدة المقدمة لمحكمة النقض بعد إقرار التعديلات. كان البرلمان قد أقر في شهر أبريل الماضي تعديلًا لعدة مواد من قانون الإجراءات الجنائية وقانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقانون تنظيم قوائم الإرهابيين والكيانات الإرهابية وقانون مكافحة الإرهاب. وصدق رئيس الجمهورية على التعديلات في ٢٧ أبريل. ونصّ تعديل المادة ٣٩ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على أنه في حالة قبول الطعن على إحدى القضايا، بما يعني إلغاء حكم محكمة الدرجة الأولى، فإن محكمة النقض تنظر موضوع الدعوى مباشرة وتحكم فيها دون إعادتها لدائرة أخرى من محكمة الدرجة الأولى كما كان متبعًا في السابق. وفقًا لمصادر قضائية داخل محكمة النقض تحدثت لجريدة «الشروق»، أدى التعديل الأخير إلى تناقض أحكام النقض الصادرة بعد إقرار القانون. حيث طبّقت بعض دوائر المحكمة القانون فور صدوره على طعون قديمة كانت قد قُدّمت لها قبل تاريخ العمل بالقانون في ٢٧ أبريل، بينما امتنعت دوائر أخرى عن تطبيق التعديل على الطعون القديمة، وجاء في حيثيات حكمها أن التعديل يُعد ساريًا على الطعون الجديدة التي قُدمت بعد ٢٧ أبريل. ومن بين أحكام النقض التي لم تعتد بالتعديلات السابقة، حكم المحكمة في قضية الروائي أحمد ناجي المتهم بخدش الحياء العام، والذي ألغت فيه محكمة النقض حكم الاستئناف بحبسه سنتين وقضت بإعادة محاكمته أمام دائرة جديدة. وكذلك الحكم بإلغاء أحكام الإعدام والسجن الصادرة من محكمة جنايات قنا ضد المتهمين فى القضية المعروفة إعلاميًا بمعركة «الدابودية والهلايل» بمحافظة أسوان، وإعادة محاكمتهم أمام دائرة جنايات أخرى. وفي حالة تناقض أحكام النقض، تلجأ المحكمة للهيئة العامة للمواد الجنائية لتوحيد المبادئ القانونية، وهي إحدى هيئات محكمة النقض، ووظيفتها توحيد المبادئ القانونية التي تُقرها المحكمة في الدعاوى المختلفة التي تنظرها إذا ما وقع تناقض ما. وجاء التعديل الأخير لـ«تسريع المحاكمات»، حيث كان المتبع سابقًا أن تنظر محكمة النقض الطعن، فإذا قبلته تعيد الدعوى إلى دائرة جديدة من محكمة الدرجة الأولى، وهو ما رآه أنصار التعديل «مُعطلًا للعدالة». وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد عبّر أكثر من مرة عقب اغتيال النائب العام السابق هشام بركات عن عدم رضاه عن مسار العدالة الناجزة، معتبرًا أن القضاء لن يستطيع التعامل بالحسم اللازم مع «قضايا الإرهاب» في ظل القوانين الحالية. وجاءت المرة الأولى التي عبر فيها الرئيس عن ذلك الانتقاد خلال مشاركته في جنازة النائب العام في ٣٠ يونيو عام ٢٠١٥، حين قال «يد العدالة الناجزة مغلولة بالقوانين»، وجدد طلبه بتعديل القانون خلال مشاركته في تشييع جنازة ضحايا تفجير الكنيسة البطرسية في ١٢ ديسمبر ٢٠١٦، وشاركه الرأي حينها مجلس النواب، بإمهال الحكومة وقتها شهر لإعداد قانون جديد. بعدها أقرّ البرلمان حزمة من التعديلات التي اقترحها النائب صلاح حسب الله، عضو ائتلاف «دعم مصر» الموالي للسلطة السياسية، والتي كان من ضمنها التعديل السابق. وجاء ضمن تلك التعديلات تعديلًا للمادة ٢٧٧ في قانون الإجراءات الجنائية يسمح للمحكمة أن تحدد بنفسها من ترى ضرورة سماع شهادته من الشهود الذين يطلبهم الخصوم في الدعوى. وفي حالة رفض الاستماع لشهادة أحد الشهود، فعلى المحكمة أن تذكر أسباب ذلك في حيثيات حكمها. لم تكن تلك التعديلات الوحيدة التي أُجريت على قوانين تخص إجراءات التقاضي خلال سنوات حكم السيسي. فجاءت التعديلات الأولى لعدد من مواد قانون الإجراءات الجنائية في نوفمبر ٢٠١٤، ثم تعديلًا آخر في مارس ٢٠١٥ بالتزامن مع إطلاق قانون الاستثمار قبل المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ بـ٢٤ ساعة. ويجري الآن مناقشة أكبر تعديل يطال قانون الإجراءات الجنائية منذ ٤٧ عامًا، حيث أعدّت لجنة الإصلاح التشريعي التابعة لرئيس مجلس الوزراء، شريف إسماعيل، مسودة جديدة للقانون تتضمن تعديل ٢٧٠ مادة من ٥٥٠ مادة بالقانون. وعرضتها الحكومة على مجلس النواب الذي بدأ في ٢٢ أغسطس الماضي جلسات الحوار المجتمعي حول مواد القانون الجديدة، تمهيدًا لإصدارها في بداية دور الانعقاد الثالث للبرلمان في أكتوبر المقبل.
«هيومن رايتس ووتش» التعذيب ممارسة منتظمة تحت حكم السيسي مدى مصر ٦ سبتمبر ٢٠١٧ قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير أصدرته اليوم، الأربعاء، إن التعذيب ممارسة منتظمة تحت حكم الرئيس عبد الفتّاح السيسي، مستندةً إلى مقابلات أجرتها مع عدد من الضحايا تم تعذيبهم ما بين عامي ٢٠١٤ و٢٠١٦. يوثق تقرير هنا نفعل أشياء لا تصدق التعذيب والأمن الوطني في مصر تحت حكم السيسي، «انتشار وتفشي وباء التعذيب في أقسام الشرطة ومقرات الأمن الوطني وأماكن الاحتجاز في مصر بعد الإطاحة بـ(بالرئيس السابق محمد) مرسي». يصف التقرير التعذيب في مصر بأنه «واسع النطاق ومنهجي» وقد تصل ممارسته إلى «جريمة ضد الإنسانية»، مؤكدًا أنه يشمل الضرب والصعق بالكهرباء والتعليق في أوضاع مؤلمة ومجهدة، فضلًا عن الاغتصاب في بعض الأحيان. وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة، في بيان إن «الرئيس السيسي أعطى رجال الشرطة المدنية وجهاز الأمن الوطني ضوء أخضر ليقوموا بتعذيب المواطنين كما يحلوا لهم … الإفلات من العقوبة للاستخدام المنهجي للتعذيب ترك المواطنين بلا أمل في العدالة». ويقول التقرير إن قوات الأمن تستخدم التعذيب في انتزاع اعترافات ومعلومات من المعتقلين، علاوة على تعذيبهم كوسيلة للعقاب. ووثقت المنظمة شهادات ١٩ معتقلًا عُذّبوا بين عامي ٢٠١٤ و٢٠١٦، بالإضافة إلى عائلة معتقل آخر عُذّب في نفس الفترة، فضلًا عن العديد من المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان. وحسب رواياتهم، فإن جلسة التعذيب عادةً ما تبدأ بالصعق الكهربائي، وسط صفع ولكم المعتقل، بينما يكون معصوب العينين، مغلول اليدين، وبدون ملابسه. تزداد فترات وقوة الصعق إن لم يستجب المعتقل مع معذبيه. بحسب الشهادات الموثقة بالتقرير، تُصعق خصيتاه، ثم يُعلق في أوضاع مؤلمة لساعات عديدة، وتُلقى عليه المياه الساخنة حالما يفقد الوعي. تؤكّد «هيومن رايتس ووتش» أن الشهادات تتوافق مع أخرى أقدم عن التعذيب في مصر، بعضها يعود إلى عام ١٩٩٢. ويقول التقرير أيضًا إن النيابة العامة كثيرًا ما تتجاهل شكاوى المعتقلين من التعذيب، وأورد حالة معتقل هدده أحد وكلاء النيابة بالتعذيب. يروي خالد، ٢٩ سنة، أحد ضحايا التعذيب الذي تحدّث مع المنظمة، أنه حين حكى لوكيل النيابة عن التعذيب المستمر لمدة ستة أيام، والذي سجل تحت وطأته اعترافًا مرأيًا عن هجوم على سيارات شرطة، قال بعدها إنه لم يرتكبه، فوجئ بوكيل النيابة يأمره بإعادة الاعتراف أمامه وإلا أعاده للتعذيب. ويقدّر التقرير أن النيابة العامة حققت في ٤٠ بلاغًا فقط عن التعذيب ضمن مئات أخرى قدمها محتجزون، وأوضح أن سبعة منها فقط أدّت لإدانات، كلها تم الطعن عليها، ولم يكن ضمنها أي إدانة لجهاز الأمن الوطني. ويوضوح التقرير أن حالات التعذيب كثيرًا ما تحدث خلال فترات الاختفاء القسري للمعتقلين. وكانت «هيومن رايتس ووتش» أصدرت تقريرًا عن الاختفاء القسري عام ٢٠١٥ وثق عشرات الحالات التي اختفت بمعرفة سلطات الأمن في العام السابق. تنص المادة ٥٢ من الدستور المصري على أن التعذيب «بجميع صوره وأشكاله، جريمة لا تسقط بالتقادم». ويحث التقرير الرئيس السيسي على أن يُعيّن نائبًا عامًا مختصًا بالتحقيق في قضايا التعذيب التي تقوم بها قوات الأمن، ويُصدر تقريرًا بما تم اتخاذه حيال ذلك التعذيب. كما يطالب التقرير لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة بفتح تحقيق في الانتهاكات. وقال إن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عليها التحقيق في الانتهاكات ومقاضاة المسؤولين المصريين القائمين على التعذيب ومعاونيهم والآمرين به. وكانت السلطات المصرية قد أحالت قاضيين في مارس الماضي إلى مجلس تأديب فيما يخص عملهما على إنجاز مشروع قانون لمكافحة التعذيب داخل السجون، بتهم «التداخل مع عمل السلطة التشريعية عن طريق العمل على مشروعات قوانين والتورط في العمل السياسي».
