محمد مصطفى

محمد مصطفى

محمد مصطفى (وزير) محمد مصطفى (لاعب كرة قدم) ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بمحمد مصطفى؟
أعلى المصادر التى تكتب عن محمد مصطفى
إنجاز الطاغية "القاتل" بقلم محمد مصطفى موسى ملأ النعمان بن امرئ القيس عينيه من الصرح الشامخ، مزهوًا منتشيًا، تحدّثه نفسه ليس كمثله شيء، يليق بعظيم مثلي حقًا، أنّى لملك الفرس أن يحظى بنظير له، ما أجمل قبابه حين تدور الشمس حولها، فتهديها ذهب شعاعها، كناسك يضحي بالقرابين زلفى، وزخارفه تلك آية من آيات الإبداع الفني، والطلّة من شرفاته المفتوحة على حدائق "الحيرة" الغنّاء، كم تغسل من هموم القلب، وتسري عن النفوس. كان قصر "الخورنق" أعجوبة زمانه، وكل زمان، حتى أن ولاة الكوفة بعد الإسلام، اهتموا بترميمه باعتباره "من التراث الإنساني"، قبل أن تعتريه يد الدهر، التي تفل الحديد، وتُبلي الحجر، فلا تبقي من شواهد السابقين شيئًا، مصداقًا لبيت المتنبي "أينَ الأكاسرةُ الجبابرةُ الأُولى كنزوا الكنوزَ فما بقينَ ولا بقوا". في الرواية التاريخية، تختلط الوقائع، خاصة أن الأحداث وقعت في القرن الخامس الميلادي، حيث لم يُعرف التأريخ علمًا بعد، وحيث الاعتماد على النقل شفاهيًا، ومن ثم لا يتسنى الجزم بما كان يقينًا، لكن تبقى العبرة خالصة، لمن أراد أن يأخذها. يقال إن النعمان أسند إلى مهندس اسمه "سنمار"، أن يشيد له قصرًا، لم ير الناس لهم مثيلًا، فأنفق الرجل في مهمته عشرين عامًا، وفي رواية أخرى ستينًا، حتى فرغ من تحفته المعمارية "الخورنق"، وأخذ يمني نفسه بمكافأة مجزية، لكنه لم يلق إلا غدرًا إبليسيًا، وهكذا شاعت عبارة جزاء سنمار، مثلًا لوصف من يُحسن فيجازى بالإساءة. وفي التفاصيل، ثمة روايتان، بينهما اختلاف هامشي، لا يؤثر في منطقية النهايات، ولا في السياق الدرامي العام، فالقصر المنيف قتل مهندسه، بطريقة ما، والجزاء لم يكن من جنس العمل. رواية تذهب إلى أن النعمان، سأل مهندسه العبقري، لما فرغ من عمله هل هُناك قصر مثل هذا؟ فأجاب بالنفي، فسحب الملك شهيقًا عميقًا، ثم مضى يقول وهل هناك بنّاء غيرك يستطيع أن يبني مثله؟ فقال سنمار كلا... ثم استطرد وقد امتلكته "نرجسية المبدعين" "أما والله لو شئت حين بنيته جعلته يدور مع الشمس". عندئذٍ طاشت الشكوك في رأس النعمان "ماذا لو أن ملكًا آخر أغراه بالمال فأقام له ما هو أفضل؟.. سأقتله حتى يبقي قصري الأعظم، يجب أن يظل فريدًا من نوعه، فلا يفاخر، ولا يختال ملك من الفرس بامتلاك مثله". أما الرواية الثانية، فمفادها أن المهندس قال للملك تدليلًا على براعته إني لأعلم موضع آجرة "أي حجر" فيه، لو زالت لسقط القصر كله، فقال النعمان هل يعرفها غيرك؟ فقال لا، فقال النعمان ولا ينبغي أن يعرفها أحد، وقد أضمر في نفسه الخلاص منه. وكما تتفق الروايتان على أن دوافع الجريمة هي الغرور والكبرياء والطمع، والخوف على "متاع الدنيا"، وما إلى ذلك من نوازع "دونية" ما إن داخلت إنسانًا جعلته وحشًا كاسرًا، فإن المأثور أن النعمان رمى المهندس البارع، من شرفة القصر، ويروى في هذا الصدد شعر على لسان سنمار، حين كان يلفظ أنفاسه الأخيرة "جزاني لا جزاه الله خيرًا إن النعمان شرًا جزاني رصصتُ بنيانه عشرينَ حجةً أتممتهُ عنه رماني".. وهذه قصة تبدو من قبيل الزيادات التي يميل الرواة إلى إضافتها إلى الحكايات، كما يضيف الطبّاخ الحاذق التوابل إلى طعامه، إذ ليس معقولًا أن ينشد رجل بين الحياة والموت شعرًا، كما أن المتواتر أن سنمار ذاك كان روميًا، وبالتالي ليس من أهل الشعر والفصاحة. على أن المأساة، رغم ذلك، ألهمت شعراء آخرين، ومنهم مجهول يقول "جزاني جزاه الله شرَّ جزائِه‏ جزاءَ سنمارٍ وما كان ذا ذنبِ وقال اقذفوا بالعلجِ من فوق رأسه‏ فهذا لعمرِ اللهِ من أعجبِ الخطبِ". أيما يكونُ، من أمر الشعر وحكمته، فقد أعان القتيل طاغيةً فانقلب عليه، وهذا ما نطالعه كثيرًا في صفحات التاريخ، وأيضًا في مشاهد الحاضر، غير أن التراجيديا لم تقف عند تلك المأساة، إذ يُروى أن النعمان الذي بلغ حبه القصر حد الجنون، جلس في يوم من أيام الربيع إزاء شرفته، فراقت له مناظر البساتين والأنهار، وأنعشه النسيم العليل، فسأل وزيره هل رأيت مثل هذا المنظر قط؟ فقال لا، لو كان يدوم.. قال فما الذي يدوم؟ قال ما عند الله في الآخرة، قال فيما يُنال؟ قال بترك الدنيا والتماس ما عنده عز وجل. ووقعت كلمات الوزير في نفس الملك كالسهام في القلب، فأدمته بعمق وقسوة، فما كان إلا أن عافت نفسه القصر الذي شهدت قبابه على جريمته، ومضى الأرق يفنيه على مهل، ورأى في "مناماته" المهندس نازفًا، حتى هرب إلى حيث لا يعلم بمكانه أحد، وكالعادة تشعبت الحكاية إلى روايتين، منها أنه لبس المسوح، وساح في الصحارى، ونام في العراء مثل أي مجذوب تافه، وسُمي لذلك بالنعمان السائح، ويروى أيضًا أنه دخل المسيحية، وعاش منقطعًا عن الدنيا. هكذا انتهى النعمان، فيما صمد قصره أمام الزمان، كما يقرر ابن بطوطة، ثمانية قرون، ثم زال ليصير أثرًا تنقب عنه البعثات إلى العراق، التي وجدت في بداية الألفية الثالثة، سورًا من الطوب اللبن، عرضه نحو مائة وعشرة أمتار، رجحت أنه من بقايا "الإنجاز المعماري" الذي أودى بحياة مهندسه، وأذهب عقل صاحبه. إن الطغاة ينشغلون بالحجر، وكلما ارتفعت القباب والعمدان، كلما توهموا أنهم بلغوا الجبال طولًا، فمشوا في الأرض مرحًا، ثم صرخوا في الوجوه عابسين "اسمعوني أنا بس"، أو "التاريخ سيقف أمام إنجازاتي.. وسُبحاني وما أحلاني، أنا طبيب فيلسوف"، حتى يصبحون عبرة تختلط فيها الحقائق بالأساطير، على ألسنة الرواة.
