ليندون جونسون

ليندون جونسون

ليندون بينز جونسون (٢٧ أغسطس ١٩٠٨ – ٢٢ يناير ١٩٧٣)، وغالبا ما يشار إليه بأحرفه الأولى LBJ، هو سياسي أمريكي شغل منصب الرئيس السادس والثلاثين للولايات المتحدة من عام ١٩٦٣ إلى ١٩٦٩، وتسلم المنصب بعد أن شغل منصب نائب الرئيس السابع والثلاثين في عهد الرئيس جون كينيدي من عام ١٩٦١ إلى ١٩٦٣. وهو ديمقراطي من ولاية تكساس، حيث مثل الولاية في مجلس النواب وكان قائد الأغلبية في مجلس الشيوخ. جونسون هو أحد أربعة أشخاص فقط خدموا في جميع المناصب الاتحادية المنتخبة الأربعة (الرئيس ونائب الرئيس ودخل مجلس الشيوخ والنواب، وهم جون تايلر وأندرو جونسون وريتشارد نيكسون). ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بليندون جونسون؟
أعلى المصادر التى تكتب عن ليندون جونسون
وعد التعليم الزائف كتب ديفيد بيكر ٩ يوليو ٢٠١٧ في وقتٍ مبكّرٍ من العام الماضي وفي حفل تخرج كلية ميلواكي التقنية، أشار وزير التعليم الأمريكي السابق جون كينج، إلى حكاية يوكا دوناهو. «تعمل يوكا على مدار ١٢ ساعة يوميًا، وهي أم عزباء، في إدارة حضانة أطفال خارج منزلها. قرّرت يوكا أن تلتحق بكلية ميلواكي التقنية من أجل تعزيز الفرص أمام طريقها، وكذلك من أجل تلامذتها... عندما التهمت النيران حضانتها مُدمّرةً المطبخ، وتطلّب الأمر الكثير من المال لإصلاحه، كان ذلك بالنسبة ليوكا مجرّد تحدٍ جديد عليها اجتيازه. أصرّت يوكا على الذهاب للكلية في ذات اليوم الذي وقع فيه الحريق لأنها أدركت مدى أهمية عدم تفويت دروسها». في وقتٍ لاحق من خطابه، ذكر كينج حكاية أندرسون راندولف «قرر أندرسون الحصول على شهادة جامعية في خدمات الدفن بعد أن جرى التخلي عنه لتقليص العمالة من وظيفته البنكية التي شغلها لأكثر من ٣٠ عامًا. كان أندرسون قد عمل بدوامٍ جزئي في خدمات الدفن، ورأى أنه ربما يكون مخرجًا جيدًا للنهوض على قدميه من جديد». سُمّيَ هذا الخطاب «على طريق الفرصة». وكان من المُفترض لحكايات الطلاب تلك رسم فكرة عن أن الكليّة هي الطريق نحو الفرصة «يؤمن الرئيس أن الكليات المجتمعية يمكن أن تمثّل طريقًا نحو فرصة أعظم، وهذا ما تمثّله حكاية كل من يوكا وأندرسون». أنهى كينج خطابه بتكرار الشعار العتيق للتعليم الأمريكي «اليوم احتفالٌ... بفكرة أن التعليم يمكن أن يمثّل الفارق، وأن يُنقذ الأرواح، وأن يضع الشعوب على طريق الفرصة». وهذا هو الوعد الجوهري لقضية التعليم حصولك على تعليم سيُنقذ حياتك؛ وسيمثّل الفارق بين النجاح والفشل. إذا التهمَت النيران منزلَكِ، والذي يستغل أيضًا كحضانة خاصة وأنتِ أم عزباء عليكِ العمل لإثنتي عشرة ساعة في اليوم فإن التعليم سيوفّر لكِ مخرجًا من ذلك. إذا قامت شركتك بتسريحك من العمل بعد ثلاثين عامًا من الخدمة، لا تقلق، يمكنك الحصول على تعليم وتبديل مهنتك. وبالطبع فإن سردية كينج لا تُساءل أبدًا لماذا كان على دوناهو أن تعمل إثنتي عشرة ساعة في اليوم، أو لماذا سرح صاحب العمل راندولف بعد ثلاثين عامًا، تاركًا إياه غير قادرٍ على سد رمقه. إن العقيدة الجوهرية للتعليم سافِرة للغاية، للحد الذي يجعلها تستعرض مثل هذه الحكايات باعتبارها دليلًا مُلهِمًا على أن التعليم سيُصبح