مدى مصر

«صيف تجريبي» بكائيات الفشل والرثاء الذاتي للنخبة أنديل ١٥ أكتوبر ٢٠١٧ بعد أن لفتت الحملة الدعائية المشوّقة لفيلم «صيف تجريبي» انتباهي، دخلتُ الفيلم أخيرًا في سينما زاوية الأسبوع الماضي. ما شدّني في الحملة تحديدًا هو تجريبيتها وغموضها اللافت؛ فهي عبارة عن ملصق يحمل فقط صورة شخصية لفتاة ذات ملامح مميزة، تبتسم ابتسامة غامضة. اعتمدت الحملة على استخدام تلك الصورة في فيديوهاتها أو منشوراتها على فيسبوك، كل مرّة بسياق مختلف. مرة بالأبيض والأسود معلّقة على حائط ما في القاهرة، ومرة في أيدي شباب يرتدون ملابس شخصيات كوميكس المانجا الياباني، ومرة مشوّشة بتأثيرات برنامج الفيديو «جليتش». الألوان المشرقة والمتنوعة للحملة، هي أهم ما لفت نظري، بسبب افتقادي لحضورها في السينما المصرية النخبوية. فبينما تعج مشاهد الأفلام التجارية الشعبية بألوان زاعقة ومتنافرة، ارتبطت الأفلام «الفنية» في ذهني، بصورة باهتة، وباليتة ألون داكنة بنية وكئيبة، تتماشى مع مشاهد الصمت الطويلة والحوارات المبتورة لشخصيات الأبطال الغارقين في ميلانكوليا نخبوية، لا أجد لها مثيلًا إلا في أفلام البلدان باردة المناخ. لكونه تجريبيًا، تحمستُ لمشاهدته، متوقعًا، ربما بسبب طبيعة الدعاية، فيلمًا لطيفًا بروح شابة، مفعمًا بالألوان والأشياء. وقفت منتظرًا دوري في طابور التذاكر الطويل الذي امتد لخارج السينما، محاطًا بأصدقائي من الفنانين والفنانات والصحفيين والصحفيات والموسيقيين والموسيقيات والناشطين والناشطات و الأكاديميين والأكاديميات ذوي تسريحات الشعر الأنيقة، والحلقان اللطيفة. وبينما نحن ننتظر، نهض شاب كان يجلس على المقهى المقابل للسينما، واقترب مني، ليسألني دون تردد كابتن هو ده ايه؟ أنا ده إيه؟ الشاب المبنَى ده إيه؟ أنا دي سينما الشاب (ينظر حوله سريعاً متفحصاً وجوه الشباب الحضور) بتعرض أفلام إنجلش صح؟ أنا يعني إنجلش ومش إنجلش الشاب طب ده فيلم إيه؟ أنا فيلم اسمه «صيف تجريبي» الشاب ده حلو ده؟ أنا ماعرفش لسة هاشوفه الشاب يعني أخشه؟ أنا خشه، يمكن يعجبك ويمكن لأ الشاب شكراً يا رايق أنا العفو (يبتعد خطوتين ثم يعود مجددًا) معلش يا كابتن سؤال كمان.. أنا اتفضل الشاب هو أنا ينفع أدخل عادي صح؟ أنا يعني إيه؟ الشاب يعني أقطع تذكرة وهايدخلوني عادي؟ أنا آه عادي. الشاب أوكيه بهذه الروح دخلتُ الفيلم، متأثرًا بهذه المحادثة المحمّلة بتأويلات عن طبيعة علاقة نوع «الأفلام» التي تعرضها أماكن مثل زاوية، بالجمهور المصري العادي. في دقائقه الأولى بدا «تجريبيًا» بالفعل؛ بسبب الحرية والتلاعب في الطريقة التي اختارها للدخول للقصة. فأسلوب الحكي، الذي يفضل الكثير من أصدقائي تسميته بـ«السرد»، لم يلتزم بمسار محدّد أو متوقّع للولوج للقصة، ما جعله أحيانًا أشبه بوثائقي تتحدث فيه الشخصيات الحقيقية عن تجربتها مع رحلة البحث عن الفيلم المفقود، ثيمة الفيلم الأساسية، وأحيانًا أخرى يتحول لفيلم روائي عن قصة شاب وفتاة يمرون بوقائع غرائبية. ويجري هذا الانتقال بفواصل شديدة الجدية، ينقل بها الفيلم معلومات هامة للمشاهدين عن واقع متخيّل يختلف تمامًا عن واقعنا الحالي. التباين بين طريقة تصوير ماهو وثائقي وماهو روائي خيالي أعطى انطباعًا أوليًا بالثراء البصري للفيلم، وبلغة سينمائية فريدة، بمفردات متنوّعة. وطمحتُ وقتها لأن يعطي الفيلم نفسه مساحة أكبر لتطوير لغته، وأن يؤكد على التكنيكات السينمائية المستخدمة لحكي كلا القصتين، فتكون اللحظتان متنافرتين بعمق أكبر، ويصبح الوثائقي أكثر وثائقية على مستوى واقعية الصورة واختيارات المونتاج وعفوية الأحداث الموثقة، و الروائي الخيالي أكثر خيالًا. لكن رغم هذا، كنتُ مستمتعًا بمتابعة ما يحدث، بل وأعجبتُ بنجاح الفيلم في اكتشاف بعض اللحظات والعلاقات الجديدة بالنسبة لي. بعد دقائق بدأ انطباعي المبدئي في الاضمحلال، بزوال اهتمام الفيلم بهذه العلاقات، واعتماده خط «البحث عن الفيلم المفقود» كخط درامي رئيسي ووحيد، ليختفي التجريب تدريجيًا ومعه الألوان المشرقة، ويبقى البُنِّي والصمت، ويتحوّل من فيلم باحتمالات مفتوحة، لمشهد واحد يُعاد ويُكرَّر إلى ما لا نهاية، يعبّر فيه أشخاص لا نعرفهم، عن الجزع بخصوص شيء يفترضون أنني، كمشاهد، أشاركهم الاهتمام به. بكل صدق، وبعد مرور نصف الفيلم، أصبحتُ غير مهتم بالمرة بـ«الفيلم» الذي يبحث عنه الأبطال ودلالاته وإحالاته، بل وبدت قصة البحث بالنسبة لي خاوية وفارغة، لا تحدِّي حقيقي فيها، ولا شعور إنساني عام يمكنني الانخراط فيه. عند هذه النقطة، تجلّت أمامي وبوضوح كل عيوب الفيلم، من رداءة التصوير وفقر الخيال في اختيار الزوايا وتصميم الإيقاع. ومع غياب حدوتة متقنة، اختفى التواطؤ الذي كان يعميني عن مشاكل الصنع. إشكاليات صناعة فن عن «الفن» من المفهوم تمامًا، في بلد مثل مصر، وبسبب المعوّقات الكثيرة التي يواجهها الفنان من أجل إنجاز عمله، أنه من الصعب على المشتغلين بالفن، تجاهل الميلودارما