إم هو

إم هو

آم هو (٢٧ يناير ١٩٧٠) ممثل كوري جنوبي . إشتهر بدور الملك في مسلسل جوهرة القصر. ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بإم هو؟
أعلى المصادر التى تكتب عن إم هو
«الصيادلة» تنافس شركة حكومية على شراء كبرى شركات المحاليل الطبية.. هل يستفيد المستهلك؟ مي شمس الدين ١ أغسطس ٢٠١٧ تستعرض الجمعية العمومية لشركة «المتحدون فارما»، اليوم الثلاثاء، العروض النهائية المقدمة من قبل كل من نقابة الصيادلة والشركة العربية للصناعات الأدوية والمستلزمات الطبية (أكديما) المملوكة للحكومة لشراء مصنع «المتحدون فارما» الذي تملكه الشركة، بحسب تصريحات الدكتور جورج عطا الله عضو مجلس نقابة الصيادلة وممثل شركة فينكورب المستشار المالي لشركة المتحدون لـ«مدى مصر». وكانت نقابة الصيادلة أعلنت أول أمس الأحد عن توقيع مذكرة تفاهم مع شركة المتحدون فارما، إلا أن «عطا الله» أكد أن المذكرة لا تعني موافقة الشركة على بيع المصنع للنقابة بعد. واستمرت مفاوضات الشركة، والتي يسيطر إنتاج مصنعها «المتحدون فارما» على قرابة الـ ٥٠% من إنتاج المحاليل الطبية في مصر، مع كل من نقابة الصيادلة وأكديما على مدار الأسابيع الماضية، وسط تضارب الأقوال حول اقتراب الأخيرة من شراء المصنع. وكانت وزارة الصحة أوقفت خط إنتاج المحاليل الوريدية لمصنع «المتحدون فارما للمحاليل الطبية» في يوليو ٢٠١٥، بعد أن ثبت تسمم ووفاة ٨ أطفال في محافظة بني سويف العام الماضي، بسبب المحاليل التي تنتجها الشركة. وقال المتحدث باسم وزارة الصحة، خالد مجاهد، في أغسطس الماضي أن الوزارة شكلت لجنة لوضع ضوابط إعادة فتح المصنع. إلا أن وزير الصحة، الدكتور أحمد عماد الدين، قرر في أكتوبر إرجاء إعادة تشغيل المصنع لحين إعدام كل الكميات التي تم ضبطها وتحريزها منذ يوليو ٢٠١٥. ونتج عن توقف إنتاج المصنع للمحاليل الطبية حدوث أزمة كبيرة في سوق المحاليل، التي يصل الاستهلاك المحلي به إلى قرابة الـ٩ ملايين وحدة شهرياً، وتفاقمت هذه الأزمة في ظل عدم قدرة باقي الشركات المصنعة للمحاليل الطبية الوفاء بالطلب المتزايد على المحاليل والذي أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار المحاليل بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة. وتزامن ذلك مع عدم قدرة شركات الأدوية المحلية على استيراد الأدوية بسبب أزمة نقص الدولار، الأمر الذي حدا بوزارة الصحة للإعلان عن زيادة أسعار الدواء بنسبة ٢٠% للأدوية التي يقل سعرها عن ٣٠ جنيهاً في مايو ٢٠١٦، مصحوبة بزيادة أخرى في ديسمبر من نفس العام. وتواجه مصر أزمة ارتفاع تكلفة إنتاج الدواء مع تحرير سعر الصرف منذ ٣ نوفمبر الماضي في ظل تثبيت تسعيرة الدواء، حيث تعتمد صناعة الدواء على استيراد المواد الخام الضرورية للتصنيع. وصاحب قرار تحرير الصرف الذي أدي إلى انخفاض كبير بقيمة الجنيه، التخلص من قواعد كانت تقضي بمنح الأولوية في النفاذ للعملة الأجنبية في البنوك لمستوردي الدواء والمستحضرات الطبية ضمن حزمة من السلع الأساسية، وهو ما كان يعني تمتعهم بسعر منخفض نسبيًا للدولار غير المتوفر بالمقارنة بغيرها من السلع التي يضطر مستوردوها لشراء الدولار من السوق الموازي بسعر أعلى. وأدى إلغاء تلك القواعد الآن لاستيراد الأدوية بـ«أسعار السوق». ويرى «عطا الله» أن القطاع الخاص يسيطر على صناعة الدواء والمستلزمات الطبية بشكل كبير، وتملك الحكومة أو نقابة الصيادلة لمصنع المتحدون يضمن إشرافاً مباشراً على عملية الجودة وضمان الإتاحة، وهو الأمر الذي يصب في مصلحة المستهلك بالنهاية. وأضاف «إذا نجحت النقابة في الفوز بصفقة الاستحواذ، سنكون قادرين على البدء في الإنتاج في خلال شهر فقط، ما يؤدي لحل أزمة نقص المحاليل الطبية التي نتجت عن توقف عمل مصنع المتحدون فارما بشكل كبير. وبغض النظر عمن سينجح في الاستحواذ، هذا يعني أن الدولة أخيراً قررت التدخل لحل أزمة الإتاحة التي تؤدي لارتفاع الأسعار». وبالإضافة إلى المحاليل الطبية، تنتج شركة «المتحدون فارما» قرابة ٥٧ مستحضراً طبياً مسجلاً في وزارة الصحة، يُوزع منهم فعلياً ٢٥ مستحضراً، بحسب تصريحات نقيب الصيادلة محيي الدين عبيد لجريدة الأهرام. يقول الباحث في السياسات الصحية الدكتور علاء غنام، إن دخول الملكية المجتمعية في صناعة الدواء والمستلزمات الطبية متمثلة في نقابة الصيادلة أو من خلال الدولة ممثلة في الشركة القابضة هو خطوة تجاه الحل الصحيح لإنهاء السيطرة الطويلة للقطاع الخاص على صناعة الدواء، وهو الأمر الذي نتج عنه تفاقم أزمة نقص الأدوية