يوسف القرضاوي

يوسف القرضاوي

يوسف عبد الله القرضاوي (٩ سبتمبر ١٩٢٦ - ٢٦ سبتمبر ٢٠٢٢) عالِم مصري مسلم أزهري يحمل الجنسية القطرية، والرئيس السابق والمؤسس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث. ولد في قرية صفط تراب مركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية في مصر، يُعده البعض الزعيم الروحي لتيار الإخوان المسلمين حول العالم ومُنظرهم الأول. ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بيوسف القرضاوي؟
أعلى المصادر التى تكتب عن يوسف القرضاوي
لم أكن متأثرا بالفكر الوسطي فترة طفولتي، ولعل ذلك يعود إلى البيئة الإجتماعية التي أحاطت بي، كنت مستمعا للمدرستين السلفية التي حصرت الإسلام على المسائل العقدية والصوفية التي اقتصرت على الشعائر التعبدية. لقد عشت تلك الفترة باحثا عن حقيقة الوسطية في الإسلام وفهمها الشامل، ولم أجدها إلا حين التحقت بمدرسة الأقصي الإبتدائية، كانت هناك بداية ارتباطي بالفكر الوسطي من العلماء الوسطيين المرموقين من خلال دروسهم وكتبهم. لقد سعدت بكثير حين نهلت من فيض أفكار المفكربن الذين كانوا وما زالوا النموذج الفكر الوسطي وفي مقدمتهم الإمام يوسف القرضاوي الذي كتب للبشرية الرسائل الصادقة التي تتضمن التصور الفكر الوسطي حتى أصبح الشيخ إمام الوسطية والتجديد في العصر الحديث. في ذلك الوقت تعلمت في العمق من خلال كتب العلماء الوسطيين أن الأمّة الإسلاميّة تميزت عن غيرها من الأمم بأنّها أمة الوسطية والاعتدال وأنها بعيدة عن الانحراف أو التّطرف أو الغلو والتساهل قال تعالى {وكذلك جعلنكم أمّة وسطا لتكونوا شهداء على النّاس ويكون الرّسول عليكم شهيداً}، الوسّطية التي نهجناها لها معالم منها الفهم الشمولي المتكامل للإسلام، والإيمان بالقرآن الكريم والسنة النبوية مرجعا ومصدرا للتشريع والتوجيه، وترسيخ المعاني والقيّم الرَّبانية والمكارم الأخلاقية والإنسانية. وعلَّمتنا الوسّطية أن الإسلام يوازن بين حمل الهموم العالمية بأنَّها رسالة عالمية وبين الهموم المحلية، فالوسطية تجمع بين الروحية والمادية، وبين الواقعية والمثالية وبين فهم الحاضر والإستعداد للمستقبل ، وفي المجال الروحي الإسلام وسط بين التساهل في العبادات وبين اهتمام الشوؤن الدنيوية علي حساب الأخروية. وفي المجال السياسي يكون الإسلام وسطاً ليوازن الفردية والجماعية وليعطي لكل منهم حقه ولينبه الدولة بإعداد القوة الكافية لحماية بيضة الإسلام بقوله تعالي {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}. وفي المجال الإقتصادي، الإسلام حرض المسلمين على العمل والزراعة والتجارة وغيرها من مصادر الإقتصاد، الاسلام جاء ليربي الإنسان العمل والاحتراف لنفسه والكسب لقوت يومه، وعند كسب المال قدم الاسلام منهجا وسطا ببن الإقتار والإسراف بقول المولي عز وجل {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا} {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}. ندعوا لجميع البشربة بصفة عامة وجميع ابناء الصومال بصفة خاصة إلى التمسك بالوسطية التي معناها ما كان بين طرفي الإفراط والتفريط، فنحن أمة معتدلة في سلوكياتها ومنهجها وعقيدتها التي ترتكز على العدل والعدالة , فلا إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا جفاء، {وأنَّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم من سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون}. فالصراط المستقيم هو المعتدل الوسط الذي ليس فيه انحراف وهو بعيد عن الغلو والتعصب والتشدد، فأحب الأعمال إلى الله أوسطها، فالحركة والسعي والاستقامة والعدل والتوازن ينسجم مع المنهج الرباني الذي دعى إليه رب العزة، فالتوازن بين العقل والنقل وبين الفكر والوجدان وبين القدرة والمشيئة الإلهية المطلقة والمشيئة الإنسانية المحدودة ، وبين عبودية الإنسان لله والتكريم الإلهي له كلها توضح مفهوم الوسطية. ورسولنا الكريم ما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما في الحديث "يسروا ولا تعسروا" ، و"درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، فالرحمة والتيسير والتسامح وإعطاء كل ذي حق حقه هو المنهج الذي ندعوا الناس اليه بدون تردد. وأخيرا أحببت أن أقدم للقراء المعنى الشامل اللوسطية كما عرّفه الإمام يوسف القرضاوي وهي " أننا نريد الإسلام منهجا مرتبطا بالزمان والمكان والإنسان، موصولا بالواقع ، مشروحا بلغة العصر ، منفتحا على الإجتهاد والتجديد، جامعا بين النقل الصحيح والعقل الصريح، محافظا في الأهداف والغايات، متطورا في الوسائل والآليات، ميسرا في الفتوى، مبشرا في الدعوة، مرحبا بكل قديم نافع، منتفعا بكل جديد صالح ، مستلهما للماضي ، معايشا للحاضر، مستشرفا للمستقبل ، منفتحا للحضارات بلا ذوبان ، مراعيا للخصوصية بلا انغلاق ، مرتبطا بالأصل ، ومتصلا بالعصر ، ملتمسا الحكمة من أي وعاء خرجت".
