هيلاري كلينتون

هيلاري كلينتون

هيلاري كلينتون (٢٦أكتوبر / تشرين الأول ١٩٤٧) (اسمها الحقيقي هيلاري ديان رودهام كلينتون) وهي سياسية أمريكية، حيث تولت منصب وزير الخارجية الأمريكي السابع والستين، وذلك في عهد الرئيس باراك أوباما في الفترة منذ عام ٢٠٠٩ وحتى عام ٢٠١٣. ويُذكر أن هيلاري كلينتون هي زوجة بيل كلينتون، رئيس الولايات المتحدة الثاني والأربعين، كما كانت هي السيدة الأولى للولايات المتحدة خلال فترة حكمه التي استمرت منذ عام ١٩٩٣ وحتى عام ٢٠٠١. وقد عملت كلينتون في مجلس الشيوخ الأمريكي بمدينة نيويورك في الفترة من عام ٢٠٠١ وحتى عام ٢٠٠٩. كما أنها مرشحة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية ٢٠١٦، والتي خسرتها لصالح دونالد ترامب. <br /> ولكونها مواطنة من شيكاغو، تحديدًا من ولاية إلينوي، فقد تخرجت هيلاري رودهام في كلية وليسلي عام ١٩٦٩ حيث كانت أول الطلاب المتحدثين في حفل التخرج. وانتقلت بعد ذلك إلى كلية ييل للحقوق لتحصل على شهادة الدكتوراه عام ١٩٧٣. وبعد قضائها فترة كمستشارة قانونية بالكونغرس الأمريكي، انتقلت إلى ولاية أركنساس حيث تزوجت من بيل كلينتون عام ١٩٧٥. وفي عام ١٩٧٧، شاركت كلينتون في تأسيس مؤسسة دعاة أركنساس للأسر والأطفال، وأصبحت أول سيدة تشغل منصب رئيس الخدمات القانونية بالمؤسسة في عام ١٩٧٨، ولقبت بالشريكة النسائية الأولى بالمؤسسة عام ١٩٧٩. وباعتبارها السيدة الأولى لولاية أركنساس منذ عام ١٩٧٩ حتى عام ١٩٨١ ومنذ عام ١٩٨٣ حتى عام ١٩٩٢، قادت هيلاري كلينتون مهمة إصلاح نظام التعليم في أركنساس، وعملت في مجلس إدارة وول مارت من بين عدة شركات أخرى. وقد أدرجت مجلة القانون الوطنية اسم هيلاري كلينتون بقائمة «المائة محامين الأكثر تأثيرًا في أمريكا» عن الفترة من عام ١٩٨٨ وحتى عام ١٩٩١. <br /> وأثناء توليها منصب سيدة الولايات المتحدة الأولى، فقد فشلت مبادرتها الأولى الخاصة بخطة كلينتون للرعاية الصحية لعام ١٩٩٣ في الحصول على أية أصوات من مجلس الكونغرس. وفي الفترة من ١٩٩٧ وحتى ١٩٩٩، لعبت هيلاري دورًا رائدًا في الدعوة لإنشاء برنامج التأمين الصحي للأطفال، وقانون التبني والأسر الآمنة، وقانون فوستر للعناية المستقلة. ومن بين الخمس سيدات اللاتي تم استدعائهن، فقد أدلت كلينتون بشهادتها أمام هيئة المحلفين الاتحادية الكبرى عام ١٩٩٦ بشأن الجدل المثار حول فضيحة وايت ووتر وذلك على الرغم من عدم توجيه أية اتهامات لها بخصوص تلك القضية أو أي قضايا أخرى خلال فترة حكم زوجها. وقد خضع زواجها من الرئيس كلينتون لمناقشة عامة كبيرة في أعقاب فضيحة لوينسكي عام ١٩٩٨، وبشكل عام قد استدعى اعتبارها سيدة الولايات المتحدة الأولى ردًا قاطعًا من الرأي العام الأمريكي. <br /> وبعد انتقالها إلى مدينة نيويورك، تم انتخابها عام ٢٠٠٠ كأول عضو أنثوي بمجلس شيوخ الدولة، كما أنها تعتبر