أنور القاضي

أنور القاضي

الفريق أنور عبد الوهاب السعيد القاضي (١٤ أغسطس ١٩٩٤ - ٢٨ سبتمبر ١٩١٨) عسكري مصري، تولى رئاسة هيئة العمليات للقوات المسلحة عام ١٩٦٦، شارك في حرب اليمن وكان ضمن القيادات المصرية هناك، تولى إنشاء هيئة التفتيش للقوات المسلحة وكان أول رئيس لها ثم نقل بعد ذلك ليتولى منصب رئيس هيئة تدريب القوات المسلحة.ولد الفريق أنور القاضى فى ٢٨ سبتمبر ١٩١٨ بمركز فارسكور التابع لمديرية الدقهلية فى ذلك الوقت . نشأ فى مدينة الإسكندرية وتعلم فى مدارسها حيث كانت تعيش الأسرة فى حى محرم بك . دراسته الثانوي كانت بمدرسة العباسية الثانوية حيث حصل على شهادة البكالوريا فى عام ١٩٣٥ . عقب حصوله على شهادة البكالوريا التحق بالكلية الحربية ( المدرسة الحربية فى ذلك الوقت ) فى عام ١٩٣٥ وتخرج منها فى عام ١٩٣٧ حيث استطاع أن ينهى دراسته فى عامين بدلا من ثلاثة أعوام وكان هذا النظام معمولا به فى ذلك الوقت , وكان من دفعته الفريق أول عبدالمحسن مرتجى والفريق صلاح الحديدى والذى كان صديقا مقربا من الفريق أنور القاضى . عقب تخرجه من الكلية الحربية تم تعيينه فى الجيش المصرى بالسودان ومن الخرطوم بدأ الفريق أنور القاضى أولى خطواته المهنية فى العسكرية المصرية . فى عام ١٩٥٢ وقبل قيام ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ كان الفريق أنور القاضى يعمل بالمنطقة الشمالية العسكرية بالإسكندرية – وكان برتبة البكباشى فى ذلك الوقت – قام جمال عبدالناصر بعمل زيارة له وتمت المقابلة فى تريانون بالإسكندرية وأخبره بأنه سيتم نقله الى القاهرة ليتولى عملية تأمين هيليوبوليس عند قيام الثورة , وفعلا نقل الى القاهرة وتولى مهام تأمين هيليوبوليس فى فجر ٢٣ يوليو ١٩٥٢ . فى عام ١٩٥٤ تولى القائمقام أنور القاضى منصب نائب الحاكم الإداري فى غزة ثم نقل بعد ذلك الى الإسكندرية لتولى قيادة اللواء الخامس المشاه , وفى عام ١٩٥٦ تولى الأميرالاى أنور القاضى قيادة الفرقة الثالثة المشاه والتى كانت تحتل مواقعها فى سيناء وكان مقر قيادتها فى العريش . خاض الأميرالاى أنور القاضى المعارك ضد الجيش الإسرائيلي فى حرب ١٩٥٦ بالفرقة الثالثة المشاه الى أن صدرت له الأوامر بالإنسحاب الى الضفة الغربية , فوضع خطة الانسحاب وإنسحب بالفرقة الثالثة المشاه الى الضفة الغربية وكان إنسحابا منضبطا ومنظما أثنى عليه العسكريون فى ذلك الوقت ونال إستحسانهم . ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بأنور القاضي؟
أعلى المصادر التى تكتب عن أنور القاضي
النوادي الرياضية في معركة التدجين عبد العظيم حماد ٣٠ أغسطس ٢٠١٧ يستحسن النظر لأزمة الثقة الناشبة مؤخرًا بين أعضاء الأندية الرياضية وبين وزارة الشباب والرياضة على مستويين؛ الأول هو تراث نظام يوليو ١٩٥٢ في الهيمنة على كل مؤسسات المجتمع وتقويض استقلالها الذاتي، والثاني هو اعتبار هذه الأزمة حلقة جديدة في سلسلة متصلة من الأزمات أدخل النظام الحالي نفسه والبلاد كلها فيها. فيما يتعلق بتراث يوليو سبق للكاتب أن استخدم تعبير «تعقيم المجتمع» لوصف حرص نظام الضباط على وأد فكرة التنظيم الأهلي المستقل عن السلطة في مصر، وتصفية أو إخضاع وتدجين الموجود منها، من الأحزاب السياسية والنقابات العمالية والمهنية، إلى جمعية الرفق بالحيوان، وجمعية منتجي البطاطس، كما قيل حرفيًا في تلك المناسبة. في حديث مع الكاتب جرى مؤخرًا، قال