«مراسلون بلا حدود» تبدي قلقها من سيطرة «المخابرات» على مؤسسات إعلامية في مصر مدى مصر ٥ سبتمبر ٢٠١٧ أبدت منظمة «مراسلون بلا حدود»، اليوم الثلاثاء، قلقها مما اسمته سيطرة رجال أعمال مقربين من الحكومة وأجهزة المخابرات على عدد من المؤسسات الإعلامية المصرية، وذلك في تقرير بعنوان «مصر حينما تبسط المخابرات سيطرتها على الإعلام». وقالت المنظمة، ومقرها باريس، إن «رجال المخابرات أقرب إلى وسائل الإعلام من أي وقت مضى»، مشيرة إلى استحواذ عدد من رجال الأعمال المعروفين بصلاتهم بالأجهزة الأمنية على عدد من الوسائل الإعلامية، موضحة بالوقت ذاته أن استحواذ السلطات المصرية على المشهد الإعلامي متواصل بشكل مطرد بل ويطال حتى وسائل الإعلام المقربة من النظام. وأشارت المنظمة إلى أنباء عن استحواذ شركة فالكون على قناة الحياة المملوكة لرجل الأعمال ورئيس حزب الوفد السيد البدوي، وهي الشركة التي وصفتها المنظمة بـ «المتخصصة في الخدمات الأمنية والتي يرأسها المدير السابق لقطاع الأمن في اتحاد الإذاعة والتليفزيون اللواء خالد شريف، وهو أيضاً وكيل سابق للمخابرات الحربية». وربطت المنظمة بين صفقة الاستحواذ على قناة الحياة وبين توقف بث برامج القناة في وقت سابق بسبب مديونيات للحكومة، ما أرته «مراسلون بلا حدود» نوعًا من الضغط على «البدوي»، الذي رفض نواب حزبه الموافقة على اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير في الأشهر الماضية. كما أشار التقرير إلى استحواذ رجل الأعمال أحمد أبوهشيمة، المعروف بعلاقاته مع أجهزة الأمن المصرية، على قناة أون تي في، بالإضافة إلى ملكيته لأربعة مؤسسات صحفية مصرية على رأسها اليوم السابع وصوت الأمة وعين وموقع دوت مصر. وذكر التقرير فصل عدد من الصحفيين العاملين بجريدة اليوم السابع، بسبب آرائهم المتعلقة بقضية تيران وصنافير، الأمر الذي انتهى بعودة ١٥ من المفصولين لعملهم واستمرار فصل ثلاثة صحفيين آخرين. ويأتي التقرير بعد أيام قليلة من وقف طبع عدد يوم الأحد من جريدة البوابة، التي يرأس تحريرها الصحفي وعضو مجلس الشعب عبد الرحيم علي، المقرب من الحكومة والمعروف بتأييده لإدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي. وقالت الجريدة في بيان لها إن قرار وقف طبع الجريدة بمطابع الأهرام يعود إلى تقرير منشور بالصفحة الأولى للعدد الموقوف طباعته يتناول تساؤلات لوزارة الداخلية حول هروب وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي من تنفيذ حكم بالحبس. وتلا بيان البوابة حملة من صحف حكومية ضد «علي»، اتهم فيه بالإساءة للأمن. وأشار تقرير «مراسلون بلا حدود» أيضاً إلى قناة DMC التي وصفها بـ «صوت المخابرات»، التي «تحصل من السلطات الأمنية على تصاريح التصوير في أماكن وأحداث، فيما تُواجَه طلبات وسائل الإعلام الخاصة الأخرى بالرفض. كما تُعرف قنوات هذه الشبكة ببثها مقابلات تُقدَّم على أنها حصرية بينما لا تنطوي في الواقع إلا على تكرار للخطاب الأمني الذي يتبناه النظام في محاربة جماعة الإخوان المسلمين»، حسب التقرير. كما أدانت المنظمة ارتفاع عدد المواقع الصحفية المحجوبة داخل مصر، ومن بينها الموقع الخاص بالمنظمة.
«النجم الساطع» يعود بعد توقف ٨ سنوات.. و«مكافحة الإرهاب» أهم محاور التدريب مدى مصر ٥ سبتمبر ٢٠١٧ أعلن المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، اليوم الثلاثاء، عودة مناورات النجم الساطع، المشتركة بين الجيشين المصري والأمريكي، بعد توقفها منذ العام ٢٠٠٩، وذلك بعد تغيير طبيعة التدريبات لتركز على عمليات مكافحة الإرهاب والتطرف والتدريب على كافة سيناريوهات التهديدات المختلفة حاليا، في ظل الحرب التقليدية وغير النظامية. وقال المتحدث العسكري في بيان «تستضيف مصر فاعليات التدريب المصري الأمريكي المشترك النجم الساطع ٢٠١٧، والذي من المقرر أن ينفذ بقاعدة محمد نجيب العسكرية ، ويستمر التدريب خلال الفترة من ١٠ ٢٠ سبتمبر ٢٠١٧ (..) ومن المقرر مشاركة عناصر من القوات الأمريكية في التدريب الذي سيتناول موضوعات التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب والتطرف والتدريب على كافة سيناريوهات التهديدات المختلفة في القرن الحادي والعشرين في ظل الحرب التقليدية وغير النظامية». وكان «مدى مصر» نشر في أبريل الماضي تقريرًا كشف فيه تفاصيل زيارة وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إلى القاهرة، وكان على رأسها محادثات لاستئناف المناورات، على أن يتغير نطاقها ليشمل مكافحة الإرهاب. وتعد «النجم الساطع» واحدة من أكبر المناورات العسكرية، وبدأت بمشاركة مصرية أمريكية فقط في عام ١٩٨١، وتم الاتفاق على أن تقام في الخريف كل سنتين بدءًا من العام ١٩٨٣، قبل أن تتوقف بين عامي ١٩٨٩ و١٩٩٣، لظروف حرب تحرير الكويت، وبعد استئنافها توقفت مرة أخرى عام ٢٠٠٣ بسبب الحرب اﻷمريكية في العراق، لتستأنف ثانية وتكون آخر نسخة منها هي نسخة العام ٢٠٠٩، لتتوقف بعد الثورة المصرية في يناير ٢٠١١ وحتى اﻵن. وكان الحساب الرسمي للسفارة الأمريكية على موقع تويتر نفى يوم ٨ أغسطس الماضي، عودة مناورات النجم الساطع، وذلك ردًا على سؤال وجهه للسفارة المحلل السياسي لسياسات الشرق الأوسط زاك جولد. وردت السفارة وقتها قائلة عبر حسابها «الخبر غير دقيق. لا يوجد إعلان رسمي عن عودة مناورات النجم الساطع». وفي سياق مشابه، من المقرر أن يشهد إقليم كراسنودار، جنوبي روسيا الشهر الحالي، تدريبات تكتيكية مشتركة بين القوات المصرية والروسية، تشارك فيها وحدات من القوات الجوية من البلدين للتدريب على قضايا الاعتداء الجوي واقتحام المدن والإنزال المشترك.