وارتفاع أسعارها في أعقاب الأزمة الاقتصادية الراهنة. وأضاف «غنام» «اعتمدت صناعة الأدوية في مصر منذ بداياتها في عام ١٩٣٩ على الملكية المجتمعية، باعتبار أن صناعة الدواء هي صناعة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالحق في الحياة، وبالتالي لا يجوز تركها تحت رحمة القطاع الخاص بالكامل دون رقيب». لكن الأهم حسب «غنام» هو «الآليات» موضحا أنه يجب المشاركة المجتمعية في صياغة السياسات الصحية والدوائية لإنهاء هيمنة القطاع الخاص على صناعة الدواء التي تسيطر عليها احتكارات دولية. كان محيي حافظ، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الدواء ورئيس لجنة الصحة والدواء في اتحاد المستثمرين ووكيل المجلس التصديري للدواء، قد أوضح في تصريحات سابقة لـ «مدى مصر»إن القطاع الخاص الأجنبي يمثل ٥٩.٩% من مبيعات الدواء في مصر، بينما يمثل القطاع الخاص المصري النسبة الباقية. ونادى الكثيرون من المهتمين بسياسات الحق في الدواء في مصر بضرورة عودة الدولة للدخول في صناعة الدواء لتجنب أزمات الإتاحة وارتفاع الأسعار، حيث قال محمود فؤاد، رئيس مركز الحق في الدواء في تقرير سابق لـ «مدى مصر» أن قطاع الدواء المملوك للدولة لعب دورًا أساسيًا في الماضي في إمداد السوق بدواء آمن وفعال وبسعر اقتصادي، حيث أنتجت ١١ شركة مملوكة للدولة ما يقارب من ٧٧% من الأدوية المتوافرة في السوق، بالمقارنة بإنتاج هذه الشركات ما نسبته ٥% فقط من السوق حالياً.
إخلاء سبيل الصحفي محمد البطاوي بعد عامين من الحبس الاحتياطي مدى مصر ١ أغسطس ٢٠١٧ قررت نيابة أمن الدولة بالتجمع الخامس أمس، الإثنين، إخلاء سبيل الصحفي بـ«أخبار اليوم»، محمد البطاوي، بعد ٢٥ شهرًا من الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيقات في إحدى قضايا «لجان العمليات النوعية»، التابعة لجماعة الإخوان المسلمين. ألقت الشرطة القبض على البطاوي من منزله في ١٧ يونيو ٢٠١٥، واتهمته النيابة بالانضمام لـ«جماعة أُسست على خلاف القانون»، واستمرت في تجديد حبسه طوال العامين الماضيين. وقال أيمن بركات، محامي البطاوي، إن سجن طرة أُبلغ بقرار إخلاء سبيل موكله مساء أمس، وإنه علم بنقل البطاوي بالفعل إلى قسم شرطة الخليفة تمهيدًا لترحيله إلى مدينة طوخ بالقليوبية، حيث محل سكنه. وأوضح بركات «للأسف ظل البطاوي ونحو ٤٨ متهمًا في هذه القضية محتجزين لمدة عامين رغم عدم وجود أي أدلة أو مضبوطات أو مستندات تثبت انتمائهم للجان العمليات النوعية. كما أن النيابة لم توجه لهم طوال هذه الفترة أي اتهامات تفصيلية، وظل فقط الاتهام العام هو السبب لتجديد حبسهم طوال هذه الفترة، قبل أن يتم إخلاء سبيلهم في النهاية». كانت رفيدة الصفتي، زوجة البطاوي، قد قالت لـ«مدى مصر» في وقت سابق، إنها لم تكن موجودة في المنزل وقت إلقاء القبض عليه، مضيفة «اقتحمت قوة مُلثمة من الشرطة البيت، بحسب رواية والده الذي كان متواجدًا معه، حطموا الباب وقلبوا الشقة رأسًا على عقب وصادروا كل أوراقه الشخصية، وأوراق وكتب الماجستير الخاصة بنا، بالإضافة إلى (الهارد ديسك) الخاص به». وعندما سأل والد البطاوي قوة الشرطة التي اعتقلت نجله عن المكان الذي سيذهبون إليه أخبروه «قسم شرطة طوخ»، غير أن الزوجة لم تتمكن من العثور عليه في القسم المذكور أو في أي من أقسام الشرطة التابعة لمحافظة القليوبية، وأنكرت كل هذه الجهات وجوده لديها أو تلقيها أوامر بضبطه وإحضاره. وظل البطاوي مُختفيًا لمدة قاربت الأسبوعين، حتى نشرت وكالة أنباء الشرق الأوسط خبرًا بعرضه على نيابة أمن الدولة في التجمع الخامس واتهامه بالانضمام إلى «جماعة أُسست على خلاف القانون». وتمكن المحامون لاحقًا من الاطلاع على محضر النيابة، وحضور جلسات تجديد الحبس الخاصة به. ويُعد البطاوي أحد الصحفيين الذين قضوا فترة طويلة من الحبس الاحتياطي خلال السنوات التي أعقبت الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في ٢٠١٣. ومن بين هؤلاء، المصور محمود أبو زيد (شوكان) الذي أُلقي القبض عليه في ١٤ أغسطس ٢٠١٣، ويُحاكم ضمن قضية فض اعتصام رابعة العدوية. وكذلك هشام جعفر الباحث والصحفي المحبوس منذ ٢١ أكتوبر ٢٠١٥، بعد مداهمة مؤسسة «مدى للتنمية الإعلامية» التي يرأسها. ويعاني جعفر، المحبوس في سجن العقرب شديد الحراسة، من تضخم البروستاتا وضمور العصب البصري. وتدهورت حالته الصحية أكثر من مرة خلال فترة حبسه الاحتياطي، مما استدعى نقله لمستشفى قصر العيني من قبل، غير أن أسرته استمرت في الشكوى من سوء الرعاية الصحية التي يتلقاها.