أول من امتلك مكتب بحث مختار. وفي أعقاب أحداث ١١ سبتمبر، أدلت كلينتون بصوتها ودعمت العمل العسكري في حرب أفغانستان وقرار الحرب في العراق، ولكنها اعترضت بعد ذلك على أسلوب إدارة جورج دبليو بوش لحرب العراق، فضلا عن اعتراضها على معظم سياسات بوش الداخلية. وتمت إعادة انتخاب هيلاري كلينتون بمجلس الشيوخ عام ٢٠٠٦. وسعيًا وراء الانتخابات الديموقراطية خلال الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٠٨، فقد اكتسحت كلينتون الانتخابات التمهيدية متفوقة على جميع السيدات المرشحات في تاريخ الولايات المتحدة ولكنها خسرت في النهاية أمام باراك أوباما. وبسبب كونها وزيرة خارجية الولايات المتحدة في عهد أوباما في الفترة منذ عام ٢٠٠٩ وحتى عام ٢٠١٣، فقد تصدرت كلينتون مشهد الرد الأمريكي على ثورات الربيع العربي وأيدت التدخل العسكري في ليبيا. وقد تحملت مسؤولية الثغرات الأمنية في الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي عام ٢٠١٢ الذي أسفر عن مقتل أفراد من القنصلية الأمريكية، ولكنها دافعت عن نفسها فيما يخص تلك المسألة. ولقد قامت كلينتون بزيارة بلدان عديدة أكثر من أي وزير خارجية أمريكي سابق. <br /> وكانت تعتبر القوة الذكية هي خطة تأكيد قيادة الولايات المتحدة وقيمها عن طريق الجمع بين القوى العسكرية والدبلوماسية، والقدرات الأمريكية فيما يخص الاقتصاد، والتكنولوجيا، وغيرها من المجالات. كما شجعت على تمكين المرأة في كل مكان واستخدمت وسائل التواصل الاجتماعي لتوصيل رسالة الولايات المتحدة عبر البلاد. وقد تركت كلينتون منصبها في نهاية الفترة الرئاسية الأولى لباراك أوباما وتفرغت لتأليف كتابها الخامس وإقامة المناظرات قبل إعلانها في الخامس من إبريل لعام ٢٠١٥ عن خوضها للمرة الثانية لمراسم الترشح للانتخابات الرئاسية لعام ٢٠١٦. ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بهيلاري كلينتون؟
أعلى المصادر التى تكتب عن هيلاري كلينتون
حول العملاق الذي لم يدغدغه باسم يوسف! محمد جمال ٢٦ يونيو ٢٠١٧ منذ ثلاث سنوات، بالتحديد في مساء الثلاثاء ١٨ يونيو ٢٠١٤، وفي مشهد كاريكاتوري، كنت أقف وحيدًا أمام مسرح راديو بوسط البلد حاملًا لافتة تندد بوقف برنامج باسم يوسف الشهير، «البرنامج». قبل تنصيب المشير عبد الفتاح السيسي رئيسًا لمصر في ٨ يونيو ٢٠١٤ بعدة أسابيع، بدأ التضييق الشديد على البرنامج، حيث تكرّر التشويش على قناة «إم بي سي مصر» التي كانت تذيعه في هذه الفترة، وبدأت جماهير غاضبة من «المواطنين الشرفاء» في محاصرة المسرح بالتزامن مع موعد تسجيل وإذاعة كل حلقة، وتناثرت شائعات حول تعرض باسم وبعض أفراد فريق برنامجه للتهديد المباشر، وهو ما لم يثر الدهشة، خاصة أن والد طارق القزاز منتج البرنامج، كان قد اعتقل قبلها بشهور بتهم ملفقة، وكان من الواضح إن الاعتقال جرى لإرسال رسالة ضغط لباسم. كان