المفكر والمؤرخ والقاضي سابقًا طارق البشري إن التنظيم المستقل في دولة يوليو يشبه «الشرك بالله» عند الموحدين، مضيفًا أن نظام الضباط لا يكره الإخوان المسلمين لأنه يكره الإسلام، ولكن لأنه يكره الاستقلال التنظيمي، بغض النظر عن كفاءة الاخوان من الناحية السياسية من عدمها. لم تكن النوادي الرياضية يومًا استثناء من هذا المخطط الواعي، بل كانت في مقدمة المؤسسات التي حرص نظام يوليو على السيطرة عليها منذ تحول للشمولية الكاملة في أواخر خمسينيات القرن الماضي وأوائل الستينيات، حين أطيح بأحمد عبود باشا من رئاسة النادي الأهلي في العام نفسه الذي أُمّمت فيه شركاته ومصانعه، وكذلك أطيح بعبد اللطيف أبو رجيلة باشا من رئاسة نادي الزمالك في نفس الوقت الذي أُمّمت فيه شركاته وصودرت فيه ثروته، وجيء بلواء الشرطة صلاح دسوقي محافظ القاهرة، والمقرب من الضباط الأحرار، رئيسًا للنادي الأهلي بالتعيين، أما نادي الزمالك فقد جيء بالمهندس حسن عامر، شقيق المشير عبد الحكيم عامر، رئيسًا له بالتعيين هو الآخر. كانت هذه مجرد البداية، التي اكتملت برئاسة المشير عامر نفسه للاتحاد المصري لكرة القدم، ورئاسة حسين الشافعي عضو مجلس قيادة الثورة لاتحاد الفروسية، ورئاسة عبد اللطيف البغدادي عضو المجلس لاتحاد الكروكيه، ورئاسة الفريق سليمان عزت قائد البحرية للنادي الأوليمبي السكندري وأوليمبي القنال في نفس الوقت، وكذلك جاء الفريق أنور القاضي ليرأس نادي الاتحاد السكندري، ثم جرى الأمر على هذا النحو، أو على نحو قريب في سائر النوادي والاتحادات الرياضية. كان المطلوب هو إبقاء الحركة الرياضية وجماهير النوادي في حظيرة النظام، بما أن كل مؤسسات الدولة والمجتمع قد أُدخلت الحظيرة، أو قُضي عليها من الأصل. وبما أن هزيمة يونيو ١٩٦٧ أوهنت قبضة السلطوية في بعض المجالات، فقد كان لابد لهذه القبضة أن تتراخى كثيرًا على النوادي وعلى الحركة الرياضية، و من ثم عاد أسلوب الانتخاب طريقًا لاختيار رؤساء وأعضاء مجالس إدارات الأندية والاتحادات الرياضية، واللجنة الأوليمبية المصرية، مع استبقاء الوسائل غير المباشرة للتدخل للتأثير في هذه الانتخابات، ومع التدخل الإداري بحل هذا المجلس أو ذاك عند اللزوم. كما أن التطورات السريعة والثورية في الحركة الرياضية الدولية، أجبرت الإدارة الحكومية المصرية للرياضة على الخضوع للقواعد المعمول بها عالميًا، وبمفادها فالرياضة نشاط أهلي غير حكومي، ويجب أن تبقى إداراتها أهلية وديمقراطية، أي أن تتشكل بالانتخابات الحرة، ويؤدي أي تدخل حكومي فيها لقرار بالحرمان من النشاط الدولي في اللعبة أو الألعاب التي تديرها الحكومة بالتعيين، وقد تصل العقوبة إلى وقف النشاط المحلي الرسمي كليًا. أرغمت هذه التطورات الإدارة المصرية، وبعد طول تباطؤ، على إصدار قانون جديد للرياضة يستوفي هذه المعايير، وبما أن الطبعة الجديدة والحالية من نظام يوليو ١٩٥٢ تبدي علنًا حرصها على استنساخ شمولية وسلطوية الحقبة الناصرية، ومن دون انحيازاتها الاجتماعية والتزاماتها الوطنية والتنموية، فقد كان لابد من فتح ثغرات تنفذ منها للسيطرة على الحركة الرياضية ومؤسساتها عند اللزوم، وقطعًا للطريق على أية ديناميات ذاتية من داخل الحركة تشجع على شيء من الاستقلال في هذا القطاع، وتمتد عدواها لقطاعات أخرى. وبالتالي فلا يتسق مع منطق النظام أن تستقل المنظمات الرياضية بسبب المعايير الدولية، في وقت