سلفيو الإسكندرية وجدل اعتزال السياسة أحمد بدراوي ٣٠ يوليو ٢٠١٧ مع مرور أربع سنوات على تغير الوضع السياسي في يونيو يوليو ٢٠١٣ بدا ما سمي بـ«تحالف ٣٠ يونيو» ذكرى سياسية قديمة تعرضت للتفكيك والتركيب مرات عدة مع كل منحنى سياسي كبير، إلا أن بعض مكونات الحلف آثرت حفظ الحد الأدنى من الاتفاق بينها وبين أجهزة الدولة. ورغم تأميم المجال السياسي العام في مصر بعد مرور أربع سنوات، إلا أن سلفيو الإسكندرية ـ مدرسة الدعوة السلفية في الإسكندرية ـ لم يجيبوا على السؤال الذي ظل طيلة تلك السنوات يوجه لقياداتها؛ لماذا لم تعتزلوا العمل السياسي؟ لا ينطلق السؤال من رغبة في إقصاء الدعوة وذراعها السياسي، حزب النور، عن المشهد السياسي لخلاف أيديولوجي حول خطابهما اليميني، بقدر ما هو إعادة إنتاج لأدبيات الدعوة السلفية التي تتحفظ على المشاركة في العمل السياسي إذا تحول لـ«تحصيل حاصل» بلا تغيير ملموس. «بقاء المجبر» يرى الشيخ علي غلاب، أحد مؤسسي الدعوة السلفية بمطروح وفصلته عمومية السلفية في الإسكندرية من الدعوة في ٢٠١٥، أن دخول الدعوة ثم الحزب في المشهد السياسي خصم من رصيدها الدعوي، وأن على سلفيي الإسكندرية اعتزال السياسة الحزبية والعمل السياسي. علي غلاب وأضاف في اتصال هاتفي مع «مدى مصر» «حزب النور وضعه الآن لا يقارن بما قبل وفقد زخمه السياسي الكبير وتحول لحزب عادي مثل باقي الأحزاب، حتى كتلته البرلمانية عددها أقل، ومرشحي الحزب في مطروح نجحوا بأصوات القبائل». يرى غلاب، أن بقاء الدعوة السلفية في المشهد السياسي هو «بقاء المجبر»، لأن للعمل السياسي حسابات تدفع الشخص للبقاء.موضحًا أن سلفية مطروح لها موقف عام باقية عليه وهو اعتزال السياسة ككل. الصراع بين مجلس الإدارة العام للدعوة في الإسكندرية ومجلس مطروح ممتد من أربع سنوات، منذ بيان غلاب باعتزال العمل السياسي في عام ٢٠١٣، وهو ما أدى لقرار من المجلس العام بتجميد عمل مجلس مطروح، وصولًا لمبادرة المصالحة التي طالبت فيها مطروح الإسكندرية أن تعتبر الخط الدعوي للدعوة السلفية قبل ٢٥ يناير هو الأصل. كما دعا محمد إسماعيل المقدم، أحد أقطاب الدعوة السلفية، في أبريل ٢٠١٥ لترك السياسة التي فرقت البلد، بحسب لقاء جرى بين غلاب والمقدم وأحمد حطيبة وأحمد فريد، والأخيران من مؤسسي الدعوة السلفية الستة. وقال مصدر سلفي مطلع، طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مخول له التحدث للإعلام «لا شك أن الدعوة السلفية تعاني من تضييق وتعنت ضدها وهناك بالفعل تضييق في حرية الحركة الدعوية لنا». وأضاف لـ«مدى مصر» «هناك تعنت ضدنا نتيجة للهجوم الليبرالي غير المنصف والهجوم الإخواني، وهو تضييق سببه التطبيق غير السليم للقوانين، وبلا شك حزب النور صوته أصبح خافتًا عن ذي قبل». ويبدو خفوت صوت سلفيي الإسكندرية، منسجمًا مع رغبتهم في عدم تصدر المشهد بعد ٣٠ يونيو، وهو ما يؤكده شريف طه، المتحدث الرسمي السابق لحزب النور، وعضو هيئته العليا في تدوينة كتبها في ١٤ يوليو ٢٠١٣. يقول طه «لابد أن نعترف أن تصدر الإسلاميين بكل فصائلهم للمشهد كان خطئًا استراتيجيًا قاتلًا، وأن الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة ـ قبل عزل مرسي ـ كانت بمثابة تصحيح لهذا الخطأ الذي مثل نزيفًا دعويًا وسياسيًا كبيرًا لم يعد يمكن تحمله، وأن وجود الإسلاميين كجزء من المشهد مع قدرتهم على الدعوة أفضل بكثير من تصدرهم للمشهد مع بُغض الناس لهم». «وعاء الدعوة» منذ الثالث من يوليو ٢٠١٣، تردد لدى عدد من ذوي الاتجاهات والرؤى المناوئة لتيار الدعوة السلفية ولإدارتها للمشهد السياسي، عبارة «هؤلاء بٌرهاميين» تعليقًا على ما يعتبرونه طاعة والتزام حرفي من قواعد الدعوة السلفية بكل ما يصدر عن ياسر بٌرهامي؛ نائب رئيس الدعوة السلفية، من تصريحات. لكن مصدر سلفي، طلب عدم نشر اسمه، قال لـ «مدى مصر»، إن فكر ورؤية ياسر بٌرهامي، متجذرين في صفوف قطاعات واسعة في الدعوة السلفية، خاصة رؤيته لتأصيل الواقع بشكل شرعي، وذلك لكونه منذ فترة الهجمة الأمنية في التسعينيات عام ١٩٩٤، الأكثر حركة ونشاطًا، ومعظم الموجودين هم من تلاميذ الشيخ، وهو لا يؤثر في قرارات الدعوة بكلمته المسموعة، لكن بطبيعة الحال، هو بذل جٌهد تربوي تلقاه على يده كثيرون، وبناء شخصيات رجال الصف الثاني والثالث في الدعوة، كان لبرهامي تأثيرًا كبيرًا عليهم، وفق المصدر. ياسر برهامي يرى الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، والذي