الصومال الجديد

هرجيسا اتهم رئيس مجلس الشيوخ في أرض الصومال سليمان محمود آدم الصومال بالاستفزاز وحث أعضاء المجلس بدعم جهود رئيس أرض الصومال موسى بيحي حيال ما وصفه بالدفاع عن سيادة أرض الصومال. وأشار في خطاب ألقاه في المجلس الذي عقد اليوم جلسة في هرجيسا عاصمة أرض الصومال إلى أنهم على علم بوصول قوات تستقل دبابات إلى الحد الفاصل بين أرض الصومال وولاية بونت لاند. وقال آدم " ما زالت استفزازات الصومال مستمرة نعتبر الصومال عقبة أمام حياتنا وتقدمنا"، وأضاف أن الصوماليين يريدوا أن يعيشوا مثلهم في المشاكل والأزمات السياسية. يذكر أن رئيس أرض الصومال موسى بيحي كان يقوم في الآونة الأخيرة بسلسلة لقاءات مع مسئولي مجلسي النواب والشيوخ وقادة الأحزاب المعارضة لإطلاعهم على التطورات الأخيرة وما سماه تدخل الصومال في شئون أرض الصومال. الجدير بالذكر أن أرض الصومال أعلنت انفصالها عن الصومال عام ١٩٩١ إثر سقوط حكومة الرئيس الصومالي الراحل محمد سياد بري ونجحت في جلب الاستقرار الأمني والسياسي لمناطقها إلا أنها لم تحصل حتى الآن على اعتراف المجتمع الدولي الذي يعتبرها جزءا من الصومال وتخوض صراعا سياسيا مع الحكومة الصومالية كما تخوض صراعا عسكريا مع ولاية بونت لاند الصومالية لنزاع حدودي بينهما.
غيب الموت في الرابع عشر من شهر آذار مارس الجاري عالم الفيزياء البريطاني الشهير ستيفن هوكينغ عن عمر ناهز٧٦عاما، وكان قد أصيب بمرض العصبون الحركي بعام١٩٦٣ مما جعل الأطباء حينها يتوقعون بموته بعد عامين فقط من إصابته بذلك المرض العصبي الخطير. وعلى الرغم من إعاقته المزمنة وعدم قدرته على الكلام الا من خلال جهاز الحاسوب المبرمج الخاص به الا أنه لم يتوقف من مواجهات الحياة العلمية، فقد حصل على شهادة الدكتوراه في علم الكون من جامعة كمبريدج، وله أبحاث ومساهمات في مجال تخصصه علوم الكون .مثل كتابه "تاريخ مؤجز للزمن" الذي بيعت منه أكثر ١٠ملاين نسخة. أثارت وفاة الرجل ردود أفعال متباينة بين الكتاب والمغردين على مواقع التواصل الإجتماعي، فمنهم من كان يحزن على رحيل ذلك العالم الشهير داعيا الله أن ينزل على قبره شآبيب الرحمة بغض النظر عن اعتقاد الرجل وديانته، ومنهم من كان يلعن الرجل بسبب كونه ملحدا كان ينكر وجود الخالق، فالواضح أن الفريقين وقفا من قضية رحيل الرجل موقفين متباينين يمكن وصفهما بأنـهما على طرفي النقيض. فنحن لا ننظر موته من المنظور العقدي، فهذه مسألة شخصية بينه وبين الله، وفعلا أفضى الرجل إلى ماقدم إليه. أما بالنسبة إلى جواز الترحم والاستغفار للملحدين من عدمه فهي مسألة محسومة بين فقهاء الإسلام. لكن من الأنصاف والعدل أن نقر بأن هوكينغ كان من العلماء الأفذاذ الذين وقفوا أعمارهم لخدمة الفرع الذي تخصصوا فيه، وأفادوا من أبحاثهم وتجاربهم العلمية للبشرية جمعاء، واسهاماته العلمية اضافة يجب الاستفادة منها في خدمة العلوم، وهي ميراث عالمي لايختص بقوم دون آخر أو بأهل ديانة معينة دون الآخرين، فهو في هذا الجانب ينطبق عليه قول القائل لعمرك ما الرزية فقد مال.... ولاشاة تموت ولا بعير ولكن الرزية فقد فذ..... يموت بموته خلق كثير فقد ناضل الرجل وهو مصاب بشلل الجانبي