لماذا تواجه قمة كيم وترامب خطر الإلغاء؟
أكثر من ٧ سنوات فى التحرير
كان قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالموافقة على لقاء الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون بمثابة فرصة غير مسبوقة، لكنه كان أيضًا مخاطرة كبيرة، وهو ما ظهر واضحًا في التوترات التي برزت في الآونة الأخيرة.
حيث أشارت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، إلى أن العديد من الرؤى المتشائمة تحيط بالقمة المقرر عقدها 12 يونيو المقبل في سنغافورة، بعد تعقد وجهات النظر، والانقسامات الصارخة بين واشنطن وبيونج يانج، والتناقضات الواضحة في نهج البيت الأبيض تجاه الاجتماع.
ففي البداية، هددت حكومة كيم بالانسحاب من الاجتماع، وألقت باللوم على "إهانات" مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، ومخططات نزع السلاح النووي.
ترامب من جانبه تحول من الحديث عن الحصول على جائزة نوبل للسلام، إلى التحذير من أن هناك "فرصة كبيرة جدا" أن الاجتماع لن يحدث الشهر المقبل.
كما توقع ترامب أن يكون الرئيس الصيني شي جينبينج، الذي وصفه بـ"لاعب البوكر العالمي" يوم الثلاثاء، غير راضٍ عن موقف كيم المتشدد الجديد.
وتوترت الأجواء، بعد حالة من التفاؤل بعد أن استقبل ترامب ثلاثة أمريكيين كانوا محتجزين في كوريا الشمالية قبل أسبوعين، ليصبح الإحساس بالشك وعدم اليقين هو المسيطر.
اقرأ المزيد: ترامب: ربما يتم تأجيل القمة مع زعيم كوريا الشمالية
وقال ترامب للصحفيين بحضور الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، في البيت الأبيض يوم الثلاثاء، "إذا لم يحدث ذلك الآن، فربما يحدث في وقت لاحق، ربما يحدث في وقت مختلف، لكننا سنرى" في إشارة إلى احتمالية فشل القمة.
وطرحت الشبكة الأمريكية تساؤلا حول الأسباب التي تقف وراء حالة التشاؤم المفاجئة، تجاه ما كان يمكن أن تكون القمة الدبلوماسية الأكثر إثارة خلال عقود؟
أشار أحد التفسيرات إلى أن كلا من الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، تذكروا الاختلافات المعقدة بينهما، بعدما تجاوزا الموجة الأولى من الحماس بعد أن وافق ترامب على مقابلة كيم.
حيث قوبلت الفكرة القائلة بأن كيم سيتخلى عن الترسانة النووية التي أمضت بلاده عقودًا من أجل الحصول عليها، وتعتبر الضامن الوحيد لبقائه في الحكم، بالرفض من الكثير من الناس الذين تعاملوا مع الكوريين الشماليين.
والحقيقة أن هذا الهدف يبدو بعيد المنال جدًا، وقد يستغرق سنوات من المفاوضات الشاقة لتحقيقه بعد انتهاء قمة كيم وترامب، الأمر الذي يزيد من حالة التشاؤم بين بعض المسؤولين في البيت الأبيض حول جدوى القمة.
من الممكن تصور أن كيم قد أدرك ما قد تعنيه تدابير التحقق الشديدة التي تطالب بها الولايات المتحدة، لبلاده بالضبط، في الوقت الذي دعت فيه كوريا الشمالية الصحفيين لمشاهدة تدمير موقع التجارب النووية يوم الثلاثاء.
اقرأ المزيد: أمريكا تطلب من كوريا الشمالية مواد نووية عابرة للقارات.. ما المقابل؟
وقال مايكل انطون، المتحدث السابق باسم مجلس الأمن القومي لإدارة ترامب، على شبكة "سي إن إن"، إن "هناك الكثير من المواقع التي يتعين إغلاقها وتفتيشها، سيستغرق ذلك شهورًا وسنوات".
بداية المشاكل
وجاءت أول علامة على ظهور المشاكل، عندما قام كيم بزيارة غير متوقعة للصين في وقت سابق من هذا الشهر، لمقابلة شي، وقال إنه يسعى إلى عملية "متدرجة" تتضمن تقديم مكافآت لكوريا الشمالية، بشكل تدريجي، مقابل التخلي عن برنامجها النووي.