الديمقراطية الضارة (٣ ٣) بقلم محمد مصطفى موسى يُقاس مستوى ديمقراطية النظام السياسي أو ديكتاتوريته، بعامل حرية التعبير، فمتى استطاع الإنسان، أن ينتقد السلطة، ويواجهها بالكلمة والنصح، أو يهاجمها ويشتد عليها، متى كانت الديمقراطية متحققة. وقد ظهر المفهوم الحديث لمصطلح حرية الرأي في القرون الوسطى، بعد الثورة التي أطاحت بالملك "جيمس الثاني" في المملكة المتحدة، نهايات العقد التاسع من القرن السابع عشر، حيث صدر قانون "حرية الكلام في البرلمان"، وبعدها بعقود أعلنت فرنسا بعد ثورتها الملهمة، مواثيق حقوق الإنسان، التي جعلت حرية التعبير على رأس الحقوق المكفولة للمواطنين، في حين تأخرت الولايات في هذا المضمار، بحكم تخلفها حضاريًا عن إنجلترا وفرنسا العريقتين، إلى درجة أن تشريعاتها كانت تعتبر معارضة الحكومة الفيدرالية، جريمة يعاقب عليها القانون. وفلسفيًا.. فإن البريطاني سيتورات ميل، الذي عاش حتى سبعينات القرن التاسع عشر، كان سباقًا في الدفاع عن حرية التعبير، ومن مقولاته "إذا كان البشر جميعهم لهم رأي واحد، وكان هناك فرد يملك رأيًا مخالفاً فإن إسكاته، لا يختلف عن إسكات هذا الفرد، كل البشر إذا توفرت له القوة". وبعيدًا عن الإبحار عميقًا، في نظريات الفلاسفة وتهويمات المناطقة، فالواضح أن مفهوم حرية التعبير، وأيضًا ممارسة هذه الحرية، وفق آليات اليوم، أمر حديث كل الحداثة في التطور الفكري والعقلي للبشرية، هذا من دون إنكار أن الإسلام في عصور قوته فتح نوافذ التفكير والتعبير معًا، وأيضًا من دون إنكار أن تلك النوافذ أُقفلت بالضبة والمفتاح، في منعطفات مفصلية وأحداث كئيبة مأساوية، شهدت نكوصًا عن الحرية، وجورًا بينًا على حق التعبير، كما حدث مع الإمام "ابن حنبل" من قبل المعتزلة، في الخلاف الشهير بشأن خلق القرآن، رغم أنهم كانوا من دعاة إعمال العقل والاجتهاد. لكن.. كيف كان الحال في مصر القديمة؟ وهل مارس أسلافنا حرية التعبير؟ هل كان الحكماء والكُتّاب الذين بوسعنا وضعهم في قائمة "الإعلاميين" بمعيار زماننا، يبلعون ألسنتهم خشية بطش الملوك وتجنبًا لاستبدادهم؟ الإجابة الحاسمة التي لا تنبثق من هتافات شوفينية، ولا من خطب رنانة تغدق في استهلاك أفعل التفضيل، على شاكلة نحن الأعرق والأرقى والأصلح والأكثر تمدينًا، هي النفي، والمفارقة المحزنة، إن البون واسع جدًا، بين آفاق حرية التعبير في مصر الماضي، ومصر الحاضر. ولعل خير ما يعضد صحة هذه المقولة، وينفي نقيضها، يكمن فيما بقي محفورًا على الحجارة، أو مكتوبًا على أوراق البردى، من آثار تنقل صور الحياة العقلية في مصر السحيقة، والمتعارف عليه أن "معنويات الحضارة"، لا تتحقق إلا في بيئة منفتحة، فالشعوب التي تعزف الموسيقى وتخترع آلاتها، وترسم الجداريات، وتقيم التماثيل، وتصمم الأزياء، وتصوغ المجوهرات، وتقيم الاحتفالات المسرحية، هي شعوب امتلكت ذائقة فنية لتلمس الجمال، والجمال لا يترعرع إلا في مناخ من الحرية. ولا