تُحكم فيه السلطة قبضتها على المنظمات والجمعيات الأهلية بالقانون الجديد، وعلى كبريات المؤسسات الإعلامية والصحفية والجامعات والنقابات، وفي وقت تُجهَض فيه محاولات تشكيل نقابات عمالية حرة، فضلًا عن محاصرة الأحزاب وتقزيم البرلمان، وإلغاء مبدأ الأقدمية الموضوعي في اختيار رؤساء الهيئات القضائية، وتقنين حق السلطة التنفيذية في عزل رؤساء الأجهزة الرقابية. كعادتها قدّمت البيروقراطية المصرية للجهات الدولية المعنية قانونًا لا غبار عليه، مدّخرة الثغرات للائحة التنفيذية، وأهمها ثغرتان؛ الأولى اعتبار مجلس الادارة الذي لا يقبل حكم مركز التسويات الرياضية في ظرف ستين يومًا منحلًا، مع تعيين بديل له بالطريق الإداري لحين انتخاب مجلس جديد، علمًا بأن مركز التسويات الرياضية هذا مُعيَّن من الإدارة، وليس محصنًا ضد العزل، أي أن الإدارة ستكون هي الخصم والحكم معًا. أما الثغرة الثانية، فهي العضويات الاستثنائية، ومنح أعضاء فروع النوادي حقوقًا متساوية مع أعضاء الفرع الرئيسي، بما يفتح الباب أمام تغير طفري في تكوين الجمعيات العمومية، التي لها وحدها حق انتخاب مجلس الادارة. سيبدو رفض الجمعيات العمومية في النوادي الكبرى للائحة الحكومية استعلاء طبقيًا، أو أنانية نخبوية ترفض مساواة أعضاء الفروع بأعضاء المقر الرئيسي، كما سيبدو رفض ضم أعضاء استثنائيين حرصًا من الجمعيات العمومية على إبقاء أعضاء كل نادٍ كجماعة مغلقة على نفسها. لكن شبهة الطبقية تنهار أمام حقيقة أن جميع المرشحين للعضوية الاستثنائية ليسوا من طبقة أدنى، بل ربما كان بعضهم من شرائح أعلى في الطبقة الوسطى التي جاء منها كل أعضاء الأندية الكبيرة والشهيرة، والأهم أن هؤلاء المرشحين للعضوية الاستثنائية كانوا هم من سيحصلون على امتياز غير قانوني تفرضه السلطة، حين يُعفوْن من رسم الاشتراك لأول مرة، وهو يصل إلى مليون جنيه في بعض الحالات، ولا يدفعون سوى الاشتراك السنوي المعتاد، ثم مع الوقت يشكلون «لوبي» يدين بصوته الانتخابي لمرشح السلطة التي منحتهم هذا الامتياز. وأما شبهة انعدام المساواة بين أعضاء الفروع والأعضاء الأصليين، فإنها تسقط أمام حقيقة أن هذه الفروع أنشئت بأموال الأعضاء الأصليين، وأن من تقدموا لعضوية الفروع لم يتحملوا أعباء رسوم الاشتراك لأول مرة في المقر الأصلي، ثم إنهم كانوا على علم بكل ذلك وقبلوه، والأهم أنهم لم يطالبوا بتلك المساواة من وزارة الشباب والرياضة، وأن الباب مفتوح لهم للحصول على المساواة إذا دفعوا الرسم المقرر. إذن، فقضية النوادي الرياضية في مواجهة اللائحة الحكومية هي في الجانب الأكبر منها قضية حقوق وحريات في مواجهة السلطة، وليست قضية استعلاء أو انعزال طبقي في مواجهة بقية المواطنين، وسائر الشرائح الاجتماعية. هذه الحقيقة هي ما تفسر الإقبال الكثيف من أعضاء النوادي الكبرى؛ هليوبوليس والأهلي والزمالك والجزيرة في القاهرة، وسموحة في الاسكندرية، على حضور الجمعيات العمومية الطارئة، كلٌ في ناديه، والتصويت الإجماعي لصالح لائحة كل ناد، رفضًا للائحة الحكومية، إذ أن الأعضاء خافوا على هذه المساحة المحدودة التي يمارسون فيها قدرًا من الحرية والخصوصية من التغول السلطوي، المنذر بتغريبهم على المدى الطويل، في مكان ألفوه، وعن تقاليد حرصوا على احترامها، وعن جماعة يعتزون بالانتماء إليها. ولا يصح هنا الجدال بأن وزارة الشباب والرياضة هي نفسها من أتاحت للأندية حرية الاختيار