يدير فعليًا الدعوة بعد ٢٥ يناير، أن مشهد الدعوة السلفية بعد ٣٠ يونيو، يؤكد أن وجودها عامل من أعظم عوامل استقرار المجتمع المصري. ويقول في مقابلة مع «مدى مصر» «بقينا للحفاظ على ما بقي من العمل الإسلامي البناء غير الصدامي، ورفضنا الصراع الصفري الذي حاول البعض فرضه على العمل الإسلامي وعلى المجتمع، فجاء بأسوأ النتائج، ونحن كدعوة سلفية مازلنا نمثل جزءًا أساسيًا من قضية الاستقرار في المجتمع، وفي بذل الجهد في الإصلاح الهادئ والبناء، وحتى لو لم يعرف المجتمع أهمية دورنا، فنحن نعمل في كل طبقات المجتمع». ويشير برهامي إلى أن من فقدته الدعوة من كوادرها بعد الثورة هم من انضموا لها بعد الثورة، وليس من أبنائها الأصليين فالفقد محدود، وقواعد الدعوة مازالت متماسكة. وحول مؤتمرات الدعوة السلفية الموجهة ضد الشيعة، يقول برهامي «أوقفنا المؤتمرات ولم يعد من الممكن عملها لوجود اضطراب أحوال، فالوضع قبل ٣٠ يونيو غير ما بعدها، خاصة مع استهداف الأماكن والعمليات الإرهابية». ويؤكد برهامي أن مشاركة حزب النور في اجتماع الثالث من يوليو ٢٠١٣، كانت بطلب من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو اجتماع دُعيت له كل القوى للنظر فى مستقبل البلاد، بما فيهم الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة والأزهر والكنيسة، لكن الإخوان اعتذروا، «وذهبنا للاجتماع بهذا الاعتبار وهو النظر في المستقبل، وكان لدينا أمل أن يوكل الأمر للدكتور مرسي، ويطلب منه عمل انتخابات رئاسية مبكرة ليتم حل الأمر بدون تعطيل للدستور، لكن سبق السيف العزل وكان الأمر قد انتهى، ووافقنا على ذلك لوجود مخاطر ضخمة جدًا على البلد، ورفضنا الصدام»، يوضح برهامي. يرى برهامي أن كل الأحزاب بما فيها حزب النور تعرضت لضعف، لكن النور تعرض لهجمة «شرسة جدًا» من جميع الفرقاء الموجودين، وتعرض لأزمات ومواجهات مع الأمن وقت الانتخابات البرلمانية، لكن هو مازال موجودًا بشكل قوي في الحياة السياسية، خاصة وأن القضاء حكم أكثر من مرة ببطلان الدعاوى القضائية بحل الحزب. وأكد أن الحزب هو حزب سياسي له مرجعية هي الشريعة الإسلامية وهي منصوص عليها في الدستور. وعن دور الدعوة السلفية في حماية الهوية الإسلامية والصحوة الإسلامية، وانتشار ظواهر الإلحاد وموجات أخرى، قال «التغريب وحملات الإلحاد مستوردة من الخارج، وينفق فيه أموالًا ضخمة جدًا من منظمات معروفة الهوية، والدعوة السلفية موجودة على الأرض وتبذل كل ما في وسعها، والأمور التي تحدث فيها شد وجذب، وليس الوضع السياسي هو المؤثر فيها بالدرجة الكبرى». يقول أحمد الشحات، عضو شاب بالدعوة السلفية، في مقال بعنوان «لماذا لا ينسحب السلفيون من المشهد السياسي؟»، إن اعتزال السياسة وانسحاب الإسلاميين يزيد المشهد فسادًا، فوجود الإسلاميين هو عقبة أمامهم، والانسحاب خسائره فادحة. وأضاف «أما قلة عدد نواب الحزب في البرلمان، فهو نتيجة لإحجام الناس عن المشاركة، ونحن لسنا مسؤولين عن ذلك، وجزء أيضًا بسبب ما تم من إقصاء لإضعاف قوة حزب النور في المجلس، وهو ما يدفعنا للاستمرار في الدعوة لتوثيق وتقوية القاعدة الشعبية لنا». ويوضح الشحات «عدد نوابنا في البرلمان أقل من أن يكون رقم مؤثر، لكنهم لهم فعالية، ومواقف واضحة، وعلق الحزب على بيان الحكومة ولم يقبله، ورفض قانون القيمة المضافة، وقانون الخدمة المدنية، وقانون تجريم الختان، وقانون بناء الكنائس، والحزب وجوده غير ديكوري ولم يتحول لأداة يمرر من خلالها النظام ما يريد»، حسب قوله. ولهذا انتخب السلفيون السيسي في مايو ٢٠١٤، حين قررت الدعوة السلفية وحزب النور انتخاب الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، وزعت الدعوة السلفية في المساجد التابعة لها ورقة بعنوان «إلى أبناء الدعوة السلفية .. لماذا اخترنا السيسي؟!» وشرحت فيها حيثيات قرارها بدعم السيسي عبر معسكرات مغلقة لتوضيح الصورة لقواعدها. تقول الدعوة «علينا أن نحافظ على ترابطنا وتماسك كيان الدعوة والالتفات حول القيادات، نعم اخترنا السيسي كمرشح، لكه اختيار نسبي وليس مطلق، نشارك في الانتخابات لدعم الدولة» ورأت الدعوة أن «السيسي ليس له أيديولوجية فهو ليس ماركسي أو يساري أو يميني أو إسلامي، بلا هوى سياسي، ولا يميل لفصيل سياسي معين، وليس بأيديولوجية تتعارض مع الدستور من ناحية تطبيق الشريعة الإسلامية بتدرج وإصلاح المنظومة الأخلاقية، ويعي خطر إيران والمد الشيعي، ولا يدور في فلك