الضموري ومعاق بكل ما تحمل كلمة إعاقة من معنى ليحقق لنفسه مكانة مرموقة بين علماء الفيزياء في العصر الحديث وأسهم في تطوير هذا الفرع المهم من العلوم التطبيقية. وكان يقول "انا معاق جسديا لكنني لست كذلك عقليا"، ولاشك أن موت هوكينغ يترك فراغا لايمكن سده بسهولة لا سيما في هذا الوقت الذي كثر فيه العزوف عن دراسة العلوم التطبيقية خاصة أقسام الفيزياء والرياضيات. فالإخلاص في التخصص والبحث والتفاني في خدمة العلم والمعرفة إضافة إلى الروح النضالية التي تميز بها الرجل عن أقرانه وزملائه ورفقاء دربه هو ما يستحق الدراسة وأخذ العبرة منها، وهي محل إعجابي لهذا الرجل الذي لم أقرأ له حتى كتابتي لهذه السطور عنه. فينبغى على المثقفين وخاصة الكتاب أن يأخذوا من تجارب الأمم والشعوب ما ينفعهم في خدمة العلم والمعرفة وأن يشجعوا طلبة العلم أن يشمروا عن ساعد الجد ليكون لهم ذكر في الاكتشافات العلمية. قد يشاطرني كثير من القراء الكرام على هذا الموقف أو يخالفني لكن ستبقى الحقيقة التي لا تزحزها أي مرية، وهي أن ستيفن هوكينغ بغض النظر عن اتفاقنا واختلافنا حوله سيظل رمزا لا ينمحى عن ذاكرة الأيام بسهولة.
مقديشو ألغي اجتماع كان من المقرر أن يعقد اليوم في العاصمة مقديشو بتوصية من الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو حسب بيان مقتضب نشر في موقع الإذاعة الناطقة باسم الحكومة الصومالية. ولم يوضح البيان الأسباب وراء توصية الرئيس بإلغاء الاجتماع، إلا أنها جاءت بعد اتهام رئيس مجلس الشعب محمد شيخ عثمان جواري الرئيس بالفشل في أداء واجباته في الحفاظ على الدستور مؤكدا أنه سيتحمل بشكل مباشر تبعات تدخل الحكومة الفيدرالية في شئون المجلس ومحاولاتها الاستيلاء على المؤسسة التشريعية. وطالب جواري في بيان شديد اللهجة صدر أمس من مكتبه نواب مجلس الشعب بالدفاع عن أنفسهم كما حث الشعب الصومالي على الدفاع عن المجلس الذي يمثله. إن من غير الواضح ما إذا كان الرئيس اتخذ قرار إلغاء اجتماع مجلس الشعب اليوم بنفسه أم أن هناك تدخلا من جانب المجتمع الدولي، إلا أن القرار أبعد مواجهات كان كثيرون يتوقعون أن تحدث بين نواب المجلس المنقسمين إذا عقد الاجتماع.
مقديشو اتهم النائب الثاني لرئيس مجلس الشعب الصومالي مهد عبد الله عود في مؤتمر صحفي عقده أمس في العاصمة مقديشو رئيس الجمهورية محمد عبد الله فرماجو بالفشل في الحفاظ على المبادئ الأساسية في الدستور وقد تناول بيان عاجل مؤرخ بـ ٣٠ مارس ٢٠١٨ صدر من رئاسة مجلس الشعب (مكتب الرئيس) ما يلي ١. تستولي قوات حكومية على مقر مجلس الشعب منذ ١٦ مارس الحالي بعد إبعاد القوات المدربة على حراسة وتأمين المقر والحفاظ على حصانة النواب. ٢. إنه في ٣٠ مارس ٢٠١٨ جاء إلى مكتب رئيس مجلس الشعب قائد الشرطة الصومالية يحمل مذكرة تأمر قيادة الشرطة والمخابرات وقيادة بعثة الاتحاد الإفريقي الالتزام بتعليمات النائب الأول لرئيس المجلس الذي وقع على المذكرة. الأمر صادر من الحكومة بعلم رئيس الجمهورية، والهدف استيلاء الهيئة التنفيذية بشكل غير قانوني على صلاحيات الهيئة التشريعية. ٣. اتضح أن رئيس الجمهورية فشل في أداء واجباته في الحفاظ على المبادئ الأساسية