المتعلّقة بشخصية «الفنان». فالتحدي الذي تواجهه صناعة الفن في مصر، من صعوبات إبداء الرأي وعدم الترحيب بخصوصية الصوت الفني، إلى جانب المشاكل الأهم، من صعوبات الإنتاج وإمكانيات التنفيذ، هي معضلات حقيقية، يصعب ألا تثير شهية الفنانين لصنع أعمالًا فنية عنها. بشكل شخصي، أكن احترامًا كبيرًا لهؤلاء الفنانين الذين يتمحور فنّهم، حول التساؤلات المحيطة بتجربة صناعة الفن، والمعطيات المكوّنة لشخصية الفنان ورؤيته لنفسه ولمحيطه. كما أنني أتفهم، أن سعي الشخصيات الرئيسية في فيلم «صيف تجريبي» للعثور على «الفيلم المفقود»، هو انعكاس لرحلة بحث صانعيه الشخصية المضنية عن فُرص لصناعة الفن. كان بإمكان الفيلم أن يكون عبارة عن تدفق للمحادثات والأفكار حول تلك القضية. لكن صانعيه تلاعبوا بتوقعاتنا كمشاهدين، وانشغلوا بالتأكيد على «اختلافه» من خلال طريقة السرد المراوغة، والنهايات المزيّفة المتعددة، والظهور المشوش لمخرج الفيلم نفسه داخل الفيلم. هدفت هذه الاختيارات الفنية، لتمييز الفيلم، عن الأفلام الوثائقية العادية، ولإعطائه بعدًا طموحًا وطليعيًا، ما وعدنا كمشاهدين بوعود برّاقة، لم يستطع الفيلم تلبيتها، بسبب فشله في خلق قناة اتصال بينه وبيني كمشاهد. في رأيي أن عملية صنع الفن مبنية في المقام الأول على الرغبة في إحداث تواصل بين الفنان والمشاهد. ومهما أبدى الفنانون النخبويون من تعالي على الشعبوية والجماهيرية، ومهما بذلوا من جهود لفصل فنهم عن الفن الشعبي المبتذل، يظل أقصى مرادهم في النهاية، هو إيصال فنهم لأكبر عدد ممكن من الناس. فإذا اعتبرنا «التواصل» قيمة سطحية، حسب ما فهمت، وأتمنى أن أكون مخطئًا، من اختيارات فيلم صيف تجريبي، إذن فليست هناك قيمة من «عرض» ومشاركة الأعمال الفنية من الأساس مع أي عدد. لذا فالإلمام بمفردات اللغة المستخدمة لصنع التواصل هو شرط أساسي لإنجاحه. وإذا كانت الثيمة الرئيسية للعمل الفني تدور عن غياب التواصل والفجوة بين صانع الفن ومتلقيّه، فتلك قصة تحتاج بالذات، من أجل إيصالها، لامتلاك المقدرة والرغبة على إحداث تواصل. التقييم الإنفعالي للأعمال الفنية ذكرني «صيف تجريبي» بمناقشة دارت بيني وبين بعض الأصدقاء حول فيلم إبراهيم البطوط الروائي الأول، «عين شمس» الذي لم أستطع إكماله من فرط شعوري بالاغتراب وعدم تصديقي لما يجري أمامي على الشاشة. قال لي أحد الأصدقاء أيوة بس الفيلم ده معمول بتلاتين ألف جنيه بس!، وكأن هذا في حد ذاته مبرر للإعجاب به، بغض النظر عن مدى نجاحه في التواصل مع حواسي. هذه الطريقة المهتمة بسياق العمل أكثر من اهتمامها بلب العمل نفسه، هي في رأيي، مرض عضال في الوسط الفني المصري، بل في العقل المصري عمومًا. فالتقييم الانفعالي المبني على الخبرة الشخصية، والمتأثر بطبيعة العلاقات التي تربط الفنانين ببعضهم، يؤدي أحيانًا لعكس المراد منه. فبينما يحتاج صانعو الأفلام للفت نظرهم لمشاكل تقنية في عملهم، كأن يقال لمخرج معيّن أن لقطاته المتوسطة تأتي في التوقيت الخاطئ، أو أنه يحتاج لتطوير أدواته في توجيه الممثلين، لا يتلقى أيًا منهم نقدًا حقيقيًا وموضوعيًا ما يدفعهم للغرق في علاقات إشكالية مع فنهم، ويحرمهم من فرص حقيقية لتطويره. وبسبب أن تخوفهم من السينما التجارية، خلق حاجزًا نفسيًا بينهم وبين احتراف حرفة الحكي والحدوتة الخيالية المضفرة، وأن تعرضهم لإطراءات مبالغ فيها، أو هجمات عنيفة، يعود عادة لدوافع شخصية وغير فنية، ارتبكت علاقتهم بكل من الجمهور والنقد، ما انعكس على أعمالهم المغرِقة في الذاتية والتي تنضح جنباتها بعداوة مضمرة للجمهور. تتجلّى هذه المشكلة بوضوح في فيلم صيف تجريبي، فهو فيلم متمحور حول ذاته، غير مهتم بالتواصل مع الجمهور، يركّز فقط على الإحساس الدفين بالظلم والرفض لدى الفنان. وهو وإن كان شعور جدير بالاحترام، فإنه لا يأخذ في اعتباره، أن الحياة بها انفعالات أخرى، بالإضافة إلى أن تجارب الفنانين أنفسهم مليئة بمشاعر كثيرة نادرًا ما نراها حاضرة في أعمالهم. أهمية السينما المستقلة في الخروج من أسر الدولة أكثر ما شدني للسينما المستقلة والإنتاج السينمائي المنفصل عن سيطرة شركات الانتاج العملاقة ووصاية الدولة؛ هو محاولات الاستقواء والمشاغبة. فلأن كل كل تجربة يمر بها الإنسان في مصر مع المحيط العام، تزرع داخله بالتدريج شعورًا بقلة الحيلة، ولأن كل أمل أو طموح يصطدم عاجلًا أم آجلًا بأمور كالتجنيد الإجباري، رفض فيزا، منع من الرقابة، تأتي عبقرية السينما المستقلة في رأيي، بعثورها على وسيط تقني، تستطيع من خلاله، خلق حالة تحرر صادمة من هذه القيود التي لا يرى المصريون لأنفسهم وجوداً خارجها. كاميرا ديچيتال رخيصة، وقصة مثيرة، وبعض الشباب الذي يجيد الكلام، يمكنهم صنع فيلم يراه الناس ويسألون أنفسهم كيف صنع هؤلاء الشباب هذا!. هذه هي الرسالة الأقوى في رأيي والأهم. مشاهدة فيلم مستقل متقن التنفيذ هي رسالة لكل الناس أن أي شيء ممكن، وأننا قادرون لو أردنا. لهذا تشن