القوة المُنقذة لحياة البشر عبر وضعهم على طريق الفرصة. لكن التعليم لا يمكن أن يضمن الفرصة فسياسة الحكومة وممارساتها الاقتصادية هي التي تُزيد أو تُنقِص من احتمالية النجاح. أما الوعد الجوهري للتعليم فهو وعدٌ زائف. لا يعني هذا أن التعليم لا يمكن أن يكون قوة للتغيير الاجتماعي الإيجابي، بل يعني فقط أن خطاب التعليم الأمريكي يعمل في تجسّده الحالي على تخليص أصحاب النفوذ من مسئولية تكوين نظام اجتماعي يُساند الطبقة العاملة. الأعداد لا تُضيف الكثير تُعد العلاقة الإيجابية بين التعليم المدرسي وبين النجاح أمرًا مسلّمًا به وسط المجتمع الأمريكي بصورة واسعة. فعلى سبيل المثال، تستخدم مقالة نُشرت مؤخّرًا على موقع FiveThirtyEight بياناتٍ لعام ٢٠١٤ حول متوسط الأجور السنوية بين عامي ١٩٧٠ و٢٠١٣ للإدّعاء بأن «مزيد من العمالة المتعلّمة من شأنها أن تمثّل نعمة كبيرة على الاقتصاد. يقول الباحثون إن نسبة أكبر من الموظفين سيحصلون على أجورٍ أعلى (في حالِ نالوا تعليمهم)، ما يؤدي إلى جمع المزيد من الضرائب ومعاناة عدد أقل من الأمريكيين من تحديات الفقر، من بين منافع أخرى». لكن قبل نشر تلك المقالة ببضعة أسابيع فقط، صدرت أعداد الوظائف؛ وجاءت الأسوأ منذ عام ٢٠١٠. وجاء فيها أن الاقتصاد الأميركي «أضاف ٣٨ ألف وظيفة جديدة في مايو، وفقًا لوزارة العمل. وكان ذلك أسوأ معدل زيادة شهرية للوظائف منذ عام ٢٠١٠». ليس ذلك فحسب، بل أن معظم الوظائف المُضافة كانت وظائف خدمية. ولم يمثّل شهر أغسطس حالًا أفضل. أما في سبتمبر، فقد توفّرت المزيد من الوظائف الجديدة، لكن أقل من المتوقع. وفقاً للمركز الوطني للإحصاءات التعليمية، «يوجد حوالي ٣.٥ ملايين طالب يُتوقّع تخرّجهم في المرحلة الثانوية في العام ٢٠١٦ ٢٠١٧، بما فيهم ٣.٢ ملايين طالب من المدارس الثانوية العامة و٠.٣ مليون طالب من المدارس الثانوية الخاصة. وفي العام الدراسي ٢٠١٦ ٢٠١٧، يُتوقّع أن تمنح الكليات والجامعات ما مجموعه مليون و١٨ ألف شهادة دبلوم، و١.٩ مليون شهادة بكالوريوس، و٧٩٨ ألف شهادة ماجستير، و١٨١ ألف شهادة دكتوراه». وفي عام ٢٠١٧ سيدخل إلى سوق العمل ملايين من العمال الجدد، بعد تخرّجهم في «طريقهم نحو الفرصة». إلا أن الطريق نحو الفرصة ربما لا ينتهي في أي مكانٍ في خضم حالة توليد وظائف ما بين الراكدة والمتوسطة. يشبه الأمر القول إننا إّذا علّمنا الناس جيّدًا بدرجة تكفي كيف يلعبون الكراسي الموسيقية، فسيحصل الجميع على مقعد. وكما يُحذّر باحثون مثل بيتر كابيلي من كلية الإدارة بجامعة بنسلفانيا، فإن حصولك على شهادة جامعية لن يُفيد شيئًا في حمايتك من أنماط نشاط السوق المتقلّبة والعنيفة أحيانًا، في ظل اقتصادٍ رأسمالي. يندرج تعليق «كابيلي» ضمن نقاشٍ مطوّل حول وظيفة التعليم في المجتمع الأمريكي. يتتبّع هينري بيركنسون، في كتابه «الترياق الفاسد الإيمان الأمريكي في التعليم ١٨٦٥ ١٩٦٥»، الوعد الجوهري للتعليم من هوراس مان إلى جون ديوي وحتى ليندون جونسون. ومن خلال تلخيصَهما لهذا التاريخ، حدد الاقتصاديان هربرت باولز وصاموئيل جينتس نسختَين من هذا الوعد الديمقراطية ونظام الجدارة التكنوقراطية (technocratic meritocracy). دافع جون ديوي عن