توحي لنا النقوش والجداريات والبرديات بأن المصريين بلغوا مستويات من الراحة "النفسية" التي مكنتهم من تذوق الجمال فحسب، بل إن آثارهم تتضمن نصائح وجهها حكماء إلى ملوك، وقد احتوت على عبارات ذات لهجة خشنًة، ونقد حاسم لا مواربة فيه، في أحيان عديدة، وهو الأمر الذي يؤكد أن السلطة المتمثلة في "الذات الملكية"، كانت تتسامح إزاء هذا المسلك، إن لم تكن تشجعه، هذا قبل أن تعرف اليونان مفهوم الديمقراطية الذي لا تستنكف عن الخيلاء بأسبقيتها إليه. وتأتي وصايا "أمنمحات"، عملًا شعريًا بازغًا، ينتمي إلى "أدب الحكمة"، والأدب السياسي معًا، وفيه استنطق شاعر يدعى "خيتي" شبح الملك الراحل، في بداية عصر الدولة الوسطى، في مونولوج درامي، وجعله ينصح وريثه وابنه، الملك "سونسرت الأول" بعدم التورط في الاستبداد، وعدم الإفراط في الثقة بالحراس، ويقال إن الوريث كان طلب إلى الشاعر كتابة تلك القصيدة، بما يؤكد مجددًا أن نظام الحكم في مصر القديمة، لم يكن ديكتاتوريًا محضًا، وإذا كانت بوصلته قد انحرفت في منعطفات ما، فإنما هو انحراف خارج السياق، لا يعبر عن شخصية المكان، وفق تعبير جمال حمدان. وإلى جانب تلك القصيدة، توجد تعاليم "خيتي"، التي يعتبرها دارسو الحضارة المصرية، كنزًا بديعًا في "أصول الحكم الرشيد"، إبان حكم الأسرة الثامنة عشرة، وتقول في حديث إلى الملك "إن أبرز ما يسألك الشعب إياه، هو حسن الكلام والرحمة والعمل الصالح"، ووصايا الوزير "بتاح حتب" إلى ابنه لما أدركته الشيخوخة، واستشعر دنو ساعته "إذا كنت زعيما على قوم، فتصرّف في شؤونهم بما تقضى به قواعد القانون، وإذا كنت حاكمًا، فكن عطوفًا مستأنيًا، وعندما تصغي إلى شكاية مظلوم، فلا تجعله بشدتك يخشى أن يفضي إليك بدخيلة نفسه". ويحتفظ متحف "ليدن" في هولندا، ببردية منسوبة إلى مستشار للملك "بيبي الثاني" واسمه "إيبور"، سجل فيها أحداث ثورة شعبية جارفة، أسقطت نظام الملك، الذي كان آخر حكام الأسرة السادسة، ورغم أن البردية تحمل نبرة كراهية إزاء الثورة، حتى أنها وصفتها بأنها جعلت البلاد خرابًا، وأراقت الدماء حتى صار النيل أحمر، وحرقت المعابد، وقتلت الكهنة، ووسمت الثوار بأنهم فوضويون ومثيرو شغب ومفسدون، إلا أنها لم تنكر خطايا الملك الذي عاتبته لأنه "لم يصغ إلى كاتب الوصايا، حين سأله أن يعطِي العجوز غطاء يقيه برد الشتاء، ولم يعط الفقير خبزًا زيادة". تلك مشاهد من الحياة السياسية المصرية القديمة، وبعض ملامح حياتها العقلية، التي يتجاهلها مفكرو "الغرب المتحضر"، و"المتثاقفون" منا، والقامعون الباطشون الذين جثموا فوق صدر الكنانة. مشاهد من حياة، أفضت إلى ثورة شعبية ضد "بيبي"، وهي ثورة توصف بأنها الأولى في العالم القديم، وكان من شعاراتها "الأرض لمن يزرعها"، في صيحة ضد الرأسمالية المتوحشة، تمامًا مثلما صيحة الخامس والعشرين من يناير "عدالة اجتماعية" لمزيد من مقالات مصر العربية
قارن محمد مصطفى مع:
شارك صفحة محمد مصطفى على