أجهزة الدولة حربًا على صناعة السينما المستقلة، ولهذا يعاني فيلم مثل «أخضر يابس» لمحمد حمّاد في الحصول على تصريحات للعرض رغم الحفاوة التي قوبل بها في كل مهرجانات العالم. وللسبب نفسه يخوض فيلم «آخر أيام المدينة» لتامر السعيد؛ معركة شبيهة وأكثر ضراوة مع الرقابة. ليس لأنها أفلام ثورية محرّضة أو صادمة، لكن لأنها أفلام متقنة الصنع، تقوّض القناعة المصرية بالفشل والعجز. هي أفلام استطاعت تحقيق ما أرادته، بطريقة متقنة للغاية، وفي انعزال تام عن السلطات الرسمية أو القوى الإنتاجية الضخمة. هذه الأفلام قادرة، إذا عرضت وعرف الناس قصتها وتحت أي ظروف صُنعت، على أن تكون ملهمة لتجارب أخرى للاستقلال الفني، بل ولفكرة «الاستقلال» عن الدولة بشكل عام. أقتبس من حماد وأقول أن نجاح أي فيلم هو فقط أن يُصنع. وأضيف أن أي رد فعل عليه، لا ينتقص بالضرورة من كونه «صُنع» لأن هذا في حد ذاته، شيء أشبه بالمعجزة. فيلم «صيف تجريبي» في رأيي لم يُدرك معجزته الخاصة، فتبنّى بكائية خجولة عن حياة الفنان وصدّر شعورًا بالعجز، منعه من الاستفادة من نقاط قوته ولغته الخاصة. إذا لم تجد أفلام مثل «صيف تجريبي» طريقة أخرى لتناول مجتمع الفنانين ومأساة الفنان غير القادر على تحقيق ما يريد؛ فهي في الحقيقة ترسّخ في ذهن الكثيرين نفس الرسالة التي تنفق الدولة ملايين الجنيهات من أجل إرسائها، وهي أنّنا لا نستطيع، كما تشارك بنفسها في تعلية السور الذي يفصلها عمن حولها، ويغرقها في عُزلة أكبر. الأفلام التي تؤمن أن مشكلتها مع الجمهور تكمن في انشغالها بقضايا عصيّة على استيعاب المواطن العادي، تضع نفسها في خانة شديدة الخطورة، لأنها بذلك تبني تصوراتها عن قطاعات عريضة من البشر بمنطق طبقي وعنصري، يُجردهم من أهليتهم لمجرد فشلهم في التواصل مع «فنهم». بكل تأكيد، لا أعتقد أن هذه هي الطريقة التي ينظر بها صناع فيلم «صيف تجريبي» لأنفسهم أو للجمهور، كما أنني لا أدافع عن تبني الشعبوية ومداهنة الذوق العام ومجاراة مقتضيات الترفيه كحل وحيد. لكنني أعتقد أن الفن الذي يَطمح لأن يتبوأ مكانة مميزة، وأن يترك تأثيرًا ملفتًا، لابد أن يفصل نفسه عن الأطر المهترئة القديمة، والمسمّيات الجزافية التي تضع حدودًا عريضة بين ما هو «نخبوي» و«شعبوي» و«فهلوي». الحياة أكثر رحابة الآن، ونحن في زمن آخر. يُعرض فيلم صيف تجريبي في سينما زاوية حتى يوم ١٧ أكتوبر.
ثلاثة مشاهد على مدار قرن كيف يرى المصريون التعداد؟ ملك لبيب ١٥ أكتوبر ٢٠١٧ «التعداد هيعرفك زي العيلة، اللي عارفة كل صغيرة وكبيرة عن ولادها. مافيش حد ناسيه، وكل واحد معمول حسابه. ولإننا في مصر عيلة واحدة كبيرة، التعداد هيروح لكل مبنى.. وكل أسرة.. وكل منشأة. اتعاون معانا وادينا بياناتك علشان نعرف محتاجين كام مدرسة، كام مستشفى، وكام فرصة عمل. وبجمع البيانات الدقيقة هنقدر نخطّط للمستقبل ونبني لقدام. تعداد مصر ٢٠١٧، تعدادنا مستقبلنا.» الإعلان المنقول نصه هنا هو جزء من الحملة الإعلامية الواسعة التي أطلقها جهاز التعبئة والإحصاء للدعاية لتعداد السكان، والذي أعلنت نتائجه في الثلاثين من سبتمبر الماضي. وبعيدًا عن تحليل تلك النتائج، التي ستتيح مادة ثرية لقراءة تحولات المجتمع المصري في العشر سنوات الأخيرة، فسأنطلق هنا من نقطة مختلفة، وهي خطاب الدولة حول التعداد، وذلك بهدف إلقاء الضوء على بعض جوانب «سياسة الأرقام» وتاريخها. في الإعلان المشار إليه، تبدو الدولة مثل رب الأسرة الذي، بمعرفته لكل تفاصيل أبنائها، يرعاها ويخطط لمستقبلها. ولكن إعادة استخدام هذا التشبيه الأبوي في سياق التعداد لا تشير، في الحقيقة، إلا إلى توجس قطاعات غير صغيرة من السكان من «الطموحات» المعلوماتية للدولة. حالة التوجس هذه شكا منها معاونو التعداد المكلّفون بجمع البيانات على الأرض، فبعضهم قال «المواطنين بيجروا ورانا»، وقال آخرون إنهم تعرضوا أحيانًا «للضرب والطرد». مسؤولو الجهاز الإحصائي من جانبهم أرجعوا المشكلة جزئيا للسياق العام المصاحب للتعداد؛ ارتفاع الأسعار وما يتردد عن خطط الحكومة لرفع الدعم على السلع الغذائية، وإعادة هيكلته. لكن مع هذا، فالعنوان الأوسع لخطاب المسؤولين ظل هو «غياب الوعي»، بالأخص لدى الفئات غير المتعلمة، ولذلك كان التشديد على سرية البيانات الفردية، وعلى «الفائدة القومية» للتعداد. ١٩١٧ احتلال وحرب وتعداد «لا يزال الفلاح المصري والطبقة الجاهلة من سكان المدن ينظرون إلى عمليات التعداد بعين الشك والريبة… هم يغفلون الارتباط بين المصلحتين العامة والخاصة، ويجهلون ضرورة تزويد الحكومة بالبيانات الصحيحة حتى تضمن التوزيع العادل للأعباء الوطنية وتقسيم الإيرادات الأهلية وانتهاز الفرص المحيطة بها، كما يجهلون الفائدة التي يمكن أن تعود على الشعب من وضع تقرير صحيح عن التعداد».. من تقرير التعداد العام للسكان لسنة ١٩١٧. في مثل هذه العام من القرن الماضي، أجرت السلطات البريطانية التعداد العام للسكان. لم يكن هذا هو التعداد الأول من نوعه – فمصر لها تاريخ طويل من التعدادات، كان أولها عام ١٨٤٨ – ولكن الظروف المحيطة به كانت استثنائية. في ١٩١٤، ومع بداية الحرب العالمية الأولى، أُعلنت الحماية على مصر، وترتب على ذلك توسع أشكال تدخل سلطة الاحتلال في الجوانب المختلفة من حياة للمصريين، ما بين تعبئة العمالة للمشاركة في المجهود الحربي، إلى الاستحواذ على الإنتاج الزراعي. ولعبت الإدارة المركزية للإحصاء، التي كانت قد أُنشأت قبلها ببضعة سنوات (بالتحديد في ١٩٠٥)، دورًا مركزيًا في مسح الموارد وتعبئتها. لم يكن غريبًا، في هذا السياق، أن تسبق تعداد سكان ١٩١٧ حملة دعائية واسعة من خلال الصحف والمدارس والمساجد، إذ أن السلطات كانت تخشى رد فعل السكان على هذه العملية. تعداد ١٩١٧ كان أيضًا أول تعداد يعتمد رسميًا – وإن كان بشكل جزئي – «سريَّة» البيانات الشخصية، حيث أقر منع استخدام المعلومات الخاصة بالسن والمهنة والجنسية والحالة الاجتماعية، لغير الأغراض الإحصائية، أو من قبل جهات أخرى في الدولة. إلا أن التأثير المباشر لتلك الإجراءات كان محدودًا فيما يبدو. فقد أشارت صحف تلك الفترة إلى الصعوبات التي واجهها العدّادون على الأرض، وعلى سبيل المثال، تحدثت جريدة الأهرام بتاريخ ٩ مارس، عن محاولات مندوبي الإحصاء جمع وحصر الفقراء الذين لا سكن لهم، وكيف أن هؤلاء «فروا من وجههم… أو ادعوا أن لهم منزلًا ولكن النعاس ران على أجفانهم وهم في الطريق فناموا في زاوية من الزوايا». وبشكل عام، فرغم توسع أعمال الإحصاء تدريجيًا خارج استخدماته التاريخية، والمرتبطة خصيصًا بجمع الضرائب والسخرة والتجنيد، إلا أن جمع بيانات السكان مع ذلك ظل مسألة خلافية. خصوصية الفرد.. سرية الدولة «البيانات الفردية التي تتعلق بأي إحصاء أو تعداد (سرية) ولا يجوز إطلاع أي فرد أو هيئة عامة أو خاصة عليها... يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ...كل من أخل بسرية البيانات الإحصائية أو أفشى بيانًا من البيانات الفردية أو سرًا من أسرار الصناعة أو التجارة أو غير ذلك من أساليب العمل التي يكون قد أطلع عليها بمناسبة عمله في الإحصاء أو التعداد.» بهذا الاقتباس – الوارد في القانون رقم ٣٥ لسنة ١٩٦٠ عن الإحصاء والتعداد – ننتقل إلى الفترة الناصرية التي شهدت تغيرات عدة في منظومة جمع ونشر المعلومات. من إنشاء عدد من اللجان والهيئات الاقتصادية الجديدة، والاستعانة بعدد من الخبراء المصريين والأجانب للعمل بها، إلى استحداث قياسات وتقنيات جديدة، اكتسبت «خبرة الأرقام» موقعًا مركزيًا في نشأة سياسات التخطيط الناصرية. كان معنى التوجه نحو التخطيط المركزي توسع الدولة في جمع وإنتاج البيانات، الاقتصادية بالتحديد، لكنه كان يعني أيضًا تضييق نشر تلك البيانات وإتاحتها. فاللافت في قانون ١٩٦٠ هو كيفية استخدامه لمفهوم «سرية المعلومات»، وإشارته لمصطلح «أسرار الصناعة والتجارة»، في سياق التدخل المتزايد للدولة في المجال الاقتصادي. كان تقييد نشر المعلومات وتداولها، ومنها البيانات الإحصائية، سمة سائدة في سياق الحرب الباردة، وبالتحديد فيما يخص الدول التي اتبعت نمط التخطيط الاشتراكي. وفي مصر أيضًا كان سياق الحرب حاضرًا، وإن كان الحديث هنا بالأساس عن الصراع العربي الإسرائيلي. ففي عام ١٩٦٠، وبعد إصدار قانون التعداد والإحصاء بعدة أشهر، جرى إصدار قانون التعبئة العامة الذي ينظّم إعداد وتهيئة السكان والموارد في حالة الحرب أو تهديد «الأمن القومي»، كما ضُمّت بعدها مصلحة الإحصاء لإدارة التعبئة العامة. كانت تلك التغيرات في التشريعات الخاصة بالإحصاء كذلك تعبيرًا عن ازدياد نفوذ المؤسسة العسكرية، على حساب الأجهزة الأخرى للدولة. فبعد إنشاء الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في ١٩٦٤، نُقلت تبعيته من رئاسة الجمهورية إلى وزارة الحربية وعُيّن على رأسه لواء من الجيش وهو جمال عسكر، كما يروي الفريق محمد فوزي في مذكراته التي صدرت حديثًا تحت عنوان «مذكرات الثلاث سنوات ١٩٦٧ ١٩٧٠». *** على اختلافها، تطرح الثلاث لحظات التي توقفنا عندها أسئلة حول آليات جمع ونشر المعلومات، وعلاقتها بالنظام السياسي، وحول مدى حضور وتأثير لحظات التأسيس، التي أشرنا إلى بعضها هنا، على حاضرنا اليوم، إن نظرنا مثلًا لعلاقة السكان بالمؤسسة الإحصائية أو ارتباط المعلومات بـ«الأمن القومي»، وإن كان مضمون ما يدخل تحت هذا المسمى قد تغير هو نفسه، فمثلًا، كان من الأسئلة التي طرحت نفسها مجددًا في ضوء نشر نتائج تعداد ٢٠١٧، غياب الإحصاءات الخاصة بالديانة عن نتائج التعداد، حيث دخلت هذه المسألة ضمن مفهوم «الأمن القومي». في هذا المثال بالتحديد، وعلى عكس خطاب السلطة حول «جهل» السكان بفوائد التعداد، نجد هناك ضغطًا وتحركًا من قبل جماعة من السكان من أجل جمع ونشر تلك البيانات، بالتحديد لأنهم يجدون مصلحة وفائدة في ذلك، ولكنهم يواجهون رفض الدولة، والتي، ورغم جمعها تلك البيانات، إلا إنها تمتنع عن نشرها.