للدستور وقوانين البلاد وفقا للمادة ٨٧ من الدستور والمادة ٣ (٤) التي تضمن الفصل بين سلطات رئيس الجمهورية وسلطات الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية. الرئيس يتحمل بشكل مباشر مسئولية المشاكل الأمنية وعدم الاستقرار السياسي الذي قد ينجم عن الممارسات المذكورة أعلاه. ٤. نذّكر قيادة القوات الأمنية أن المادة ١٢٧ من الدستور تأمرهم بالحياد وعدم الانخراط في القضايا السياسية وأن أي أمر يخص مجلس الشعب يجب أن يكون صادرا من رئيسه محمد شيخ عثمان جواري بما ينسجم مع الدستور واللوائح الداخلية لمجلس الشعب ولذلك لا توجد صفة قانونية للمذكرة رقم HP ١ DS ٥٠٣ ٢٠١٨ وتاريخ ٢٩ ٣ ٢٠١٨. ٥. إن من حق نواب مجلس الشعب الصومالي الدفاع عن أمنهم وسلامتهم ومقرهم بعد نشر قوات لا تلتزم بتعليمات رئيس مجلس الشعب في المقر. ٦. إن من حق الشعب الصومالي الدفاع عن المجلس الذي يمثلهم والذي يحافظ على سيادة الأمة وعلى الديمقراطية. ٧. في النهاية نأمر الشعب الصومالي والنواب الذين يمثلونه بعدم الانقياد لكل ما يمس سيادة الدستور حسبما هو موضح في المادة ٤.
وصلت الخلافات داخل مجلس الشعب الصومالي التي بدأت في ١٤ من مارس الجاري بعد تقديم مقترح لحجب الثقة عن رئيس المجلس محمد شيخ عثمان جواري إلى طريق مسدود فلم تنجح الجهود التي بذلت لاحتوائها خاصة من قبل لجنة شكلها مجلس الشيوخ للبرلمان الفيدرالي والتي أعلنت أمس فشل مساعيها. ويبدو أن المجتمع الدولي الذي كان يلعب في السابق دورا محوريا في حل مثل هذه الخلافات التي تعرض مؤسسات الدولة الصومالية للخطر لم يبذل جهودا كبيرة في إيجاد تسوية لها وتفادي الانعكاسات السلبية المحتملة للأزمة القائمة بين نواب مجلس الشعب الذين انقسموا بين مؤيد للمقترح ضد جواري ومعارض له من جهة وبين رئيس مجلس الشعب ورئيس الوزراء حسن علي خيري من جهة ثانية، حيث اكتفت الأسرة الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة والاتحادان الأوروبي والإفريقي ومنظمة الإيغاد والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وغيرها من الدول المهتمة بالقضية الصومالية بالإعراب عن قلقها حيال الأزمة وحثها القيادة الصومالية على احترام سيادة القانون والدستور الاتحادي المؤقت. ولم يكن خافيا وجود بعد سياسي في المقترح ضد رئيس مجلس الشعب الصومالي حيث ظهر فجأة من دون مقدمات على خلاف المقتراحات التي قدمت ضد القيادة الصومالية في الفترات السابقة فقد تعودنا على سماع اتهامات توجه إلى قيادة الدولة من قبل نواب مجلس الشعب قبل طرح مذكرات حجب ثقة عنهم على خلاف المقترح الحالي المقدم ضد رئيس مجلس الشعب الذي ظهر بشكل مفاجئ بعد عودة نواب المجلس من إجازتهم وافتتاح الدورة الثالثة لجلسات البرلمان الفيدرالي العاشر حيث لم تظهر أية خلافات في مناسبة الافتتاح التي شارك فيها بالإضافة إلى رئاسة مجلس الشعب رئيس الجمهورية محمد عبد الله فرماجو ورئيس الوزراء حسن علي خيري ورئيس المحكمة العليا وغيرهم من المسئولين الذين أشاروا في كلماتهم في المناسبة الافتتاحية إلى المهام التي يتوقع أن يناقشها مجلس الشعب في دورته الحالية والتي من بينها تعديل الدستور وإعادة هيكلة