التاكسي الأبيض يلاحق أوبر وكريم بـ«خدمة تاكسي واتس» محمد حمامة ٥ سبتمبر ٢٠١٧ في محاولة لتجاوز أزمات الأعوام اﻷخيرة خصوصًا مع انتشار تطبيقات طلب سيارات التنقل مثل «أوبر» و«كريم»، أطلق خمسة من سائقي التاكسي اﻷبيض في القاهرة مبادرة جديدة لتنظيم المعاملات مع الركاب عبر نظام داخلي بدائي يعملون على تطويره. وكما يشير اسم المبادرة «خدمة تاكسي واتس»؛ فهي تعتمد على تطبيق المحادثات اﻷشهر «واتس آب». يُرسل العميل طلبًا للحصول على تاكسي عبر «واتس آب» قبل موعد رحلته بنصف ساعة على اﻷقل مصحوبًا بموقعه. يتم استقبال الطلب على رقمي هاتف بواسطة أحد مؤسسي المبادرة الخمسة، الذي يقوم بدوره بتوزيع الرحلة على أقرب السائقين إلى الموقع المحدد. يستقل الراكب سيارته تشترط المبادرة أن تكون مكيفة ويتم الحساب على أساس عدّاد اﻷجرة الرسمي. وفي حالة حدوث مشكلة بين الراكب والسائق، يتدخل أحد المؤسسين عبر الهاتف لحل الخلاف أثناء الرحلة. يعرف مؤسسو المبادرة مواقع التاكسيات التابعة لهم عبر جروب منفصل على «واتس آب» أيضًا يشارك فيه السائقون أماكنهم بشكل دوري. محمد عبد المطلب، ٤٢ عامًا، أحد المؤسسين، يحمل شهادة بكالوريوس من كلية التجارة، ويعمل سائقًا على تاكسي أبيض منذ أعوام، يقول لـ«مدى مصر» إنهم بدأوا مشروعهم بـ ٢٥ سيارة تاكسي، ووصلوا حتى اﻵن إلى ١٢٠، موضحًا أن عملية اختيار السائقين تتم تحت إشرافهم الشخصي المباشر، مراعين التنوع الجغرافي للسائقين. بعد كل رحلة، تطلب إدارة المجموعة من الراكب تقييم رحلته. وفي حالة تكرار الشكاوى، يتم استبعاد السائق المسؤول عنها. لم تكن هذه هي المحاولة اﻷولى لمواجهة الواقع الجديد الذي فرضه عملاقا تطبيقات الانتقال في مصر «أوبر» و«كريم» على سائقي التاكسي اﻷبيض. يعمل في أوبر مصر أكثر من ٥٠ ألف سائق، باستثمارات ضختها الشركة في السوق المصري بلغت ٢٥٠ مليون جنيه في العام الماضي، بحسب إميل مايكل، مسؤول اﻷعمال في «أوبر». كما يعمل في «كريم» عدد مماثل من السائقين، وبحجم أعمال يبلغ نصف مليار دولار. أثرت التوسعات الكبيرة للشركتين على عمل سائقي التاكسي اﻷبيض، ما تسبب، في بعض الأحيان، في خلافات واشتباكات بين سائقي أوبر وكريم من ناحية، وسائقي التاكسي اﻷبيض من ناحية أخرى. خرج سائقو التاكسي في مظاهرات حاشدة في مارس من العام الماضي احتجاجًا على أعمال الشركتين. كما رفع عدد منهم دعوى قضائية لوقف نشاطهما. لكن في النهاية، قبلت الحكومة تقنين عمل الشركتين في أبريل الماضي، وأصبحت أعمال أوبر وكريم أمرًا واقعًا. سبق مباردة «تاكسي واتس» محاولات أخرى استخدمت تطبيقات مماثلة ﻷوبر وكريم، لكنها تعتمد على سيارات التاكسي اﻷبيض مثل «العربي كار» و«وصلني». لكن هذه التطبيقات لم تتمكن من تحقيق انتشار كبير. يرى عبد المطلب أن خدمات التوصيل مثل أوبر وكريم ومثيلاتها تبدأ في الفشل بسبب خططها للانتشار في السوق المصري. يشير إلى ازدياد شكاوى المستخدمين المنتظمين للتطبيقات ﻷسباب تتعلق بسوء الخدمة المقدمة أو ضياع المقتنيات أو حوادث التحرش. «في مصر، مش بيدرسوا المنظومة كويس بسبب رغبتهم في الانتشار الواسع السريع»، يقول عبد المطلب. بالنسبة إليه، فإن اﻷفضل للشركات الكبيرة استهداف فئة معينة من الركاب حتى تتمكن من تقديم الخدمة بشكل جيد بدلًا من التشتت بين فئات مختلفة دون التمكن من إرضاء الجميع. «يستحيل على هذه الشركات أن تستحوذ على السوق بأكمله»، يقول عبد المطلب. وبدأت بعض الشركات العاملة في الانتباه لهذا. ربما لهذا السبب قررت شركة كريم دمج ٤٢ ألف سائق تاكسي أبيض في خدمة منفصلة عبر تطبيقها. العامل المشترك بين أوبر وكريم وكل المشروعات اﻷخرى هو رغبتها في هذا الانتشار السريع والعمل بشكل متسع. يشرح عبد المطلب أن مبادرتهم تختلف عن هذا التوجه. «خدمة تاكسي واتس» تعتمد على التوسع القاعدي البسيط وتستهدف فئة محددة من الركاب تختلف عما تستهدفه باقي الخدمات. حتى اﻵن، لا يوجد مكتب أو تطبيق مركزي لتوزيع الرحلات وإدارة الشكاوى وخدمة العملاء. يقوم المؤسسون بإدارة وتوزيع الرحلات وتسجيل بيانات العملاء وتلقي الشكاوى أثناء قيادة سياراتهم. يقول عبد المطلب أنهم يطمحون إلى تأسيس شركة للتوسع في أعمالهم، لكنه يشير إلى أنهم لا يرغبون في تعجل اﻷمر. الخطة الرئيسية هي الاستمرار في العمل لمدة ستة شهور أخرى وتقييم التجربة قبل البدء في خطوات تأسيس الشركة أو التوسع في النشاط.
اعتداءات «السبيكة» بالعريش.. بين الصدفة والخيانة مراد حجازي ٥ سبتمبر ٢٠١٧ في السابعة والنصف من صباح الأربعاء، ٩ أغسطس الماضي، ومن عدة نقاط في قلب مدينة العريش، استقل موظفو وعمال شركة النصر للملاحات الميكروباصات التي تقلهم إلى مقر الشركة، والتي تقع في منطقة صحراوية غرب المدينة. تجتاز الميكروباصات ستة ارتكازات أمنية لكي تتمكن من الخروج من العريش، وبعد آخر ارتكاز أمني (الميدان) بقليل كان ينتظرها شيئًا مرعبًا. أحد العاملين، الذي رفض ذكر اسمه، تحدث لـ«مدى مصر» عن الواقعة «بعد اجتياز حاجز «الميدان» وبالقرب من منطقة «الحصيني» فوجئنا بعدد من المسلحين يقيمون حاجزًا خاصًا بهم على الطريق الدولي. استوقفوا ميكروباص الشركة وصعد أحدهم وطَالب الجميع بإخراج بطاقات الرقم القومي وقام بجمعها، وكان بحوزتهم كشف كبير مدون به أسماء أشخاص مطلوبين لديهم». تقع منطقة «الحصيني» التي أقام أمامها المسلحون حاجزهم في منتصف المسافة بين حاجز «الميدان» الأمني ومقر الشركة، وتبعد عن كلاهما بضع كيلو مترات. في نفس اليوم، كانت سيدة أخرى من أهالي مدينة العريش، تستقل ميكروباص آخر، في طريقها إلى محافظة الإسماعيلية. بدأت رحلتها من موقف العريش، وبعد اجتياز حاجز «الميدان» الأمني، مرت على حاجز المسلحين في «الحصيني»، ولكنهم لم يستوقفوا السيارة، وسمحوا لها بالمرور بدون النظر في هويات الركاب، تقول السيدة التي رفضت الإفصاح عن هويتها. وأضافت أن القدر أنقذ معظم من في السيارة من موت محقق بعد أن فوجئت بأن معظم رفقاها فى رحلة السفر أمناء شرطة، وفي حالة اكتشاف هويتهم يعتبروا «صيدًا ثمينًا» للمسلحين. وبمجرد مرورهم من الحاجز أخرج أمناء الشرطة هواتفهم المحمولة وأبلغوا أصدقائهم من أفراد الأمن بعدم المرور على حاجز «الميدان» «علشان في بعده كمين للتكفيريين». اتفق الموظف في شركة النصر للملاحات، الذي تحدثنا معه، وكذلك السيدة، التي كانت في طريقها إلى محافظة الإسماعيلية، على أن المسلحين كانوا ثمانية أفراد لديهم شعر طويل ويرتدون الزي العسكري للجيوش «المُموه» وبحوزتهم سيارة دفع رباعي ودراجات نارية. ولكن تجرية موظف الشركة على الطريق كانت مختلفة. فقد أنزل المسحلون أحد العاملين، ويدعى حسام، وانهالوا عليه بالضرب المبرح، «ما اضطرنا للتدخل في محاولة لفهم سبب الاعتداء. فكانت الإجابة هادة شغال مع الجيش. ومن ثم وضعوه في سيارة الدفع الرباعي، وسمحوا لنا بالمرور»، يقول