قانون التظاهر قد صدر منذ فترة غير طويلة، في نوفمبر ٢٠١٣، وعلى إثره اعتُقل عشرات المحتجين السلميين، ومنهم على سبيل المثال سناء سيف (٢١ عامًا وقتها)، ابنة المحامي الحقوقي أحمد سيف الإسلام، والدكتورة ليلى سويف أستاذة الرياضيات بجامعة القاهرة. قبل وقفتي الإنفرادية بأيام، كنت قد قرأت قانون التظاهر جيدًا، وفهمت أن التظاهر يستلزم «إخطار» الأجهزة الأمنية، لا «موافقتها» كما كان شائعًا وقتها. وبعد استشارة مجموعة من الأصدقاء المتحمسين لباسم وبرنامجه، وبعد الاتفاق على الوقفة الاحتجاجية، تقدمت بطلب لقسم شرطة قصر النيل وأعطيتهم بيانات الوقفة متى، أين، لماذا، كيف، وما هو العدد المتوقع. أخبروني هناك أنه في حالة ظهور ما قد يعيق الوقفة فسيهاتفونني قبلها بـ٢٤ ساعة. لم يتصلوا، وبالتالي طبعت مئات المنشورات التي توعي الناس بحق باسم، وبحقهم الدستوري، في إبداء الرأي (كان الدستور الجديد قد صيغ وأُقر في مطلع العام)، وجهزتُ عدة لافتات تحمل عبارات استنكارية ضد وقف البرنامج. من ضمن مئات الأصدقاء الذين دعوتهم للمشاركة في الوقفة، ومنهم عشرات أبدوا حماسًا بالغًا، لم يحضر سوى صديق واحد، وبعد موعد الوقفة المحدد بساعتين. اختفى الجميع.. تبخروا! البون الشاسع بين شجاعتنا وثقتنا وأملنا أثناء فترة الـ ١٨ يومًا المجيدة، وبين ما وصلنا إليه من عجز ويأس وإحباط إبان عودة الجيش للحكم، كان دائمًا ما يشكل تساؤلًا كبيرًا لي؛ ترى ما هي المشكلة بالضبط في جيلنا؟ في لحظة ما كان شباب هذا الجيل يقدمون أرواحهم وعيونهم وأطرافهم ومستقبلهم فداء للوطن، وفي لحظة أخرى قررنا هجر الحلم والمضي، كلٌ منا إلى سبيله. هل نحن أبطال أم أشباه أبطال؟ لماذا عدنا للوطن في لحظة ما، ولماذ قررنا مغادرته، حقيقة أو مجازًا، في لحظة أخرى؟ *** في الفيلم الوثائقي الصادر مؤخرًا «دغدغة العماليق.. Tickling Giants»، ساعدتني كاتبة الفيلم ومخرجته الأمريكية، سارة تاكسلر، على محاولة الإجابة على هذا السؤال بخصوص إعادة النظر في تلك الحقبة تحديدًا؛ منذ ٢٥ يناير وحتى عشية تنصيب السيسي رئيسًا، وذلك عبر تتبع قصة موازية تكاد تشبه المرآة التي ينعكس عليها كل ما يجري في مصر، ولكن بشكل ساخر. تلك القصة كانت تخص برنامجًا شهيرًا، وكان بطل القصة، ومقدم البرنامج، هو جراح القلب السابق باسم يوسف. بوستر الفيلم الذي رسمه فنان الكاريكاتير والكوميكس أنديل صوّر باسم ممسكًا بريشة يدغدغ بها قدم وحش عملاق موشك على دهسه. وعبر ما يقرب من ساعتين يروي باسم بنفسه، وبإنجليزية رشيقة بلكنة مصرية محببة، قصة تجربته مع السخرية السياسية، منذ أن أطلق برنامجه الأول «باسم يوسف شو» على يوتيوب في ٨ مارس ٢٠١١، على غرار برنامج مثله الأعلى وأستاذه جون ستيورات، «العرض اليومي مع جون ستيوارت.. The Daily Show with John Stewart»، ثم انتقاله إلى الفضائيات بعلامة جديدة تحمل اسمه «البرنامج»، من خلال سلسلة قنوات منها On TV و CBC و MBC، عبر ثلاث سنوات وأربعة مواسم و١٥٣ حلقة، وعدة استدعاءات للنائب العام، وقضية رفعتها عليه CBC تطالبه فيها بدفع ١٠٠ مليون جنيه. يرى باسم أن مهنته الجديدة، تقديم البرامج الساخرة، هي امتداد لمهنته الأساسية، كجراح يشق أحشاء مرضاه ويصلح أعطاب قلوبهم، إلا أنه في البرنامج يشق باطن المجتمع ويعري ما بداخله دون الاضطرار لإسالة قطرة دم واحدة. كنت أدرك هذا، مثلي مثل ملايين المشاهدين في مصر والعالم العربي، وكنت أرى باسم أكثر من ذلك؛ سياسيًا ومناضلًا وبطلًا، ونموذجًا يستحق التطلع إليه. إلا أنه ومن خلال الفيلم، كان باسم يحاول أن يقدم لنا نفسه كإنسان، وأن ينزع عن نفسه أي بطولة لم يطلبها. كان، مع المخرجة، يحاولان بجهد كبير نقل الصورة من وجهة نظر أخرى؛ شخص مهنته «التهريج» من أجل «التهريج»، أوقعه الحظ في لحظة استثنائية جعلته يحظى بخمسين مليون مشاهد للحلقة الواحدة، في وقت كان مشاهدو برنامج جون ستيوارت نفسه لا يتجاوزون المليوني فرد للحلقة. في الفيلم بدا باسم هشًا للغاية، خائفًا وقلقًا على نفسه وأسرته ومستقبله وطاقم عمل برنامجه. لم يحاول تقديم نفسه إطلاقًا كشخص مناضل أو مصلح أو ذي رؤية أو أجندة، شخص يحاول استثمار تلك اللحظة الاستثنائية في الاستمتاع بالنجاح والشهرة والاهتمام للحد الذي لا يتجاوز خط الخطر. كان لديه حد أقصى وخط أحمر، بينما لم يكن للثوار وذوي الرؤى خطوط حمراء، وإنما كان لديهم دائمًا الاستعداد للالتفاف حول أي عائق، والمضي قدمًا نحو أهدافهم، مهما كانت النتائج ومهما كانت التضحيات عظيمة. لم يكن باسم يوسف كذلك، ولم يدع يومًا كونه واحدًا منهم. كانت تلك النقطة الأولى التي لفتت انتباهي، وشكلت بالنسبة لي أول خيط لفهم ما جرى معنا وما جرى للثورة. إن كنا ننتظر جيفارا أو غاندي أو مانديلا، فباسم ليس كذلك ولم يدع هذا. يدخلنا الفيلم في كواليس عمل فريق البرنامج، عبر سلسلة مقابلات مع أفراد الفريق من باحثين ومحررين وكتّاب سيناريو وممثلين ومنتجين. أغلبهم وجد في البرنامج فرصة لتطوير مسيرته المهنية في مجال الإعلام الساخر، وأغلبهم بعد وقف البرنامج انتقل للعمل في برامج ساخرة أخرى، حقق بعضها نجاحًا كبيرًا، مثل «أبلة فاهيتا» و«أشرف يقدمه أيمن» و«ساترداي نايت لايف بالعربي»، برامج لا تتطرق للسياسة وجرت تعبئتها لتغرق المشهد الإعلامي المصري بمحتوى ترفيهي مُبستر له حدود واضحة لا يتخطاها، بحيث يُبعد المشاهد عن الجدل السياسي والانتقاد المباشر للسلطة وعن تقديم إعلام مقاوم أو ذي قيمة توعوية. سمحت تلك السلطة لباسم بمواجهة العماليق الإسلاميين، مع برنامجه وطاقمه، دون مضايقات أثناء فترة حكم الإخوان المسلمين، والتي ظن فيها الإسلاميون، من الإخوان والسلفيين، أن الأمور قد آلت إليهم، وظننا نحن بعدها أن باسم وبرنامجه كانا بمثابة كعب أخيل بالنسبة لنظام محمد