المؤسسات القضائية وتنظيم هيئات الدفاع الوطني وتعزيز النظام الفيدرالي ونشر الديمقراطية وتحديد مقام العاصمة مقديشو، كما لم يظهر أي انتقاد لرئيس مجلس الشعب الصومالي ، ولكن كثيرا من المراقبين تفاجأوا بتسليم نحو ١٠٠ نائب مذكرة لحجب الثقة عن رئيس المجلس بعد أيام من افتتاح الدورة الثالثة لجلساته إلى نائبه الأول عبد الولي شيخ إبراهيم مودي الذي كشفت التطورات اللاحقة عن وجود تنسيق بينه وبين من يقودون الحملة ضد جواري. وبدأت بعد تقديم المقترح ضد جواري معركة قانونية بين مؤيدي ومعارضي المقترح ولم يتنصر حتى الآن في تلك المعركة أحد فقد أصر النائب الأول لرئيس مجلس الشعب الصومالي على قانونية المقترح ودعا النواب إلى حضور جلسة ستعقد يوم غد السبت الموافق ٣١ مارس ٢٠١٨ لمناقشته إلا أن النائب الثاني لرئيس المجلس مهد عبد الله عود وصف دعوته بغير القانونية وحددت اللجنة الدائمة لمجلس الشعب يوم غد السبت ٣١ مارس ٢٠١٨ موعدا لعقد جلسة للمجلس يترأسها جواري بعد أن أصبح المقترح ضده فاشلا إثر انتهاء مهلته القانونية حسبما ورد في بيان أصدرته اللجنة لمناقشة الأزمة الحدودية بين الصومال وكينيا. ونحن الآن أمام وضع شديد الخطورة حيث إن من المقرر أن تعقد يوم غد السبت جلسة لها رئيسان جواري ونائبه الأول مودي الذي يجادل بأنه أصبح القائم بأعمال رئيس مجلس الشعب بعد تقديم مقترح ضد رئيسه كما أنه يتوقع أن تناقش الجلسة أجندتين مختلفتين تتمثل الأولى منهما في مناقشة المقترح ضد رئيس مجلس الشعب والتصويت عليه الأمر الذي يصر عليه النائب الأول لرئيس المجلس وتتمثل الثانية في الأزمة الحدودية بين الصومال وكينيا الأمر الذي دعت إلى مناقشته اللجنة الدائمة لمجلس الشعب الصومالي، ومما يزيد مخاوف الشارع الصومالي طلب النائب الأول لرئيس مجلس الشعب اليوم إرسال مزيد من القوات إلى مقر المجلس الذي أرسلت إليه الحكومة في السابق قوات إضافية وهو ما انتقده رئيس مجلس الشعب الذي وصف ذلك بأنه استيلاء للحكومة على مقر المجلس. وهناك ثلاث سيناريوهات محتملة لجلسة مجلس الشعب المرتقبة أولاها فرض الحكومة الفيدرالية التي يقول مؤيدو رئيس المجلس إنها ضالعة في المقترح المقدم ضده بعد أن تبين أن جميع النواب الذين يشغلون مناصب وزارية في الحكومة وقعوا عليه والإطاحة برئيس المجلس مهما كلفها ذلك من ثمن وحتى لو لم تكن الإجراءات المتبعة في عزله قانونية وهو ما حذر عنه بعض النواب الذين أشاروا إلى ما وصفوه بأنه انقلاب على رئيس مجلس الشعب تتورط فيه رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية. وثانيتها نشوب صراع بين النواب وربما وقوع مواجهات بسبب الخلاف فيمن يترأس الجلسة أ رئيس مجلس الشعب جواري أم نائبه مودي؟ وفي الأجندة المطروحة للنقاش أ هي المقترح ضد رئيس مجلس الشعب أم الأزمة الحدودية بين الصومال وكينيا؟ وثالثتها تدخل المجتمع الدولي ونجاحه في إقناع الطرفين بإلغاء الجلسة، وأيا كانت النتائج فإن مما لا شك فيه أن الأزمة الحالية في مجلس الشعب الصومالي سوف تنعكس سلبا على مؤسسات الدولة وتبطل ما كانت تفتخر به القيادة الصومالية من أنها تجنبت الخلافات التي كادت أن تعصف بالحكومات الصومالية السابقة.