الموظف. بعد فترة قصيرة من وصول سيارات العمال إلى مقر الشركة في الدقائق القليلة التالية للثامنة صباحًا، فوجئوا بذات العناصر المسلحة التي كانت تقيم الحاجز تقتحم الشركة، بحسب رواية الموظف. يسرد لنا موظف آخر ما حدث حينها قائلًا إن أول مk سألوا عن مكتبه هو مدير الشركة، ضابط قوات مسلحة متقاعد برتبة عميد، ولكنه لم يكن موجودًا لأنه كان قد سافر إلى القاهرة قبلها بيوم، لافتًا إلى أنه من المعتاد أن يسافر المدير يوم الأربعاء من كل أسبوع، ولكنه هذه المرة سافر يوم الثلاثاء. ويتابع «بعدها قاموا بإحضار العاملين الذين يبيتون في مقر الشركة، ومعظمهم من البدو، ومهمتهم هي حماية المقر ليلًا، وطالبوهم بإشهار هوياتهم، وتم مطابقتها بقائمة أسماء كانت بحوزتهم. بعدها قاموا باختطاف اثنين منهم»، انضما إلى حسام، المختطف من حاجز «الحصيني». ويؤكد الموظف أن عدد من اقتحموا مقر الشركة ستة أشخاص، بالإضافة إلى اثنين في الخارج يقفان على الطريق الدولي لرصد المنطقة. وأثناء وجود المسلحين داخل مقر الشركة سمع الجميع صوت «رصاصة» قادم من الخارج، بعدها صاح أحد المسلحين «أرقدوا أرقدوا»، كلمة بلهجة سيناوية تعني انبطحوا. «بعدها سمعنا صوت وابل من الرصاص، خرجنا وجدنا أربعة جثث على الطريق الدولي»، يقول الموظف، الذي أضاف «لحظات واختفى المسلحون ومعهم الثلاثة أشخاص الذين اختطفوهم». تبين بعد ذلك أن الجثث الأربعة لملازم أول بالقوات المسحلة، تابع لسلاح المهندسين، وثلاثة أمناء شرطة تابعين لقسم مدينة بئرالعبد، كانوا في طريقهم إلى مديرية الأمن في مدينة العريش لإنهاء بعض الأوراق الخاصة بهم، وجمعتهم الصدفة بالضابط في أحد الكمائن الأمنية على الطريق الدولي في مدينة بئر العبد، وعرض توصيلهم في طريقه بسيارته الملاكي، ليلقوا جميعًا مصرعهم على الطريق. يوم الخميس ١٠ أغسطس، نشرت وكالة رويترز خبر تبني تنظيم الدولة الإسلامية حادث مقتل أربعة رجال أمن في مدينة العريش على يد أفراد التنظيم في شمال سيناء «ولاية سيناء» الذي بايع تنظيم الدولة في نوفمبر عام ٢٠١٤. بعد الواقعة بعد اختطافهم بأيام، أفرج المسلحون عن أحد الثلاثة. وفي ٢٣ أغسطس، بعد السابعة مساءً، حضرت سيارة ملاكي إلى ميدان العتلاوي وألقت بجوال كبير وغادرت المكان. تفحص الأهالي الجوال ففوجئوا برأسين بشريين لشابين من الثلاثة المختطفين. تمكن الأهالي من التعرف على إحداها، وهي لحسام حسين محمود النجار، والرأس الأخرى لشاب من قبيلة الجريرات. ميدان العتلاوي هو الساحة المفضلة لـ«ولاية سيناء» في العريش لتنفيذ الإعدامات، حيث أعدم التنظيم فيه العديد من المدنيين سواء رميًا بالرصاص أو ذبحًا بالسكين، وذلك لاتهامهم بالتعاون مع قوات الأمن والجيش. في ٢٥ أغسطس، وعقب صلاة الجمعة، ظهرت عناصر «ولاية سيناء» مرة أخرى في منطقة «الحصيني» واستوقفوا العديد من الأهالي وفحصوا هوياتهم الشخصية، واختطفوا مجددًا ثلاثة أشخاص من ذات القبيلة «الجريرات» واتجهوا نحو جنوب العريش. وكسابقاتها من الوقائع، صبت أجهزة الأمن جام غضبها بعد الحادث على الأهالي في محيط المنطقة، فانطلقت الحملات الأمنية تعتقل المشتبه بهم. يوم الخميس التالي لحادثة الشركة، رفض جميع العاملين التوجه إلى مقر عملهم. وأكد أحد العاملين أنهم يعلمون السيناريو الذي سوف يحدث، وأن قوات الأمن سوف تحضر إلى مقر الشركة وتقوم بإلقاء القبض على عدد كبير من الموظفين والعاملين كمشتبه بهم. وأضاف أحد هؤلاء العاملين أن ذلك ليس محض افتراض، ولكنه حدث قبل ذلك، فمنذ قرابة شهرين حضر اثنان من المسلحين إلى مقر الشركة وسرقوا سيارة دفع رباعي، وحاولوا الهروب بها من خلال صعودها على جبل من الرمال يقع أمام مقر الشركة، ولكن السيارة تعطلت بهم. بعد ذلك تركوها مكانها وحضرت مدرعة أمنية عقب مغادرتهم بلحظات، وليلًا تم إحضار لودر كبير وانتشال السيارة من بين الرمال. في صباح اليوم التالي، فوجئ الجميع في الشركة بحضور حملة أمنية واعتقال ستة من العاملين والموظفين، أُخلي سبيل أربعة منهم، وظل اثنان قيد الاحتجاز حتى الآن. عقب واقعة اقتحام الشركة من قبل المسلحين في ٩ أغسطس، حذر عبد القادر مبارك، الصحفي والباحث في التراث السيناوي، في تدوينة له على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك من رد فعل الأمن على الأهالي في محيط منطقة الحادث في منطقتي «السبيكة» و«الميدان»، واعتقال عدد كبير منهم، وكذلك اعتقال العاملين بشركة النصر للملاحات. وأشار مبارك إلى أن العناصر «التكفيرية» هي عناصر مسلحة، وأن الأهالي عُزل من السلاح «فلا تطالبنا بمواجهتهم»، موجهًا كلامه إلى أجهزة الأمن متسائلًا «أين الدوريات الشرطية عندما أقام المسلحون حاجزهم على الطريق الدولي أكثر من ساعة؟». صدفة أم خيانة؟ تبنى «ولاية سيناء» عملية اغتيال جديدة في سيناء، ربما جاءت بطريق الصدفة، نفس الصدفة التي أنقذت أمناء الشرطة في ميكروباص المدنيين من القتل، والتي أنقذت مدير شركة النصر للملاحات من الاختطاف والمصير المجهول على يد المسلحين، هي نفس الصدفة التي جمعت أمناء شرطة قسم بئر العبد مع الضابط صاحب السيارة. ولكن الاشتباه في الصدف القاتلة يشوبه أيضًا تساؤلات حول الخيانة. في شهر يونيو من العام الماضي، نشرت عدة مواقع إخبارية مصرية تقارير تفيد بالقبض على شبكة من أمناء الشرطة العاملين في شمال سيناء تم تجنيدهم من قبل تنظيم «أنصار بيت المقدس أو ولاية سيناء»، وأنهم يفشون معلومات عن تحركات أفراد الأمن. ولكن تقرير جريدة «الشروق» المصرية كان الأكثر تفصيلًا، حيث ذكر أن أميني الشرطة المتهمان كانا يرصدان تحركات رجال الأمن ونوعية تسليح كل قوة أمنية، وأنهما كانا يستخدمان ستة شرائح اتصالات مختلفة للتواصل مع العناصر الإرهابية، وجاء ذلك الكشف بعد عدة حوادث إرهابية طالت عدد من قيادات جهاز الشرطة في مدينة العريش. هل هي الصدفة أم الخيانة ما يقف وراء عمليات قتل على يد مسلحين، يذهب ضحيتها رجال أمن يتنقلون بذيهم المدني خارج سياق خدمتهم؟ ومن أشهر الحوادث التي وقعت في شمال سيناء وكانت تحمل بين طياتها هذا التساؤل، مذبحة رفح الثانية في شهر أغسطس عام ٢٠١٣، التي قُتل فيها ٢٥ مجندًا من قوات الأمن المركزي التابعين لمعسكر الأحراش في مدينة رفح، بعد أن استوقف مسلحون حافلتين كان المجندون يستقلونهما في زيهم المدني أثناء عودتهم من الأجازة، في طريقهم إلى مقر المعسكر. وكذلك حادثة اغتيال نائب مأمور قسم «القسيمة» في وسط سيناء أثناء سيره بسيارته الملاكي في مدينة العريش يوم ٢٤ يوليو ٢٠١٦. وفي ٢٤ يناير الماضي قُتل خمسة جنود تابعين للقوات المسلحة أثناء عودتهم من الأجازة إلى معسكرهم في مدينة «الحسنة» في وسط سيناء، وكانوا يستقلون سيارة ملاكي وتم إيقافهم وقتلهم رميًا بالرصاص، بعدها حظرت أجهزة الأمن سير الجنود والضباط والأقباط على الطريق الأوسط في شمال سيناء لاعتباره منطقة خطرة.