مرسي، وأنه كان العامل الأساسي لسقوطه. كانت هذه هي نفس السلطة التي حاولت التلاعب بجميع الأطراف المشاركة في الثورة من أجل تحقيق أهدافها الذاتية، وحماية أركانها، وتبرئة رموزها التاريخية من الشخصيات التي شهدت محاكمات هزلية خرجت منها غالبًا ببراءات، بعد أن اختفت أدلة إداناتهم أو دُمرت في ظروف غامضة. كانت تلك النقطة الثانية التي لفتت انتباهي. في الفيلم تسترجع المخرجة مشاهد ما قبل الثورة في شريط سينمائي يرجع للخلف، كل شيء يتحرك بالتصوير البطيء للخلف، راجعًا إلى أصله السلبي ما قبل الثورة، فيما يبدو وكأنه يمحو ثلاث سنوات من عمر الثورة، وكأنها لم تكن، وكأنها ذهبت بلا أثر. بعدها مباشرة تسلط الكاميرا الضوء على نادية، ابنة باسم التي تكاد تخطو خطواتها الأولى، والتي تظهر مبتسمة في وسط الكادر، وكأن مجرد استدعاء صور الأجيال الناشئة من الأطفال، يستدعي معه أطنانًا من مشاعر الأمل والموساة والإيمان بأن التغيير قادم لا محالة على أيادي هؤلاء. النقطة الثالثة. *** أمسك باسم يوسف في برنامجه ريشة السخرية السياسية، محاولًا بها دغدغة ثلاثة عماليق (أو «وحوش»، على حسب نظرتك إليهم)، النظام القديم، والإسلاميين، ثم النظام القديم في شكله الجديد بعد ٣٠ يونيو، والذي لم يسمح له هذه المرة بالاستمرار، وأطاح به مباشرة مستغلًا عودة الدعم الشعبي الكاسح للسيسي كـ«بطل مغوار» لا مجال لمن يقارعه، وخصوصا إذا كان مجرد «مهرج». مشكلة باسم والبرنامج أنهما لم يحاولا دغدغة العملاق الأهم من كل هؤلاء العملاق الذي أشعل الثورة. العملاق الذي كان يبحث عن قائد ومرشد ملهم ذي رؤية، فلم يجده، وصمت البرنامج أمام ذلك. العملاق الذي كان الجميع يتلاعبون به ببطء وخبث، فلم يحذره البرنامج من ذلك. العملاق الذي أُريد له محو ذاكرته وتشويه تجربته في أسرع وقت ممكن، فلم يجد البرنامج ليذكره بقومته وليشير إليه ليكمل الطريق. لم يجازف باسم ويتحدث مباشرة إلى الملايين التي تشاهده ويوجه سخريته وانتقاده إليهم! كان ذلك ليصنع الكثير، لكنه لم يحدث. كان يمكن لباسم استغلال الظروف الاستثنائية التي صنعت من برنامجه منصة إعلامية لا نظير لها، ليضع هدفًا وبرنامجًا محددين لفريق عمله، كان يمكنه استخدام السخرية السياسية في خدمة أهداف الثورة الحقيقية، ورفع الوعي الثوري، وتنوير طريق الثوار التائهين. لكنه، ولنلتمس له العذر هنا، بدا تائهًا مثلهم، لا يعلم إلى أين يمضي ولا كيف، ومع أول تهديد حقيقي له ولأسرته آثر السلامة والابتعاد. وعلى العموم، لنتذكر أنه كان حريصًا على أن يدفع عن نفسه «تهمة البطولة»، في الفيلم. هو ليس «زعيمًا سياسيًا». *** لاحقًا، وفي الولايات المتحدة، حاول باسم الدخول في تجارب أنضج، منها برنامج «دليل الديمقراطية مع باسم يوسف.. Democracy Handbook with Bassem Youssef»، الذي أذيع على يوتيوب العام الماضي، بالتزامن مع حملة الانتخابات