الوعد الديمقراطي للتعليم. في ضوء هذه الرؤية، تدمج المدارس الشباب في أدوار البالغين التي يحتاجها المجتمع؛ وتمنح المدارس النشء فرصة للمنافسة على نحوٍ منفتح على المواقع والمزايا المتوافرة، وبالتالي فهي تسوّي التفاوت القائم؛ كما تعزز المدارس النمو الأخلاقي والنفسي. وتتوافق هذه الأدوار الإدماجية والمساواتية والتنموية، التي تلعبها المدارس في المجتمع، مع احتياجات وسياق المؤسسات الديمقراطية. يصبح وعد المدرسة في هذه الحالة أن التعليم المدرسي سوف يُعِدّ الطلاب للمشاركة في مجتمع ديمقراطي، وأنه بصورة موسّعة يخدم أغراضًا ديمقراطية. كان هنالك إلى جانب «ديوي» علماء اجتماع وظيفيين واقتصاديين كلاسيكيين جُدد صبّوا تركيزهم على التقدم الصناعي فضلًا عن الديمقراطية، وروّجوا لنسخة من وعد التعليم المدرسي تحمل قيم الجدارة والتكنوقراطية. وفقاً لهذه الرؤية، وبينما تصبح الصناعة معقدة بصورة متزايدة وتتطلّب الأسواق إنتاجًا تنافسيًا، فإن القوى العاملة تحتاج لأن تُطوّر مهاراتها. تفي المدارس بتلك الوظيفة الضرورية، وتباعًا، سيصبح هؤلاء الذين يدرسون بجدٍّ قادرين على إيجاد العمل برغم الاختلالات الموجودة في سوق العمل والتي تتسبّب فيها التكنولوجيا الجديدة. تُنسَب هذه الرؤية إلى هوراس مان في أربعينيّات القرن التاسع عشر أثناء عهد التصنيع، لكنها تستمر حتى اليوم في الخطاب المُثار حول وظائف STEM، على سبيل المثال. وسواء كانت تضرب بجذورها في مفاهيم الديمقراطية أم التكنولوجيا، فإن نسختي الوعد تروّجان لمفهوم التعليم التعويضي، بأن المدارس بإمكانها التعويض عن التوزيع غير العادل للموارد والحقوق والعرفان في المجتمع الأمريكي. لكن الجميع لم يقتنع بتلك الرؤية التعويضيّة. إذ انتقد «باولز» و«جينتس» جوهر هذا الوعد في كتابهما البارز «التعليم المدرسي في أمريكا الرأسمالية». وقاما بصياغة موقف أكثر نقديّة حيال التعليم، ذاهبَين إلى أن التعليم العام جزء من عملية أوسع من إعادة الإنتاج الاجتماعي حيثُ تتوافق ممارسات التعليم المدرسي مع الأنساق القائمة للفرص والتراتبية الاجتماعية، وتُعِدّ الطلاب لشغل مواقع ضمن هذه التراتبية. فالتعليم المدرسي لا يقود إلى الفرصة بمعنى أنه يخلقها؛ لكنه ببساطة يُعِدّ الطلاب للتواجد (أو عدم التواجد) ضمن بُنيان الفرصة الذي يخلقه الاقتصاد والحكومة. دعا «باولز» و«جينتس» هذه العملية «التوافُق». حيثُ يذهبا إلى أن الطبقة والعرق تُحدّدان المواقع التي يحتلّها الطلاب في المجتمع، والتي تتوافق بدرجة كبيرة مع المواقع الاجتماعية لآبائهم والفرص المتاحة. وإجمالًا، فإن إتاحة المزيد من التعليم المدرسي مع تحسين جودته في مجتمع غير عادل من شأنه إعادة إنتاج أوضاع انعدام المساواة تلك، بحيثُ يعمل (التعليم المدرسي) كمؤسسة مُحايدة، بدلًا من كونه مؤسسة تعويضية تقوم بتسوية تلك الأوضاع. (دفع البعض مثل جوناثان كوزول بأن التعليم المدرسي يُفاقِم انعدام المساواة، ولو أنّ رؤية إعادة الإنتاج أكثر ارتباطًا بطرح حياد التعليم المدرسي). لنأخذ في الاعتبار أعداد سوق العمل المذكورة آنفًا. لا يمكن للتعليم المدرسي التحكم بأعداد أو نوعية الوظائف المتاحة في اقتصادٍ ما. فعلى مدار العَقد الماضي على سبيل المثال، كانت فكرة سديدة على ما يبدو (من ناحية الدخل المحتمل) أن تقوم بدراسة هندسة البترول في المرحلة الجامعية.