كينيا دولة تقع في شرق إفريقيا، تحولت من نظام الحزب الواحد عام ١٩٩١م إلى النظام متعدد الأحزاب نظرا لضغوط محلية وأخرى دولية، بعد هذا التاريخ عقدت ستة انتخابات رئاسية آخرها كان في الثامن من شهر أغسطس هذا العام. من بين هذه الانتخابات الستة لم تحظ خمس منها بثقة الشعب الكيني ولا اقتنعت بها المعارضة،السبب في هذه المشكلة تعزى لهيئة الانتخابات الكينية التى يتهمها الشعب الكيني بالفشل في إجراء انتخابات نزيهة وشفافة إلا عام ٢٠٠٢م التي فازت فيها المعارضة الكينية (ناك) بقيادة الرئيس السابق مواي كيباكي على مرشح الحزب الحاكم (كانو) آنذاك الرئيس الحالي أوهورو كينياتا. إلغاء المحكمة الدستورية العليا لانتخابات هذا العام يدخل تاريخ الديمقراطية الكينية في منعطف خطير جدا ذلك لأن ثقة الكينيين البائسة بهيئة الانتخابات قد هبطت اليوم إلى مستويات متدنية جدا لاتهامها بعدم الحيادية في قرارتها الصادرة فيمن فاز في الانتخابات ومن خسر، وإجراء انتخابات أخرى تحت إشراف هذه الهيئة لن يقنع الأطراف المتنافسة بنتيجتها لاتهامها بالفساد وعدم الحياد. إضافة لفقدان الثقة فإن عاملا آخر صار لا يقل خطرا عن الهيئة العليا للانتخابات برز في الأفق ألا وهو العامل الإثني (القومي)، تتسم الديمقراطية الكينية باصطفافات إثنية عميقة عمق الوجود الكيني حيث تستحوذ قوميتان على رئاسة البلاد من بين ٤٢ قومية في الوطن ، خلق هذا الاستحواذ نظرة تشاؤمية لدى بعض القوميات الكبيرة في الوطن من نظام الحكم لعدم تمثيله لكل القوميات بشكل منصف وعادل. ضغطت هذه القوميات على إيجاد طريقة للتنافس النزيه على قيادة البلاد فأتاحت الديمقراطية لهم هذه الفرصة إلا أن الإثنية حالت دون وصولهم لسدة الحكم للكثرة الطبيعية للقوميات الحاكمة ولتعثر العملية الانتخابية في معظم أحيانها. لم يبق من حل أمام هذه القوميات المعارضة إلا أن يناضلوا من أجل حقهم في الكعكة الوطنية بطرق عدة أهمها إعادة هيكلة هيئة الانتخابات وكشف خطئها العميق هذه المرة عن طريق إحالتها إلى المحكمة الدستورية وفضحها أمام الوطن والعالم. الإشكالية الكبرى تكمن في هذه الثقة الضائعة، فإن أي قرار قادم ستصدره هذه الهيئة لن يقنع المعارضة وحاضنتها الشعبية أبدا، وإذا ضاعت الثقة بالحَكَم فليس من حلّ إلا الحرب الأهلية والاحتكام إلى القوة. وقد هدد مستار زعيم المعارضة الكينية ديفيد إندي بتقسيم الوطن إلى جمهوريتين منفصلتين واحدة للرئيس المتهم بسرقة الأصوات الانتخابية وأخرى لزعيم المعارضة رئيلا أودينغا الذي يؤمن إيمانا واثقا بأن الانتخابات مزورة حتى النخاع، وتحدث ديفيد إندي المنحدر من قومية الرئيس أنه ما لم توجد انتخابات نزيهة في كينيا فإن الرصاص سيحل محل صناديق الإقتراع ،تهديد واضح بحرب أهلية ستأكل الأخضر واليابس إن لم يعالج بحكمة. لذا يأتي حكم المحكمة الدستورية العليا بإلغاء الانتخابات الرئاسية الكينية كعامل مهدئ للغليان الذي يعيشه الشارع الكيني جراء النتائج التي أعلنتها هيئة الانتخابات والتي كادت أن تدخل الوطن في أتون حرب أهلية تجرح النسيج الاجتماعي الكيني وتعرض كيانه لخطر الانهيار والتفتت.صراع بين حكومة لا تنوي أن تتنازل عن سدة الحكم ومعارضة ترى مظلومة عن طريق تزوير الانتخابات. ما يقرب من ٨ سنوات فى صومالى تايمز