في كل سجن يوم جمعة (تدوينة) محمود أبو حديد ١٣ أكتوبر ٢٠١٧ أمضيت ٢٥ أسبوعًا من عام ٢٠١٥ في سجن الإسكندرية. عقب خروجي من السجن، كنت أستيقظ لأجد عقلي غير مشغول إلا بتذكر الأحداث التي دارت فيه. بعد ما يزيد على الثلاثة أشهر، لم تختف من ذاكرتي أيام السجن، كما لم تختف أمراضه من جسدي. كنت أستيقظ يوميًا لأتذكر استيقاظي في السجن، وكل فعل أفعله كنت أقارنه بما كان يحدث في السجن. أما اليوم، وبعد شهور طويلة من خروجي، أجد ذكريات المعاناة تضمحل من العقل. لم أعد أذكر تقريبًا معاناة السجناء بنفس الكثافة التي كنت أذكرها بها في الشهور الأولى لخروجي. سُجنت مع السجناء الجنائيين، لا السياسيين، ولذا أعتقد أنها تجربة هامة يجدر تسجيلها. أكتب هنا ما لا يزال راسخًا في ذاكرتي عن يوم واحد في الأسبوع؛ يوم الجمعة. كان يوم الجمعة بالتحديد مميزًا لأنه الأجازة الرسمية التي تنعدم فيها أي حركة بالسجن. في سائر الأيام، كنا نشغل أنفسنا بالزيارات، وطلب حاجياتنا من كانتين السجن، أما الجمعة فلا زيارات أو كانتين، فقط التعذيب والروتين الأسبوعي. في سائر الأيام، كنت أستيقظ للقراءة والكتابة في الثامنة صباحًا على أقصى تقدير، بينما يظل باقي سجناء الغرفة نيامًا حتى الظهيرة على الأقل. أما في الجمعة فكان الجميع يُجبَرون على الاستيقاظ في التاسعة أو العاشرة صباحًا على الأكثر لأجل ما يسمى بـ«تمام السجن». تفتح المباحث الغرفة تلو الأخرى لحصر عدد نزلائها. يقوم الجميع من النوم ويخرجون من الغرفة، ثم يُنادى على الأسماء، ومن يسمع اسمه يدخل الغرفة. في بعض الأيام يتحول «تمام السجن» لأكثر ما يخشاه سكان السجون؛ «الهجمة». كتبت في السابق مقالًا بعنوان «الأفكار الثورية أفكار الجماهير»، عن هجمة المباحث وأثرها على السجناء. ونُشر المقال بينما كنت مسجونًا يخرج جميع المسجونين من الغرفة بعد لملمة أغراضهم القليلة، مثل فرشة النوم، الحقيبة ومحتوياتها، والملابس المنشورة، ثم يدخلون الغرفة فردًا فردًا بعد الجلوس مقرفصين وعراة سوى من الملابس الداخلية، بعد الحلاقة والضرب أمام ضابط المباحث الذي يقف بكامل أبهته أمامنا ليعلمنا أننا نحن، فقراء الشعب، يمكن إذلالنا بسهولة. بعد تفتيش كامل حاجياتنا – بما يعني «نهب» دخاننا وأموالنا وملاءاتنا وملابسنا، حيث لا يُسمح للسجين سوى ببطانيتين – يُغلق باب الغرفة وهي منهوبة بالكامل ومحتوياتها مقلوبة رأسًا على عقب. نقضي الساعات التالية منتظرين دور الاستحمام لإزالة آثار الحلاقة والضرب. نرتّب أشياءنا وفرشات النوم، صامتين لا ننطق سوى باللعنات على رؤوس المباحث. عودة ليوم الجمعة في السجن عقب «التمام» يدخل سجناء الغرفة لمواصلة نومهم، بينما أواصل أنا القراءة التي لا يقطعها سوى احتياجي لغسل ملابس اليوم الفائت، قبل انشغال الحمام بباقي سجناء الغرفة الذين يستيقظون تباعًا. رغم أن عملية الغسيل كانت يومية، لكي لا تتراكم الملابس التي أضطر لغسلها، إلا أنها كانت صعبة ومنهكة ومقرفة لأقصى حد. أتذكرها جيدًا ٢١ شطفة وعصرة لثلاث قطع من الملابس يوميًا، ويوم الجمعة بالذات أضطر لغسل المنشفة والملاءة، بالإضافة لملابس الخميس. كان الغسيل يستغرق مني غناء «شد الحزام على وسطك»، «شيّد قصورك ع المزارع»، و«يا مصر قومي وشدي الحيل». كنت أحسب الوقت بالغناء لانعدام أي وسيلة لحساب الزمن، سوى مواقيت الصلاة اليومية. بعد الغسيل اليومي أشرب القهوة لاستعادة هدوئي وتركيزي لاستكمال القراءة من جديد. في الغالب، لن يفهم أي ممن لم يُسجن كيف أن القهوة تصبح في السجن كنز الكنوز. أغلب الجنائيين يُمنع عنهم دخول البن، وقليلة هي المرات التي سُمح لي فيها به، وكنت أخزّنه كما يُخزّن الذهب والأموال. قرب الحادية عشر صباحًا، يبدأ أبو بلال – متّهم بالقتل العمد، من سكان «الدخيلة» بالاسكندرية – في إيقاظ الأفراد المعروفين بأدائهم للصلاة، وكانوا قليلين ولم يتعدوا أبدًا ربع سكان الغرفة، حتى في رمضان، موسم الصلاة. كانت مشادة أسبوعية تقوم حول خطبة الجمعة؛ هل يخطب الإمام يوم الجمعة؟ هل نسمع خطبة التلفزيون الحكومي؟ هل نصلي دون خطبة؟ في أغلب الأيام كانوا يصلون دون خطبة، نظرًا لما يثيره موضوع الخطبة من توتر بين السجناء. عقب صلاة الجمعة، يكون لزامًا علينا الاستماع لخطبة الشيخ الشعراوي والمذاعة على التليفزيون الحكومي. وكان هذا موعد تذكرتي الأسبوعية بعمالة الشعراوي للرئيس السادات وبوليسه وشرطته العسكرية. ورغم تململ العديدين من تذكرتي الأسبوعية هذه، إلا أن أحدًا لم يستطع تكذيبي، ولو لمرة واحدة، بل أن بعض السجناء كانوا يذكرونني بالتعليق على الشعراوي إذا نسيت. مع اقتراب الثالثة عصرًا كنا نسعى لتحضير الوجبة الأولى. كان إفطار الجمعة أسوأ الإفطارات بالنسبة لي، لانعدام الفول فيه؛ فقط البيض والجبن، وكنت نباتيًا لا آكل البيض وأتململ من رائحته، لكن غداء الجمعة؛ البطاطس المسلوقة، كان أملي. وكان الجنائيون يعرفون أني لا آكل اللحوم ولا البيض، فيعطونني قدرًا أكبر من نصيب الواحد في البطاطس. كان من مساوئ يوم الجمعة انعدام مسلسل الساعة الرابعة. فكان السجناء يسعون دون جدوى لمشاهدة أي شيء على القنوات التلفزيونية، بينما كان جدول قراءاتي يمتد يوميًا حتى السابعة مساء، تقطعه ساعة تواصل مع السجناء، وتقع بين الرابعة والخامسة؛ وهي نفس ساعة المسلسل اليومي، كان يوم الجمعة لطيفًا بالنسبة لي لأني استكمل القراءة في هذه الساعة ولا أضطر لقطعها. عندما تغرب الشمس ينتهي اليوم. أشعر براحة لأني أنجزت يومًا في السجن. أتذكر الأفلام المملة والمكررة دائمًا كل جمعة على القناة الثانية. مهمتي الدائمة وقت عرضها كانت قراءة الترجمة لسجناء الغرفة. وكانت من ألطف تسلياتي، إذ كنت أتمكن من التعليق على كل الأحداث بينما يسمعني السجناء صابرين على سخافاتي الواضحة. من بين ٣٥ نزيلًا لم يكن هناك سوى أربعة يستطيعون القراءة. وفي العديد من أيام الجمعة كنت أرفض قراءة الترجمة لأني قرأتها لنفس الفيلم من أسبوعين. كان أبو رحمة – متهم بالقتل العمد من سكان منطقة الميناء – يقوم بدوري في قراءة الترجمة. تعلم أبو رحمة القراءة في السجن، بعد أن قضى أكثر من ثلاث سنوات – لابد أنهم أربعة الآن – لا يجد وسيلة للتدرب على القراءة إلا في التلفزيون. كان الوحيد الذي يقبل القيام بدوري في قراءة الترجمة، والحق أنه كان يقوم بهذا الدور بشكل ساخر أفضل مني كثيرًا. كنا نحفظ مواعيد زياراتنا الأسبوعية. غدًا السبت زيارة شنبو وألاكو والزنفر. ما زلت أذكر أسماءهم الكاملة حتى الآن «أحمد محمد الطحان»، «حسين محمد دياب»، و«إبراهيم محمد مصطفى»، والعادة تقضي بأن ترتب حاجياتك ليلة الزيارة لكي تجد المكان في حقيبتك لما سيأتيك غدًا في الزيارة. عقب الكتابة الليلية اليومية لحبيبتي، الكتابة التي كانت أقرب لمذكرات يومية أسجّل فيها ما يحدث بالغرفة، كنت أجمع ملابسي التي غسلتها ونشرتها في الصباح لأني سألبسها غدًا عقب غسيل الملابس التي قضيت بها هذا اليوم، وهكذا ينتهي اليوم لأنام. من اليوم الأول، اخترت ملازمة السجناء الجنائيين وعدم الإفصاح عن هويتي السياسية. في عربة الترحيلات التي نقلتني للسجن، كان معي العشرات من السجناء، وبينما أعلن السياسيون عن هويتهم لتخفيف التعذيب عن أنفسهم، فقد التزمت أنا الصمت وأجبت بأن سبب قضيتي المعنونة بـ«الاعتداء على الضباط» هو اصطدامي بدرجة نارية لأحد ضباط الشرطة. وبالتالي انضممت لصفوف الجنائيين وغرفهم، وتلقيت كل ما لحق بهم من تعذيب. اخترت ذلك حتى أتمكن من إخراج الأوراق والكتابات التي يُمنع السياسيون من إخراجها، ولم تكتشف المباحث هويتي السياسية سوى في الأسبوع الأخير من حبسي. كتبت هذا المقال لأني استيقظت في يوم جمعة شاعرًا بثقل عملاق في قلبي تجاه أصدقائي المحبوسين. عاملني الجنائيون بشكل مختلف تمامًا عما يعامل به أحدهم الآخر. أفهمتهم أني سياسي شيوعي يخدع إدارة السجن، وساعدوني على إخفاء الأوراق والكتب عن هجمات المباحث، وكانوا يطلبون مني شرح معنى الجمل التي أنقشها على الحائط كل ليلة. السجناء الجنائيون ليسوا «أشرارًا» كما يصورهم تلفزيون وسينما رجال الإعمال، وإنما هم بالنهاية أكثر من يتعرض للتعذيب بالسجون، وهم بالأصل أفقر فئات المجتمع. السجون أصلًا بيوت للجنائيين، وما السياسيون سوى ضيوف علي مواطنينا الجنائيين تعساء الحظ.