دولة بعينها، وهو الأقدر على التعامل مع مؤسسات الدولة، وعمل مصالحة وطنية، ومشاركتنا هي من أجل المصلحة العامة». رفضت الدعوة خيار المقاطعة. وقال وقتها مسؤول الدعوة السلفية في الإسكندرية، محمود عبد الحميد إن «المقاطعة تعني تفتيت قوة الدعوة السلفية وتفكيك قواعدها، وتصنع عداء مع مؤسسات الدولة، وتؤدي لسوء علاقة مع الرئيس القادم، وتضيع مستحقات واستحقاقات حزب النور في صنع القرار». محمود عبد الحميد وأضاف عبد الحميد «الضمانة في وجودنا على الأرض أن يكون أبناء الدعوة متماسكين على قول رجل واحد، وبالتالي تصبح ككيان لك حساب، المهم تبقى قوة مؤثرة على الأرض، وتقدر تاخذ مقاعد كثيرة في البرلمان». وهو ما يفسر لماذا غضبت الدعوة والحزب بعد خسارتهم أكثر من ٥٠% من مرشحيهم في البرلمان، الأمر الذي وصل لتهديد الحزب بمقاطعة المرحلة الثانية للانتخابات. لفت عبد الحميد «كتلتنا التصويتية كإسلاميين ٧%، وحصدنا ٧٠% من الأصوات في الانتخابات الماضية، وعلينا أن نشارك في الانتخابات الرئاسية بالتصويت لكي نحصر كتلتنا التصويتية الحالية، نحن ممثلي التيار الإسلامي في الدولة الآن، والكيانات الإسلامية الأخرى أصبحت ضعيفة ومهلهلة، لا بد من الحفاظ على تواجدنا، وإلا تعرض العمل الإسلامي لضربة قوية، والعمل السياسي هو وعاء للحفاظ على الدعوة السلفية، بدونه الدعوة تنهار، ولو تفرقنا لن يصبح لنا قيمة». عن قرار انتخاب السيسي، يقول برهامي «كنا نبحث عن الممكن والمتاح وليس المثالي والمطلوب. وفي ذلك الوقت، كان الأقدر أن يمر بالبلد من أزمتها مقارنة بالمرشح المنافس، لا شك أنه لم يكن سوى اختيار الرئيس الحالي». لكن برهامي رفض الربط بين انتخاب السلفيين للسيسي ودعم قراراته، قائلًا «ليس هناك علاقة بين اختياري للرئيس الحالي، وأن أكون موافق على كل قراراته، وإن كانت القرارات الاقتصادية في الحقيقة ناقصة وليست خاطئة، والخلل الذي فيها هو سببه عدم رعاية الطبقات الفقيرة وعدم مراعاة وسائل أخرى لزيادة موارد الدولة قبل رفع الأسعار، ولابد من تعويض الفقراء، والحكومة هي التي اتخذت هذه القرارات». يقول الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أحمد زغلول إن موقف النور بالاستمرار في العمل السياسي يأتي طبيعيًا في السياق الوجودي للحزب، ويشرح «باختصار حزب النور يرفض أن يعود لما كان عليه قبل ٢٠١١، على الرغم من نظرته الرافضة أساسًا لفكرة الخروج عن الحاكم، لكنه لا يريد أن يعود ليبقى تحت سيطرة ضابطًا في أمن الدولة، وأن تتعرض قياداته للاعتقال والانتهاك في كل ظرف ومكان. هو يسعى بدأب لأن يكون هو الطرف الديني في المعادلة السياسية المصرية. وهذا يتطلب منه العديد من الأمور، على رأسها دعم الدولة، وفي هذا تفسير لموقف الحزب في دعم اتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية. «الدعوة السلفية ومعها حزب النور يراهنا على استقرار النظام، ويران أن أي تهديد للنظام هو تهديد وجودي لهم»، يقول زغلول. كان أحد أبرز المواقف التي أعلنها حزب النور وأيد فيها موقف الدولة، موقفه الأخير من أحقية السعودية في السيادة على جزيرتي تيران وصنافير. إذ قالت لجنته القانونية «إننا وبعد تقييم القرائن والأدلة، وتحقيق الوثائق القانونية الصالحة للإثبات أو النفى لتبعية الجزر، والتي ليس منها قطعًا الأطالس، أو الكتب المدرسية، ونحوهما، وبعد التفريق بين أعمال الإدارة والحماية، وأعمال السيادة، وبعد إعمال قواعد الترجيح، ترجح لدينا تبعية الجزيرتين للمملكة العربية السعودية». بقاء وجود استمرار السلفيين في المشهد السياسي إذًا هو معركة إثبات وجود أو معركة بقاء، في مشهد لو اعتزلوه ربما يخسرون تلك المكاسب التي حصدوها بوجود ١١ نائبًا لهم في مجلس النواب الحالي، بعد أن كانوا في المرتبة الثانية في برلمان ٢٠١٢. يقول زغلول «بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣ تغير مشهد الجماعات السلفية بشكل كبير. مجموعات مثل الجبهة السلفية وحازمون، وجماعات أخرى ملتفة حول حازم صلاح أبو إسماعيل، اختفت تمامًا. منها من ضم على من تبقى من الإخوان المسلمين، ومنهم من مال في اتجاه الجماعات المتطرفة، ومنهم من اعتزل العمل السياسي تمامًا. وبقى على السطح حزب النور فقط، ومن ورائه الدعوة السلفية، على الرغم من التضييقات التي تعرض لها في مسألة مثل الخطابة في المساجد أو حتى الدعوات التي وجهها البعض لحل الحزب باعتباره حزب ديني». ويتابع «في ظل الدعاية التي كونها الإخوان المسلمين بتصوير الحرب ضدهم هي حربًا على الإسلام، كان لزامًا على الدولة أن تُبقى طرفًا مثل حزب النور في المشهد السياسي. بالطبع بقاء الحزب طرفًا في المعادلة السياسية كبده الكثير من الخسائر، على سبيل المثال هبوط تمثيله البرلماني من ٢٥% في برلمان ٢٠١٢ إلى ١.