أما اليوم، وعلى ضوء التقلبات الحادة في أسعار البترول، فلم تعُد الفكرة كذلك. لا يهُم إذن كم عدد مَن يدرسون هندسة البترول، أو إلى أي مدى تتحسّن جودة تعليمها، فصناعة البترول وتقلّباتها هيَ مَن تُحدد عدد الوظائف التي سوف تُتاح وأجورها. يُعزز البحث الاجتماعي (السوسيولوجي) في التعليم هذه النتيجة. ففي وقتٍ مبكرٍ من العام الماضي، نشر عالما اجتماع التعليم دوجلاس دوني ودنيس كوندرون دراسة تقييم أثر حول تقرير كولمان، وهي دراسة بحثية واسعة النطاق أذِنَ لها قانون الحقوق المدنية لعام ١٩٦٦ من أجل فحص نجاح التعليم المدرسي في أوساط الفقراء. بعد مُضي خمسين عامًا، يستنتج الباحثان أن هناك «خلل نظري في سوسيولوجيا التعليم» إزاء مسألة تأثير المدرسة على انعدام المساواة. بل أن المؤلفَين يدافعان عن الرؤية التعويضية، ويوضّحان أن المدرسة يمكنها أن تكون تعويضية فيما يتعلّق بالفوارق الاجتماعية الاقتصادية في المهارات العقلية ومعدلات السمنة عند الأطفال، لكنهما يعترفان بعدم وجود بياناتٍ واضحة حول العلاقة بين التعليم المدرسي وعدم المساواة في الدخل. يعلم الجميع أن عدم المساواة في الدخل تزايد أضعافًا مُضاعفة بين عَقد السبعينيات واليوم. لكن في نفس الوقت الذي تعاظم فيه عدم المساواة في الدخل، حدث شيء للتعليم المدرسي. فمواطنو الولايات المتحدة اليوم يتمتّعون بتعليمٍ أفضل من أي وقتٍ مضى. والمزيد من الناس تخرّجوا من أشكالٍ وأنواعٍ شتى من الكليات بدرجة تفوق مثيلاتها عبر التاريخ. إذا كان ذلك الوعد الجوهري حقيقيًا، لكان المزيد من التحصيل العلمي لعموم المجتمع الأمريكي أن يتزامن مع مزيد من النجاح الاقتصادي لعدد أكبر من الناس. وإذا كانت المدارس تخلق فرصًا حقيقية للنجاح الاقتصادي الاجتماعي، لكان لزامًا أن نشهد تراجعًا لعدم المساواة في الدخل بالوقت الذي تصبح فيه عموم المجتمع أكثر تعليماً. وأوضح اقتصاديون مثل توماس بيكيتي وإيمانويل سايز وغيرهم أن حصة أعلى ١% تزايدت أضعافًا مُضاعفة في النصف الثاني من القرن العشرين. ويتضح هذا الأمر بالرسم البياني التالي، والذي يُظهر التحصيل العلمي في الولايات المتحدة بين عامي ١٩٤٠ و٢٠١٤. كما يوضّح الرسم البياني أن الثروة تذهب إلى الأغنياء، وليس إلى المُتعلّمين. وعلى المستوى الكلي، لا يوجد علاقة بين النجاح الاقتصادي الاجتماعي والتعليم المدرسي. بالطبع ينبغي على المرء الذهاب للمدرسة كي يجد لنفسه موطئ قدم في الاقتصاد، سواء من ناحية الوظيفة أو الوضعية الاجتماعية. لكن أن يتطلّب إيجادك لوظيفة حصولك على شهادة جامعية لا يعني أن توفير المزيد من التعليم المدرسي وتحسين جودته سيُفضي إلى خلق مزيد من الوظائف المُتاحة على مستوى المجتمع. لتحصل على وظيفة، عليك أن تحمل شهادة جامعية. لكن ليس من الضروري أن تجد وظيفة لمجرد أنك تحمل شهادة جامعية. تُعدّ هذه الخدعة في إقامة تلك العلاقة السببية من أعراض ذاك الوعد الجوهري. لن يخلق التعليم المدرسي مساواةً اقتصادية وسط اقتصادٍ غير عادل، لكنه سوف يسمح للناس بأن يجدوا مواقع لهم ضمن