سلفيو الإسكندرية وجدل اعتزال السياسة أحمد بدراوي ٣٠ يوليو ٢٠١٧ مع مرور أربع سنوات على تغير الوضع السياسي في يونيو يوليو ٢٠١٣ بدا ما سمي بـ«تحالف ٣٠ يونيو» ذكرى سياسية قديمة تعرضت للتفكيك والتركيب مرات عدة مع كل منحنى سياسي كبير، إلا أن بعض مكونات الحلف آثرت حفظ الحد الأدنى من الاتفاق بينها وبين أجهزة الدولة. ورغم تأميم المجال السياسي العام في مصر بعد مرور أربع سنوات، إلا أن سلفيو الإسكندرية ـ مدرسة الدعوة السلفية في الإسكندرية ـ لم يجيبوا على السؤال الذي ظل طيلة تلك السنوات يوجه لقياداتها؛ لماذا لم تعتزلوا العمل السياسي؟ لا ينطلق السؤال من رغبة في إقصاء الدعوة وذراعها السياسي، حزب النور، عن المشهد السياسي لخلاف أيديولوجي حول خطابهما اليميني، بقدر ما هو إعادة إنتاج لأدبيات الدعوة السلفية التي تتحفظ على المشاركة في العمل السياسي إذا تحول لـ«تحصيل حاصل» بلا تغيير ملموس. «بقاء المجبر» يرى الشيخ علي غلاب، أحد مؤسسي الدعوة السلفية بمطروح وفصلته عمومية السلفية في الإسكندرية من الدعوة في ٢٠١٥، أن دخول الدعوة ثم الحزب في المشهد السياسي خصم من رصيدها الدعوي، وأن على سلفيي الإسكندرية اعتزال السياسة الحزبية والعمل السياسي. علي غلاب وأضاف في اتصال هاتفي مع «مدى مصر» «حزب النور وضعه الآن لا يقارن بما قبل وفقد زخمه السياسي الكبير وتحول لحزب عادي مثل باقي الأحزاب، حتى كتلته البرلمانية عددها أقل، ومرشحي الحزب في مطروح نجحوا بأصوات القبائل». يرى غلاب، أن بقاء الدعوة السلفية في المشهد السياسي هو «بقاء المجبر»، لأن للعمل السياسي حسابات تدفع الشخص للبقاء.موضحًا أن سلفية مطروح لها موقف عام باقية عليه وهو اعتزال السياسة ككل. الصراع بين مجلس الإدارة العام للدعوة في الإسكندرية ومجلس مطروح ممتد من أربع سنوات، منذ بيان غلاب باعتزال العمل السياسي في عام ٢٠١٣، وهو ما أدى لقرار من المجلس العام بتجميد عمل مجلس مطروح، وصولًا لمبادرة المصالحة التي طالبت فيها مطروح الإسكندرية أن تعتبر الخط الدعوي للدعوة السلفية قبل ٢٥ يناير هو الأصل. كما دعا محمد إسماعيل المقدم، أحد أقطاب الدعوة السلفية، في أبريل ٢٠١٥ لترك السياسة التي فرقت البلد، بحسب لقاء جرى بين غلاب والمقدم وأحمد حطيبة وأحمد فريد، والأخيران من مؤسسي الدعوة السلفية الستة. وقال مصدر سلفي مطلع، طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مخول له التحدث للإعلام «لا شك أن الدعوة السلفية تعاني من تضييق وتعنت ضدها وهناك بالفعل تضييق في حرية الحركة الدعوية لنا». وأضاف لـ«مدى مصر» «هناك تعنت ضدنا نتيجة للهجوم الليبرالي غير المنصف والهجوم الإخواني، وهو تضييق سببه التطبيق غير السليم للقوانين، وبلا شك حزب النور صوته أصبح خافتًا عن ذي قبل». ويبدو خفوت صوت سلفيي الإسكندرية، منسجمًا مع رغبتهم في عدم تصدر المشهد بعد ٣٠ يونيو، وهو ما يؤكده شريف طه، المتحدث الرسمي السابق لحزب النور، وعضو هيئته العليا في تدوينة كتبها في ١٤ يوليو ٢٠١٣. يقول طه «لابد أن نعترف أن تصدر الإسلاميين بكل فصائلهم للمشهد كان خطئًا استراتيجيًا قاتلًا، وأن الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة ـ قبل عزل مرسي ـ كانت بمثابة تصحيح لهذا الخطأ الذي مثل نزيفًا دعويًا وسياسيًا كبيرًا لم يعد يمكن تحمله، وأن وجود الإسلاميين كجزء من المشهد مع قدرتهم على الدعوة أفضل بكثير من تصدرهم للمشهد مع بُغض الناس لهم». «وعاء الدعوة» منذ الثالث من يوليو ٢٠١٣، تردد لدى عدد من ذوي الاتجاهات والرؤى المناوئة لتيار الدعوة السلفية ولإدارتها للمشهد السياسي، عبارة «هؤلاء بٌرهاميين» تعليقًا على ما يعتبرونه طاعة والتزام حرفي من قواعد الدعوة السلفية بكل ما يصدر عن ياسر بٌرهامي؛ نائب رئيس الدعوة السلفية، من تصريحات. لكن مصدر سلفي، طلب عدم نشر اسمه، قال لـ «مدى مصر»، إن فكر ورؤية ياسر بٌرهامي، متجذرين في صفوف قطاعات واسعة في الدعوة السلفية، خاصة رؤيته لتأصيل الواقع بشكل شرعي، وذلك لكونه منذ فترة الهجمة الأمنية في التسعينيات عام ١٩٩٤، الأكثر حركة ونشاطًا، ومعظم الموجودين هم من تلاميذ الشيخ، وهو لا يؤثر في قرارات الدعوة بكلمته المسموعة، لكن بطبيعة الحال، هو بذل جٌهد تربوي تلقاه على يده كثيرون، وبناء شخصيات رجال الصف الثاني والثالث في الدعوة، كان لبرهامي تأثيرًا كبيرًا عليهم، وفق المصدر. ياسر برهامي يرى الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، والذي يدير فعليًا الدعوة بعد ٢٥ يناير، أن مشهد الدعوة السلفية بعد ٣٠ يونيو، يؤكد أن وجودها عامل من أعظم عوامل استقرار المجتمع المصري. ويقول في مقابلة مع «مدى مصر» «بقينا للحفاظ على ما بقي من العمل الإسلامي البناء غير الصدامي، ورفضنا الصراع الصفري الذي حاول البعض فرضه على العمل الإسلامي وعلى المجتمع، فجاء بأسوأ النتائج، ونحن كدعوة سلفية مازلنا نمثل جزءًا أساسيًا من قضية الاستقرار في المجتمع، وفي بذل الجهد في الإصلاح الهادئ والبناء، وحتى لو لم يعرف المجتمع أهمية دورنا، فنحن نعمل في كل طبقات المجتمع». ويشير برهامي إلى أن من فقدته الدعوة من كوادرها بعد الثورة هم من انضموا لها بعد الثورة، وليس من أبنائها الأصليين فالفقد محدود، وقواعد الدعوة مازالت متماسكة. وحول مؤتمرات الدعوة السلفية الموجهة ضد الشيعة، يقول برهامي «أوقفنا المؤتمرات ولم يعد من الممكن عملها لوجود اضطراب أحوال، فالوضع قبل ٣٠ يونيو غير ما بعدها، خاصة مع استهداف الأماكن والعمليات الإرهابية». ويؤكد برهامي أن مشاركة حزب النور في اجتماع الثالث من يوليو ٢٠١٣، كانت بطلب من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو اجتماع دُعيت له كل القوى للنظر فى مستقبل البلاد، بما فيهم الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة والأزهر والكنيسة، لكن الإخوان اعتذروا، «وذهبنا للاجتماع بهذا الاعتبار وهو النظر في المستقبل، وكان لدينا أمل أن يوكل الأمر للدكتور مرسي، ويطلب منه عمل انتخابات رئاسية مبكرة ليتم حل الأمر بدون تعطيل للدستور، لكن سبق السيف العزل وكان الأمر قد انتهى، ووافقنا على ذلك لوجود مخاطر ضخمة جدًا على البلد، ورفضنا الصدام»، يوضح برهامي. يرى برهامي أن كل الأحزاب بما فيها حزب النور تعرضت لضعف، لكن النور تعرض لهجمة «شرسة جدًا» من جميع الفرقاء الموجودين، وتعرض لأزمات ومواجهات مع