مقديشو أشاد محمد شيخ عثمان جواري رئيس مجلس الشعب الصومالي في مؤتمر صحفي عقده في مقديشو برئيس الوزراء حسن علي خيري لكنه أضاف أنه أصبح هذه الأيام يستشير مع بعض المسئولين عن تدمير البرلمان الصومالي الثامن في إشارة إلى نائبه الأول عبد الولي شيخ إبراهيم مودي وقال جواري لخيري " لا ندفع مقترحا ضدك لذا يجب عليك أن توقف المقترح ضدنا". وطالب جواري الحكومة الصومالية بسحب القوات التي أرسلتها إلى مقر مجلس الشعب الصومالي بعد ظهور الخلافات بين نوابه بسبب مقترح حجب الثقة المقدم ضده وإعادة تأمين المقر إلى القوات التي كانت تتولى حراسته قبل ظهور الخلافات الأخيرة. وقدم رئيس مجلس الشعب شكره إلى مؤيديه من نواب المجلس وإلى لجنة حل الخلافات التي شكلها مجلس الشيوخ، معربا عن قلقه من الخلافات القائمة التي أثرت على الشعب الصومالي الذي قال إنه أصبح يتابع باهتمام التجاذبات داخل مجلس الشعب الناجمة عن المقترح ضده. وأشار إلى أن من حق نواب مجلس الشعب أن يقدموا مقترحا ضد رئيسهم لكنه أوضح أن أمامهم وفقا للوائح الداخلية لمجلس الشعب ١٠ أيام لطرحه إلى أعضاء المجلس للمناقشة كما ذكر أن أمام مهلة ٣٠ يوما في حال تقديم مقترح ضد رئيس الجمهورية و٥ يوما عند تقديمهم مقترحا ضد رئيس الوزراء. وجاءت تصريحات رئيس مجلس الشعب الصومالي وسط خلاف في قانونية المقترح الذي تقدم به نواب في المجلس ضد رئيس المجلس في الـ ١٤ من مارس الجاري حيث أكدت اللجنة الدائمة لمجلس الشعب أن المقترح انتهى بالفشل بعد انتهاء مهلته القانونية بينما يصر النائب الأول لرئيس مجلس الشعب على أن المقترح ما زال قائما.
لقراءة التقرير أو تنزيله بصيغة بي دي اف انقر هنا التقرير الأسبوعي الرقم ٢٥ • المقدمة النزاع الحدودي بين القوميات المتجاورة في القارة السمراء كان واقعا لا يمكن تجاهله؛ لذلك كانت المناطق الفاصلة بين قومية وأخرى، أو بين مملكة وأخرى تشهد توترات أمنية، والمستعمر بدوره وضع الملح على الجرح النزيف، واصطف مع بعض القوميات ضد أخرى، انطلاقا من سياسة فرق تسد. وعلى عادته اصطف المستعمر البريطاني مع كينيا ضد الصوماليين على غرار ما فعل لصالح أثيوبيا على حساب الصومال، وضم جزءا كبيرا من الأراضي الصومالية إلى كينيا وإثيوبيا على طبق من ذهب منطلقا من الأيدلوجيات التي تجمعها مع النظم المسيحية في كل من كينيا وإثيوبيا. الحديث عن النزاع الحدودي بين الصومال و كينيا يستدعي العروج إلى الحديث عن المنطقة الشمالية الشرقية في كينيا حالا، موقع النزاع والتوتر بين البلدين. • المنطقة الشمالية الشرقية ( NFD) إن المقاطعة الشمالية الشرقية كانت واحدة من المستعمرات البريطانية،"وهي ثالث أكبر محافظة في كينيا، وتضم ثلاثة عشر دائرة انتخابية ممثلة في الجمعية العامة الكينية. وقد ألحقتها السلطات الاستعمارية بكينيا عام ١٩٤٨، وذلك بعد استفتاء أجري لسكان المنطقة، لكن سكان الإقليم رفضوا هذا القرار. وفي عام ١٩٦٣ وافق الصوماليون باستفتاء أجرته كينيا على الانضمام إلى جمهورية الصومال، إلا أن كينيا ألغت هذا الاستفتاء بتعاون بريطاني. ويقدر عدد سكان الإقليم وفق إحصائية أجريت عام ١٩٩٩ بنحو ٩٦٢,١٤٢ نسمة، وأشارت إحصائيات أجريت في عام ٢٠١١ إلى ظهورنمو سكاني ملحوظ، ويشكل الصوماليون حوالي ٥% من سكان كينيا، وتبلغ مساحته الجغرافية ١٢٦,٩٠٢ كم مربع، والذي يقدر بنحو ٢٠% من مساحة البلاد. لقد ارتكبت السلطات الكينية في المنطقة مخالفات قانونية، وفظائع إجرامية، وقامت بأعمال القتل الجماعي، واغتصاب للقاصرات؛ لإرغام هذا الشعب الأبي على الاستسلام. هذا، وقد كان ما حدث في غارسا مأساة حقيقية تعرض لها سكان المدينة على أيدي السلطات، بالإضافة إلى تلك الجرائم التي مارستها كينيا في مدينة "وجير" حيث أسمت الأمم المتحدة ذلك "أكبر انتهاك لحقوق الإنسان في تاريخ كينيا". إلى جانب ذلك هناك إهمال كبير لحق بالمنطقة؛ حيث أدارت النخب السياسية في البلاد ظهرها عن الاحتياجات الأساسية للمنطقة، ولم تتمتع حقوقها المشروعة مثل مثيلاتها في طول البلاد وعرضها، وإلى الآن لازالت المنطقة الشرقية ترتبط تجاريا بالمناطق الحدودية للصومال. • الحدود البحرية بين البلدين وبعد أن طالت معاناة الشعب الصومالي إثر انهيار الحكومة العسكرية عام ١٩٩١؛ التي كانت تضع المسؤولية الكبرى عن الشخصية الصومالية في الداخل والخارج على عاتقها، والتي كانت تحرص أراضي الدولة بالعين الساهرة، وبعد انهيار تلك الحكومة، طمعت بعض الدول المجاورة ومنها كينيا التوسع والاستيلاء على مزيد من المناطق الصومالية البحرية والبرية، وبدأت تخطط للنيل منه بكل الوسائل. ففي عام ٢٠١٢ طلبت كينيا من شركات دولية عاملة في مجال التنقيب العمل بتنقيب مناطق تقع ضمن الحدود البحرية في المياه الصومالية، وذلك بعد أن غيرت مسار خط الحدود البحري من جانب واحد خلافا للخط الحدودي البري بين البلدين، علما بأن الحدود البحرية هي امتداد طبيعي للحدود البرية. وبدأت تلك الشركات العمل؛ إلا أنها توقفت من عمليات التنقيب بعد بيان صادر من الحكومة الصومالية، ما عدا شركة “إي أن آي” الإيطالية التي رفضت وقف عمليات التنقيب. وبعد مفاوضات مباشرة بين كينيا والصومال لم تكلل بالنجاح في هذا الشأن رفعت الصومال إلى محكمة العدل الدولية شكوى ضد كينيا في ٢٧ من شهر أغسطس ٢٠١٥. وفي الموعد الذي حددته المحكمة لتقديم مذكرة الدعوى سلمتها الصومال للمحكمة، وذلك في يوم الاثنين ١٣ يوليو. وعقدت المحكمة أول جلسة استماع للمحكمة في الفترة ١٩ ٢٣ سبتمبر ٢٠١٦، وقدم الصومال وثائق تثبت الحد البحري الصحيح غير أن كينيا رفضت التحكيم الدولي. ولا يكمن التجاهل تماما من أن النزاعات الحدودية البحرية والبرية ذات علاقة اقتصادية، إذ أن الحكومة الكينية ترغب الاستفادة من الثروات الطبيعية الكامنة في المناطق المتنازع عليها، استغلالا من الأجواء الملبدة بسحب الفوضى، وغياب المنافس القوي في الضفة المقابلة في جارتها الصومالية، لذلك تتودد سياسيين أحيانا لإبرام ما يسمى بمذكرات تفاهم أحيانا، وتستخدم ورقة الضغط على مسؤولين في الحكومات المتعاقبة أحايين أخرى. • الجدار العازل وبدعوى الحفاظ على أمنها بدأت الدولة المجاورة كينيا تشييد جدار عازل بينها وبين الصومال بطول الحدود، (٨٠٠ كيلومتر)، بمبلغ تقدر ميزانيته بـ ـ٢٣.