الصومال الجديد

جروي اتهم النائب في مجلس الشيوخ عبد الرحمن فرولي رئيس مجلس الشعب الصومالي محمد شيخ عثمان جواري ووزير الدستور عبد الرحمن حوش جبريل بالتورط في حملة لتقويض النظام الفيدرالي المعمول به في الصومال. ودعا فرولي في مؤتمر صحفي عقده اليوم في جروي عاصمة ولاية بونت لاند المسئولين إلى رفع أيديهما عن الأنشطة التي يقومون بها، مشيرا إلى خطة تهدف إلى محاربة النظام الفيدرالي، ومتهما إياهما بمصادرة صلاحيات الهيئات الدستورية. وأكد أن اللجنة المستقلة هي الجهة الوحيدة المسئولة عن الشئون الدستورية، داعيا المنظمة الدولية خاصة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى وقف تمويل المشروع الذي يقوده رئيس مجلس الشعب جواري ووزير الدستور حوش. وكان رئيس مجلس الشيوخ عبدي عبد الله حاشي أشار مؤخرا إلى تدخل رئاسة مجلس الشعب في النظام الفيدرالي وأنها تحاول القضاء على ذلك النظام ورفض المشاركة في مؤتمر دعا إليه جواري يتوقع أن يعقد في بيدوا وأن يشارك فيه رؤساء برلمانات الولايات الإقليمية.
جيبوتي غـادر الرئيـس الجيبـوتي إسماعيـل عمـر جيلـه، للبـلاد، مسـاء يوم الإثنيـن، متوجهـاً إلى العاصمـة التـركية أنقـرة، بزيـارة رسميـة تستغـرق يوميـن، تلبيـة لدعـوة تلقـاها من نظيـره التـركي رجـب طيـب أوردغـان. وـرافق الرئيـس في هـذه الزيـارة وفـد حكـومي رفيـع يضـم وزيـر الخارجيـة محمـود علي يوسـف ووزير الماليـة إليـاس موسى دواليـه ووزيـر الدفاع علي حـسن بهـدون وزير الصحـة جامـع علمي عكيـه ورئيـس سلطـة الموانـئ والمناطـق الحـرة السيـد أبو بكـر عمـر حـدي، ومسـؤولون أخـرون. وقـد حظـيت الزيـارة ترحيبـاً كبيـراً من القيـادة التـركيـة حيـث استقبـل الرئيـس التـركي بعـد ظهـر يوم الثـلاثاء، بمراسيـم رسميـة للرئيـس الجيبـوتي والوفـد المرافق لـه عنـد البـوابة الرئيسيـة للمجمـع الرئاسـي بأنقـرة. وعقـب انتهـاء المراسيـم، أجـرى الرئيـسان لقاءا ثنـائياً وعلى مستـوى الوفـود، بحثـا من خـلاله سبـل تعـزيز عـلاقات التعـاون المشتـركة وتوسيـعها في شتـى المجالات لا سيمـا الاقتصـادية والتجـارية والاستثمـارية والعسكـرية وغيـرها. وأعـرب الرئيـس جيلـه خـلال مؤتمـر صحفـي مشتـرك مع نظيـره التـركي، عن حـرص جيبـوتي على تعـزيز العـلاقات مـع أنقـرة من أجـل توسيـع آفاق الشـراكـة الاستـراتيجية بيـن البـلدين. كمـا أشـاد بموقف الرئيـس التـركي تجـاه قضيـة القـدس فضـلاً عن دعـوته لمنظمـة التعـاون الإسـلامي لعقـد قمـة طـارئة بشـأن القـدس، مؤكـداً دعـم بلاده الكـامل لنتائـج القمـة، كمـا تعهـد الرئيـس جيلـه دعـم جيبـوتي ترشـح تركيـا للمقعـد الدائـم في مجلـس الأمـن. ومن جهـة أخـرى كان الرئيـس جيلـه قـد لتقـى يوم الثـلاثاء، برئيـس البرلمـان التـركي، وبحـث معـه العـديد من الموضـوعات ذات الاهتمـام المشتـرك، كما أطلـع عليـه الوضـع السيـاسي والتنموي والاجتمـاعي والاقتصـادي في جيبـوتي، كمـا أعـرب له عن رغبـة بلاده في تعـزيز التعـاون الثنـائي مع تركيـا. ومن جهـة أخـرى منحـت