٥% في برلمان ٢٠١٤، مع الوضع في الاعتبار تغير قوانين وطريقة الانتخابات بالطبع». لا يملك السلفيون في الوقت الراهن الانسحاب من المشهد السياسي لتجنب الدخول في صدام مع السلطة الحالية، ينتهي باستئصالهم بالكلية وربما تهديد وجودهم الدعوي. ومع ذلك، لوح السلفيون بخيار الانسحاب، بعد اجتماع الثالث من يوليو ٢٠١٣ حين تواترت أنباء عن ترشيح الدكتور محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية الأسبق لرئاسة الحكومة، بوصفه عدوهم الفكري اللدود، بجانب تلويح آخر بالانسحاب من المرحلة الثانية لانتخابات البرلمان الحالي في نهاية ٢٠١٥، أو حتى التلويح بحل الحزب والانسحاب من المشهد السياسي كاملًا. لكن السلفيون بوصفهم الوحيدين من تيارات الإسلام السياسي الذين بقوا في المشهد، فقدوا كثيرًا من زخمهم ووجودهم البارز في المشهد السياسي الحزبي والعام، رغم محاولاتهم للتأكيد على أن حزبهم سياسي وليس دينيًا، ما ظهر في اضطرار الحزب الدفع بكوادر قبطية ونسائية على قوائمه الانتخابية، برغم ما رأته الدعوة السلفية من مخالفة ذلك للشرع والدستور حسب فتواها. طوال أربع سنوات، حاول النور التأكيد كل حين على أنه حزب لكل المصريين وأن من بين أعضاء الحزب مسيحيين ـ دون أن يكشف عن عددهم ـ وذلك برغم خروج الدكتور محمد إسماعيل المقدم، أحد مؤسسى مدرسة الدعوة السلفية بالإسكندرية، إبان أزمة تأسيس حزب الوطن في نهاية ٢٠١٢، ليقول إن «الأصل بقاء ما كان، وأن النور هو الذراع السياسي للدعوة السلفية، ولا مجال للمجاملة في هذا». المعنى نفسه أكده الأمين العام السابق للنور، طارق فهيم، بقوله إن الحزب جزء من الدعوة، وهو الإبن الشرعي لها، وهو إن لم يكن ابنًا لها فهو ابن حرام. ويقول يونس مخيون، رئيس الحزب إن النور مفتوح للجميع وأن تسميته بحزب النور السلفي هو خطأ. حاول «مدى مصر» التواصل مع قيادات حزب النور، للتعرف على رؤيتهم حول الجدل بشأن العمل السياسي في ظل تجربة السنوات الأربع الماضية، إلا أن جميعهم فضلوا الاستمرار فيما سموه بإجازة إعلامية، وفضل البعض عدم التصريح أو التعليق على المشهد الحالي، واصفين إياه بأنه لا يسر أحد ولا يستحق عناء التعليق عليه حتى.
لا أُحب الأشياء الجميلة، فلماذا أحب «هذا المساء»؟ أنديل ٢٩ يوليو ٢٠١٧ لاحظت مؤخرًا أنني لا أُحب الأشياء الجميلة، أو بمعنى أصح الأشياء التي يُجمع الآخرون على جمالها. إعلان لطيف به أغنية ظريفة من الطفولة ونغمات إلكترونية مرحة يصيبني بالغثيان. إعلان آخر تُحلّق فيه طائرة بدون طيّار بين عمارات القاهرة الكئيبة مع تعليق رخيم، في تصوير أسطوري للمدينة الأسمنتية لم نرَه من قبل، يُصيبني بالزهق والإحباط. فيلم حربي ملحمي طال انتظاره للمخرج الذي يجيد العبث بالزمن حيث تنفجر الانفجارات ويصارع الإنسان شروره، يجعلني أُغالب النعاس. ما مشكلتي بالضبط؟ هل تبلدت حواسي؟ أم أن قراءتي السياسية لسياقات صنع العمل تمنعني من الاستمتاع بالجمال؟ أبذل مجهودًا كبيرًا لأتناسى أن هذا الإعلان«مُقتبس»، أو أن هذه الصورة مُستعارة، أو أن المخرج الأسطوري يُحب رأس المال سرًا وعلانية ويؤمن ببطولات القادة الأشداء. أحاول ابتلاع جمال الحبكة أو جودة الخدع السينمائية أو لطافة الموسيقى ولكنني أفشل، وأفشل أيضًا في شرح مشاعري تجاه هذه الأعمال، دون أن يُقرأ ما أقوله باعتباره حقدًا أو كراهية عمياء أو على الأقل جهلًا وتظاهرًا أجوف بالمعرفة. أستسلم للأمر؛ أنا مكتئب إذن، ولهذا لا أُجيد الاستمتاع بما يستمتع به الآخرون. ربما تنتهي هذه الحالة قريبًا وأعود مجددًا للاستمتاع بالأشياء البسيطة، وربما ماتت أحاسيسي هكذا للأبد. وفجأة يقع في طريقي عمل يستحوذ على اهتمامي ويثير مشاعري بقوة، ويتصادف أنه عمل له نفس التأثير على قطاعات عريضة من الجماهير أيضًا. إنه مسلسل «هذا المساء». لأول مرة منذ سنوات عديدة، أتابع ثلاثين حلقة من مسلسل تليفزيوني مصري، وأستمتع. فماذا حدث هنا؟ درست أسباب استمتاعي بهذا العمل لأحاول الإجابة عن السؤال المحير «ما الذي أراه «جميلًا» ولماذا»، وهذا من خلال العناصر الأساسية التي لفتت انتباهي في مسلسل «هذا المساء» منذ الحلقة الأولى، والتي كانت كالتالي ماذا ترى؟ طريقة تصوير المسلسل تخلو من أي محاولة للاستعراض أو فرد العضلات، فاختيار تكوين الكادر أو الإضاءة، موضع الكاميرا وحركتها أو لحظة القطع بين زاوية وأخرى لا تبدو مخلصة إلا لتوصيل «المعلومة» الموجودة بالمشهد بأصدق وأوضح طريقة ممكنة. رغم أن وصف هذه التقنية بهذه الطريقة يجعلها تبدو مملة للغاية وخالية من الخيال، فإن النتيجة تأتي شاعرية للغاية وغنية بالدلالة في كثير من لحظات المسلسل، فكيف يمكن أن يشعر المشاهد أن إخراج عمل ما جيد إلى هذا الحد دون اهتمام المخرج بلفت النظر لما يفعله؟ الإجابة هي في العنصر التالي. ماذا يحدث؟ يبدو إحساس المخرج بأهمية الحدث نابعًا من سبحان الله أهمية الحدث! فالمسلسل الذي اشترك في كتابته المخرج تامر محسن مع السيناريست محمد فريد وورشة من الكُتّاب يحكي مجموعة من القصص التي تقع لمجموعة من الشخصيات المصرية شديدة الواقعية، والتي تربط بينها وبين بعضها قصة تحاول استكشاف سلوك إنساني شديد الخصوصية وهو «التلصص». تمكن قراءة المسلسل على مستوى سطحي للغاية كعمل درامي شيق عن الأسرار التي تقع في الأيدي الخاطئة، وتمكن أيضًا قراءته كعمل عن شهوة التلصص التي نمارسها جميعًا بأشكال مختلفة طوال الوقت. نريد دومًا أن نعرف المزيد عن هؤلاء الذين يثيرون اهتمامنا، وتساعدنا التكنولوچيا اليوم على فعل ذلك بطرق لم نعهدها من قبل. وفي هذا السياق تُعتبر حالة مشاهدة المسلسل نفسه في حد ذاتها استجابة لهذه الشهوة، فشخوص العمل للواقعية الشديدة المستخدمة في تصميمهم يتحولون إلى شخصيات شبه حقيقية في مخيلتنا، ونستمتع بشكل أو بآخر بمشاهدة الجوانب السرية من حياتهم وأسرارهم التي لا يعرفها أحد سواهم، وسوانا. وفي استخدام مبنى السينما المهجور بالحارة التي تسكنها شخصيات المسلسل، كمخبأ تُمارس فيه عملية التلصص بشكل ممنهج، تلوح أيضًا رمزية ما للـ«فرجة» كفعل إنساني مشين ومرغوب في نفس الوقت، وهو ما يعطي للمسلسل رأيًا مركبًا بخصوص نفسه، كتجربة تستجيب لرغبة ما لدى الإنسان في مشاهدة آلام الآخرين. قراءة أخرى للمسلسل ترى فيه اهتمامًا واضحًا بإشكاليات معقدة جدًا مثل «الجنس» و«الشرف» ومعنى الذكورة والأنوثة وكل ما يحيط بالعقل المصري من مؤثرات ملتبسة عندما يفكر الرجال في النساء والنساء في الرجال. يتطرق المسلسل لهذه الإشكاليات بهدوء وبساطة بطريقة نجحت في تحريره من الوقوع في فخ الخطابية أو تصنيفه كـ«مسلسل ذي أچندة سياسية أو حقوقية». كما تبدو لدى المسلسل أيضًا رؤية واقعية جدًا للدولة ودورها في الفصل بين ما يطرأ بين الناس من صراعات، وهي رؤية تجعله يبدو عملًا يدرك صناعه بشكل ناضج أي بلد يعيشون فيه. قصة بهذا التعقيد والكثافة تبدو خلاصة رغبة حقيقية من صناع العمل في التواصل مع الجمهور بصدق، بشأن أمور تشغل العقل حقًا، أمور تشبه تلك التي نتحدث بشأنها في جلساتنا ومقابلاتنا، أمور تتأثر حياتنا بها فعلًا وبالتالي سننخرط في مشاهدتها باهتمام وبإحساس حقيقي بالاشتراك في التجربة، وليست قصة لا تستجيب إلا لمجموعة من الخيالات المسطحة التي قد يميل المشاهد للانغماس فيها هروبًا من واقع ثقيل. أظن أن اقتناع صانع العمل بأهمية ما يحدث على الشاشة وتصديقه له عامل مهم جدًا في اختياره للطريقة التي سيصور بها ما يحدث على الشاشة، وأرى بوضوح في الفن عمومًا علاقة طردية بين سطحية المحتوى وكمية التشويش البصري المستخدم في طريقة تصويره. كيف يحدث ما يحدث؟ في بلد مثل مصر، تتمحور صناعة الدراما حول شهر رمضان، فهو الموسم السنوي لعرض المسلسلات وذروة عادات المشاهدة. هذا الوضع للأسف سجن صناع المسلسلات في ضرورة تقسيم أحداث المسلسل لثلاثين حلقة، وهو ماراثون مجهد للغاية على الصانع والمشاهد. إلا أن هذا الوضع كوّن نظامًا اقتصاديًا عملاقًا حول صناعة الدراما المصرية، فأصبحت صنعة الدراما «أكل عيش» بالنسبة لكثير من المهتمين بالفن، وعندما يُخلط الفن بأكل العيش عادة ما تكون النتائج مثيرة جدًا للاهتمام. مؤخرًا بدأت الدراما التليفزيونية تتعملق بوضوح على حساب السينما، فالربح العائد من عرض المسلسلات في القنوات التليفزيونية، مطعّمة بالإعلانات التجارية، مضمون أكثر من مغامرة شباك التذاكر التي لا تؤتي أُكلها، إلا وفق حسابات معقدة جدًا مبنية بشكل رئيسي على شعبية النجوم. وبالتدريج أصبح المحتوى المقدم في المسلسلات يستعير بوضوح من محتوى السينما على مستوى القصص وطريقة التنفيذ أيضًا، فبعدما كانت السينما لسنوات