استمرار احتجاز ٢٤ مشاركًا في مسيرات «يوم التجمع النوبي» بأسوان.. والنيابة لم تصدر قرارًا بشأنهم مدى مصر ٤ سبتمبر ٢٠١٧ يستمر احتجاز ٢٤ من النشطاء النوبيين لليوم الثاني منذ القبض عليهم أمس، الأحد، بأسوان خلال مشاركتهم في مسيرات «يوم التجمع النوبي». وفي حين أكد المحامي عبد العاطي أبو ترس، عضو لجنة الحريات بنقابة المحامين في أسوان، لـ «مدى مصر»، على تواجد المحتجزين بمعسكر قوات الأمن بمنطقة الشلال بمحافظة أسوان، أوضح المحامي أحمد رزق أن النيابة «أجرت تحقيقًا مع المحتجزين اليوم، الإثنين، دون أن تُصدر قرارًا بشأنهم حتى الآن». وكانت الشرطة قد ألقت أمس، الأحد، القبض على ٢٤ متظاهرًا في أسوان، خلال مشاركتهم في مسيرات ضمن «يوم التجمع النوبي»، الذي تضمن تنظيم مسيرات بالمدينة من أجل تجديد المطالبة بحق العودة، الذي نَصّت عليه المادة ٢٣٦ من الدستور. ومن جانبه قال المحامي عبد العاطي أبو ترس لـ «مدى مصر» إن قوات الأمن قد احتجزت المقبوض عليهم، منذ الأمس، في معسكر قوات الأمن بمنطقة الشلال خارج حدود مدينة أسوان، إلا أنها لم تُعلم المحامين بمكان الاحتجاز، مما أدى لعدم حضورهم للدفاع عن المحتجزين خلال تحقيقات النيابة اليوم، الإثنين. فيما قال المحامي أحمد رزق، عضو لجنة الحريات بنقابة المحامين في أسوان، لـ «مدى مصر» إن تحقيقات النيابة تضمنت اتهام المحتجزين بـ «التحريض على التظاهر»، و«تعطيل وسائل المواصلات العامة»، و«التظاهر بدون ترخيص»، فضلًا عن «توزيع منشورات»، وذلك دون صدور قرار بشأنهم حتى الآن. وكان من ضمن المحتجزين المحاميَيْن محمد عزمي ومنير بشير، رئيس الجمعية المصرية للمحامين النوبيين. وكان من المتوقع أن تتحرك مسيرات «يوم التجمع النوبي» أمس، الأحد، نحو حديقة «درة النيل» على كورنيش أسوان، إلا أنها كانت قد تحوّلت إلى «ثكنة عسكرية» بسبب التواجد المكثف لقوات الأمن، حسبما أوضحت بسمة عثمان، شقيقة المُحتجَز محمد عثمان، لـ «مدى مصر». وقالت بسمة إن التجمع كان قد انتقل إلى ميدان الجزيرة بجوار نادي المهندسين، وغنَّى المشاركون الأغاني النوبية على دقات الدفوف، مما جعل قوات الأمن تتحرك نحو الوقفة؛ وتعدّت على المشاركات والمشاركين بالضرب، ثم ألقت القبض على ٢٤ منهم. ومن جانبها قالت الناشطة النوبية فاطمة إمام لـ «مدى مصر» إنها تعتبر خطوة القبض على ٢٤ من المشاركين في تجمع الأمس «تصعيدًا غير مسبوق من قِبل الحكومة». وأضافت « الدولة مستمرة في التسويف والتعنّت في الملف النوبي. وأن النوبيين استهلكوا جميع السُبل السلمية من أجل أن ينالوا حقهم الدستوري سواء من خلال وقفات سلمية أو المشاركة في لجنة وزارة العدالة الانتقالية (التي كان يترأسها إبراهيم الهنيدي في حكومة إبراهيم محلب العام قبل الماضي) لوضع مشروع قانون العودة وإعادة التسكين، الذي لا يزال في درج الوزارة». في سياق متصل كان أشرف العشماوي، المستشار القانوني لوزير العدالة الانتقالية السابق إبراهيم الهنيدي، قد صرح لـ «مدى مصر»، في وقت سابق من العام الجاري، إنه كان قد شارك في إعداد قانون متكامل يضمن عودة النوبيين إلى أراضيهم، وقال «فوجئت بأن القانون دخل الأدراج شأنه شأن غالبية القوانين التي أعدتها الوزارة». وتنص المادة ٢٣٦ من الدستور على أن «تكفل الدولة وضع وتنفيذ خطة للتنمية الاقتصادية، والعمرانية الشاملة للمناطق الحدودية والمحرومة، ومنها الصعيد وسيناء ومطروح ومناطق النوبة، وذلك بمشاركة أهلها فى مشروعات التنمية وفى أولوية الاستفادة منها، مع مراعاة الأنماط الثقافية والبيئية للمجتمع المحلى، خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون. وتعمل الدولة على وضع وتنفيذ مشروعات تعيد سكان النوبة إلي مناطقهم الأصلية وتنميتها خلال عشر سنوات، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون». وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أصدر، في ٢٠١٤، القرار رقم ٤٤٤، الذي قضى بإعلان جزء من المناطق الحدودية كمناطق عسكرية لا يجوز للمدنيين العيش فيها أو الاستفادة منها، والذي شمل ١٦ قرية من قرى العودة النوبية. وكانت مجموعة من النشطاء النوبيين قد تقدمت بطعن أمام مجلس الدولة، العام الماضي، ضد القرار. وقد أوصت هيئة مفوضي مجلس الدولة، في أغسطس الماضي، بإلغاء القرار ٤٤٤. وقالت، في تقريرها، إنه عمل إداري وليس سياديًا. ويطالب النوبيون بالعودة إلى ضفاف بحيرة ناصر جنوب البلاد استنادًا لتعرضهم، تاريخيًا، لموجات من التهجير. وقد بدأت الموجتان الأولى والثانية، في عامي ١٩١٢ و١٩٣٣، بالتزامن مع تعلية سد أسوان خلال فترة الاحتلال البريطاني لمصر، وكانت المرة ثالثة، بين عامي ١٩٦٣ و١٩٦٤، خلال فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر بالتزامن مع بناء السد العالي.
بسبب «هروب العادلي» عدد «البوابة» لم يُطبع مدى مصر ٣ سبتمبر ٢٠١٧ أعلنت جريدة «البوابة» عن امتناع مؤسسة «اﻷهرام» الصحفية المملوكة للدولة عن طباعة عدد اليوم، اﻷحد، من الجريدة اليومية الخاصة حسب بيان نشرته على موقعها أمس. وأكدت على أن القرار جاء بعد رفض «البوابة» لطلب «جهات معينة»، دون أن تُحددها، بحذف تقرير منشور على صفحتها الأولى بشأن «استمرار هروب وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي»، وذلك حسب البيان. وتضمن عدد الجريدة، الذي لم يُطبع، تقريرًا بعنوان «من الداخلية إلى العادلي كل سنة وأنت طيب يا باشا»، في إشارة لعدم تنفيذ الوزارة لحكم حبس حبيب العادلي رغم إدانته، في أبريل الماضي، بالحبس لسبع سنوات سجنًا مشددًا. وقد نُشر التقرير على موقع «البوابة»، فضلًا عن تقارير أخرى، من العدد المصادر، حول هروب المساجين. وكانت جنايات القاهرة قد أصدرت حكمها بحق وزير الداخلية الأسبق في القضية المعروفة بـ «فساد الداخلية»، وأصبح حبسه وجوبيًا، لكنه لم يحضر جلسة النطق بالحكم وتمكن من الهرب، ولم تتمكن سلطات تنفيذ اﻷحكام من ضبطه حتى اﻵن. وقد اعتبرت الجريدة أن مصادرة عددها، وعدم طباعته، بعد رفضها لحذف التقرير بـ «أساليب القفز على القانون». وحذرت، في بيانها، من «التصرفات غير المسؤولة من جانب بعض الأجهزة الأمنية». كما أكدت إدارة «البوابة» على احتفاظها بحقها القانوني «فى اتخاذ ما تراه من إجراءات لمواجهة تلك التصرفات غير العقلانية»، حسبما جاء في البيان. ويحصن الدستور المصري الصحف من المصادرة أو اﻹغلاق، وتنص المادة ٧١ من الدستور على أن «يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها. ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زَمن الحرب أو التعبئة العامة. ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية». في حين تمنح المادة الثالثة من قانون الطوارئ، رقم ١٦٢ لسنة ١٩٥٨، الحق لرئيس الجمهورية «متى أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ بأمر كتابي أو شفوي التدابير الآتية الأمر بمراقبة الرسائل أيًا كان نوعها، ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها». وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أعلن حالة الطوارئ في البلاد لمدة ثلاثة أشهر في أبريل الماضي، وذلك عقب حادثتي كنيستي طنطا والإسكندرية. وفَوَّضَ رئيس مجلس الوزارء بصلاحيات رئيس الجمهورية بشأن حالة الطوارئ. وكان البرلمان قد وافق، في يوليو الماضي، على مَدّها لمُدة مماثلة. وفي حين لم تحدد «البوابة» طبيعة الجهات التي طالبت بحذف التقرير، لم يصدر أي بيان رسمي من مؤسسة «الأهرام»، الجهة المسؤولة عن طباعة الجريدة. كما لم تُعلن نقابة الصحفيين أو المجلس الأعلى للإعلام وهيئته الوطنية للصحافة عن موقف بشأن عدم إصدار عدد اليوم من الجريدة. واعتبر عضو مجلس نقابة الصحفيين محمود كامل أن مصادرة الصحف «أصبحت أمرًا غير مقبول، مؤكدًا أن هذه المرة الرابعة التي تصادر فيها الجريدة، ولو ظللنا على هذا النمط سيكون عدد المُصادر من الصحيفة أكثر من المطبوع بنهاية العام»، حسب موقع «البوابة». كما أشار كامل إلى أن مجلس النقابة سيجتمع يوم الثلاثاء المقبل لنظر الشكوى المقدمة من عبد الرحيم علي رئيس مجلس إدارة الصحيفة. وكانت «البوابة» قد تعرضت لأزمة مشابهة، في أبريل الماضي، وذلك بعد اتهامها لوزير الداخلية مجدي عبد الغفار بالتقصير في حماية كنيستي طنطا والإسكندرية. وقد طالبت الجريدة، وقتها، بمحاسبة وزير الداخلية، وذلك تحت عنوان «حاسبوه قبل أن تحاسبوا». وقد نشرت الجريدة بيانًا على موقعها، في ٨ من شهر أبريل الماضي، أكدت فيه على مصادرة عددها من جانب «الرقيب في المطبعة»، حسب البيان. وهو الأمر الذي تكرر مع عدد اليوم التالي له.