الأمن وقت الانتخابات البرلمانية، لكن هو مازال موجودًا بشكل قوي في الحياة السياسية، خاصة وأن القضاء حكم أكثر من مرة ببطلان الدعاوى القضائية بحل الحزب. وأكد أن الحزب هو حزب سياسي له مرجعية هي الشريعة الإسلامية وهي منصوص عليها في الدستور. وعن دور الدعوة السلفية في حماية الهوية الإسلامية والصحوة الإسلامية، وانتشار ظواهر الإلحاد وموجات أخرى، قال «التغريب وحملات الإلحاد مستوردة من الخارج، وينفق فيه أموالًا ضخمة جدًا من منظمات معروفة الهوية، والدعوة السلفية موجودة على الأرض وتبذل كل ما في وسعها، والأمور التي تحدث فيها شد وجذب، وليس الوضع السياسي هو المؤثر فيها بالدرجة الكبرى». يقول أحمد الشحات، عضو شاب بالدعوة السلفية، في مقال بعنوان «لماذا لا ينسحب السلفيون من المشهد السياسي؟»، إن اعتزال السياسة وانسحاب الإسلاميين يزيد المشهد فسادًا، فوجود الإسلاميين هو عقبة أمامهم، والانسحاب خسائره فادحة. وأضاف «أما قلة عدد نواب الحزب في البرلمان، فهو نتيجة لإحجام الناس عن المشاركة، ونحن لسنا مسؤولين عن ذلك، وجزء أيضًا بسبب ما تم من إقصاء لإضعاف قوة حزب النور في المجلس، وهو ما يدفعنا للاستمرار في الدعوة لتوثيق وتقوية القاعدة الشعبية لنا». ويوضح الشحات «عدد نوابنا في البرلمان أقل من أن يكون رقم مؤثر، لكنهم لهم فعالية، ومواقف واضحة، وعلق الحزب على بيان الحكومة ولم يقبله، ورفض قانون القيمة المضافة، وقانون الخدمة المدنية، وقانون تجريم الختان، وقانون بناء الكنائس، والحزب وجوده غير ديكوري ولم يتحول لأداة يمرر من خلالها النظام ما يريد»، حسب قوله. ولهذا انتخب السلفيون السيسي في مايو ٢٠١٤، حين قررت الدعوة السلفية وحزب النور انتخاب الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، وزعت الدعوة السلفية في المساجد التابعة لها ورقة بعنوان «إلى أبناء الدعوة السلفية .. لماذا اخترنا السيسي؟!» وشرحت فيها حيثيات قرارها بدعم السيسي عبر معسكرات مغلقة لتوضيح الصورة لقواعدها. تقول الدعوة «علينا أن نحافظ على ترابطنا وتماسك كيان الدعوة والالتفات حول القيادات، نعم اخترنا السيسي كمرشح، لكه اختيار نسبي وليس مطلق، نشارك في الانتخابات لدعم الدولة» ورأت الدعوة أن «السيسي ليس له أيديولوجية فهو ليس ماركسي أو يساري أو يميني أو إسلامي، بلا هوى سياسي، ولا يميل لفصيل سياسي معين، وليس بأيديولوجية تتعارض مع الدستور من ناحية تطبيق الشريعة الإسلامية بتدرج وإصلاح المنظومة الأخلاقية، ويعي خطر إيران والمد الشيعي، ولا يدور في فلك دولة بعينها، وهو الأقدر على التعامل مع مؤسسات الدولة، وعمل مصالحة وطنية، ومشاركتنا هي من أجل المصلحة العامة». رفضت الدعوة خيار المقاطعة. وقال وقتها مسؤول الدعوة السلفية في الإسكندرية، محمود عبد الحميد إن «المقاطعة تعني تفتيت قوة الدعوة السلفية وتفكيك قواعدها، وتصنع عداء مع مؤسسات الدولة، وتؤدي لسوء علاقة مع الرئيس القادم، وتضيع مستحقات واستحقاقات حزب النور في صنع القرار». محمود عبد الحميد وأضاف عبد الحميد «الضمانة في وجودنا على الأرض أن يكون أبناء الدعوة متماسكين على قول رجل واحد، وبالتالي تصبح ككيان لك حساب، المهم تبقى