بدءً من قول الله تعالى {اقرأ باسم ربك الذي خلق} تبدأ رحلة الكاتب، وتتطور بعد امتداد مهاراته وسنوات قراءته، ويبتكر طرقا جديدة للكتابة، ويسيل من قلمه سيلٌ من الخط، يوحي بما في خياله وقوة ذكائه، وتتمحور حياته بين صفحات كتابٍ كثيفة، وبين قلم يبدع في كل سطر. حين يحمل الكاتب أول كتاب في حياته، تتغير نظراته للواقع، ويتغير فهمه للواقع، ونتغير نحن في وجهة نظره هو حيث سنبقى كالدرر البهية أمام أعينه، هذا إذا كنا نحن من يسانده، لكن البليّـة تكون إذا كنا من المستهزئين به ليخسر، فستكون وجهة نظره تجاهنا كما ينظر الأب لابنه، فلا حكمة للولد أمام أبيه ولا علم للولد أمامه أيضا. ذلك الكاتب يحمل معه الأمل، وتحيي بسطوره شعوب فقدت هويتها، ونسيت ثقافتها، وتعبت من ويلات الشتات وانحرفت إلى طرُق مسدودة لتتعالي آهاتها، وتترسم نهايتها، فبرفقة كاتب مخضرم تستطيع إحياء أمة كاملة، والنماذج ليس منا ببعيدة فمثلا الإمام الشيخ يوسف القرضاوي مع أنه تجاوز التسعين ربيعا إلا أنه أحيا أمة قد غطاها الغبار، وتتقطعت شرايينها، أمة أجهلت عالمها وأعلمت جاهلها، استطاع ذاك الشيخ إحياءها وإخراجها من ضيق الظلمة إلي مربع النور. يعيش الكاتب ثلاثة أزمنة، الزمن الماضي والحاضر، والمستقبل، حيث يعيش الماضي بقراءته للأوراق المزخرفة بالنقوش الخطية، ويعيش مع أناس رحلوا منذ قرون مضت مع آمالهم ومع آلامهم كذلك، ويعيش الحاضر بتفرده بعيون ثاقبة حادة وعقل متقبل وذكاء مجرد، يحيي ذلك الحي في كل الأزمنة زمن المستقبل حيث يعلم المستقبل ابتداء من الحاضر، واستدلال بالماضي فيخبرك من وحي خياله أشكال الحياة المستقبلية من كل نواحيها وجوانبها، هكذا تكون الصفحة الأولي مبتدأ تاريخه ومكتملها. تبدأ الرحلة الطويلة له مرة أخرى فهي لا تنتهي ما دام في عمر مديد، وبين يديه قلم معقم وصفحاة جديدة وخيال فريد ومفردات معقدة وكلمات مشفرة، لا تنتهي الرحلة فأينما وجدت الأسباب والوسائل والرغبة أُوجد الكاتب جاهزا لإظهار جدارته، فلا يبيع سطوره لسلطان مستبد، ولا يخضع لعسكر مدجج بالسلاح، فقلمه أبلغ وأخطر من ذاك السلاح، ودفاتره تسبق أشواطا منه أيضا. هنا يمحو الكاتب يأس قومٍ تسبح عقولهم في فضاء الكون الواسع، وتتربع على الجروح العميقة، فيحملهم من أرضية اليأس والجروح العميقة إلى أعالي الهمم وميادين القمم، فيخرجهم بقلمه الذي لا يجف وسيله الذي لا معيق له وبحوثه المزدحمة من أزقة الأراذل البؤساء إلى ميادين الكرماء الأعزاء. ذاك القلم الذي لا معجز له يبقى مغير الأمم ومخطط التاريخ، ويبقى صاحبه سيد العلماء ومبشر الأجيال، وتبقى تلك الصفحات المنطويات موجزات لوقائع قرن أو أكثر وخرائط طرق النجاح للأمم، ويبقى ذلك الكتاب قاسي الملمس سخي العطاء ومشرف الشرفاء ومضيف الضيوف الأوفياء. تنتهي رحلة الكاتب حين تصفر صافرة نهاية العالم، وابتداء القيامة، حينها أيضا لم تنتهي بعد، فلقد بقي الهول العظيم والكرب المستعصية فإلى حساب رب متعال، حيث تكون نهاية الرحلة إما يكون سائحا غير عائد، وإما أن يكون قد اُعطي إقامة دائمة إلى دار الجنان.
قارن يوسف القرضاوي مع:
شارك صفحة يوسف القرضاوي على