مقتل ٦ جنود في العريش.. و«ولاية سيناء» يتبنى إعدام مواطن مدى مصر ١٣ أكتوبر ٢٠١٧ أعلن المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، اليوم الجمعة، مقتل ٦ جنود في هجوم لعناصر مسلحة على ارتكاز أمني في مدينة العريش استخدموا فيه القنابل اليدوية والأسلحة النارية. وقال المتحدث في صفحته على موقع فيسبوك «قامت عناصر إرهابية مسلحة بمهاجمة إحدى الارتكازات الأمنية بمدينة العريش مستخدمة القنابل اليدوية والأسلحة النارية واشتبكت قواتنا معها على الفور ونتيجة تأثير نيران قواتنا لاذت العناصر الإرهابية بالفرار حاملة عدد من القتلى والمصابين منهم ، نتج عن الحادث استشهاد عدد (٦) فرد من قواتنا المسلحة». وقال مصدر محلي من العريش لـ«مدى مصر» إن «الهجوم استهدف كمين للقوى الأمنية على الطريق الدائري جنوب العريش في الساعات الأولى من صباح اليوم، وبعدها سمعنا صوت إطلاق النار من كل المواقع والارتكازات الأمنية في المنطقة. وأدى الهجوم إلى مقتل ٦ جنود وإصابة ٤ آخرين، ومن ضمن القتلى المجندين رمضان عثمان ومحمد حسن وأحمد سمير عبدالعظيم وحسين ممدوح جمال». على الجهة الأخرى، نشرت وكالة أعماق، الذراع الإعلامية لتنظيم داعش، صباح اليوم صورة تظهر تنفيذ عملية إعدام ميدانية لمواطن مدني يدعى سليمان سالم صباح ووصفته بـ«جاسوس مرتد يعمل لصالح الجيش». وذلك بعد اختفاء نسبي لمثل هذه العمليات التي استهدفت المدنيين بدعوى تعاونهم مع قوات الأمن.
خروج مشيرة خطاب من سباق «اليونيسكو».. والمنافسة بين قطر وفرنسا على المنصب عمر سعيد ١٣ أكتوبر ٢٠١٧ خرجت المرشحة المصرية لمنصب الأمين العام لمنظمة اليونيسكو، السفيرة مشيرة خطاب من المنافسة، وذلك بعد تغلب المرشحة الفرنسية أودرية أزولاي، التي حققت ٣١ صوتًا فيما حصلت «خطاب» على ٢٥ صوتًا. وجرت إعادة التصويت بين مرشحتي مصر وفرنسا، اليوم الجمعة، بعد تعادلهما في الأصوات بالجولة الرابعة بحصول كل منهما على ١٨ صوتًا خلف مرشح قطر حمد الكواري، الحاصل على ٢٢ صوتًا، لتحديد واحد منها للدخول في جولة نهائية مع مرشح قطر. وصرح المستشار أحمد أبوزيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، صباح اليوم، الجمعة، بأن بعثة مصر الدائمة لدى اليونسكو، تقدمت صباح اليوم الجمعة، ١٣ أكتوبر الجاري، بمذكرة رسمية إلى مدير عام اليونسكو، ايرينا بوكوفا، لطلب التحقق من صحة ما تم رصده من خروقات شابت عملية انتخاب مدير عامة المنظمة الجديد، والتي بدأت جولتها الأولى يوم الإثنين الماضي. كما قال «أبوزيد» عقب خروج «خطاب» من المنافسة إن «مصر خاضت معركة انتخابات اليونسكو بكل شرف ومهنية وجدية. مبروك للمرشحة الفرنسية وكل تمنياتنا لها بالنجاح والفوز بالمنصب». ‎وكان يوم أمس الخميس، شهد إعلان رئيس المجلس التنفيذي لليونسكو، مايكل واربز، انسحاب مرشح الصين كيان تانج قبيل بدء الجولة الرابعة من انتخابات المنظمة الأممية على منصب المدير العام، وذكرت مصادر بـ«اليونسكو» أن الصين قررت الانسحاب دعما لمصر، ووجه الرئيس عبدالفتاح السيسي شكره للصين على هذه الخطوة. وكانت السفيرة مشيرة خطاب مرشحة مصر على منصب المدير العام لليونسكو حصلت على ١٣ صوتا خلال الجولة الثالثة من الانتخابات التي جرت أول أمس الأربعاء، بمقر المنظمة بباريس والتي لم يتمكن فيها أي مرشح من جمع عدد الأصوات المطلوبة لتحقيق الفوز. وتتم عملية التصويت على أربع مراحل حتى يحصل أي مرشح على أغلبية مطلقة (٣٠ صوتا)، إلا أن هذا الشرط لا يسري على الجولة الخامسة والحاسمة التي يتأهل لها الأول والثاني من الجولة الرابعة والتي قد تنتهي بعمل قرعة حال تساوت الأصوات.
... «والبس اللي يعجب إدارة الجامعة» مي شمس الدين ١٠ أكتوبر ٢٠١٧ بعد قرارات سابقة بمنع ارتداء «الفيزون» والشورت داخل الحرم الجامعي، شنت إدارات العديد من الجامعات الحكومية في الأسابيع الماضية حملة ضد ارتداء «البنطلون المقطع» داخل الحرم الجامعي، وسط مطالبات برلمانية بتحديد زي موحد للطلاب، ما أثار سخطًا وجدلًا كبيرًا في أوساط الطلاب. كان لكلية التربية النوعية بجامعة المنوفية السبق في الحملة ضد «البنطلون المقطع» داخل الكلية، حيث قامت عميدة الكلية، الدكتورة حنان يشار، بـ «منع الطلاب الذين يرتدون بناطيل مقطوعة ومخدوشة بالحرم الجامعي» بحسب بيان المكتب الإعلامي بالكلية، وهي الحملة التي «أشاد بها أعضاء هيئة التدريس بالكلية». ولم تكن يشار متاحة للرد على تساؤلات «مدى مصر»، إلا أنها أكدت في تصريحات لجريدة اليوم السابع أن مجلس الكلية اتخذ قرارًا بمنع الطلاب من ارتداء الملابس المقطعة وقصات الشعر الغريبة على حد قولها، وهو الأمر الذي «يثير حالة من الاشمئزاز». وبحسب الجريدة، قامت يشار أيضًا بـ «مواجهة ارتداء بنطلون بشكل جديد أطلق علية الطلاب "الشروال" أشبه ببنطلون الترنج، مؤكدة أنها أعطت تعليمات للأمن بعدم السماح للطلاب الذين يرتدونه بالدخول للكلية». وفي تصريحات لجريدة الوطن، قال الدكتور عبد الرازق الدسوقي، رئيس جامعة كفر الشيخ، أنه سيتم منع الطلاب الذين يرتدون ملابسًا غير لائقة من الدخول للجامعة، مشيراً للجامعة على أنها مكان «لتلقي العلم والتحلي بالأخلاق»، موضحاً أن الجامعة لا تشهد مثل هذه الحالات باعتبارها في «محافظة ريفية»، وهو نفس التوجه الذي عبر عنه ماجد نجم، رئيس جامعة حلوان. من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، عادل عبد الغفار، في تصريحات لـ «مدى مصر» اليوم، الأحد، إن هذا التوجه يعود لاجتماع المجلس الأعلى للجامعات قبيل بداية العام الدراسي، حيث تم التشديد فيه على ضرورة عودة «الانضباط» للحرم الجامعي على مستوى كل الجامعات المصرية. وأضاف عبد الغفار «بالطبع الطالب حر في اختيار ما يرتديه، لكن هذه الحرية يجب أن تكون حرية مسؤولة، فالملابس التي يرتديها الطلبة بالجامعات ينبغي أن تكون لائقة بالمكان الذي يأتون إليه للتعلم». وحول معايير «الزي اللائق» ومن يحددها، اكتفى عبد الغفار بالقول إن «ارتداء ملابس تليق بالحرم الجامعي هو معيار واضح في حد ذاته». تزامنت هذه الحملة مع تصريحات منسوبة للنائب عبد الكريم زكريا، عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، بضرورة توحيد الزي الجامعي للطلاب. ونقل تقرير صحفي عن زكريا قوله إنه سيتقدم بمشروع قانون لتوحيد الزي الجامعي تحدده وزارة التعليم العالي. وفي تصريحات أخرى، قال زكريا إن مشروع القانون يهدف إلى «الحد من ارتداء الملابس المخالفة وغير اللائقة من بعض الطلاب أو الطالبات، مثل الملابس الضيقة والمقطعة التي تخالف قيم المجتمع المصري وعاداته وتقاليده». إلا أن زكريا نفى نفيًا قاطعًا، في تصريحات لـ «مدى مصر» نيته تقديم أي مشروعات قوانين في هذا الشأن، معربًا عن ضيقه مما أسماه «حملة هجوم شديدة» من الطلاب الجامعيين ضده. وقال الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، في تصريحات لجريدة الوطن، أنه لن يتم تطبيق زي موحد داخل الجامعات، مضيفًا أن هذا الطرح «ليس له محل من الإعراب». وبالتزامن مع الحديث حول الملبس، امتدت مظلة رقابة الجامعات لتشمل السلوك الشخصي للطلبة، خاصة بعد إحالة طالب وطالبة بجامعة طنطا للتحقيق بعد أن احتضنا بعضهما داخل الحرم الجامعي خلال احتفالا زملائهما بخطبتهما. إلا أن فرض قيود على الزي الشخصي للطلبة داخل الجامعات لم يقتصر فقط على «البنطلونات المقطعة»، بل تعدى ليشمل في بعض الأحيان الطالبات اللاتي يرتدين النقاب، حيث يثير ارتداء النقاب داخل الجامعات جدلاً متجدداً في السنوات الأخيرة. كان عدد من الطالبات المنتقبات بكلية الآداب جامعة المنصورة قد تقدمن بشكوى ضد أحد الأساتذة بعد طردهن من محاضرته الأسبوع الماضي بسبب ارتدائهن النقاب، على حد قولهن. وفي يوليو ٢٠١٥ قررت جامعة القاهرة منع عضوات هيئة التدريس بالجامعة من ارتداء النقاب أثناء عملهن، وهو القرار الذي أثار عاصفة من الانتقادات ضد رئيس الجامعة آنذاك جابر نصار. وعلى الرغم من إشارة المتحدث باسم وزارة التعليم العالي أن التشديدات الحالية جاءت استجابةً لتوصيات المجلس الأعلى للجامعات هذا العام، إلا أن الحديث حول فرض أشكال من الرقابة على ما يرتديه الطلاب ليس جديدًا. ففي ٢٠١٤، تصاعد الجدل حول ارتداء الطالبات للفيزون، والطلبة للشورت، وهو ما أدى لقرار بعض الجامعات بمنع ارتداء هذه الملابس في مناسبات مختلفة. يقول هاني الحسيني، الأستاذ بجامعة القاهرة وعضو حركة ٩ مارس لاستقلال الجامعات، إن هناك توجهًا «غير مفهوم» للحديث حول السلوك الشخصي والأخلاقي للطلاب، مشيرًا إلى أنه أمر لا يجب أن يكون محط اهتمام القيادات الجامعية. وأضاف الحسيني «أرى أن المبالغة في الحديث حول السلوك الشخصي للطلبة هي محاولة من مسؤولين فاشلين في معالجة مشاكل التعليم الحقيقية، لأن المسؤولين ليس لديهم ما يقولونه في هذا الشأن، فيحاولون عوضًا عن ذلك نفاق السلطة والمجتمع المحافظ من خلال الحديث عن الأخلاق وحمايتها». كان إبراهيم سالم، القائم بأعمال رئيس جامعة طنطا، قد طالب بضرورة عودة الحرس الجامعي للجامعات، في معرض حديثه عن واقعة التحقيق مع طالبة وطالبة بالجامعة قاما باحتضان بعضهما بعد أن تقدم الطالب لخطبة زميلته بالكلية. وقال في تصريحات لبرنامج «على مسؤوليتي» المذاع على قناة «صدى البلد» الفضائية إن «رجل الشرطة كان بالجامعة ليه هيبته قبل ٢٥ يناير، ولكن عندى بالجامعة أفراد تابعين لشركة أمن يتقاضون رواتب ضعيفة وما عندهمش أي حصانة، والطالب بييجي يخوفه وعاوز يدخل الجامعة بدون أي إثبات شخصية». بحسب الحسيني، فإن وجود الحرس الجامعي لم يمنع مقتل طالب بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة في عام ٢٠١٠ أثناء مشاجرة اندلعت بسبب التحرش بطالبة، مضيفًا «وجود الحرس الجامعي لم يمنع حدوث مثل هذه الحوادث، فلا أفهم توجه الجامعات لمنع كل ما لا يعجب القيادات الجامعية. الجامعة مجتمع كامل، خُلق للطلبة لكي يُكّونوا علاقات اجتماعية ويمارسوا أنشطة ويعملون بالسياسة، الجامعة ليس فقط مكانًا للطلاب لتلقي محاضراتهم والعودة لمنازلهم مثلما تحاول الإدارات الجامعية فرضه، نحن نلغي دور الجامعة الحقيقي باتخاذ هذا النهج». محمد حسين، طالب دراسات عليا بجامعة الإسكندرية، يقول لـ «مدى مصر» إنه على الرغم من عدم إصدار قرارات رسمية بمنع ارتداء الطلبة لأنماط معينة من الملابس، إلا أن الأمن الإداري بالجامعة بدأ بالفعل بمنع الطلبة الذين يرتدون «الشورت» والبنطلونات المقطعة من دخول الحرم الجامعي، ولا يستطيع أيًا من الطلاب المرور أمام أيًا من موظفي الأمن الإداري وهم يدخنون السجائر، على حد قوله. ويضيف حسين «من الواضح أن ذلك محاولة لإسقاط التدهور الذي نعانيه في النظام التعليمي على الأخلاق، فالمشكلة ليست في سوء الإدارة أو عدم قدرة الجامعات على توفير مناخ بحثي جيد للطلبة، ولكن المشكلة هي فقط في أخلاق الطلبة، فتتحول المسؤولية من فشل الإدارات إلى الطلبة وأخلاقهم، هذا توجه عام للسلطة الحالية بشكل كبير». ويتفق هشام علي، الطالب بجامعة الإسكندرية، مع حسين، مضيفًا أن الإدارات الجامعية تريد تحويل الطلبة إلى مجاميع متشابهة من البشر «لتسهل السيطرة عليهم»، على حد قوله. ويستدرك «عشان احنا مجتمع ديني محافظ ما ينفعش تلبس الحاجات دي داخل الجامعة بس عادي ممكن تتحرش بزميلتك لفظيًا وهتلاقي الأمن الإداري واقف بيتفرج ومش هياخد رد فعل». على الرغم من رفضه لفرض زي موحد داخل الجامعات، إلا أن محمد سعيد، الطالب بجامعة القاهرة، يرى أن ارتداء بنطلون مقطع «غير لائق»، مؤكدًا «العلم ليه احترامه وقدسيته بصراحة، الجامعة مش كباريه. مفيش مانع إن الواحد يكون up to dated .. بس منقعدش نقلد و خلاص». أما مروة إمام، وهي طالبة بجامعة القاهرة، فتقول إن قيودًا أكبر تُفرض على زي الطالبات، حيث كانت القمصان مكشوفة الكتفين «حديث العام»، بالإضافة إلى البنطلونات المقطعة التي ترتديها الفتيات. وتضيف مروة «الملفت للنظر ليس فقط سيطرة إدارات الجامعة على ما يرتديه الطلاب، ولكن تدخل الطلبة أيضًا في الزي الذي يرتديه زملائهم، مما يؤدي لفرض سيطرة ووصاية غير مفهومة على الإطلاق، أرى أن الحديث حول الزي الخاص بالطلاب يعكس فراغًا كبيرًا بالحياة الأكاديمية داخل الجامعة. للأسف لا يستطيع الطلبة الاعتراض على هذه القيود، فلم يعد الطلبة قادرون على الاعتراض على أي شيء داخل الجامعة». وأثار ارتداء الفتيات للبنطلونات المقطعة تحديدًا غضب الدكتور طارق سرور، عميد كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية، الذي أصدر قرارًا بمنع ارتداء «الملابس التي تظهر مفاتن الجسم للطالبات»، وتلك التي تميز الأشخاص دينياً مثل الجلباب. وقال سرور في تصريحات للمصري اليوم الأسبوع الماضي أنه كان يتجول بالكلية حينما لاحظ عددًا من الطالبات يرتدين ملابسًا ممزقة «تخالف تمامًا العادات والتقاليد الدينية والقيم الجامعية». وأضاف سرور «سألت قائد الأمن عن كيفية دخول هؤلاء الطالبات حرم الكلية، وطلبت منه على الفور تتبعهن والاجتماع بهن في مكتبه وتوعيتهن برفض الكلية هذا النوع من الملابس غير المحتشمة والتي يرفضها الدين وتخالف الأصول الجامعية». وبحسب المصري اليوم، فإن سرور «أصدر تعليمات مشددة لأفراد الأمن الموجودين على بوابة الكلية بعدم دخول أي طالبة ترتدي ملابس غير محتشمة، تثير غرائز الشباب وتدعو للتحرش بهن من جانب الطلاب، وكذلك منع دخول الطلاب الذين يرتدون جلبابًا».
«أنا عندي وسواس قهري على فكرة. امبارح كنت مكتئب جدًا. حرفيًا، جات لي نوبة فزع. متهيألي إنه مريض باضطراب ثنائي القطب. الطقس ده عنده فصام في الشخصية. أنا مدمن للمسلسل دا.» مع الانتشار الواسع للمصطلحات السابقة، أوشكت على فقدان معناها، كما أن استخدامها المجاني قد يعمينا عن المشاكل الحقيقية. منذ عام، رسمت فنانة واعدة مقيمة بالقاهرة لوحة فنية للإشارة لليوم العالمي للصحة النفسية. هذا العام، لم تعد عُلا معنا. ولأننا شعرنا في «مدى مصر» بحزن شديد لرحيلها، فقد قرّرنا أن تكون رسمتها بداية لسلسلة تدوينات متعلقة بالصحة النفسية «بلا وصم .. بلا رومانسية». ما الذي يعنيه اعترافنا بأن العالم مجنون، ليس بالمعنى المجازي، وإنما إدراكنا لأن عملية التكيّف الاجتماعية ليست بهذه السهولة؟ وحتى إذا سلّمنا بذلك، فما هي قيمة ذلك التسليم دون الالتفات والتعامل الجدي مع أشكال الصراع والمعاناة الأقل بروزًا؟ قد يكون علينا سماع قصص من مرّوا بتلك التجارب، سواء من نجحوا في تخطّيها، أو من أخفقوا. ندعو كل من مرّ بمعاناة مع المشاكل النفسية، لمشاركة أعماله الإبداعية عن تلك التجربة، سواء كانت في شكل نص كتابي، نثري أو شعري، أو رسومات، أو غير ذلك من الأشكال الفنية. بنشر تلك المساهمات الفترة القادمة، نأمل أن تنير لنا الطريق عن حقيقة معايشة هذه الصراعات. إذا رغبتم بالمشاركة أو كانت لديكم أسئلة.. ارسلوا لنا رسائل على الفيس بوك. يمكنكم قراءة القطعة الأول هنا