قوة مؤثرة على الأرض، وتقدر تاخذ مقاعد كثيرة في البرلمان». وهو ما يفسر لماذا غضبت الدعوة والحزب بعد خسارتهم أكثر من ٥٠% من مرشحيهم في البرلمان، الأمر الذي وصل لتهديد الحزب بمقاطعة المرحلة الثانية للانتخابات. لفت عبد الحميد «كتلتنا التصويتية كإسلاميين ٧%، وحصدنا ٧٠% من الأصوات في الانتخابات الماضية، وعلينا أن نشارك في الانتخابات الرئاسية بالتصويت لكي نحصر كتلتنا التصويتية الحالية، نحن ممثلي التيار الإسلامي في الدولة الآن، والكيانات الإسلامية الأخرى أصبحت ضعيفة ومهلهلة، لا بد من الحفاظ على تواجدنا، وإلا تعرض العمل الإسلامي لضربة قوية، والعمل السياسي هو وعاء للحفاظ على الدعوة السلفية، بدونه الدعوة تنهار، ولو تفرقنا لن يصبح لنا قيمة». عن قرار انتخاب السيسي، يقول برهامي «كنا نبحث عن الممكن والمتاح وليس المثالي والمطلوب. وفي ذلك الوقت، كان الأقدر أن يمر بالبلد من أزمتها مقارنة بالمرشح المنافس، لا شك أنه لم يكن سوى اختيار الرئيس الحالي». لكن برهامي رفض الربط بين انتخاب السلفيين للسيسي ودعم قراراته، قائلًا «ليس هناك علاقة بين اختياري للرئيس الحالي، وأن أكون موافق على كل قراراته، وإن كانت القرارات الاقتصادية في الحقيقة ناقصة وليست خاطئة، والخلل الذي فيها هو سببه عدم رعاية الطبقات الفقيرة وعدم مراعاة وسائل أخرى لزيادة موارد الدولة قبل رفع الأسعار، ولابد من تعويض الفقراء، والحكومة هي التي اتخذت هذه القرارات». يقول الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أحمد زغلول إن موقف النور بالاستمرار في العمل السياسي يأتي طبيعيًا في السياق الوجودي للحزب، ويشرح «باختصار حزب النور يرفض أن يعود لما كان عليه قبل ٢٠١١، على الرغم من نظرته الرافضة أساسًا لفكرة الخروج عن الحاكم، لكنه لا يريد أن يعود ليبقى تحت سيطرة ضابطًا في أمن الدولة، وأن تتعرض قياداته للاعتقال والانتهاك في كل ظرف ومكان. هو يسعى بدأب لأن يكون هو الطرف الديني في المعادلة السياسية المصرية. وهذا يتطلب منه العديد من الأمور، على رأسها دعم الدولة، وفي هذا تفسير لموقف الحزب في دعم اتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية. «الدعوة السلفية ومعها حزب النور يراهنا على استقرار النظام، ويران أن أي تهديد للنظام هو تهديد وجودي لهم»، يقول زغلول. كان أحد أبرز المواقف التي أعلنها حزب النور وأيد فيها موقف الدولة، موقفه الأخير من أحقية السعودية في السيادة على جزيرتي تيران وصنافير. إذ قالت لجنته القانونية «إننا وبعد تقييم القرائن والأدلة، وتحقيق الوثائق القانونية الصالحة للإثبات أو النفى لتبعية الجزر، والتي ليس منها قطعًا الأطالس، أو الكتب المدرسية، ونحوهما، وبعد التفريق بين أعمال الإدارة والحماية، وأعمال السيادة، وبعد إعمال قواعد الترجيح، ترجح لدينا تبعية الجزيرتين للمملكة العربية السعودية». بقاء وجود استمرار السلفيين في المشهد السياسي إذًا هو معركة إثبات وجود أو معركة بقاء، في مشهد لو اعتزلوه ربما يخسرون تلك المكاسب التي حصدوها بوجود ١١ نائبًا لهم في مجلس النواب الحالي، بعد أن كانوا في المرتبة الثانية في برلمان ٢٠١٢. يقول زغلول «بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣ تغير مشهد الجماعات السلفية بشكل كبير. مجموعات مثل الجبهة السلفية وحازمون، وجماعات أخرى ملتفة حول حازم صلاح أبو إسماعيل، اختفت تمامًا. منها من ضم على من تبقى من الإخوان المسلمين، ومنهم من مال في اتجاه الجماعات المتطرفة، ومنهم من اعتزل العمل السياسي تمامًا. وبقى على السطح حزب النور فقط، ومن ورائه الدعوة السلفية، على الرغم من التضييقات التي تعرض لها في مسألة مثل الخطابة في المساجد أو حتى الدعوات التي وجهها البعض لحل الحزب باعتباره حزب ديني». ويتابع «في ظل الدعاية التي كونها الإخوان المسلمين بتصوير الحرب ضدهم هي حربًا على الإسلام، كان لزامًا على الدولة أن تُبقى طرفًا مثل حزب النور في المشهد السياسي. بالطبع بقاء الحزب طرفًا في المعادلة السياسية كبده الكثير من الخسائر، على سبيل المثال هبوط تمثيله البرلماني من ٢٥% في برلمان ٢٠١٢ إلى ١.٥% في برلمان ٢٠١٤، مع الوضع في الاعتبار تغير قوانين وطريقة الانتخابات بالطبع». لا يملك السلفيون في الوقت الراهن الانسحاب من المشهد السياسي لتجنب الدخول في صدام مع السلطة الحالية، ينتهي باستئصالهم بالكلية وربما تهديد وجودهم الدعوي. ومع ذلك، لوح السلفيون بخيار الانسحاب، بعد اجتماع الثالث من يوليو ٢٠١٣ حين تواترت أنباء عن ترشيح الدكتور محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية الأسبق لرئاسة الحكومة، بوصفه عدوهم الفكري اللدود، بجانب تلويح آخر بالانسحاب من المرحلة الثانية لانتخابات البرلمان الحالي في نهاية ٢٠١٥، أو حتى التلويح بحل الحزب والانسحاب من المشهد السياسي كاملًا. لكن السلفيون بوصفهم الوحيدين من تيارات الإسلام السياسي الذين بقوا في المشهد، فقدوا كثيرًا من زخمهم ووجودهم البارز في المشهد السياسي الحزبي والعام، رغم محاولاتهم للتأكيد على أن حزبهم سياسي وليس دينيًا، ما ظهر في اضطرار الحزب الدفع بكوادر قبطية ونسائية على قوائمه الانتخابية، برغم ما رأته الدعوة السلفية من مخالفة ذلك للشرع والدستور حسب فتواها. طوال أربع سنوات، حاول النور التأكيد كل حين على أنه حزب لكل المصريين وأن من بين أعضاء الحزب مسيحيين ـ دون أن يكشف عن عددهم ـ وذلك برغم خروج الدكتور محمد إسماعيل المقدم، أحد مؤسسى مدرسة الدعوة السلفية بالإسكندرية، إبان أزمة تأسيس حزب الوطن في نهاية ٢٠١٢، ليقول إن «الأصل بقاء ما كان، وأن النور هو الذراع السياسي للدعوة السلفية، ولا مجال للمجاملة في هذا». المعنى نفسه أكده الأمين العام السابق للنور، طارق فهيم، بقوله إن الحزب جزء من الدعوة، وهو الإبن الشرعي لها، وهو إن لم يكن ابنًا لها فهو ابن حرام. ويقول يونس مخيون، رئيس الحزب إن النور مفتوح للجميع وأن تسميته بحزب النور السلفي هو خطأ. حاول «مدى مصر» التواصل مع قيادات حزب النور، للتعرف على رؤيتهم حول الجدل بشأن العمل السياسي في ظل تجربة السنوات الأربع الماضية، إلا أن جميعهم فضلوا الاستمرار فيما سموه بإجازة إعلامية، وفضل البعض عدم التصريح أو التعليق على المشهد الحالي، واصفين إياه بأنه لا يسر أحد ولا يستحق عناء التعليق عليه حتى. أكثر من ٦ سنوات فى مدى مصر