طويلة هي المكان المحجوز للقصص الخيالية والأكشن والمغامرات الإنتاجية الضخمة بينما التليفزيون هو ساحة القصص الاجتماعية والإنسانية الأسرية البسيطة، قليلة التكاليف وسهلة الإنتاج. تغيّر هذا الوضع الآن وأصبح أمرًا معتادًا أن تضم قائمة المسلسلات الرمضانية كل عام عشرات المسلسلات الهيستيرية المحشوة بمشاهد الأكشن والمطاردات والانفجارات أو الملابس والديكورات المبالغ في الإنفاق عليها. وهو أمر لا إشكال فيه عمومًا، كونه استجابة لطلب واضح لنوع ما من الترفيه، لكن الإقبال الشره عليه من قبل المنتجين يقلّص كل عام فرص المسلسلات، المهتمة بمواضيع إنسانية، في لفت نظر المشاهدين لقصصها وسط كل هذه الضوضاء، ويجعل قرار تنفيذ مسلسل مثل «هذا المساء» أصعب وأصعب. هنا يبدو قرار صناع «هذا المساء» جريئًا للغاية بمزاحمة هذا السوق الشرس بموضوع مثل موضوعه، والذي تعمد صناعه التعبير عنه دون أي مداعبة مبتذلة لمشاعر الجمهور، بإلافراط في مشاهد العنف أو التحفيز الحسي. وحتى مشاهد البذخ الذي تعيش فيه شخصيات المسلسل المنتمية للطبقة الاجتماعية الأكثر ثراءً، والتي تعتبر من المكونات المعتادة لمسلسلات رمضان في السنوات الأخيرة، جرى تصويرها بشكل واقعي للغاية أعتقد أنه كان ناجحًا جدًا. هذه الجرأة في منافسة أعمال تلفت الانتباه لنفسها بضوضاء إنتاجية زاعقة هي جرأة تزيد من قيمة العمل ومن التقدير لصناعه، فبينما تتوفر لصناع الإعلانات والأفلام التجارية ميزانيات مفتوحة لتصوير أعمال «آمنة»، تشجع الناس على الانخراط في الأمر الواقع وترسخ رؤيتهم لكل شئ كما هو دون أي أفق جديد، يعمل صناع أعمال مثل «هذا المساء» تحت ظروف أصعب ليصنعوا عملًا صادقًا يقدم أسئلة أكثر مما يقدم إجابات، ويشعر المشاهد بجماله أيضًا. الشعور العام الذي وضعني فيه مسلسل «هذا المساء» هو شعور بالانخراط. بدت لدى المسلسل قصة مثيرة يريد سردها، على أرضية واضحة من الاحترام لعقلية المشاهد والاحترام لصناعة الفن وما تعنيه. واختيرت لسرد هذه القصة تقنيات صادقة تتجنب التزيين المبالغ فيه أو الفذلكة البصرية، وهو ما منح القصة إحساسًا بالثقة والثقل. ساعدني المسلسل على إدراك أن استيائي من الأعمال الـ«جميلة» سببه في الحقيقة أنها أعمال «غير جميلة». يرسم «هذا المساء» صورة كلاسيكية جدًا للواقع، و«المساء» فيها هو محور تشبيه بليغ قديم. المساء هو الظلام، هو الخوف والخطر والظلم، ولكنه هو أيضًا، كما تصدح شريفة فاضل في خلفية إحدى مشاهد المسلسل، «موال العشاق». واقع «هذا المساء» واقع ناضج يحوي كما يحوي كل الأبطال شرًا وخيرًا يصعب التفريق بينهما، واقع متزن متقبل لمكوناته وتناقضها ولا يتسرع في الحكم على ما يحدث ويترك للمشاهد حرية الانطباع بما يتناسب مع تجربته الحياتية. ساعدني «هذا المساء» أن أُفكر في أن «جمال التصميم» ليس بالضرورة كافيًا لصنع عمل جيد. ربما ترتاح العين البشرية للصورة ذات النسب المتزنة، أو أن بالتة لونية ما تُدخل المشاهد بسهولة في موود جميل، أو أن أغنية من ذكريات الماضي مُعاد توزيعها بآلات حديثة مرتبطة في ذهن جيل ما بالشباب والمرح و الرقص تطرب لها الأذن ويشعر المرء معها بالسعادة، لكن لو أن صناعة الفن هي نسب رياضية ولوغاريتمات من هذا النوع فحسب، فهذه مهارات يتفوق فيها الكمبيوتر على الإنسان بسهولة. خاصية الـ«الأوتو فوكَس» و«الأوتو كولورينج» و«الأوتو كورِكت» تزداد دقة كل يوم. الذكاء الإصطناعي يتعلّم الآن في صمت ماذا يُمتع الإنسان، ليصنع لوحات وأفلامًا وأغاني قد يجد الإنسان صعوبة في منافسة جودتها التصميمية في المستقبل. فلاتر الإنستجرام تصبغ أي صورة تلتقطها بموبايلك بالروح التي تختارها. يمكنك أن تجعل أي لحظة عادية من حياتك تبدو كبوستر فيلم أو كوڤر ألبوم، ولكن لماذا؟ لماذا نحن غير راضين عن حياتنا إلى هذا الحد، ولماذا ننجذب للأعمال التي توهمنا أن حياتنا مثيرة للاهتمام أكثر من الحقيقة؟ لماذا نحاول دائمًا الهروب من مساء حياتنا إلى نهار طفولي مشرق غير موجود؟ الإجابة عن هذا السؤال تقتضي في رأيي أن نهدأ قليلًا ونقضي بعض الوقت في دراسة هذا المساء، بواقعه المؤلم الذي نعيش فيه، لنرى لماذا هو مساء، ومن جعله مساءً؟ وهل يمكن أن يكون نهارًا أم لا؟ هل هناك مشكلة في كونه مساءً أصلاً؟ وهل النتيجة الوحيدة لانحباسنا جميعًا في هذا المساءً سويًا هي حالة الذعر الدائمة التي نمارسها على بعضنا البعض تلك؟ أم أن هناك اختيارات أخرى؟
قارن إم هو مع:
شارك صفحة إم هو على