الرئاسية الشرسة بين المرشحين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب. تمتع البرنامج بأجندة سياسية واضحة، حيث كان يركز بشكل أساسي على التعريف بمساوئ برنامج ترامب وحملته، والهجوم بشكل ساخر على معاداة ترامب للأقليات، واستخدامه للتخويف، ومهاجمته للإسلام. وقتها شعرت بدهشة شديدة، لماذا يقرر باسم مخاطبة المشاهد الأمريكي ويترك المشاهد المصري الذي هو في أشد حاجة إليه؟ لماذا لا يطور أجندة ثورية بأهداف توعوية واضحة يخاطب بها ملايين ستسعدهم العودة للاستماع إليهم مجددًا عبر يوتيوب أو ساوند كلاود، أو أي وسيلة تواصل عابرة للقارات والقيود والمضايقات؟ الحقيقة لا أعلم السبب، ولا أحكم على باسم ولا على مسيرته المهنية التي هو حر في اختيارها، فقط أخشى ضياع المزيد من الفرص التي تتاح لنا في ظروف استثنائية، فنتردد ونتركها تمضي دون أن نحاول استغلالها. ولا أتمنى لنفسي ولباسم وللأجيال التي عاصرت وتأثرت بالثورة إلا أن نلقي نظرة من حين لآخر على منحنى تعلمنا، ونسأل أنفسنا هل نتعلم بشكل سريع؟ هل استفدنا من الأخطاء؟ هل عدّلنا مسارنا؟ هل نحن متأكدون أننا نستثمر أنفسنا في أفضل قضية ممكنة؟ فيلم «دغدغة العماليق»، موجود بنسخة إنجليزية على موقع «نتفليكس»، ولم تصدر منه نسخة مدبلجة بالعربية، وهو غير متداول بشكل قانوني على أي منصات عربية للأسف أو على أقراص دي في دي متوفرة في المكتبات والمنافذ الثقافية والترفيهية الأخرى، التي امتلأت بها مصر مؤخرًا لحسن الحظ، وكأنه يستهدف الخارج دون الداخل، لدرجة أني قبل كتابتي لهذا المقال حاولت استشارة بعض الأصدقاء من المفكرين والصحفيين حول عدة أمور تخص الفيلم، وفوجئت أن أغلبهم لم يسمع عنه، أما من سمع عنه فلم يشاهده بعد! *** في مقال نشر مؤخرًا، ذكر الكاتب الصحفي عبد العظيم حماد أن أجيال الضباط، منذ عهد ٥٢ قامت بـ«تعقيم» المجال العام، وليس بـ«تجريفه»، على حسب تعبير محمد حسنين هيكل، فالتعقيم كان الهدف منه استئصال وخنق أي مساحة اجتماعية حقيقية للتفكير والتعبير، ولذلك حلّت السلطات المتتابعة أي تنظيم اجتماعي مؤثر، في النقابات والجامعات والجوامع والكنائس، بل وحتى الجمعيات الخيرية وجمعيات الكومباوندات السكنية. يفسر هذا كل شيء يفسر لماذا فشل باسم، ولماذا فشلنا، على الأقل مؤقتًا، فمن رحم «العقم» ولدت ثورتنا مبتسرة، وولد البرنامج بشكل غير مكتمل. يحتاج العقم للعمل على إعادة الخصوبة، الخصوبة العقلية والفنية والثقافية والسياسية والاجتماعية والدينية، وكل ما يلزم لإعادة فتح المجال العام بأي وسيلة ممكنة. وقد يحتاج الأمر لسنوات طويلة، ولمحاولات عديدة قد يفشل بعضها، لكن في النهاية سيخرج من رحمها جيل جديد من العماليق، سيعرفون حينها من يواجهون، وإلى أين يذهبون، وسيقبلون وقتها بدفع أي ثمن في مقابل الحرية. حينها لن يتركهم الباقون وحدهم، وسيتبعونهم حتى النهاية.