بين اللائحة الاسترشادية الحكومية، وبين لائحة خاصة يضعها كل ناد بشرط إقرارها من جمعية عمومية طارئة، لأن عدم إتاحة هذه الفرصة كان ليعد مخالفة جسيمة للقوانين الدولية للحركة الرياضية، ولأن الحكومة كانت تراهن على تعذر انعقاد الجمعيات العمومية بالنصاب المحدد، بشكل تعسفي، وفي شهر أغسطس المتعارف على كونه «شهر العطلات الصيفية». *** أما عن المستوى الثاني للنظر في هذه القضية، بوصفها حلقة في سلسلة أزمات اختلقها النظام، وعرّض نفسه وعرّض المجتمع لها، فلنتذكر أولًا هذه السلسلة المطوّلة، بداية من أزمة تيران وصنافير، والتي لا تزال تبعاتها تتداعى لدى الرأي العام، ثم أزمة إضراب عمال المحلة، فأزمة جزيرة الوراق، فأزمة محاولة تعديل الدستور، وأخيرًا أزمة خفض المعونة الأمريكية الذي أُعلن أن سببه هو السجل المحزن للنظام في انتهاكات حقوق الإنسان المصري، وقبل كل ذلك، ومعه وبعده، الأزمات الاقتصادية الطاحنة. هذه الأزمات كلها تندرج في سياق واحد، وهو معاناة النظام المصري في اللحظة الراهنة من أزمة اتصال وحوار وإقناع، رغم كل الصخب البادي على السطح، وأن المعادلة الحالية هي رفض شعبي يتنامى، وفرض سلطوي يتزايد، وكانت هذه هي الدائرة الخبيثة التي وقعت مصر فيها في السنوات الأخيرة من حكم حسني مبارك، إلا أنها جاءت مبكرة في النظام الحالى. إن تساوي قوة الرفض مع قوة الفرض يؤدي إلى الجمود، أما تفوق قوة الفرض فلا يضمن الاستقرار، في حين يجب أن يؤدي تفوق قوة الرفض إلى الاصلاح والتغيير.
نصف قرن على يونيو ١٩٦٧ عقبات التأريخ للهزيمة عثمان الشرنوبي ٧ يونيو ٢٠١٧ ـــــــــــــــــــــــ في شهر أكتوبر عام ١٩٧٥ اجتمعت لأول مرة لجنة رسمية كلفها الرئيس الراحل محمد أنور السادات بكتابة تاريخ الحقبة الناصرية، وبالأخص تاريخ حرب ١٩٦٧. شُكّلت اللجنة برئاسة نائب السادات في ذلك الوقت، الفريق محمد حسني مبارك، وعضوية مجموعة من الصحفيين وضباط كبار بالقوات المسلحة وسياسيين وخبراء وبعض المؤرخين. وأعلن مبارك أن مهمة اللجنة هي كتابة تاريخ علمي وموضوعي عن ثورة ١٩٥٢ في مواجهة الروايات المتضاربة المتداولة في المجال العام في ذلك الحين. في تطوّر نوعي لأسلوب الدولة في اجتهاداتها لكتابة التاريخ، قال مبارك إن السادات أكّد له أن اللجنة سيتاح لها الإطلاع على مواد أرشيفية سرية وسيصرّح لها التحدث مع شخصيات عامة من تلك الحقبة. ولكن المؤرخ عزت عبد الكريم أبدى اعتراضات على اللجنة وريبة حول الغرض وراء إقامتها، وكأنه لم يكن عضوًا فيها، وشدد على أن المؤرخين المصريين نشأوا في ظل مدرسة تاريخية ذات تراث مهني قوي؛ كل ما يحتاج إليه المؤرخون، بحسب عبد الكريم، هو أرشيف قومي فعّال، مثلما يوجد في بلاد كإنجلترا والولايات المتحدة، وإمكانية الوصول لوثائق الدولة التاريخية، مذكرا أن مبدأ «الأمن القومي» موجود في كل بلدان العالم، ولكنه لا يُستخدم كوسيلة للحظر التام على الولوج إليها. انضم مؤرخون آخرون لعبد الكريم في نقده لمحاولة الدولة كتابة التاريخ، وتحول النقد إلى معارضة صريحة، أرغمت مبارك على الرد بأن اللجنة لن تقوم بالحجر على حق الآخرين في كتابة التاريخ، بل أنها تقوم أيضًا بجمع الوثائق وتنظيمها وتصنيفها. تحوّل بالفعل النشاط الأساسي للجنة من التأريخ إلى الجمع والتصنيف، وبدأت في البحث في وثائق مجلس قيادة الثورة والضباط الأحرار ومجلس الوزراء والمخابرات العامة ووثائق أخرى. واتضح