هذا الاقتصاد غير العادل. لربما يقودهم بنجاحٍ لمواقع ضمن المجتمع، لكنه لن يقودهم بالضرورة إلى النجاح الاجتماعي. إذا أردت توخّي النجاح لمعظم الناس في الاقتصاد، فعلى الاقتصاد ذاته أن يعمل لصالح معظم هؤلاء. لن يهُم إذا ما كان معظم الناس يعملون بجدٍّ في المدرسة، أو إذا تعهّدنا بإصلاح المدرسة دائماً وأبداً. ستظل المدارس على نحوٍ واسع تُعيد إنتاج الشروط القائمة للاقتصاد، ولن تكون بمثابة تعويضٍ عن مثالب الاقتصاد. الوعد الحقيقي للتعليم تمتّعت إعادة الإنتاج كرؤية للتعليم المدرسي بفترة وجيزة من الرواج في عُمر الفكر التربوي. وإلى جانب «باولز» و«جينتس»، نظّر عالما الاجتماع بيير بورديو وجون باسرون لإعادة الإنتاج التربوي بوصفه نمطاً من العنف الرمزي وانتقال لرأس المال الثقافي. بينما ادّعى الفيلسوف لوي ألتوسير وتلميذاه روجير استابل وكرستيان باوديلو أن المدرسة تفوّقت على الكنيسة في العهد الصناعي بوصفها جهاز الدولة الأيديولوجي الأكثر تأثيراً. في حين كتب عالم الاجتماع اللغوي بازل برنشتاين مؤلَفين عن كيفية قيام البيداغوجيا والتدريس بتشفير المواقع الاجتماعية للطبقة عبر خطاب الأساتذة والطلاب. لكن أثناء الحرب الباردة، تراجعت الكتابات المتبنية لرؤية إعادة الإنتاج على نحوٍ واسع لكونها حتمية بدرجة كبيرة. وذهب نقّاد من مثل بول ويليس وهنري جيرو وجون أنيو (مُتأثّرين بمفكرين مثل باولو فريري وستوارت هال) إلى أن هذه الادّعاءات تعود بجذورها إلى نظريات ماركسية اقتصادية عتيقة، حيثُ القاعدة الاقتصادية تُقرر ما يحدث في البنية الفوقية الثقافية والاجتماعية والسياسية. ودفعوا بأن رؤية إعادة الإنتاج تتعامل مع التعليم المدرسي كبنية فوقية، ما يعني أنه مُحدّد من قِبَل قوى اقتصادية سواء حاول المربّون ممارسة التعليم من أجل إحداث تغيير اجتماعي جذري أو حاولت ثقافات الشباب مقاومة النظام من عدمه. وذهبوا إلى أن هذه الحتمية الفجّة تُفضي إلى قصور إشكالي في الفاعلية من طرف الأساتذة والطلاب والنشطاء التربويين الذين يفعلون ما يفعلون بدافع رغبتهم في جعل المجتمع مكاناً أفضل، وليس محض الإبقاء على المجتمع في مطرحه. ما دشّن لنموذج يُدعى نظرية المقاومة في البحث التربوي، وهو ما ألهم جزئياً البيداغوجيا النقدية التي نعرفها. كانت هذه الانتقادات وجيهة، وكان لنظرية المقاومة إسهاماتٍ هامة في الفكر التربوي. إلا أنها لا تخلو هي الأخرى من المشكلات. فمضمونها الأساسي بأن المدارس تخدم كمواقع للتغيير الاجتماعي مُشابه للادّعاء الجوهري بأن المدارس يمكن لها أن تُصحّح العلل الاجتماعية. وربما جرّاء هذا التشابه، قامت حركة الإصلاح المدرسي باستعادة بعض ادّعاءات نظرية المقاومة. وبعد فترة من النجاح النسبي في الدوائر الأكاديمية والفكرية السائدة، كانت فكرة أن توفير تعليم مدرسي أفضل من شأنه التصدي للقمع تلعب دوراً محورياً في التسويغ لصدور قانون ضمان إتاحة التعليم الأساسي والثانوي لكافة الأطفال (No Child Left Behind Act). لجأ جورج بوش، في الانتخابات الرئاسية الداخلية للحزب الجمهوري عام ٢٠٠٠، لاستخدام خطاب مُستَمَد من الانتقادات المؤسسية للتعليم للإتيان بسياسة مُدمّرة من الاختبار والمحاسبة عالية