وهو النهج الذي يقول ترامب إنه تسبب في فشل الإدارات السابقة، فيما تشير إدارة ترامب إلى أنها ستقدم للكوريين الشماليين الكثير من الاستثمارات من القطاع الخاص الأمريكي، بمجرد أن يتم تفكيك البرنامج النووي بالكامل.
وفي الأسبوع الماضي، ظهر بولتون على شاشات التلفزيون، لتقديم رؤيته حول اتباع النهج الليبي الذي تخلت بموجبه عن أسلحتها النووية، دون وجود حوافز مسبقة، مع كوريا الشمالية.
"سي إن إن" قالت إن كيم عندما سمع اسم "ليبيا"، لم يفكر سوى في اغتيال معمر القذافي، بعد عملية جوية قادها حلف الناتو في عام 2011، والتي ربما لم تكن لتحدث، لو لم يتخلَ القذافي عن برنامجه النووي.
وفي محاولة لإبقاء القمة على المسار الصحيح، قال ترامب في الأسبوع الماضي، إنه لا يفكر في اتباع النموذج الليبي، في التعامل مع كوريا الشمالية.
اقرأ المزيد: خبراء: تفكيك كوريا الشمالية الموقع النووي «تدمير للأدلة»
من جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، يوم الثلاثاء، إنه يمضي قدما في التخطيط للقمة، ولم يشر إلى احتمال عقدها في أي تاريخ غير 12 يونيو، وأضاف "نحن نسير قدما، أشعر بالتفاؤل لكن يمكن ألا تعقد القمة في نهاية الأمر".
كما أن الغموض الذي يحيط بالقمة، يحيط به حالة من عدم اليقين بشأن شكل موقف الإدارة، فعلى سبيل المثال، أثارت تعليقات بولتون رد فعل عنيفا في وسائل الإعلام وبين الخبراء في كوريا الجنوبية.
وأثار هذا الارتباك العديد من التحذيرات من مسؤولين سابقين، مفادها أن إدارة ترامب يجب أن توحد موقفها قبل الموافقة على عقد القمة.
حيث أكد جيمي ميتزل الذي عمل في مجلس الأمن القومي للرئيس بيل كلينتون، لـ"سي إن إن" أنه "نحن مترددين بخصوص هذه القمة، حيث لا يوجد اتفاق حتى بين أعضاء الإدارة الأمريكية بشأن، أين تعقد وما هي أهدافنا".
تهديدات قاسية
وفي السياق نفسه، أثار النقاش الدائر داخل إدارة ترامب حول ما سيحدث لكيم، إذا لم يوافق على شروط الولايات المتحدة، خطر انسحاب الكوريين الشماليين من القمة.
حيث قال نائب الرئيس مايك بنس، لصحيفة "فوكس نيوز"، يوم الاثنين، إن "هذا سينتهي مثلما انتهى النموذج الليبي إذا لم يبرم كيم جونج أون اتفاقا".
وقال مايكل جرين، الذي شغل منصب كبير خبراء شرق آسيا في البيت الأبيض، تحت إدارة جورج بوش الابن، إن مثل هذا الكلام يمكن أن يثير رد فعل سيئا في بيونج يانج.
اقرأ المزيد: كوريا الشمالية تعلق محادثاتها مع سول وتهدد بإلغاء قمة ترامب
وأضاف جرين لشبكة "سي إن إن"، أن "طريقة الخطاب مهمة للغاية، ونحن نعرف أن الكوريين الشماليين حساسون جدا، ويشعرون بالقلق بسبب أي حديث عن الاغتيال".
يعتقد بعض المحللين أن القمة ذات قيمة سياسية كبيرة بالنسبة لترامب، وأنه سيبذل كل ما في وسعه لعقدها في الموعد المحدد، حيث أكد يوم الثلاثاء، سلامة كيم إذا تخلى عن الأسلحة النووية.
كما قالت الإدارة الأمريكية إن قمة كوريا الشمالية، هي أحد الأسباب التي تدعو إلى وقف التحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية الذي يقوده روبرت مولر.
من جهة أخرى، يأمل الحزب الجمهوري في استغلال القمة للحصول على الدعم من الناخبين في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر.