صومالى تايمز

مقديشو (صومالي تايمز) دعا رئيس الجمهورية محمد عبد الله فرماجو في بيان صحفي صدر مساء اليوم الأربعاء رؤساء الولايات الإقليمية الفيدرالية إلى الوحدة وضرورة الانسجام والتعاون التام بين المؤسسات الفيدرالية الولائية لأداء كل جهة مسؤوليتها المنوطة بها. وأضاف رئيس الجمهورية في البيان الرئاسي أن البلاد في حالة تعافي ونهوض من كل النواحي، ولا تحتمل المزيد من الأزمات السياسية، وأن الحل الوحيد للمشكلات القائمة ونهوض الصومال من كبوته هو الوحدة والتعاون، وضرورة الحوار في كل ما يستجد من عدم التفاهم. جاء البيان الرئاسي بعد اختتام الإجتماع التشاوري لرؤساء الولايات الاقليمية أعماله في مدينة كسمايو مساء أمس، وصدور بيان ختامي صباح اليوم جاء فيه إنشاء مجلس تعاوني للولايات الفيدرلية، وإيقاف العلاقات التعاونية مع الحكومة الاتحادية والمؤسسات الدستورية مالم يتم تفاهمات سياسية حول عملية المسار الدستوري، وتوزيع الثورات، والسياسة التنفيذية، ومطالبة الولايات بصلاحيات دستورية واسعة في مجال السياسة الخارجية والتعاون الدولي، وتوزيع المعوانات الخارجية على أساس الولايات وإعطائهم الحصص الأكبر.
وسط ترقب شديد وتباين في المواقف بين المتابعين ما بين من يراها ولايات مارقة وإنقلاب على الشرعية، وبين من يدافع ويرى عكس ذلك دفاعا عن النظام الفيدرالي، اختتم الإجتماع التشاوري لرؤساء الولايات الاقليمية أعماله في مدينة كسمايو ببيان أثار جدلا في الأوساط الإجتماعية، ومرحلة جديدة من الفوضي، بمشاركة كل من رئيس ولاية جوبالاند أحمد مدوبي، ورئيس ولاية بونت لاند عبد الولي غاس، ورئيس ولاية جنوب غرب الصومال، شريف حسن ، ورئيس ولاية غلمدغ المخلوع حسب البرلمان الولائي " أحمد دعاله حاف"، ورئيس ولاية هيرشبيلي محمد عبدي واري وكان من أهم البنود إنشاء مجلس تعاوني للولايات الفيدرلية يتكون من رئيس ونائبه على غرار المجلس العليا للبرلمان الممثل الحقيقي للولايات. قطع العلاقات التعاونية مع الحكومة الاتحادية والمؤسسات الدستورية مالم يتم تفاهمات سياسية حول عملية المسار الدستوري، وتوزيع الثورات، والسياسة التنفيذية. مطالبة الولايات بصلاحيات دستورية واسعة في مجال السياسة الخارجية والتعاون الدولي. مطالبة الولايات بتوزع المعوانات الخارجية على أساس الولايات وإعطائهم الحصص الأكبر بحجة أنهم الضحية. مواضيع أخرى تتعلق بالمستجدات السياسية" الصراع الخليجي" والأمنية والاقتصادية في البلاد والعلاقات بين الولايات ذاتها ، وسبل تعزيز وتوطيد الشراكة الوطنية ومواءمة جهود المسؤولين لتجاوز التحديات الأمنية الراهنة ، ومطالبة الولايات من اللجنة المستقلة للانتخابات بتوضيخ خارطة طريق الانتخابات في ٢٠٢٠م وإدانات للحكومة الاتحادية واستنكارات ممتالية، ونداءات وتوصيات تندرج كلها تحت سياسة إقصائية مدروسة بحنكة دبلوماسية. المجلس التعاوني الجديد تعطيل لدور الغرفة العليا للبرلمان أثار عدد كبير من الكتّاب والمتابعين وبعض المجتمع المدني لا جميعهم مخاوفهم من هذا المؤتمر الذي يعتبرونه خطرا على وحدة البلاد، ومؤامرة إمارتية بإمتياز، والهدف منه وضع خارطة سياسية بين الولايات ، استعدادا لجولات من المواجهة ضد الحكومة الاتحادية وهو ما حدث فعلا. وفي وقت عسير طلبت الولايات من اللحنة الإنتخابية تعجيل الانتخابات للفرفة العليا للبرلمان وسط تجاذب سياسية في ٢٠١٦م، وكانت ترى الولايات أن المجلس ينهي النزاعات المتكررة بين الولايات الفيدرالية والحكومة الاتحادية ، وكانت هي الأولى من نوعها في البلاد على مدى تاريخها إطلاقاً، ورغم الكثير من التجاذبات والمناكفات التي جرت بين القيادات السياسية والاتجاهات الفكرية والقبلية التي تمثلها إلا أنه نجحت الولايات في تمرير مشروعها. ومهمة المجلس كما تشير المادة "٧١" من الدستور تمثيل الولايات الفيدرالية للحكومة الاتحادية، إضافة إلى المهام الكثيرة التي يحيل إلية الدستور واللوائح الأساسية، ولكن اليوم وبعد مرور الوقت أعلنت الولايات تعين مجلس تشاوري للولايات على غرار المجلس العليا الممثل للولايات، وهذا تعطيل للمجلس وتوكيل مهامه إلى المجلس الجديد، ولعب على عقول الشعب، وإزدواجية في المعايير فهم المؤسسون للمجالس والمعطلون له في نفس الوقت. البند ٥٣ من الدستور إشكالية دستورية أم فهم سياسي واعي كما تشير المادة " ٥" في الفقرة الثانية في قانون نظام القضاء الصادر ١٩٦٣، فإن المحكمة العليا تعمل على سلامة تطبيق القانون، وتوحيد تفسيره، وفي المادة "٦" فإن المحكمة العليا تمارس مشكلة كمحكمة دستورية الوظائف المنوطة في المادة "٩٩،١٠٢" من الدستور، وهي المهام المنصوصة في المادة "١٠٩" من الدستور الانتقالى الفيدرالي. ويمكن الطلب من المحكمة العليا حول تفسير بنود القانون، والنزاع بين الولايات والحكومة الاتحادية، ويبدو أن التمسك بفراغ المحكمة الدستورية سياسة غير راشدة لا تقوم على دليل، وعلى الحكومة إستكمال المؤسسات الدستورية، وتشكيل المحكمة الدستورية. فالسياسية الخارجية لادخل لها للولايات وهي مسألة تختلف من دستور إلى دستور، فالدستور في الأرجنتين يعطى دورا فعالا للمقاطعات في العلاقات الدولية والسياسة العامة بخلاف الهند، وأستراليا ، والنمسا، وبلجيكا وهذا يحسمه دستور كل دولة فيدرالية. فالمادة "٥٤" رغم أنها صيغة ضعيفة بالنسبة للأطر القانونية المتبعة، إلا أنها لم تعط فرصة للولايات في مجال السياسة الخارجية، بينما تعطى المادة "٥٣" تشاورا في مجالات محدودة في المعاهدات والإتفاقيات ولاسيما إذا تمس المعاهدة بولاية معينة، والمعونات الخارجية، والتجارة، والقضايا المصيرية المقيدة في المعاهدات لاغير، وهذا التشاور يعتبر شأنا داخليا. مخرجات المؤتمر التشاوري خرق للدستور أم حق دستوري إجتماع رؤساء الولايات والتعاون فيما بينهم حق دستوري، ولكن في إطار القانون والدستور، فالمادة "٥٢" تعطى للولايات فرصة التشاور والتعاون في الأمور المشتركة، وتوقيع إتفاقيات تعاونية فيما بيهم ولكن يشترط أن لا تكون هذه الإتفاقيات ذات قيمة قانونية، وأن لا تتعارض مع الدستور الفيدرالي كما تؤكد الفقرة الثانية من نفس البند. وفي المادة "٥١" من الدستور في فقرتها "٤" توجب على جميع الحكومات بمستوياتها المختلفة خضوعها للدستور، وعدم إستعمال سلطات فوق الإطار الدستوري. كما تدرج المادة "٥٠" من الدستور من ضمن المبادى الفيدرالية خضوع جميع القرارات بمستوياتها المختلفة للرغبة الشعبية. وهنا يعطى الدستور فرصة للرأي العام ومخالفته يبطل جميع القرارات بجميع المستويات المختلفة الولائي ، والاتحادي، وكل حق يتبعه واجب. تصحيح مسار الدولة توزيع الثروات والمعونات الخارجية بشكل عادل، والسعي إلى المفاوضات حول الملفات المتنازعة عليها كعملية سير الدستور، وتوبيخ اللجنة الإنتخابية المستقلة عن تعاقدها عن وضع خارطة سياسية واضحة للإنتخابات المباشرة في ٢٠٢٠، وتوبيخ الحكومة على التقاعس في بعض الملفات والحفاظ على النظام الفيدرالي، وإستكمال مؤساسته شيء جميل يجدر الثناء على الولايات، ولهم الحق في إبداء آرائهم ،ويجب محاسبة المسؤولين عن هذه الملفات . المرحلة الجديدة والسيناريهات المحتملة مخرجات المؤتمر التشاوري هو إعلان عن بداية مرحلة جديدة لا تقل أهمية عن الصراع الخليجي، فقد يمكن أن يتابع الإعلان حصارا إقتصاديا، وسياسيا، رغم الإرتباط الواضح بالأبعاد السياسية، ويبدو أن الحكومة تجني ثمار موقفها الحيادي رغم تغير السياسة بعض الدول الخليجية تجاه موقف الصومال إلا أن بعضها لا تزال تمارس ضغوطاتها ويمكن أن يكون السيناريو في هذه المرحلة كالتالي السيناريو الأول الحكومة الاتحادية تري الولايات الفيدرالية ما عدا بونتلاند أنها لم تأت بالترتيبات الدستورية ولا تتماشا مع الدستور ومع القوانين، ولا تحظى بدعم شعبي ويجب مراجعتها وتتعامل معها بكل قوتها السياسية مستفيدة من الرغبة الشعبة وهي كالتالي دعم مرشحها في جلمدج، وإستمالة شيخ محمد شاكر رئيس أهل السنة والجماعة وإقناعهم بنائب الرئيس، ونقل الحكومة إلى العاصمة " طوسمريب" وهذا هو الأقرب منطقيا بعد إعلان المجلس الإنتخابي لولاية جلمدج اليوم الجدول الزمني للإنتخابات الرئاسية ،وترحيب شيخ محمد شاكر في مقديشو، واللقاءات بين الوزير الخارجية يوسف غراد وبين الشيخ محمود الأب الروحي لأهل السنة في نيروبي كما نشر الوزير في صفحته. دعم ثورة جوبلاند التي لم تعلن أهدافها بعد في دولو، والإجتماعات الخفية في مدينة دولو في محافظة جدو التي جمعت بين بعض النواب والوزراء، ووصول الوفود والنواب والضباط في "دولو" دليل مرحلة أخرى ، ولا نعرف هذه الإجتماعات وأهدافها الحقيقية ولكن بعض الأخبار الخفية تشير إلى عصيان برلماني جعل دولو مقرا له، يريد الإطاحة بأحمد مدوبي، ولا شك أن مؤتمر التشاور في كسمايو أحرق بعض أوراق أحمد مدوبي لدى الرأي العام والحكومة ولا يستبعد أي محاولة لإسقاطه. وكذلك في ولاية غرب الصومال التي ظهرت أصوات تنادي بالتغيير رغم قوة شريف حسن وحنكته. السيناريو الثاني الجلوس على الطاولة وقبول بعض التنازلات وإقناع الولايات كلها أو بعضها، ووضع خطة جديدة للمرحلة القادمة تكون الولايات هم نواتها، ووضع برتكولات بين الطرفين لوصول الحل النهائي. وعلى كل حال فإننا أمام مرحلة جديدة قد تفضي إلى ما لا يحمد عقباه، ويجب أن يكون العقل والمنطق هو الحَكَم، والسعي إلى وصول الحل النهائي وإقناع الجميع باحترام الدستور هو الهدف، وأرجو أن يأخذ دوره الريادي لرفض أي عرقلة للسلام والتنمية المنشودة لأنه الضحية الأكبر.
هرغيسا (صومالي تايمز) أصدرت اللجنة الوطنية للانتخابات في صومالي لاند العدد الإجمالي للناخبين المسجلين الذين يحملون بطاقات هوية للتصويت في انتخابات نوفمبر القادمة. وأظهرت البيانات التي نشرت في مؤتمر صحفي أمس الثلاثاء إجمالي عدد الناخبين المسجلين والمؤهلين في صومالي لاند هو ٧٠٤،٠٨٩ ناخبا وناخبة. وقال سعيد علي موسى المتحدث باسم اللجنة إن اللجنة أكملت عملية التوزيع وتنظيف بطاقات هوية تسجيل الناخبين وإطلاق القائمة على الأحزاب السياسية الثلاثة في صومالي لاند ووزير الداخلية. وقال موسى "إن ٠٨٩،٧٠٤ شخصا أخذوا بطاقات تسجيل الناخبين و ١٦٩٢٤٢ هم الذين سجلوا فى وقت سابق للتصويت لكنهم لم يتمكنوا من أخذ بطاقات تسجيل الناخبين بسبب الجفاف الأخير الذى ضرب المنطقة مما خلق حركة سكانية". وتعرضت هذه الانتخابات لعدة تأخيرات، ومن المقرر أن تجرى الانتخابات الرئاسية فى صومالي لاند في مرحلة واحدة في مارس الماضي، بيد أن الجفاف، مقترنا بالاختلاف السياسي بين الأحزاب السياسية، تسبب فى إعادة جدولة الموعد. وقال موسى إن جميع الاستعدادات قد بدأت وستبدأ الأحزاب السياسية حملاتها قريبا، مضيفا "لقد اتخذنا جميع الاستعدادات للانتخابات في الوقت المحدد. من جانبنا كمفوضية انتخابية، لم يبق شيء ". وفي ١٣ نوفمبر، سيدلى الناخبون بأصواتهم في ١٦٦٤ مركز اقتراع في ٢١ دائرة انتخابية في جميع أنحاء صومالي لاند. ويتنافس ثلاثة مرشحين من الأحزاب السياسية الثلاثة الوحيدة في صومالي لاند، وهم موسى بيحى من حزب السلام والوحدة والتنمية الحالي (كولمي) وفيصل علي ورابي من حزب العدالة والتنمية وعبد الرحمن محمد عبد الله "عيرو" من حزب الوداني. وقد أعلنت أرض الصومال عن استقلالها عن باقي الصومال في عام ١٩٩١، إلا أن المجتمع الدولي لم يعترف بها، مما تركها في مأزق قانوني. وخلافا لجنوب الصومال، فإنها تتمتع بسلام نسبي أنشأت فيه مؤسساتها الحكومية، وكتبت قوانينها ودستورها، وأجرت انتخابات ذات مصداقية. ومنذ نيسان أبريل ٢٠٠٣، عقدت في صومالي لاند انتخابات رئاسية وانتخابات برلمانية وانتخابات لحكومتين محليتين. وفي تلك الانتخابات، أشاد المراقبون الدوليون بصومالي لاند من أجل تحقيق المزيد من الديمقراطية بأقل قدر من المال وعدم الاعتراف الدولي. وفي الأسبوع الماضي، زار وفد رفيع المستوى من الشركاء الدوليين هرغيسا لتشجيع جميع أصحاب المصلحة على العمل معا من أجل إجراء انتخابات سلمية وشاملة وشفافة.
ميلانو (صومالي تايمز) حكم القضاء الايطالي اليوم الثلاثاء على الصومالي عثمان محمود البالغ ٢٢ عاما بالسجن المؤبد لارتكابه جرائم قتل وتعذيب في ليبيا، بعد أن تعرف عليه أحد ضحاياه عندما انضمّ إلى مجموعة من المهاجرين. وأوقف محمود في أواخر عام ٢٠١٦ في مركز لاستقبال اللاجئين في ميلانو، حيث كان حوالي ١٥ مهاجرا يهددون بقتله بعد أن تعرفوا عليه كأحد ممارسي التعذيب بحقهم كما انتزع منهم أموالا، في مخيم بني وليد في الصحراء الليبية. ففي مخيمات الإقامة الموقتة هذه، يحتجز المهربون المهاجرين في وقت يدفع فيه أقرباؤهم كلفة متابعة الرحلة، وغالبا ما يعذبونهم لانتزاع منهم مبالغ أكبر من تلك التي طلبوها منهم في البداية، قد تصل الى ٧٥٠٠ دولار للشخص الواحد. وروى ١٧ شخصا، غالبيتهم من الجنسية الصومالية، أمام محكمة الاستئناف في ميلانو كيف مارس هذا الشاب التعذيب بحق مئات المهاجرين الذين مروا في المخيم. وشهد العديد على رؤية محمود يضرب مهاجرين حتى الموت أو تركه آخرين يموتون بسبب نقص الرعاية أو الطعام. وروت امرأتان أن محمود اغتصبهما لأشهر عدة. وقال المدعي العام مارسيلو تاتانجيلو في أيلول سبتمبر "محمود ضحية وهم امتلاك القوة المطلقة بفعل السيطرة على حياة مئات الأشخاص". ونفى الشاب الصومالي من جهته كل الاتهامات التي وجهت اليه، مؤكدا أنه ليس إلا مهاجر من بين آخرين مورست عليه أيضا أعمال عنف في ليبيا. وقال محاميه إنه ضحية حرب عشائر، وهي حجة رفضها الادعاء الذي أكد أن العديد من الشهود ينتمون إلى عشيرته في الصومال. وقال محمود الثلاثاء "قلت الحقيقة، لم أكذب، لم أرتكب أية جريمة". لكن شهادات الضحايا أثرت كثيرا بالمحققين. وصرّحت المدعية العامة ايلدا بوكاسيني أنه "خلال ٤٠ عاما من العمل القضائي، لم أر مثل هذا الرعب، يمكننا تصور أن ما كان يحدث في بني وليد يحصل في كل مخيمات" المهاجرين في ليبيا، معلنة أن الملاحقات ستجرى في كانون الثاني يناير. المصدر ا ف ب
مقديشو (صومالي تايمز) شرعت الحكومة الصومالية في تقييم احتياجات تأثير الجفاف الذي سيحدد العوامل الدافعة وأثر الجفاف المتكرر، ويحدد أيضا الحلول الطويلة الأجل التي يمكن أن تمنع المجاعة نتيجة للجفاف. وستستند هذه الخطوة التي تم التوصل إليها في ختام اجتماع استمر ثلاثة أيام للخبراء العالميين في مقديشو إلى البيانات التي جمعتها بالفعل السلطات الحكومية والوكالات الإنسانية والتنمو ية في جميع أنحاء البلاد. وقال بيان صدر في ختام الاجتماع أمس الاثنين، ضم خبراء فنيين من الحكومة على المستوى الاتحادي والولائي، والبنك الدولي، والاتحاد الأوربي، والأمم المتحدة، إن التقييم سوف يتبعه وضع إطار للانتعاش والقدرة على الصمود التي ستعالج الاحتياجات المحددة. وقال وزير التخطيط والاستثمار والتنمية الاقتصادية جمال حسن، في حديثه في هذا الحدث، إن توقعات الحكومة للتقييم والإطار مرتفعة. وإضاف "إننا نأمل في أن يحقق إطار الانتعاش والقدرة على الصمود الذي سيتم تطويره من تقييم احتياجات تأثير الجفاف (دينا) آلية شاملة نستخدمها نحن الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية من أجل تخفيف الآثار السلبية للجفاف التي ما زلنا نواجهها". وسيتيح كل من التقييم والإطار التوصل إلى حلول إنمائية ووقائية إلى جانب تقديم الإغاثة الإنسانية، حتى يتسنى للصومال أن يكون قادرا على الانتقال نحو الانتعاش المستدام والتأهب للكوارث. وبدأت عمليات التقييم والإطار، وستنفذها الحكومة الاتحادية والولايات الإقليمية في إطار خطة التنمية الوطنية للحكومة، بدعم من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. وقال حمود علي حسن نائب وزير الزراعة الاتحادي إن الوقت قد حان للبدء في النظر في حلول وقائية طويلة الأجل، وتنفيذها من شأنها الحد من التعرض للجفاف في الصومال. وقال نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصومال بيتر دي كلارك إنه من الحيوي الاستمرار في تقديم المساعدة الإنسانية مع العمل في نفس الوقت على ضمان عدم تحول الجفاف مرة أخرى إلى المجاعة. ومن المقرر الانتهاء من تقييم الاحتياجات من آثار الجفاف ووضع إطار الإنعاش والقدرة على الصمود بحلول كانون الأول ديسمبر المقبل.
كانت السماء – مساء السبت في كامل صفائها كما نقول نحن، أو فقيرة بالسحب كما يقول أهل النرويج، وعليه ذهبت إلى الموعد مشياً، جسم البشر في بلاد الثلج يتلذذ كثيراً بأشعة الشمس ولهذا يهرع الجميع نحو الهواء الطلق نصف عرايا كلما غابت السحب من كبد السماء. كان أهل الدار مع أطفالهم في حديقة المنزل، وبعد تحية المساء وأخذت مكاني إلى جوار طاولة الفناء دون أن أعتني كثيرا بالرد على كلمات الترحيب الشكلية. هانس مرحبا بك اُغاس، أنت لا تزور الناس لا بمواعيد مسبقة، أوربي أكثر من الأوربيين، ازداد الشيب في شعرك قليلاً، الدردشة في الهواء الطلق مفضلة عند الأفارقة في النرويج أليس كذلك هاجي اُغاس. اُغاس بكل تأكيد يا هانس، نحن نقضي أعمارنا تحت ظل الشجر هناك في إفريقيا، ونتحدث بصوت عالي لأن ليس لدينا ما نخفي، وأنتم محرومون عن تلك النعمة، أعماركم تنتهي بجوار المدفأة في غرفة الجلوس وتتحدثون بصوت منخفض لأن دنياكم كلها أسرار. هانس لكل قاعدة شواذ يا أوغاس، وها نحن اليوم في النرويج نلتحف السماء كالأفارقة، ولكن دعنا عن كلام الطبيعة إلى كلام الرجال في بلادكم، ياريت كنت من الصومال، أتزوج وأطلق مثني وثلاث، وأنكح ما طاب لي من النساء حسب مزاجي دون رقيب أو حسيب، أنتم إلى الطبيعة أقرب من هذا المجتمع المقتول بالتقنين؟ اُغاس هل توافقين زوجك في هذا الكلام الرائع يا ماريا؟. ماريا أي روعة في مقولة هذا الشيخ المسن، التشريع لصالح الضعيف هو ما يميزنا نحن البشر عن أقاربنا في مملكة الحيوان، ابن عمنا الشمبانزي فرض عليه التطور أن يبقي في أحضان الطبيعة وفرض علينا أن نعيش في أحضان العقل، نكاح ما طاب لكم من النساء، والطلاق في أي وقت طاب للرجل الطلاق ظلم فادح، للمرأة والأطفال. المرأة عندكم تتوقع الطلاق في أي لحظة، وقد يأتي لها نبأ طلاقها وهي تغسل ملابس زوجها أو ترتب سرير نومه، هذا شيء محزن للغاية وجزء من قدر المرأة المحتوم في ثقافة بلاكم، نحن في هذا البلد نحترم حقوق الحيوانات المنزلية وتلك الطليقة في الغاب، فما بالك بالزوجة وأم الأولاد وسر استمرار الحياة في المجتمع. هانس أقل ما يقال عن نظام العلاقة الأسرية لديكم هو أنه نظام دكتاتوري ظالم، يضع كل السلطات في يد الرجل، ومستقبل الزوجة والأطفال معلق بقراره الشخصي الخاص، بل ومن حقه أيضا زواج ما طاب له من النساء دون استئذان زوجته الأولي أو حتى اشعارها بذلك! أوغاس وهل كل السلطات في يد الزوجة هنا، أسمع من المغتربين إلى هنا أن حقوق الكلب والطفل والمرأة تسبق حقوق الرجل هنا في النرويج؟!. ماريا الكلب عضو كامل العضوية في الأسرة نتبادل معه الحب والاحترام، والقانون يراقب علاقة الاسرة بالكلب كما يراقب علاقة الوالدين بأطفالهم، كل شيء في هذا البلد مقنن كما قال هانس، وفي الماضي البعيد وقبل أن يقرر إله السماء إرسال رسله وانبيائه إلى شعوب الشرق الاسط دون غيرهم من البشر كان قانون الزواج الفي كينغ الوثني في كل شمال أروبا يعطي لكل من الزوج والزوجة حق طلاق الآخر إن كان ذلك هو الحل الأمثل من وجه نظر أحدهم، ثم جاءت المسيحية الكاثوليكية، فسلبت من الاثنين حق الطلاق، وقالت لا طلاق بعد اليوم بل زواج دائم وحتى وإن تحول الي جحيم أبدي، ثم جاء البروتستانت، وقالوا شريعة الكاثوليك شركٌ وكفرٌ بغيض، وأعادت حق طلاق لكل من الزوج والزوجة تماما كما كان الحال قبل استيراد أديان السماء إلى بلادنا، ثم جاء عصر التنوير فوضعت الدولة حق الطلاق في يد القضاة في المحاكم. المجتمع مثل الكائن الحي ينمو ويتطور، ويزداد عقلا ووعياً وتعقيداً، وعلى القوانين أن تهرول خلف تغير المجتمع، ولا أصبحت نقمة معيقة لتطور قيم الشعوب. اُغاس ولم كل هذا التعقيد؟ لماذا لا تترك الدولة الناس ليحلوا مشاكلهم بأنفسهم؟ هانس لأن الأسرة هي اللبنة الأولي والأساسية في المجتمع، وهذا اللبنة يجب أن تكون صلبة للوصول إلى مجتمع متماسك ومن ثم دولة قوية... الدولة تحب أن تكون قوية ومرنة، وعليه تقوم بصيانة مفاصل الأسرة كي تزداد مرونتها ومن ثم انتاجها المادي والمعنوي. هذا هو المنطق المعتمد! اُغاس أجل. ماريا الدولة هنا تعمل المستحيل لتحافظ على تماسك الأسرة، هناك حوافز مالية، وإعفاءات ضريبية للمتزوجين، وإجازة عن العمل للأم من أجل رعاية الأطفال وأخرى للأب لنفس الغرض، ثم الإجازة الصيفية، وإخصائيون اجتماعيون متخصصون في حل المشاكل الأسرية، وفي نهاية المطاف يصب كل هذا في صالح الدولة. اُسرة متماسكة تؤدي إلى مجتمع مستقر، وهذا بدوره يؤدي الي دولة قوية تستند على قاعدة اجتماعية صلبة، وفي نهاية القصة الدولة تخدم نفسها بأسلوب يفيد المجتمع، العائلة والفرد،إلا ان الحال في بلادكم يختلف عن هذا كثيراً. اليس كذلك؟. اُغاس بكل تأكيد للأسف، ولو كان لدينا عُشر ما لديكم من نظم وقوانين لما هاجر أحد منا الي صقيع في شمال العالم، وانا – في حقيقة الامر اُفضل ظلال أشجار المانجو الوارفة على مدفأة غرفة الجلوس، الا أن للضرورة احكام. هانس ولكن بين أيديكم كتاب الله وسنة رسوله، ما ان تمسكت بهما لن تضلوا أبداً. اُغاس هذه عبارة يرددها خطيب المسجد يوم الجمعة، ويتركها عند المنبر ليعيد ترديدها في الجمعة القادمة، ومن قبل قال علي بن أبي طالب "القرآن بين دفتي المصحف لا ينطق ولكن يتكلم به الرجال". نظام الاسرة العقلاني في بلادكم أنتج عائلات مطمئنة، مجتمع مستقر ومن ثم ودولة متطورة تعود المجتمع دوما نحو غد أفضل. أما نظام الأسرة الرباني في بلادي الصومال فينتج عائلة مضطربة، مجتمع غير مستقر وبالتالي دولة هشة تصارع الموت. ما نحتاج إليه كي نخرج من هذه الورطة الأبدية هو إعادة تعريف ما نقصد به مصلح "الأسرة" ثم صياغة قوانين تحقق تكافؤ كفتي ميزان العلاقة الزوجية،لأن استقرار الأسرة لا يكون إلا بعلاقة عادلة تحفظ حقوق الأطراف الضعيفة (الام والأطفال) قبل ان تحفظ حق الطرف القوي الرجل الزوج. ماريا ولكن ما السبيل إلى ذلك في مجتمعكم الذكوري؟ اُغاس قبول قيم الحداثة التي تسربت حتى إلى مخادعنا، بعد أن أصحبنا نعيش في قرية كونية ذات بيوت زجاجية تبرز مساوى كل أسرة ومجتمع أكثر مما تستر، وكلنا بالغريزة نحاول اقتباس وتقليد كل ما هو جميل وإيجابي عند جارنا. تلك هي طبيعة البشر عبر الزمان والمكان. هانس كلام إيجابي، ولكن ما هي أحلامك نحو التغيير؟ اُغاس إلغاء كلمة "المهر" تماماً من قاموس تكوين الاسرة، هذه هي الخطوة الأولى للمساواة بين رب الأسرة وربة الاسرة، وبهذا لن تعود الزوجة بضاعة اشتراها الزوج من ولي أمرها بماله الخاص. ثم تجاوز بند " النفقة" الذي يوجب على الزوج الإنفاق على زوجته حتى وإن كانت صاحبة مال وفير. هذا البند تفوح منه رائحة أن الزوجة ليست شريكة زوجها في السراء والضراء، بل مجرد امرأة تم استئجارها على شرط "الانفاق عليها" ومن حقها ان تعود الي من حيث أتت اذ لم يستطع الزوج الوفاء بهذا الشرط. وأخيراً، إلغاء نظام تعدد الزوجات كما حدث في تونس منذ خمسينيات القرن الماضي لأن هذا النظام لا يعني سوى "رجل يعيش مع مجموعة نساءٍ تجمعهم علاقة الغيرة والبغض والحقد والتنافس على قلب الزوج" وهذا لا يساعد على تأسيس أسرة متعاونة ذات هدف وغاية واحدة تؤسس لمجتمع مستقر ودولة مستتبه تقود المجتمع إلى نحو الأفضل كما هو الحال في المجتمعات المتقدمة. إلى جوار ذلك يؤدي الغاء بندي " المهرة والنفقة" من نظام تأسيس الأسرة بالضرورة الي وضع قرار الطلاق بين الزوجين في يد القضاء والمحاكم، بدلاً من أن يكون في يد صاحب المهر والنفقة، وهذا هو العدل عينه. هانس هل كلامك هذا يحمل في طياته دعوة إلى الثورة على كل ما هو قديم في المجتمع، اليس كذالك؟ اُغاس قصف القيم البالية من جذورها واستبدالها بقيم أكثر مرونة ضرورة حتمية تفرضها رغبة المجتمع في التغير من أجل اللقاق بآخر عربة في قطار الحداثة.
بهذا العنوان المعبر البليغ "ماذا لو كان منفذ المجزرة مسلما؟" أخرص الصحفي الأمريكي المعروف توماس فريدمان أفواه الكلاب الناعقة في أوروبا وانتقد بقوة سياسة بلاده أمريكا و ما أدراك ما أمريكا.. وأذناب أمريكا في العالم أجمع خاصة الطابور الخامس عند العرب! كتب ذلك في مقال له، غاية في الأهمية بصحيفة «واشنطن بوست»، حول تعاطي السلطات الأمريكية مع مجزرة لاس فيغاس الأخيرة التي راح ضحيتها الأسبوع الماضي ٥٩ شخصاً، و ٥١٥ جريحاً، فيما كان انتقاده للرئيس دونالد ترامب تحديدا إذا ما كان منفذ الهجوم "ستيفن بادوك" مسلماً أقل حدة من رأيه الذي شدد فيه على انتقاد التساهل الكبير للتشريعات الأمريكية الخاصة باقتناء وتملك الأسلحة. ماذا لوكان منفذ العملية مسلماً.. أو صرخ بعبارة"الله أكبر"؟ واستهل الكاتب مقاله متسائلاً ومتهكما «ماذا لو كان بادوك مسلماً؟ أو أنه صرخ بعبارات مثل "الله أكبر"، قبل أن يقوم بإطلاق النار؟ ماذا كان سيحدث لو وجدنا له صورة وهو يحمل نسخة من المصحف الشريف في يده والأخرى تحمل السلاح الآلي؟ وماذا لو كان عضواً في تنظيم "داعش"؟، مضيفاً أنه لو كان مسلماً بالفعل، فإن الدعوات الحالية لعدم إهانة الضحايا، وعدم تسييس المسألة، كانت لتكون عكس ماهي عليه الآن، في إشارة منه إلى أن منفذ الجريمة لو كان مسلماً فإنه كان سيتم الاحتفاء بالضحايا بشكل مبالغ فيه وتناول الحادث على نطاق أوسع، بل وتسييس كبير للعملية. ووصف الكاتب الأمريكي العملية بأنها إرهابية بامتياز، مشيراً إلى أنه الحادث الإرهابي الأسوأ في الولايات المتحدة منذ هجمات ١١ سبتمبر. وأضاف «إذا كان منفذ العملية مسلماً، فإنك ستجد ترامب يغرد بعد دقائق معدودة من العملية كما يفعل دائما "ألم أحذركم من ذلك!!"، بعد أي هجوم إرهابي في أوروبا، بهدف إضفاء صبغة سياسية على تلك العمليات». وأشار فريدمان إلى أنه كانت ستكون هناك العديد من الإجراءات التي سيتخذها الكونجرس والتي تتضمن جلسات الاستماع المتتالية، ومشاريع القوانين الجديدة التي تمنع تكرار مثل تلك الحوادث. وتساءل الكاتب باستنكار شديد «ماذا سيحدث إذا كانت الولايات المتحدة نفسها هي منشأ القاتل الذي تَمَكن من شراء هذا الكم الهائل من الأسلحة بشكل قانوني، والتي لا يمكن أن تمتلكها إلا القوات العسكرية، بسبب سهولة وتراخي الإجراءات والتشريعات المنظمة لذلك ؟». ويشير فريدمان في إجابته عن تساؤلاته افتراضاً، إلى أن ترامب كان سيسرع من وتيرة العمل، ومن ثم يدعو إلى عدم "تسييس" الحادث، خلافاً لما يقومون به دوماً عند تنفيذ الهجوم بواسطة "مسلم". وأضاف الكاتب أنه « في الوقت الذي تدعو فيه الولايات المتحدة رجالها ونساءها لتقديم التضحيات، وإرسال ترسانات الأسلحة الثقيلة لمحاربة تنظيم "داعش" والمتشددين إلى آخر جندي فيهم، فإن كل حديث ترامب عن التنظيم لا يتعدى الإطار السخيف بأنه لا مجال للهزيمة، أو التراجع، أو الرحمة، في حين أن الأجواء مهيأة أكثر في الداخل الأمريكي لحصد الكثير من الأرواح من خلال سهولة الحصول على الأسلحة التي يمكن استخدامها لحصد أرواح ٥٩ شخصاً وإصابة أكثر من ٥٠٠ آخرين دفعة واحدة، بعد أن قال ساخراً إنه لا يتذكر العدد الفعلي من الأمريكيين الذين قتلتهم "داعش"، مشيراً إلى أنهم ربما ١٥ أو ٢٠ شخصاً، منتقداً بشدة القوانين الأمريكية التي تسمح للأشخاص بامتلاك ترسانة من الأسلحة كما هو الحال مع بادوك منفذ هجوم لاس فيجاس». وفي إشارة إلى تساهل السلطات الأمريكية مع حيازة السلاح، قال فريدمان «عند الحديث عن محاربة "داعش"، فإنك تجد الرئيس ترامب وكل حاشيته في صدارة المشهد، مع تأكيدهم أنه لا خيار آخر غير النصر، وعندما يكون الحديث عن تشديد الإجراءات الخاصة بشراء وامتلاك الأسلحة داخل الولايات المتحدة، فإن ترامب، ومن معه والسلطات يختفون عن المشهد تماماً، حيث إن الضحايا الذين تُحصد أرواحهم في مثل هذه الحوادث الداخلية، ليسوا ذوي أهمية كبرى مقارنة بفرد واحد يقتله تنظيم "داعش"». وأكد فريدمان أن كل ما يطلبه هو والكثير من الأمريكيين عدم السماح لأي شخص بامتلاك ترسانة عسكرية كما فعل بادوك، ملخصا أسباب الحادث في الفساد والتركيز على محاربة الأعداء الخارجيين من دون الاهتمام بما يمكن أن يحدث في الداخل من هجمات إرهابية يكون مصدرها الداخل نفسه، مشيراً إلى أن الفساد يلعب دوراً كبيراً، حيث يقوم صانعو السلاح، وموردوه، وبائعوه، بدفع الأموال لبعض «الجبناء» لتمرير بضاعتهم التي تحصد المئات من أرواح الأمريكيين في الداخل. الحروب الاستباقية في سبيل نشر الديمقراطية والقيم الليبرالية وبالتالي يبدو لي أن فريدمان بمقاله هذا يعبر بصدق عما يجري اليوم على ألسنة الساسة في الغرب عموما و ليس على لسان الرئيس الأمريكي ترامب و اليمين المتطرف عموما من الكيل بمكيالين للإسلام والمسلمين، و هو أمر معلوم ومعروف لدينا و لديهم وقد كتب عنه منذ عقود علماء من الغرب، كما كتب عنه علماء من الشرق، و من علماء الغرب من باب وشهد شاهد من أهلها ننقل ما كتبه المفكر الأمريكي اليهودي ناعوم تشومسكي، في كتابه "من يحكم العالم" وتحت عنوان فرعي "النخبة.. صنفان" يؤكد تشومسكي أن قناعات الولايات المتحدة الحالية لها جذورها التاريخية، حيث شرعن الرئيس الأميركي "وودرو ويلسون"(١٨٥٦ ١٩٢٤) الحروب في سبيل نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان والقيم الليبرالية. وتحاول الولايات المتحدة توظيف مقدراتها العسكرية وفائض السلاح تجاه مناطق النزاعات والصراعات التي ساهمت في اشتعالها بنيران الفتن الطائفية والحروب، حيث تتصدر أمريكا قائمة الدول المصدرة للسلاح. كما يؤكد تشومسكي "ان الظروف التي تسوق الناخبين باتجاه ترامب هي نفسها التي كانت وراء صعود الفاشية في القرن الماضي". كما شرعنت لنفسها ما أسمته الحروب الاستباقية وحق التدخل إذ يعتبر تشومسكي أن احتلال العراق كان "جريمة القرن الحادي والعشرين الكبرى"، مؤججة "نيران الفتن الطائفية بين العراقيين . و تحت عنوان "الولايات المتحدة المصدرة الأولى للإرهاب" يؤكد تشومسكي خطأ الولايات المتحدة باعتقادها أن مقتل قيادات الجماعات المتطرفة سوف يقضي على الجماعات، ويؤكد أن ما أسمته الولايات المتحدة "الحرب على الإرهاب"، كلف الإنسانية ثمنا دمويا باهظا نتيجة هوس الولايات المتحدة بالهيمنة، ودعمها لمراكز وفروع الإرهاب الحقيقي. مؤكدا "أن الولايات المتحدة تسعى لخلق حالة جديدة لما بعد "داعش"، وتخطط لولادة تنظيم جديد أكثر وحشية وقسوة واستنزافا للموارد لتنفيذ مخططاتها الخبيثة.. ". ومن مفكري الشرق، يطيب لنا الاستنارة بما كتبه في العقود الأخيرة الدكتور مصطفى محمود في كتابه "الإسلام السياسي والمعركة القادمة"، هذا العالم الموسوعي الذي جمع بين علم الأبدان و علم الأديان، إذ كتب رحمه الله "حينما يصرح الساسة في الغرب بأنهم لا يعادون الإسلام وانهم ليسوا ضد الإسلام كدين، فإنهم يكونون صادقين بوجه من الوجوه إذ لا مانع عندهم أبدا من ان نصلي ونصوم ونحج ونقضى ليلنا ونهارنا في التعبد والتسبيح والابتهال والدعاء، ونقضي حياتنا في التوكل ونعتكف ما نشاء في المساجد ونوحد ربنا ونمجده ونهلل له فهم لا يعادون الإسلام الطقوسي، إسلام الشعائر والعبادات والزهد، ولا مانع عندهم حتى في ان تكون لنا الآخرة كلها فهذا أمر لا يهمهم ولا يفكرون فيه بل ربما شجعوا على التعبد والاعتزال وحالفوا مشايخ الطرق الصوفية ودافعوا عنهم ولكن خصومتهم وعداءهم هي الإسلام الآخر ".. الإسلام الذي ينازعهم السلطة في توجيه العالم وبنائه على مثاليات وقيم أخرى.. الإسلام الذي ينازعهم الدنيا ويطلب لنفسه موقع قدم في حركة الحياة.. الإسلام الذي يريد ان يشق شارعا ثقافيا آخر ويرسى قيما أخرى في التعامل ونماذج أخرى من الفن والفكر.. الإسلام الذي يريد ان ينهض بالعلم والاختراع والتكنولوجيا ولكن لغايات أخرى غير التسلط والغزو والعدوان والسيطرة.. الإسلام السياسي كما يحلو لبعضهم تسميته أو الإسلام الذي يتجاوز الإصلاح الفردي إلى الإصلاح الاجتماعي والاصلاح الحضاري والتغيير الكوني؟. هنا لا مساومة ولا هامش سماح وإنما حرب ضروس.. هنا سوف يطلق الكل عليك الرصاص وقد يأتيك الرصاص من قوى سياسيه داخل بلدك الإسلامي نفسه.. " الدعوة في الغرب ليست رحلة مريحة، ولا تجارة مادية قريبة الأجل! وحي الله كل داعية مخلص متبصر بنور الله في ظروف صعبة كهذه، لأن الدعوة في الغرب غير الدعوة في الشرق، إذ الداعية في الغرب يحتاج إلى مناكب قوية، يصبر على البلاء، و يؤمن بالقضاء، لانّ الله تعالى خلق الدنيا وجعلها دار ممرٍ وليست بدار مقرّ، وحفّها بالمحن و الابتلاءات وغمرها بالمصائب والفتن.. لحكمة جليلة ذكرها تعالى في قوله { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ }. و صدق سيد الظلال القائل « الذي ينهض بالدعوة إلى الله في المجتمعات الجاهلية يجب أن يوطّن نفسه على أنه لا يقوم برحلة مريحة، ولا يقوم بتجارة مادية قريبة الأجل! إنما ينبغي له أن يستيقن أنه يواجه أقواما يملكون القوة والمال ويملكون استخفاف الجماهير حتى ترى الأسود أبيض والأبيض أسود! ويملكون تأليب هذه الجماهير ذاتها على أصحاب الدعوة إلى الله، باستثارة شهواتها وتهديدها بأن أصحاب الدعوة إلى الله يريدون حرمانها من هذه الشهوات !» كما إنني لم أجد أروع وأبلغ مما كتبه الإمام العلامة عبد الحميد بن باديس في هذا الصدد، حيث قال رحمة الله عليه « على أهل الحق أن يكون الحق راسخا في قلوبهم عقائد، وجاريا على ألسنتهم كلمات، وظاهرا على جوارحهم أعمالا، يؤيدون الحق حيثما كان وممن كان، ... يقولون كلمة الحق على القريب والبعيد، على الموافق والمخالف، ويحكمون بالحق كذلك على الجميع، ويبذلون نفوسهم وأموالهم في سبيل نشره بين الناس وهدايتهم إليه بدعوة الحق، وحكمة الحق وأسبابه ووسائله، على ذلك يعيشون وعليه يموتون، فلنجعل هذا السلوك سلوكنا وليكن من همنا. فما وفينا منه حمدنا الله تعالى عليه، وما قصرنا فيه تبنا واستغفرنا ربنا».