٦ مليار شلن كيني (نحو٢٦٠ مليون دولار)، الأمر الذي أثار حفيظة الصوماليين شعبا وحكومة، وردا على القضية قال الرئيس الصومالي السابق حسن شيخ محمود إن بناء جدار على طول حدود البلدين غير مجدٍ ولن يُوقف الهجمات. وعلى الصعيد الكيني تبرر السلطات الكينية بناءها الجدار لوقف تدفق المهاجرين غير النظاميين، والتهديدات الأمنية على البلاد، وتهريب السلع والسلاح؛ كما أشار إلى ذلك مدير خدمات الهجرة بكينيا اللواء جوردون. ويرى كثير من المحللين أن اتخاذ هذا القرار جاء بعد هجمات مباغتة نفذتها حركة الشباب في عمق الأراضي الكينية، وكرد على هذه الهجمات أعلنت عن بناء جدار على الشريط الحدودي البالغ حوالي ثمانمائة كيلومتر دون الرجوع إلى الصومال. وعلى الصعيد المحلي، وفي أواسط الشعب الصومالي لازال شعور العداء يهيمن على كثير من أبنائه جراء العمليات التعسفية التي تقوم بها كينيا، بدءا من توغلها للأراضي الصومالية بدون إذن مسبق من قبل الحكومة الاتحادية، وتشكيلها الإدارة المحلية لتلك المناطق دون الرجوع إلى رئيس البلد في حينها، إلى جانب الضربات الجوية التي ينفذها سلاحها الجوي على مناطق آهلة بالسكان، مما أسفر عن خسائر فادحة في صفوف الشعب العزل، بالإضافة إلى هذا الجدار العازل الذي تقوم به كينيا بناءه على الشريط الحدودي بين البلدين بقوة السلاح. وكانت منطقة بلدحاوى ( بلدة حواء) بالذات تشهد توترات بين سكان المنطقة والقوات المسلحة بالمدرعات، في الآونة الأخيرة. • كينيا وو لاية جوبالاند الصومالية ولتأمين أمنها، وحماية مناطقها، وتحقيق أطماعها التوسعية، ومصالحها الاقتصادية بذلت كينيا كل ما في وسعها وتحركت هنا وهناك دبلوماسيا وعسكريا، وفي النهاية توغلت جيوشها في عمق الأراضي الصومالية تحت ذرائع جمة، ضمن حلمها بمشروع ما أطلق عليه " آزانيا " الذي يضم ثلاثة أقاليم ( جدو، وجوبا الوسطى، وجوبا السفلى برعاية منها وتنفيذ مسؤولين صوماليين. وبعد فشل السياسيين الذين كانوا يحلمون تأسيس الولاية، ولاية " آزانيا" استغل الرئيس الحالي لولاية جوبالاند الفرصة، وبدأ يستعد لخوض معارك مع حركة الشباب التي أخرجته من مدينة كسمايو التاريخية، لكنه عاد إليها بمساندة كينية، وبتفوق في العدة والعتاد. وبالفعل استطاع أحمد مدوبى الاستيلاء على عاصمة إقليم جوبا السفلى، ومن بعدها عقد مؤتمر المصالحة بين سكان المدينة، وتمخض من ذاك المؤتمر تأسيس ولاية جوبالاند، وكل ذلك من تخطيط أحادي الجانب من قبل كينيا. • كينيا وحركة الشباب لأهمية المناطق الجنوبية عموما وبالأخص الغابات الاستوائية في المنطقة مثل غابات رأس كمبوني الاستراتيجية وصلت عناصر من القاعدة إلى المنطقة، واحتضنت حركات جهادية منذ وقت مبكر إثر إطاحة حكومة سياد برى، وكانت كينيا تراقب تحركات تلك الجماعات بكل صمت وحذر، ولم تسنح لها الفرصة في التدخل المباشر في المنطقة إلا في عام ٢٠١١. ومرت الحركات الجهادية في تلك المناطق مراحل متعددة، إلى أن أصبح أبرز قيادييها جزءا من المحاكم الإسلامية؛ حيث وصل القيادي البارز الراحل الشيخ حسن تركي إلى مقديشو وانضم إليها، كما أصبح تنظيمه جزءا مما كان يعرف بالحزب الإسلامي. جدير بالذكر أن الحزب الإسلامي خاض معارك طاحنة مع حركة