بعد بضع سنوات أن اللجنة وجدت صعوبة في تحديد أماكن العديد من الوثائق، وبدأ الاهتمام العام باللجنة يتراجع، واستقال مبارك من رئاستها. بعد اغتيال السادات في ١٩٨١، ومع الاهتمام بقضايا عامة أخرى في السنوات التالية لإنشائها، حُلّت اللجنة في هدوء. منذ ذلك الحين ووثائق الدولة – ومنها وثائق حرب ١٩٦٧ – حبيسة مؤسساتها. يوضح يوآف دي كابوا، الذي سرد قصة نشأة هذه اللجنة في كتابه عن حركات التأريخ المصري المعنون «المتحكّمون في الماضي العربي المؤرخون وكتابة التاريخ في مصر في القرن العشرين»، أن غياب المادة الأرشيفية الأساسية لفترة ما بعد ١٩٥٢ أعطت كُتّاب التاريخ الحرية التامة للكتابة وفقًا لهواهم، ما أدى في النهاية إلى أن الكتابات المتناقضة ألغت بعضها فيما وصفه بـ«دورة مكونة من رواية غير موثقة تنافس رواية أخرى غير موثقة». أرشيف مغلق تتجلى أزمة توفر الوثائق الرسمية في كتابة أحد أهم محطات التاريخ المصري والعربي الحديث هزيمة ١٩٦٧. كثرت الكتابة عن هذه الحرب رغم قصرها من قبل مؤرخين وكتاب غير مصريين، والكثير منهم بالطبع إسرائيليون (برز كتاب مايكل أورين «ستة أيام من الحرب» مثلًا كأكثر الدراسات عن الحرب توثيقًا وتفصيلًا). ولم تخل هذه الدراسات من إشارات عن عدم توفر مواد أرشيفية عربية. فبينما تلتزم بلاد كإسرائيل وإنجلترا وأمريكا بقاعدة رفع السرية عن وثائقها بعد ٣٠ سنة، لا تزال الحكومات العربية تغلق المجال للاطلاع عليها. كان الأرشيف التشيكي مصدر المؤرخ الإسرائيلي، جاي لارون، لأحدث دراسة عن الحرب نشرتها دار نشر ييل يونيفرستي برس في فبراير الماضي بعنوان «حرب الأيام الستة كسر الشرق الأوسط». يقول جاي لارون إن بعض الوثائق التي عُثر عليها في الأرشيف القومي في العاصمة التشيكية براغ كانت مفتاحه لتقديم ورقة تعليقًا على كتاب صدر عن دور الاتحاد السوفييتي في حرب ١٩٦٧، التي أثارت اهتمامه لكتابة الكتاب. ليس من المعتاد أن يلجأ الباحثون في شؤون الشرق الأوسط إلى وثائق أوروبا الشرقية، ولكنها كانت تجربة مثمرة بالنسبة للارون نظرًا لصعوبة الوصول إلى الوثائق الروسية، واستحالة الوصول إلى الوثائق العربية (من المفارقات أن الوثائق الرسمية العربية التي استخدمها لارون في كتابه كانت وثائق سورية استولى عليها الجيش الإسرائيلي عند اجتياحه لسوريا خلال الحرب). وجاءت نفس الإشارة في كتاب سابق لكتاب لارون وهو «حرب ١٩٦٧ العربية الإسرائيلية أصولها وعواقبها» الذي نشر في ٢٠١٢ وحرره المؤرخ الأمريكي وليام روجير لويس والبريطاني الإسرائيلي آفي شليم، أحد مؤرخي إسرائيل الجدد. قال المحرران في مقدمة الكتاب إن هناك عدم تناسق واضح في المصادر الأولية المتوفرة لكتابة تاريخ الحرب. يجبر هذا الوضع المؤرخين على الرجوع إلى مذكرات القادة السياسيين والعسكريين العرب لمحاولة معرفة تاريخ الحرب من منظور البلاد العربية التي عانت أكثر المعاناة جراءها. لكن الاعتماد المنفرد على المذكرات يحمل في طياته جملة مشاكل تواجه المؤرخ في سرد الأحداث التاريخية، فالمذكرات روايات ذاتية هدفها تبرير تصرفات كاتبيها أكثر من كونها سرد يهدف إلى الموضوعية والتوازن، خصوصًا عندما تكون في سياق المسؤولية عن أخطاء، أو في حالتنا، هزيمة مضنية. يظهر ذلك جليًا في مذكرات القادة العسكريين حول أحداث الحرب. أكثر من مرة أكد اللواء عبد الحميد الدغيدي، القائد الجوي المسؤول عن جبهة قناة السويس وسيناء