في حبّ ميرفت أمين (تدوينة) عمر خليفة ٢ سبتمبر ٢٠١٧ في أحد مشاهد فيلم حسين كمال الشهير «ثرثرة فوق النيل»، والقائم على رواية نجيب محفوظ، تكتب الصحفية سمارة (ماجدة الخطيب) تأملات حول سائر شخصيات الفيلم، ومنها الفتاة سناء التي تصفها سمارة بكونها «الجيل الضائع. لا ثقافة ولا تربية». ورغم المسحة الأخلاقية الرجعية التي غلفت رسم شخصية سناء في الرواية والفيلم، وربطها بين التحرر الجنسي والضياع، فإن تلك الجملة تلتقط شيئًا هامًا، ليس عن سناء، وإنما عن الفتاة التي جسّدت شخصيتها في الفيلم ميرفت أمين. كان ذلك من أوائل الأفلام التي ظهرت فيها ميرفت أمين، والتي ساهمت في ترسيخ صورتها الطاغية في سبعينيات القرن الماضي. ميرفت هي الجيل الضائع، سينمائيًا وقوميًا ومجتمعيًا. ماذا ستفعل أجيال من الممثلات المصريات بعد فاتن حمامة وسعاد حسني؟ ماذا ستُبقي لهن نكسة ٦٧؟ فاتن حمامة وزميلاتها لم يكنّ ممثلات فقط. كنّ مجازات واستعارات لأشياء أبعد من فيلم هنا أو مشهد هناك. ذاك زمن لم يكن فيه ربط المرأة بالوطن مكررًا ومألوفًا لحد الابتذال كما هو الحال الآن. مصر امرأة، كما يشير كتاب الباحثة الأمريكية بيث بارون. المصريون، كبعض الشعوب الأخرى، تخيلوا وطنهم امرأة؛ أمًّا في أحيان كثيرة، وحبيبة أيضًا، منذ ثورة ١٩١٩ وما تلاها. انعكس تأنيث الوطن هذا على علاقة المصريين (والعرب) بالشخصيات النسائية العامة، ومنها نجمات السينما. لم يكن التقسيم الساذج الذي شاع في السينما المصرية، بين القديسات (وعلى رأسهن فاتن) ونجمات الإغراء كهند رستم وهدى سلطان، مجرد مسألة أخلاقية، فطبيعة الأدوار التي أسندت لفاتن غلب عليها الضعف ومسكنة الأنثى التي تحتاج لرجل كي يحافظ عليها ويحميها. ومن يقرأ التعليقات التي رافقت عرض فيلم صلاح أبو سيف «لا أنام» في دور السينما المصرية، والذي كسرت فيه فاتن صورتها العامة، يفاجؤه رد فعل الجمهور الغاضب على دور فاتن في الفيلم، الجمهور الذي يكشف عن مماهاة كبيرة بين فاتن حمامة الحقيقية وأدوارها على الشاشة. فاتن هي مصر كما يريدها أغلب المصريين؛ لا تَخْدِش ولا تُخْدَش. جاءت سعاد حسني طبعًا، وأحدثت ما أحدثته من معان في الوطن المرأة في ستينيات القرن الماضي، مما لا يسع المجال لذكره هنا، لكن نكسة ٦٧ أجهضت ذلك التطور الطبيعي لحضور المرأة السينمائي وتعقيده. النكسة قتلت مصر، وكسرت زعيمها التاريخي. وإذا كان الوطن الحقيقي ذاته ضائعًا، فأي امرأة تلك التي سيماهيها به الناس؟ الأثر الإيجابي للنكسة على السينما المصرية كان أن تحررت المرأة من أن تكون رمزًا. المرأة في السينما المصرية في السبعينيات هي المرأة فقط، وبالنسبة لي، هي ميرفت أمين. في أفلام السبعينيات كان على ميرفت أن تحضر على الشاشة فقط كي يبدأ إغواؤها وسحرها. ليس ثمة سرد يبرّر انجذاب الرجال لها. لا قصة حب تنمو وتتطوّر. تفتح ميرفت الباب وتدخل كي يشهق الممثل الذي معها، ويشهق معه الجمهور. فتنتها أراحت المخرجين وكتاب السيناريو من تطوير الأحداث وتعقيدها. خلافًا لنجلاء فتحي التي أعادت تمثيل أدوار الخمسينيات القائمة على قصص حب مستحيلة يتخللها عذاب الفراق والشوق والانتظار، فإن ميرفت كانت العنوان الفوري لعلاقة ملتهبة لا مجال فيها سوى لجسدها الأخاذ كي يفرض حضوره الذي لا يقاوم على من أمامها. تجسد ذلك المشاهد الأولى التي تظهر فيها في أفلامها. في «الحب تحت المطر»، تدخل الاستديو فيترك الممثل خطيبته لأجلها. في «ثرثرة فوق النيل»، تظهر في أول مشاهدها فيلغي أحمد رمزي جلسة التصوير ويصطحبها للبيت. تقتحم مكتب محمود ياسين في «غابة من السيقان» فينتهي كل شيء. وحتى في أدوارها الأكثر براءة في «أبي فوق الشجرة» و«الحفيد»، فإن الفيلم يبدأ بعد قصة الحب، لا قبلها. أية قصة هذه التي ستبرّر انجذاب الرجال لميرفت؟ محظوظة ميرفت أمين. هي ليست استعارة ولا مجازًا لشيء. لا تصلح لأن تكون «مصر» ولا سواها. لا تعيش لغيرها في السينما. ميرفت شيطان وملاك معًا، تقفز من صورة لأخرى بسهولة كسهولة الزمن الذي أنتجها. لا تحمل على عاتقها تمثيل أمة. هي الجيل الضائع السعيد بضياعه. أدوارها ذاتية جدًا، رديئة في أحيان كثيرة وجيدة في أحيان أخرى، لكنها فيها كلها ميرفت أمين. وعلى عكس فاتن حمامة التي أبحث في أدوارها عن رموز أخرى خارجها، فإنني في أدوار ميرفت أمين لا أبحث إلا عنها هي فحسب. في «ثرثرة فوق النيل» و«أنف وثلاثة عيون» و«الحفيد» و«غابة من السيقان» و«أعظم طفل في العالم» و«السلم الخلفي» وغيرها، من الصعب أن أتابع الدور ذاته. من الصعب أن تكون ميرفت أمين شيئًا آخر سواها. حضورها الأنثوي الرهيب يخنق تلك المسافة المطلوبة بين المؤدِي والمؤدَّى. لا أدري حتى اللحظة إن كانت ممثلة عظيمة أم لا. لا يعنيني في الحقيقة. فقط ميرفت أمين تعنيني . ميرفت امتحان خطير أمام التزام المرء بأفكار تقدمية هامة قدّمتها لورا ميلفي وسواها حول ما يسمى بـ«تلصص الرجل» و«المتعة البصرية». تعاملت السينما في أغلب مراحلها مع جسد المرأة من منظور الرجل المخرج، الذي كانت كاميراه تتلصص وتدعو المشاهدين لمشاركتها التلصص على جسد المرأة. وتحرر المرأة سينمائيًا هو، في جزء أساسي منه، تحرر من هيمنة المتعة البصرية الذكورية التي تسيطر على الإنتاج السينمائي في العالم. ماذا نفعل مع ميرفت أمين إزاء كل هذا؟ أين نضع الخط الفاصل بين عشق الجسد وتشييئه؟ فيلم «أعظم طفل في العالم» مثلًا تلصصي بامتياز، وهو واحد من أردأ ما أنتجته السينما المصرية. هذه نقطة. لكن النقطة الثانية أنني ممتن لكل لحظة ظهرت فيها ميرفت أمين في هذا الفيلم. المشاهد ذاته يتلصص على كاميرا المخرج الذي يتلصص على جسد ميرفت هنا، يحاول أن يسرق منه الهواء الذي يلفها، يريدها له وحده، يريد القبض على رائحتها، أن يسكن بين نهديها وهي تعريهما وتقبض عليهما في لقطات قلَّ مثيلها في السينما المصرية. رغم كل هذا لم تُصنَّف ميرفت كنجمة إغراء، على غرار ناهد شريف وشمس البارودي، وحتى في شبابها لم تصل لأن تكون فتاة غلاف كبرى كنجلاء فتحي ومديحة كامل. ثمة شيء خاص بميرفت، شيء يحجبها حتى في أشد لحظاتها فتنة، ربما لهذا تواصل العين البحث عنها حتى وهي أمامنا. قد يكون صوتها الخافت الذي تحتاج أحيانًا للاقتراب من الشاشة كي تسمعه. يغيظني صوتها أحيانًا. أشعر أنه لا يعنيها وجودنا كمشاهدين. هي لا تتحدث إلينا. لا تقف أمام الكاميرا لتقول شيئًا. جسدها نص ناطق. لا تحاول أن تغري أحدًا. هي تكون ذاتها فقط. ليس ذنبها أن تكون ميرفت أمين. كيف تحمَّل المخرجون رؤيتها؟ كيف تعاملوا مع جسدها بتلك الاعتيادية التي تسمح لهم بتوقيف المشهد مرارًا وتكرار تصويره؟ اشرح ما يلي ميرفت أمين. التنورة التي تلتف على المؤخرة والفخذين. قلم الحمرة التي يصطك خائفًا بشفتيها. بقية اللعاب على شفاه الممثلين الذين قبلوها. المسافة التي تفصل بين ركبتيها والشورت الذي ترتديه. الجزمة التي ارتدتها في «أنف وثلاثة عيون». راحة يديها حين تلتف على أعناق عشاقها. الخاصرة التي ضغط عليها محمود ياسين. الأظافر المطلية بالأحمر التي اعتصرها أحمد رمزي. كل شبر فيها. كلُ كلٍ فيها. أهم أفلام ميرفت أمين هي تلك التي لم تكن فيها ميرفت أمين. تلك التي لم يكن جسدها محور العالم السردي للفيلم. منحها تقدمها في السن في الثمانينيات وما بعدها فرصة عظيمة سينمائيًا، قلَّل من وهجها، خفف من سطوة صدرها وفخذيها. ما اجتمع جسد ميرفت أمين ونص إلا وكان التلصص ثالثهما. وحين غاب التلصص ظهرت أفلام مثل «زوجة رجل مهم» و«سواق الأوتوبيس» و«الأراجوز»، رغم أن ميرفت لم تكن البطل الأساسي فيها. أفلام هامة طبعًا، لكن المشاهد، في جزء خفي منه، يحنّ إلى ميرفت الأخرى، وربما تكون ميرفت ذاتها تحن إليها. كسبنا سينما، لكننا خسرنا ميرفت أمين. ثمة مشهد معبر في فيلم «غابة من السيقان». يحاول محمود ياسين عبثًا الهروب من سطوتها. يواعدها في النادي وهو متردد، ويخرج مصممًا ألا يراها في اللحظة التي تدخل فيها هي لحديقة النادي. تدرك هي ما يحدث داخل عقله. تقف أمامه بعنفوانها، وهو واقف أمامها كأبله، وتسأله «واقف ليه؟ مش كنت خارج؟ مش كنت هربان؟ ما تهرب.. حد ماسكك؟» ثم تجرُّه من يده. المخاطَب في المشهد ليس محمود ياسين فقط، بل نحن. تتحدانا ميرفت أمين. تراهننا على أن نغمض أعيننا أمامها. أن نهرب من ظلالها. أين نهرب حين نهرب؟ هذه ليست سينما. ليست تمثيلًا لواقع ما. ميرفت تكون، وعلى الكل أن يتعامل مع هذا الواقع الجنوني، تمامًا كما تعامل معه محمود ياسين في الفيلم. «ما تهرب.. حد ماسكك؟» أجل يا ميرفت، ثمة شيء يمسكنا، شيء لا ينفع معه هدم الجدار لبريخت ولا نظريات أرسطو التطهيرية. لا نشاهد ميرفت لنخاف أو نحزن أو نشعر بالسعادة. نشاهد ميرفت كي نشاهدها، فقط.
في رفح.. مدينة الدماء والرحيل مراد حجازي ٣٠ أغسطس ٢٠١٧ مع نهاية يوليو الماضي، انتهت حملة أمنية سيطرت خلالها قوات الجيش على مدينة العريش طوال أسبوعين، عانى خلالها سُكان المدينة من أوضاع شديدة السوء، مليئة بالمعاناة والدماء، وبانتهاء الحملة عادت الاتصالات التي انقطعت طوال الحملة للعمل بشكل جزئي في مدن شمال سيناء الثلاث الكبرى؛ العريش والشيخ زويد ورفح، إلا أنها كانت عودة دامت أيامًا قليلة فقط. وذلك قبل أن تنقطع مرة أخرى عن المدن الثلاثة. مع انقطاع الاتصالات مرة أخرى، توقع سُكان العريش أن تعود الأيام العصيبة مع حملة جديدة، إلا أن الحملة واﻷوضاع السيئة والمعاناة والدماء كانت من نصيب آخر المدن المصرية على الحدود الشرقية؛ رفح. *** يقطن في مركز رفح والـ ١١ قرية التابعة له أكثر من ٨١ ألف نسمة، بحسب آخر إحصاء رسمي، يعود لعام ٢٠١٦، على موقع محافظة شمال سيناء. تناقص العدد بشكل كبير، في السنوات اﻷخيرة، خاصة مع موجات النزوح التي بدأت في نهايات ٢٠١٤، وذلك مع بداية إخلاء الدولة لمنطقة عازلة بعمق ١٠٠٠ متر، في اﻷراضي المصرية المتاخمة لقطاع غزة، وهي العملية التي تم خلالها هدم ٢١٠٠ منزل. ظروف الحياة في مدينة رفح عصيبة بشكل واضح؛ يقول عدد من السُكان إن إمدادات المياه لا تصل نهائيًا إلى أحياء المدينة منذ ثلاث سنوات، فضلًا عن النقص الحاد في مستلزمات المعيشة والمواد الغذائية والخضروات، والتي ارتفعت، مؤخرًا، أسعارها بصورة مبالغ فيها. وصل سعر صفيحة السولار، على سبيل المثال، إلى ٤٠٠ جنيه، وهي الوسيلة التي يعتمد عليها اﻷهالي في توليد الكهرباء لعدد ساعات محدود خلال اليوم. يحاول الأهالي تعويض استمرار انقطاع التيار الكهربائي بالكامل طوال ٦٠ يومًا عبر المولدات. وفيما تشهد رفح، والشيخ زويد، فرضًا لحظر تجوال، منذ أكتوبر ٢٠١٤، ويبدأ في الخامسة مساءً وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، يطلب اﻷهالي من السلطات السماح بمرور اﻷغذية، خاصة ألبان الأطفال والدقيق، إلى المدينة. *** في العاشرة من صباح الأحد، ٢٠ أغسطس الجاري، عُزلت مدن شمال سيناء الثلاثة؛ رفح والشيخ زويد والعريش، عن العالم لمدة زادت على ٤٨ ساعة، إثر انقطاع شبكات الاتصال والإنترنت بشكل مفاجئ. في البداية حاول الأهالي معرفة ماذا يحدث، ليتبيّنوا بعد ذلك أن حملة أمنية كبيرة تستهدف رفح. أغلقت جميع الطرق المؤدية للمدينة بسواتر رملية. وأصبح دخول المدينة أو الخروج منها ممنوعًا إلا بالسير على اﻷقدام. يقول «أبو محمد»، أحد سكان رفح، لـ «مدى مصر» إنهم فوجئوا مع بداية يوم ١٩ أغسطس بقيام قوات الأمن بإغلاق الطريق الفرعي، والوحيد، للدخول والخروج من مدينتهم رفح. جرى وضع ساتر ترابي كبير بالقرب من منطقة «ياميت»، في قرية أبو شنار. يشير أبو محمد إلى أن الطريق الدولي الرئيسي مُغلق في وجه اﻷهالي وسياراتهم منذ عام ٢٠١٤. لا تسير عليه سوى الحملات العسكرية أو الأقوال الأمنية أو القوافل الرسمية. يصبح الطريق الفرعي القريب من أبو شنار، القريبة بدورها من ساحل رفح، هو الحل الوحيد للوصول للمدينة. لكن مع الحملة الأخيرة أغلق هذا الطريق نهائيًا. طالت الحملة كل قرى وأحياء مدينة رفح، وبحسب أبو محمد، كان انتشار قوات الجيش على الأرض بشكلٍ غير مسبوق، بداية من ساحل رفح وحتى قرى جنوبها. نقطة الارتكاز الرئيسية للحملة كانت في «أبو شنار» ما أقلق أهل المنطقة، ليقوم عدد كبير منهم بجمع أمتعته والرحيل بعيدًا عن منطقة العمليات خوفًا على أرواحهم. *** لم ينتظر اﻷهالي كثيرًا، ما خافوا منه بدأ في الحدوث سريعًا، في يوم الثلاثاء، ٢٢ أغسطس، سقطت قذيفة مجهولة المصدر على منزل في قرية نجع شيبانة، لتقتل أسرة كاملة من قبيلة الريشات؛ أم عمرها ٤٥ عامًا، وابنتيها (عامان ونصف، و١٤ عامًا). بعدها، وإثر قذيفة أخرى مجهولة المصدر، قُتل شاب وأصيب آخر على أطراف مدينة الشيخ زويد، وأنهت طلقات نارية طائشة حياة شاب آخر في منطقة ياميت برفح. *** في يوم ٢٣ أغسطس أصبحت رائحة الدماء أكثر حضورًا. قررت أربع أُسر في قرية «نجع شيبانة»، جنوبي رفح، أن تتجمع في منزل واحد؛ هربًا من الاشتباكات والحرب المحيطة بهم، إلا أن قذيفة مجهولة المصدر سقطت على المنزل لتنسفه بالكامل مخلفة ٢٤ قتيلًا ومصابًا. أسفر الحادث عن إصابة ١٦ شخصًا؛ ٥ سيدات، وطفلتين كل منهما عمره ١٣ عامًا، وتسعة أطفال دون العشر سنوات، والذين تمّ نقلهم جميعًا إلى مستشفى العريش، التي أكد مصدر من داخلها أن مَن لم يدخل غرفة العمليات من اﻷمهات والسيدات رقد في غيبوبة، فيما بقى اﻷطفال بمفردهم في غرف المستشفى، وبعد يوم واحد توفى طفلين منهما (٣ و١٠ سنوات)، فيما تمّ تحوّيل بعض الحالات إلى مستشفيات خارج شمال سيناء، وتكفل بعض «أهل الخير» بعلاجهم. أحد سُكان القرية، طَلَبَ عدم ذِكر اسمه، قال لـ «مدى مصر» إن ثمانية أشخاص جميعهم سيدات وأطفال، قتلوا في الحال إثر سقوط القذيفة. لم يُنقلوا إلى المستشفى، ودفنهم اﻷهالي في القرية. أكد المصدر أن معظم الأقارب الرجال للقتلى الثمانية معتقلين بالفعل لدى قوات اﻷمن، فيما هرب آخرون من الملاحقات اﻷمنية التي تطال شباب ورجال المنطقة. مصدر آخر في القرية أكد على أن قوات اﻷمن أمرت جميع سُكان القرية بالرحيل الفوري منها. في حين لم يتمكن بعضهم حتى من جمع أمتعته، وبقت القرية خاوية. *** بعد موجات النزوح اﻷولى، في أواخر ٢٠١٤، كانت قرية «الطايرة»، جنوبي رفح، بمثابة ملاذًا لكثير من الأهالي الذين رفضوا مغادرة المدينة كليةً، ليستقروا في القرية الصغيرة آملين أن تكون أكثر أمانًا لهم وﻷسرهم. ولكن في يوم ٢٦ أغسطس تبددت كل أحلامهم في الاستقرار، وصاروا مجبرين على الرحيل من القرية إلى المجهول. يتذكر أحد سكان القرية الراحلين ما جرى قائلًا «حضرت قوات الجيش إلى المكان، وطالبت عدد من السكان بإخلاء منازلهم، لإنشاء كمائن أمنية في محيط القرية، وأمهلتهم ثلاثة أيام، أما باقي الأهالي فقرروا الرحيل النهائي، خوفًا من البقاء في محيط الكمائن الأمنية وما يصاحبها من اشتباكات ورصاص عشوائي». بحسب ساكن «الطايرة»، الذي غادرها الآن، رَحَلَ بعض اﻷهالي تاركين خلفهم كل شيء، وذلك بسبب صعوبة الخروج باﻷمتعة، فضلًا عن تكلفة سيارات النقل، والتي وصلت إلى ١٧٠٠ جنيه من رفح وحتى الإسماعيلية. بينما لا يزال معظم أهل القرية عالقين فيها، بسبب عدم قدرتهم على حمل أمتعتهم ومتعلقاتهم وأثاث منازلهم، بعد إغلاق الطرق الواصلة من قريتهم وحتى الطريق الفرعي الوحيد. شاهد عيان آخر من سُكان رفح قال إن اﻷهالي كانوا يحملون ما يستطيعون من أمتعتهم وأثاثهم في السيارات، التي تمنَع قوات الأمن مرورها حين يصلون إلى الحاجز الترابي، ما يضطرهم لإنزال اﻷمتعة واستئجار عربات كارو لنقل تلك اﻷمتعة إلى الجانب الآخر على مراحل. بحسب ساكن «الطايرة»، الذي غادرها، كانت مدينة الصالحية ومحافظة الإسماعيلية عمومًا هي الوجهة الجديدة لمعظم الأهالي الراحلين، خاصة مَن يعملون منهم في الزراعة، أملًا في الالتحاق بأقاربهم المقيمين في أراضيهم الزراعية هناك، وهروبًا من الملاحقة اﻷمنية التي تطال أهالي رفح والشيخ زويد في أي مكان داخل شمال سيناء. بحسب عديد من المصادر المحلية التي تحدثت لـ «مدى مصر»، فقد استقر لدى أهالي رفح هاجس أن الدولة تحاول بشتى الطرق دفعهم للخروج من قراهم ومدنهم وترك سيناء بالكامل، وهو الهاجس الذي يتأكد لديهم أكثر في ظل تردي اﻷوضاع المعيشية في رفح والشيخ زويد والعريش، واستمرار «الحرب على الإرهاب» منذ أربع سنوات دون أن تبدو لها نهاية قريبة، خاصة مع زحف العمليات الإرهابية من مدينة إلى أخرى. وفيما استنكر اﻷهالي فصل شبكات الاتصال والإنترنت عن مدن شمال سيناء مع كل حملة أمنية، أكدوا أن شبكات الاتصال المصرية لا تعمل في مدينة رفح بالكامل، سوى في مناطق ضيقة جدًا على ساحل المدينة، فيما يستقبل الهاتف المحمول ﻷي شخص يدخل المدينة للمرة اﻷولى رسائل ترحيب من شبكات الاتصال الإسرائيلية، التي تعمل، بمفردها، في رفح. البعض اﻵخر من السكان رأى أن الدولة تحاول التهرب من مسؤوليتها في دفع تعويض لمَن يخلي منزله، على غرار ما حدث وقت الإعلان عن إقامة منطقة عازلة بعمق ١٠٠٠ متر، والتي طالبت الدولة سكانها بشكل رسمي بالإخلاء، على أن تدفع لهم تعويضات. كان إبراهيم محلب، رئيس الوزراء السابق، قد أصدر في أكتوبر ٢٠١٤ قرارًا بإخلاء ٥ كيلومترات في مدينة رفح، وألزم القرار، في مادتيه الثانية والثالثة، الدولة بتوفير مساكن بديلة وتعويضات لمَن يترك منزله في تلك المنطقة. من الكيلومترات الخمس، تمّ إخلاء كيلومتر واحد فقط رسميًا، وتمّ تعويض قاطنيه بقرابة ٦٥٠ مليون جنيه، بحسب بيانات محافظة شمال سيناء، وهو ما لم يحدث مع مَن رحلوا من باقي المدن التي تشهد حربًا على الإرهاب. كانت الإحصائية الرسمية الوحيدة الخاصة بتعداد النازحين هي تلك المُعلنة من محافظة شمال سيناء في أواخر أغسطس ٢٠١٦، والتي قدرت النازحين بـ ١٢ ألفًا و٨٦١ فردًا، موزعين على ٦٨ تجمعًا في مدن العريش، وبئر العبد، والحسنة، بإجمالي ٥٣٢٤ أسرة. *** على طول الطريق الدولي «العريش القنطرة» تتناثر عشرات العشش على جانبي الطريق، جميعها يقطنها نازحون، تركوا منازلهم ومزارعهم وقراهم في رفح والشيخ زويد منذ أواخر ٢٠١٤، بعد زيادة حدة الاشتباكات بين القوات المسلحة وبين ما يعرف بـ «تنظيم ولاية سيناء»، وهو النزوح الذي لم يتوقف منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم. ساكن «الطايرة» الراحل عنها وصف فكرة النزوح بـ «العصيبة والقاسية»، وقال «إحنا البدو ارتباطنا باﻷرض اللي اترعرعنا فيها وثيق جدًا، صعب ننفك عنها»، وأضاف «أصعب حاجة إنه ييجي اليوم اللي تنقلع فيه من جذورك». أما ساكن مدينة رفح الذي كان شاهدًا على لحظات رحيل أهلها، وصف الساتر الترابي الذي أقامته قوات اﻷمن على طريق دخول المدينة بأنه كان حاجز يفصل ما بين الذكريات في المدينة، والمستقبل المجهول غربًا. فيما تبقى عبارة «راجع يا رفح» مستقرة على جدار منزل بمدينة شبه خاوية، لم تعد تعرف إلا الرحيل.