من رحم انتصارات سورية بقلم أحمد ضوا تعكس حزم العقوبات الغربية عموماً والأميركية خاصةً على كثير من الدول عجز هذه القوى الاستعمارية عن فرض إرادتها على الدول المستهدفة بالعقوبات، وأيضاً فقدانها للغة الحوار التي من المفترض أن تتقدم على أي لغة أخرى في عالمنا المعاصر. خلايا فرض العقوبات داخل أروقة الإدارة الأميركية والكونغرس لا تتوقف عن العمل بداعي التأثير على قرارات الدول المستهدفة، فبالأمس كانت روسيا واليوم كوريا الديمقراطية وقبل ذلك إيران وسورية وفنزويلا والقائمة تطول ودائماً المتأثر الأول والأخير هو المواطن في هذه الدول المعاقبة اقتصادياً وسياسياً والذي تدّعي واشنطن أنها تعمل من أجل مستقبله!‏ إن استعادة واشنطن لسياسة العقوبات الاقتصادية والسياسية بهذا الشكل الفاقع، لا تعكس قدرتها على التأثير إطلاقاً ولا محافظتها على الدولة الأقوى، وإنما تؤكد عدم رغبتها على الإطلاق بقبول القوى الصاعدة ومشاركتها في إدارة العالم، وكذلك الأمر نزعتها الشديدة نحو استعباد الشعوب وفرض السيطرة عليها عبر تجويعها.‏ والسؤال هنا هل تستطيع واشنطن بالضغوط الاقتصادية تحقيق أجنداتها الاستعمارية الاستغلالية؟‏ الواقع والتجربة يعكسان فشلاً ذريعاً لواشنطن في هذا السياق حيث لم يكن للعقوبات الأميركية والغربية عموماً ذلك التأثير الكبير على السياستين السورية والإيرانية على مدى عقود من الزمن بل كان للعقوبات من جانب آخر أثر إيجابي دفع بالدولتين إلى الاستغناء عن كثير من المستوردات الغربية.‏ وكذلك الأمر فيما يتعلق بروسيا الاتحادية التي فرض عليها الغرب بزعامة واشنطن حزماً من العقوبات الاقتصادية والسياسية بهدف ثنيها عن لعب دورها العالمي والنتيجة كانت تصاعد الدور الروسي العالمي وانتهاج الحكومة الروسية سياسة اقتصادية ستمكن روسيا من الاستغناء عن كثير من السلع الغربية، وبالتالي انعكاس هذه العقوبات على فارضيها وهذا ما أعلنته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بشكل صريح.‏ لا شك أن الدول الغربية وخاصة التي تلحق بواشنطن تدفع شعوبها ثمناً باهظاً جراء العقوبات الأميركية على دول مثل الصين وروسيا الاتحادية وإيران وفنزويلا، وتكتفي حكوماتها بالتحذير من عواقب هذه العقوبات، وفي الوقت نفسه تسير في ركب واشنطن الأمر الذي يؤكد غياب الإرادة السياسية والاقتصادية لديها.‏ إن مواجهة سياسة العقوبات الغربية باتت أمراً ملحاً لما لها من تأثير على الشعوب، ولما تعكسه من تصرف عنصري استبدادي يستهدف الشعوب من أجل تغيير مواقف حكوماتها وإعلان خضوعها للهيمنة الغربية.‏ وبالتأكيد إن مهمة إفشال أهداف العقوبات الغربية الأميركية ليست مناطة بالدول والشعوب المستهدفة بل بكل الدول والشعوب الحرة، ويمكن ذلك عبر تنسيق إقليمي ودولي نزع هذا الخيار بشكل كامل من يد واشنطن وتوابعها وهذا ما يجب العمل عليه من القوى الكبرى والندية للولايات المتحدة كالصين والهند وروسيا الاتحادية وتجمعي البريكس وآسيان، وهذا الأمر جار الاشتغال عليه دولياً وستجد الدول الفارضة للعقوبات في يوم من الايام أنها تعزل نفسها.‏ كما أخطأت الولايات المتحدة في تعويلها على التنظيمات الإرهابية لتحقيق أجنداتها السياسية، تعود لترتكب خيار العقوبات الاقتصادية والسياسية الخاطئ في التعامل مع الدول الصاعدة وهذا مؤشر كبير على تراجعها على المستوى العالمي وتكبرها في القبول بالواقع الجديد الذي ولد الجزء الأكبر منه من رحم الانتصارات التي تحققها سورية.‏ صحيفة الثورة أكثر من ٦ سنوات فى سانا

ذكر فى هذا الخبر