أثناء الحرب، والذي طالته بالطبع اتهامات متتالية حول تدمير أغلب السلاح الجوي المصري في بضع ساعات، أنه كان القائد الوحيد الذي تواجد في غرفة العمليات الخاصة به خلافًا لباقي القادة، وأن الفرقة الثامنة المضادة للمدفعية تحت قيادته كانت «المثل الأعلى في البطولة والإقدام»، وأن المسؤولية الأساسية تقع على رئيس الأركان، محمد فوزي، وقائد الجيش الميداني، صلاح محسن، وقائد المخابرات الحربية، الفريق محمد أحمد صادق، الذين أطلق عليهم في مذكراته لقب «الفرسان الثلاثة». وبدوره، يُلقي محمد فوزي في مذكراته اللوم على قوات الدفاع الجوي لعدم الرد بعد الاعتداء على المطارات دون انتظار أوامر كما تلزم حالة الاعتداء المباشر، وحمّل المخابرات الحربية مسؤولية عدم علمها بجاهزية سلاح الطيران الإسرائيلي الوصول إلى العمق المصري لتدمير مطارات القاهرة والمطارات الجنوبية، واقتصار المعلومات على أن مداها لا يتعدّي مطارات القناة. وهكذا في روايات قادة آخرين مثل قائد القوات البرية، الفريق أول عبد المحسن مرتجي، ورئيس هيئة العمليات الفريق، أنور القاضي، وغيرهم. لكن رغم ذاتية رواياتهم فيمكن لقارئها أن يستشف أسباب الهزيمة، كما يقول المؤرخ خالد فهمي، أستاذ التاريخ الزائر في جامعة هارفرد بالولايات المتحدة. الوثائق كعريضة اتهام قد لا يفهم البعض السبب وراء اعتبار وثائق مر عليها ربع قرن سببًا لقلق أمني أو هاجس للسلطة. يؤكد فهمي أن جميع الشخصيات التي كانت في مراكز القيادة وقت الحرب متوفون الآن، باستثناء شخصية أو إثنين، فليس من شأن سرية الوثائق الحيلولة دون فضح شخصيات بعينها. إنالسبب الرئيسي لحجب وثائق الحرب والوثائق التاريخية عامة في مصر، طبقا لرأي فهمي، هو خوف الدولة من أن يعرف المجتمع ما يجري في أروقة اتخاذ القرار. يرى فهمي أن «مصارين» الدولة المصرية في ذلك الوقت لا تظهر من محاضر اجتماعات مجلس الوزراء أو جلسات البرلمان أو لجان الاتحاد الاشتراكي، بل تتضح طبيعته من خلال علاقات رئاسة الجمهورية والقوات المسلحة والأجهزة المخابراتية ببعضها، وبالتحديد في انقسام القيادة وتناحر أجنحة الدولة مع بعضها. يعطي فهمي، الذي سرد تفاصيل ملابسات قرار تعبئة القوات إلى سيناء في سلسلة تدوينات عن الحرب في مدونته، مثلًا على ذلك بقرار التعبئة الذي اختلف عليه أكبر قيادتين في البلد، وهما الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والقائد العام للقوات المسلحة عبد الحكيم عامر. فبينما كان ناصر يعرف أن أي معركة مع إسرائيل ستكون خاسرة، كما صرّح في لقاءات عامة وأخرى خاصة للعديد من المقربين منه، كان عامر يحثه على المواجهة، وكان هو من اتخذ القرار الأولي فيها. يختلف مؤرخون آخرون في هذا، تقول لورا جيمس في كتاب لويس وشليم أن عبد الناصر عبّر عن إيمانه أن مصر يمكنها خوض حرب دفاعية ضد إسرائيل. بحسب فهمي، كان عبد الناصر يعلم أن المشير عامر «غير كفئ، فقد هزم في العدوان الثلاثي، وفشل في إدارة الوحدة مع سوريا، وكان يفشل في حرب اليمن، ولكنه أبقى عليه في قيادة الجيش على أي حال». تفسير فهمي لهذا، والذي يقول أنه جليّ في العديد من المذكرات والشهادات وبعض الوثائق المنشورة، هو أن العلاقات الشخصية والولاءات لعبت دورًا كبيرًا في الحفاظ على وضع مؤسسي أدّى إلى الهزيمة. «كانت هناك شلة عامر ومجموعة ناصر، ولا يخفى على أحد أن الكثير من التعيينات كان وراءها حسابات سياسية، فمثلًا