جامعـة "يلـدريم بيـازيد" التركيـة، يـوم الأربعـاء، شهـادة الدكتـوراه الفخـرية للرئيـس جيلـة، وذلك بحضـور عدد كبيـر من الدبلـوماسيـن والأكاديمييـن. وقـد أعـرب "جيلـه" عن امتنـانة وفخـره لنيـل هـذه الشهـادة من جامعـة تحمـل اسـم واحـد من أبرز الشخصيـات التاريخيـة في العهـد العثمـاني. ولفـت إلى أن (٥٢٠) طالبـاً جيبـوتي يدرسـون في الجامعات التركيـة المختلفـة، مؤكـدا أن التعـاون القائم بين الجامعـات التركيـة والجيبـوتيـة يتطـور بشـكل مستمـر. ومن جـانبه أعـرب رئيـس الجامعـة السيـد متيـن دوغـان، عن اعتـزازه بزيـارة الرئيـس الجيبـوتي إلى الجامعـة، مشيـراً إلى أن "جيلـه" هـو سيـاسي قـوي يناضـل من أجل حريـة شعبـه ورخائـه. نتـائج الزيـارة خـلال اجتمـاع "الطاولـة المستـديرة" الذي نظمـه يوم الثـلاثاء مجلـس العلاقـات الخارجيـة التابـع لرئاسـة الوزراء التركيـة في أنقـرة، بمشـاركة وزراء الحكـومتين ومسـؤولييـن كبـار، بحـث الجانبـان حـول سبـل تعـزيز التعـاون الاقتصـادي وتوسيـع آفاق الشـركة الجيبـوتية ـ التركيـة، إلى جانـب العـديد من الملفـات والقضـايا ذات الاهتمـام المشتـرك. وقـد توج الاجتمـاع بالتوقيـع على حـزمة من الاتفافيـات ومـذكرات التفاهـم تشمـل مجالات الاقتصـاد والتجـارة والاستثمـار والسيـاحة والاسكـان والطـاقة والزراعـة والتعليـم والصحـة إضافـة إلى التعـاون الأمنـي والعسكـري وغيـرها. هـذا وأشـار وزير الصحـة الدكتـور جامـع علمـي عكيـة في إفـادة خـاصة "للصـومال الجـديدة" إلى أن فـدا تركـيا سيـزور البـلاد قريبـاً من أجـل تسـريع إنشـاء منطقـة التجـارة الحـرة، وبنـاء "مستشفـى إقليمـي" وإنشـاء (١٠) آلاف وحـدة سكنيـة إضافـة إلى تنفيـذ مشـاريـع سيـاحية في مقـدمتهـا مشـروع "كورنيـش تجـورة" السيـاحي. وأوضـح "عكيـة" أن اتفـاق التعـاون الذي أبرمـه مع نظيـره التـركي، سيتيـح لوزارة الصحـة الاستفـادة من الدعـم والخبـرة التـركية في تطـوير القطـاع الصحي بالبـلاد. وتأتي الزيـارة بعـد أيام قليلـة من مشـاركة رئيـس الوزراء الجيبـوتي عبد القـادر كامـل محمـد، لأعمـال قمـة "منظمـة التعـاون الإسـلامي" بشـأن القـدس، التي استضـافت مدينـة اسطنبـول التركيـة في الأسبـوع المـاضي. هـذا وتجـدر الإشـارة إلى أن جيبـوتي وتركيـا يرتبطـان بعـلاقات تاريخيـة، وقـد تم تنشيـط علاقات التعـاون بيـن البلـدين في ٢٠٠٣م، وذلك عبـر تفعيـل اللجنـة الوزاريـة المشتـركة التي أبرمـت من خـلالها أكثـر من "٤٠" اتفاقيـة تعـاون تشمـل مختلـف المناحـي والأصعـدة، لا سيمـا في مجـالات الاقتصـاد والتجـارة والاستثمـار والصحـة والتعليـم الجامعـي والزراعـة وتنميـة المناطـق الريفيـة وغيـرها. أما الاتفاقيـات الجـديدة التي أبرمـت يوم الثـلاثاء، فقـد ركزت على العـديد من المجالات منهـا الاقتصـاد والاستثمـار والصحـة والتبـادل التجـاري والتعـاون الأمنـي والعسكـري، علمـاً بأن هـذا التعـاون الكبيـر من شأنـه أن يغيـر مـوازين القـوة "الاقتصـادية" في البـلاد والمنطقـة خـلال المرحلـة القادمـة.
بثت بعض وسائل الإعلام المحلية في شهر نوفمبر الماضي خطابا لزعيم الحزب الإسلامي السابق والمنهار حسن طاهر أويس الذي يعيش تحت الإقامة الجبرية منذ اعتقاله من قبل السلطات الأمنية عام ٢٠١٤؛ وذلك بعد قصة فراره من قبضة حركة الشباب ذات الصلة بتنظيم القاعدة؛ والتي كان ينتمي إليها في ذلك الوقت. وفي الحادي عشر من شهر ديسمبر الجاري أدلى أحد زعماء ما كان يسمي بالمحاكم الإسلامية بتصريحات لإذاعة دلسن المحلية، وهو رجل الأعمال الصومالي البارز أبوبكر عمر عداني رفيق درب حسن طاهر أويس. وكانت لخطابي هذين الشخصين من رموز ما كان يسمي بالمحاكم الإسلامية سمات مشتركة بالنظر إلى مضمونهما الداعي إلى ما وصفه الرجلان بـ"تطبيق الشريعة الإسلامية". وفي السطور التالية يركز هذا التقرير على قراءة موجزة حول دلالة توقيت الخطابين، ولمعرفة ذلك في هذا الوقت بالذات ينبغي أولا أن نضع في الاعتبار دور المتغيرات التي طرأت على الساحة السياسية منذ مجيء الرئيس الحالي محمد عبد الله فرماجو إلى السلطة في مطلع العام الجاري؛ وما تلا ذلك من استبعاد بعض الإسلاميين من السلطة، مع عدم تضييق هامش الحرية الذي كان متاحا لهم في الفترة السابقة، ويمكن حصر دلالة الخطابين فيما يلي أولا يبدو من خطاب الرجلين بأن هناك محاولة من قبل رجالات المحاكم للفت انتباه الشارع في هذه الوقت الذي تشهد فيه البلاد حالة من المناكفات والتجاذبات السياسية إلى مشروع التحاكم إلى الشريعة، وهذا المطلب كان حاضرا في خطاب الرجلين؛ حيث دعا كل من أويس وعداني الرئيسَ الصومالي محمد عبد الله فرماجو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، وقال عداني بالحرف الواحد "عليك أن تحكم البلاد كتاب الله، وإن لم تفعل ذلك فلن تنجح" كما أشار إلى أن حركة الشباب ستتوقف عن التفجيرات فور إعلان الرئيس عن الحكم بالكتاب على حد قوله. ثانيا من المحتمل أن تكون هناك جهة ما استنطقت الرجلين في هذا التوقيت لتمرير أجندات سياسية يجرى إعدادها على الأرض، ويكون هذا الاحتمال واردا جدا، خاصة عندما تأ د استمرار العلاقات الفكرية والشخصية بين الرجلين حتى بعد تمَّ اعتقال الشيخ أويس من قبل السلطات الحكومية، وهو ما أعرب الشيخ عدانى في تصريحه الأخير. ثالثا قد يكون الاستشعار بالعزلة السياسية المفروضة على التيارات والاتجاهات الإسلامية عموما هو السبب الباعث وراء هذه التصريحات؛ بحيث تم استبعاد السياسيين الإسلاميين من حكومة رئيس الوزراء حسن علي خيرى، ولم يحصلوا فيها نصيب الأسد الذي حصلت عليه تلك التيارات في الحكومات السابقة، ولاسيما في عهد رئاسة الرئيس السابق حسن شيخ محمود الذي كان مرتبطا بجماعة الإصلاح، جناح الدم الجديد. رابعا قد يكون بمثابة جس نبض الشارع، ومعرفة ما إذا كانت هناك جاهزية من قبل الشعب الصومالي للتناغم مع الخطابات النمطية التحريضية للقيادات الإسلامية الفاشلة، ومحاولة إحياء وبعث القاعدة الشعبية المندرسة تحت الأنقاض، والتي هدمتها المعارك غير المحسوبة مع أعداء تنوعت أدوارهم دون تحديد هويتهم، تلك طبيعة القيادات التي أفرزتها الحرب الأهلية في البلاد، فهي تركن دائما إلى جماهير لم يعد لها وجود، ثم أن الخطأ في التوقيت هو من السمات المشتركة بينها.