المخاطر. واستخدم بوش ومندوبوه طوال حملته الانتخابية وفترة رئاسته عباراتٍ مثل «التعصب المضمر بفرض توقعاتٍ منخفضة على الطلاب» (soft bigotry of low expectations)، للادّعاء بأن وضع توقعات عالية للأداء في الامتحانات الصعبة من شأنه المساعدة في محو الفوارق الاجتماعية مثل العنصرية. بينما لا يزال الباحثون يستخدمون نظرية إعادة الإنتاج لفهم بعض الجوانب المتخصصة لدور المدرسة في انعدام المساواة، فإن الجوهر الجذري للنظرية فُقِدَ إلى حدٍ ما وسط الفكر التربوي في المجال العام. وينبغي أن يُعاد إحياؤه بطريقة تستوعب وتُفيد من الانتقادات الموجّهة لنظرية المقاومة. يمدنا الجمع بين دروس رؤية إعادة الإنتاج ونظرية المقاومة بتحقُقٍ حاسمٍ ومادي من واقع الرؤية المركزية للمدرسة. ولهذا ينبغي علينا مُعالجة البُنى الاجتماعية التي تخلق انعدام المساواة والفقر في المقام الأول. وقد أصبح هذا الأمر عاجل في الوقت الحالي، حيثُ تبسُط حركة الإصلاح المدرسي نفوذها بصورةٍ متزايدةٍ. في تقريرهما يذهب «دوني» و«كوندرون» إلى أن التركيز على السمات التعويضية للتعليم المدرسي من شأنه تشتيت العامة عن إدراك الاحتياج لدولة رفاه فاعلة في الولايات المتحدة. الناس في الولايات المتحدة أكثر نفورًا من الكنديين أو الأوروبيين إزاء مساعدة العائلات عبر سياسات غير مدرسية (على سبيل المثال؛ زيادة الحد الأدنى للأجور، وإتاحة المزيد من المواصلات العامة، وتوفير سياسات أكثر سخاءً لإجازات العناية بالأسرة، وتوفير غطاء أكبر من التأمين الصحي، والدفع بتشريعات مناصرة للعمال، وخفض موجات الاحتجاز الجماعي)... هذا الموقف الثقافي له تبعاته وفي كثيرٍ من الأحيان يوجّه جهود وضع السياسات باتجاه المدارس في حين يكمُن أصل المشكلة في مكانٍ آخر. لا تخلق المدارس بالضرورة مجتمعًا أفضل؛ لكنها ببساطة تُعِدّ الناس للمجتمع القائم بالفعل. وإدراكنا لذلك لا يعني التخلي عن الإمكانات الجذرية الرابضة في التعليم أو التحدّر إلى تبنّي رؤية فجّة أو ميكانيكية للتعليم. وكما كتب باولز وجينتس في عام ١٩٧٦ في سياق الرأسمالية الأمريكية، يصبح التعليم الاشتراكي تعليمًا ثوريًا. هدفنا بالنسبة للمدارس والكليات الأمريكية هنا وفي هذه اللحظة ليس أن تصبح جنينًا للمجتمع الجيد، بل أنه ينبغي للنضالات المشتعلة حول هذه المؤسسات، والعملية التعليمية ذاتها، أن تُساهم في تطور حركة اشتراكية ثورية وديمقراطية... إن النضال من أجل تحرير التعليم والنضال من أجل دمقرطة الحياة الاقتصادية بينهما رباط وثيق، ولا انفصام بينهما. وعد التعليم الحقيقي هو أنه (أي التعليم) أحد المواضِع، من بين أخرى عدة في طريق النضال من أجل تحويل البُنى الاجتماعية، التي تخلق انعدام المساواة. وبدلاً من كونه طريقاً للفرصة، فإنه فرصة لاستكمال الطريق نحو مجتمعٍ واقتصادٍ متساويين بدرجة أكبر. بهذا المعنى، ينبغي أن نفكّر في التعليم كموضِع لمساهماتٍ في المشروع الأكبر؛ مكافحة الرأسمالية، وليس كترياق تعويضي لمَواطِن ضعف الرأسمالية. *نُشر هذا المقال بالإنجليزية في موقع «جاكوبين» بعنوان The False Promise of Education * ترجمة أيمن الحسيني
قارن ليندون جونسون مع:
شارك صفحة ليندون جونسون على