الشباب، ومالت كفة الغلبة إلى الحركة، وتحولت الاشتباكات المسلحة بين حركة الشباب والحزب الإسلامي بقيادة "أحمد محمد مذوبي" إلى حروب طاحنة تورطت بها كينيا، حيث وقفت مع "مذوبي" مما مثل طعنة في خاصرة "الشباب ". ففي عام ٢٠١١ اجتاحت وحدات من جيش الدفاع الكيني الحدود مع مليشيات الجهادي السابق والمناهض للشباب "أحمد محمد مذوبي" تحت إطار الدفاع عن الأمن الكيني القومي"، واستولوا على مناطق شاسعة من بينها كسمايو حاضرة جوبا السفلى، وعاصمة جوبالاند فيما بعد. • معاناة اللاجئين الصوماليين في كينيا مصطلح " ما بعد الانهيار" أصبح مصطلحا تاريخيا؛ لأن انهيار وإطاحة الحكومة السابقة على أيدي الجبهات المسلحة أوقع البلاد في مفترق الطريق، ولذلك يعتبر الانهيار في تاريخ الصومال الحديث نقطة تحول جذري إذ تحول الشعب الصومال من محترم مهاب مكرم إلى لاجئ ذليل لا دخل له في أمره من شيء. آلاف مؤلفة من الشعب الصومالي وصلوا إلى كينيا، ودخلوا في مخيمات للاجئين، مثل مخيم داداب من أكبر مخيمات اللاجئين في العالم وتجرع الكثير منهم كأس المذلة والمهانة هناك على أيدي قوات الشرطة أحيانا، وعلى أيدي عصابات كينية أخرى، وقد تعرض اللاجئون الصوماليون أنواع الابتزاز من النقطة الحدودية إلى المخيم. وقال جيري سيمسون مساعد مدير المنظمة لشؤون اللاجئين إن "الشرطة تقول إنها تحمي كينيا من الإرهابيين وإنها تطبق قوانين الهجرة، عندما تعترض اللاجئين" وأضاف "لكن في واقع الأمر فهي تبتز الصوماليين كي يدفعوا النقود مقابل المرور عبر نقاط التفتيش ومقابل عدم التعرض للاحتجاز، مما يوحي باهتمامهم بملء الجيوب أكثر من حماية الحدود"، ويضاف إلى ذلك الإجلاء القسري الذي تعرضت له الجالية الصومالية في كينيا، رغم أن القانون الكيني يعطي جميع ملتمسي اللجوء مهلة ٣٠ يوماً بعد دخول كينيا للانتقال إلى أقرب سلطة للاجئين للتسجيل كلاجئين، بغض النظر عن كيفية دخولهم البلاد أو متى دخلوها. كما أن القانون الدولي يحظر الإعادة القسرية للاجئين إلى حيث يتعرضون للاضطهاد أو التعذيب أو حالة عنف معممة. • كينيا بقميص أميصوم توغلت القوات الكينية داخل الأراضي الصومالية في الثامن عشر من شهر أكتوبر تشرين الأول عام ٢٠١١م، بحجة الدفاع عن النفس بعيدا عن أراضيها، وذلك عقب سلسلة من عمليات الاختطاف قامت بها حركة الشباب، ومن جانبها حذرت الحركة من أنها ستشن هجمات داخل الأراضي الكينية إذا لم تسحب نيروبي قواتها من الأراضي الصومالية. وجاء على لسان متحدثها الرسمي علي محمود راجي "إذا استمروا في ذلك فسيندمون وسيشعرون بعواقب ذلك داخل بلادهم". وكانت القوات الصومالية تعمل مع القوات الكينية جنبا إلى جنب لشن الهجمات على المناطق التي تسيطر عليها حركة الشباب، حتى تم تحرير مناطق شاسعة من سيطرة مسلحي حركة الشباب، ولتأمين تواجدها في الأراضي الصومالية بصفة شرعية، وحصول قواتها على تمويل خارجي سعت كينيا إلى تودد الاتحاد الإفريقي، الذي كان بدوره يبحث عن قوات إضافية تشارك في قوات حفظ السلام الإفريقية في الصومال. هذا وتمت عملية تحويل القوات الكينية إلى قوات تشارك في حفظ السلام الإفريقية بمباركة افريقية وأممية.