اختيار عبد الناصر لفوزي رئيسا للأركان، وكان معروف كراهيته وعامر لبعضهما، جاء لقربه لعبد الناصر في وقت كان يقلق من أسلوب إدارة عامر للجيش باعتباره ملكًا له ويحاول الحد من تدخّل عبد الناصر في إدارته». يرى فهمي أن تلك الولاءات أدت إلى وجود قادة غير أكفاء، وسببت تضاربًا في الاختصاصات والأوامر، كانت وطيدة الصلة بسرعة وفداحة الهزيمة. أعطى فهمي مثالًا على تضارب الخطط قبيل الحرب بين الهجومية والدفاعية، لدرجة أن قائد الجيش الميداني، صلاح محسن، أوفد إلى القاهرة اللواء أحمد إسماعيل علي في ٢٧ مايو للاستفسار عما إذا كانت الاستراتيجية هجومية أم دفاعية – يقول فهمي «الوثائق بمثابة إدانة للنظام، عندما تحقق في مجريات الدولة في فترة ما قبل وبعد الحرب، لا تريدك هذه الدولة أن تكتشف الطريقة المخزية التي تدير بها أمورها». تأريخ مختلف.. أحيانًا بديل لا تخرج معظم الكتابات المؤرخة للحرب عن المألوف في سرد أحداثها وتصاعد التوترات قبلها من قرار التعبئة إلى قرار غلق مضيق تيران إلى هجوم الخامس من يونيو ثم الانسحاب والاحتلال. كتب المؤرخون كثيرًا عن الخطط والصدف ونوايا الأطراف المعنية. وكانت الأسئلة التي حكمت هذه الروايات في شكل ما إذا كانت إسرائيل تنوي الهجوم قبيل الأزمة، ولماذا راهن عبد الناصر على أن الأزمة سيتم احتواؤها من قبل القوى الكبرى. هل حصلت إسرائيل على دعم عسكري مباشر من الولايات المتحدة؟ وهل كان احتلال الضفة الغربية والقدس ضمن الخطة الأولى للإسرائيليين؟ إلخ. وكون هذا السياق العسكري والسياسي من الطبيعي تناوله في التاريخ الحربي، إلا أن تاريخ هزيمة بهذا الحجم والتأثير يستلزم النظر إليه من زوايا مختلفة، وطرح أسئلة أخرى، مثل كيفية تعاملت الثقافة الشعبية مع الهزيمة ومناهضة الوضع القائم بعدها؟ ما الوضع الاجتماعي الذي أدّى إلى هذا الشكل من علاقات القوى بين مؤسسات الدولة وبداخلها؟ ما الأصوات التي يهمّشها الأرشيف، وعلاقات القوى التي يخفيها حتى إن أفرجت الدولة عن وثائقه؟ هل يجب علينا أن نتخلى من الأساس عن الحدود الزمنية التي تفرضها علينا الدراسات التقليدية عن الحرب، فنبدأ دراسة الهزيمة قبل حدوثها، من خلال مثلًا تتبع تطوّر المؤسسات العسكرية والأمنية منذ ١٩٥٢ أو حتى في الحقبة الاستعمارية في مجمل المنطقة؟ في مقال لها بمجلة ميريب، تقول شيرين صيقلي، أستاذة التاريخ المتخصصة في تاريخ الشرق الأوسط الحديث بجامعة كاليفورنيا، إننا يجب أن نتحرر من الفترات الزمنية التي تحكم أغلب الدراسات عن الحرب. وتضيف أنه يمكننا، بدلًا من أن نؤرخ لحركة الفدائيين الفلسطينيين في الستينيات مثلًا، أن ندرسها في الخمسينيات أو الثلاثينيات خلال ثورة فلسطين الأولى، أو في القرن التاسع عشر. يصب طرح صيقلي في اتجاه تحرير تفكيرنا التاريخي من تراث يحدد قاعدته المعرفية، ومن خلال ذلك يمكننا دراسة أشياء كالثورة أو الاحتلال في أزمنة مختلفة، قد لا تكون بالضرورة في سياق الدولة القومية، بل قبل نشوئها لتنظم الحياة الجمعية وقيادة حركة الاستقلال. تقترح صيقلي أيضًا أنه يجب، في دراستنا لأسباب الهزيمة، ألا نقع في براثن تفكير يعزز انعدام فعالية الشعوب في المسارات التاريخية للدول السلطوية، ما تطلق عليه صيقلي تراث معرفي يعزز ثقافة اليأس. تقول صيقلي لـ«مدى مصر» إن تلك الثقافة تصرف النظر عن الصراعات الشعبية التي تعدّ من العناصر المهمة في تاريخ حرب ٦٧. ولذلك، تقترح صيقلي أن تكون أحد الطرق التي من شأنها أن تجدد السرد التاريخي هو اللجوء إلى وثائق أخرى مثل الشهادات الشفهية والأدب والإعلام والخطب، وتضرب مثلًا لما قد تكشفه أغاني الشاعر أحمد فؤاد نجم والملحن والمغني الشيخ إمام عن الحرب عن تاريخ تلك الفترة، والقدرة على سرد واقع لا تحتويه الوثائق الرسمية. يتفق عبد العزيز عز العرب، أستاذ التاريخ بالجامعة الأمريكية في القاهرة، مع صيقلي، قائلًا إن أغنية نجم والشيخ إمام «الحمد لله خبطنا تحت بطاطنا» مثلًا تعكس حالة الإحباط والمرارة من الهزيمة، وهي محاولة لربط الهزيمة بمسبباتها، كسوء إدارة القوات المسلحة، كما يظهر في كلماتها والبيه حاطط في كل حتة مدير ظابط وإن شالله حمار يقول عز العرب إن التركيز على مؤثرات المزاج العام مهمة، والثقافة الشعبية من خلال الأغاني والأفلام والقصص والروايات يمكن استخدامها لدراسة هذا العنصر المهم من الهزيمة، مضيفًا أنه كرّس بالفعل مقرر دراسي يتكون من مصادر أولية ثقافية لهذه الفترة، وكان واضحًا فيها رد الفعل الشعبي على الهزيمة. ويرى عز العرب أن الثقافة يمكن من خلالها أيضًا الوصول إلى استنتاجات عن الفترات محل البحث التاريخي، فمثلًا تظهر دولة المخابرات وعلاقتها بالهزيمة في ديوان «هوامش على دفتر النكسة» لنزار قباني، والذي منعته الرقابة من النشر، ويظهر المزاج العام من خلال قصص قد تعكس الحالة النفسية للشعوب، وهو ما يرى عز العرب أنه يحتّم توثيق شهادات شفهية عن العصر قبل فوات الأوان، مؤكدًا أن كثيرين ممن كانوا واعين وقت الهزيمة ما زالوا على قيد الحياة. تعود صيقلي لتتفق مع عز العرب في أهمية التاريخ الشفهي كمصدر لكتابة تاريخ الحرب، قائلة إن مؤرخي فلسطين استعانوا بهذا النهج في كتابة التاريخ في ظل غياب الوثائق نتيجة الاحتلال، وكانت النتائج مجدية. ويورد دي كابوا في كتابه عن مدارس التاريخ المصرية أن تعنّت الدولة في الإفراج عن الوثائق التاريخية طور اتجاهًا لإقامة مشروعات كبيرة للتأريخ الشفهي. يضيف عز العرب أن المؤرخين كثيرًا ما يهملون فترات مهمة، كالتاريخ الشعبي المرتبط بالهزيمة بين ٦٧ و٧٣، لمجرد أنها تسبقها وتليها أحداث كبيرة، مثل الهزيمة والعبور ثم اتفاقية السلام. ويرى عز العرب أن ذلك حدث مع ١٩٦٨، حيث ظهر أثر الحرب بوضوح في مظاهرات فبراير ونوفمبر الدموية للتنديد بالهزيمة والمطالبة باسترداد سيناء، وهي فترة لم تحظ بالكثير من الاهتمام رغم أهميتها، بحسب عز العرب. يرى دي كابوا أن دراسات «الصدمة» – وهي الشعبة الدراسية الباحثة في الصدمات النفسية الجماعية جراء أحداث كالحرب أو الكوارث الطبيعية أو التعذيب إلخ – مفيدة لدراسة تاريخ ٦٧. يقول دي كابوا لـ«مدى مصر» إنه لا توجد دراسات تفسر كيف تحوّلت «نكسة» إلى ثقافة انهزام في المنطقة أثرت في الملايين من سكانها، وليس في المصريين فقط. يرى خالد فهمي إن المصريين اتخذوا قرارًا جماعيًا بألا يتعاملوا مع الهزيمة، حيث اعتبروها مجرد «نكسة»، وساعدهم إعادة بناء الجيش في وقت قياسي وحرب ١٩٧٣ في تجاوز الحدث، ولذلك لا تأخذ الحرب مكانتها المُستحقة في التاريخ الحديث والمعاصر. ويكون السؤال هنا، سواء كانت فرص التأريخ لهذه الحرب متاحة من خلال الوثائق الرسمية أو من خلال مناهج بديلة تلتقط ما لا يكتب في سجلات الدولة، هل ستختلف مكانة هذه الهزيمة في الوعي الجمعي للشعب؟
قارن أنور القاضي مع:
شارك صفحة أنور القاضي على