بعد السعودية…هل يطال قانون « جاستا» الإمارات؟ كتب خالد عبد المنعم يبدو أن الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، في طريقه لاستكمال ما بدأه سلفه باراك أوباما، من استنزاف ثروات وأموال دول الخليج، فبزيارته للرياض حصل على مئات المليارات من الدولارات من خلال الصفقات العسكرية والاستثمارات الأمريكية، على الرغم من أنه ما زال يلوح بسيف “جاستا” على الرقبة السعودية حتى الآن، وقانون جاستا لا يشير صراحة إلى السعودية، لكنه سيخوّل بالدرجة الأولى لذوي ضحايا هجمات ٢٠٠١ رفع دعاوى بحق السعودية كبلد دعم بشكل مباشر أو غير مباشر المجموعة التي نفذت العملية صبيحة الحادي عشر من سبتمبر، مستهدفة برجي التجارة العالمية، في جادة مانهاتن بنيويورك، وهو الأمر الذي يبقي قوس جاستا مفتوحًا أمام واشنطن لإدخال عدد من الدول الخليجية، ويبدو أن أنظارها تتجه للإمارات. فبعد أيام من أنباء عن عزم نواب في الكونجرس الأمريكي تفعيل قانون جاستا، أصدرت لجنة التحقيق الأمريكية في هجمات سبتمبر تقريرًا يرد فيه ذكر الإمارات عشرات المرات في الملحق الخاص بتمويل تلك الهجمات، والتقرير يؤكد أن الغالبية الساحقة للأموال التي أنفقت على هذه الهجمات إنما جاءت عبر تحويلات من مراكز مالية ومصارف تقبع في دولة الإمارات العربية المتحدة. التقرير الأمريكي ورد ذكر دولة الإمارات في الملحق الخاص بتمويل عمليات ١١ سبتمبر أربعين مرة، ضمن ملف التحقيقات التي أجرتها لجنة التحقيق الأمريكية الخاصة بتلك الهجمات، وهو الملخص الذي خلص آنذاك للقول بأن النظام المالي الأمريكي لم يفشل في منع إساءة استعماله، إنما لم يكن مصممًا أصلاً لرصد وتعطيل مثل هذا النوع من المعاملات المالية التي مولت أحداث سبتمبر الشهيرة، التي أكد التقرير أن أكثريتها الساحقة جاءت عبر تحويلات من مراكز مالية ومصارف في الإمارات العربية المتحدة. سنوات طوال مرت منذ ذلك الوقت سعت خلالها الولايات المتحدة لتطوير نظامها المالي ومعالجة ثغراته التي سهلت تمويل الإرهاب، وبموازاة ذلك نشطت الولايات المتحدة بالدبلوماسية حينًا وبالضغوط المتنوعة أحيانًا لإجبار مختلف الدول المعنية ببؤر النزاعات على تشديد رقابتها على المعاملات المالية وتبني إجراءات أكثر صرامة للرقابة على التحويلات المالية ومكافحة غسيل الأموال، لكن باستثناء مكان واحد بدا تقاطع المصالح الاستخباراتية ونشاطات الشركات العابرة للقارات فيه أقوى من أي ضغوط، وهو دولة الإمارات. في عام ٢٠١٠ كشف نائب السفير الأمريكي في أفغانستان آنذاك، أنطونيو واين، وفق صحيفة الجارديان البريطانية، أن ١٠ ملايين دولار أمريكي كانت تهرب يوميًّا من أفغانستان إلى الإمارات، في حقائب صغيرة معظمها من عائدات تجارة الهيروين، ليضيف مقال الجارديان أن تحقيقًا أمريكيًّا اكتشف تهريب ١٩٠ مليون دولار في ١٨ يومًا فقط. وفي تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي حول الاستراتيجية الدولية لمكافحة المخدرات لعام ٢٠١٧ في فصله المتعلق بغسل الأموال وتمويل الجريمة الصادر قبل نحو ثلاثة أشهر، الدولة الخليجية الوحيدة التي ذكرت هي الإمارات، وفي الفصل المتعلق بها لفت التقرير إلى أن تقدُّمًا تحقق، ولكن على الإمارات بذل المزيد، وأن على أبو ظبي زيادة قدراتها وموارها للتصدي لعمليات غسل الأموال التي عادةً ما تكون المخدرات مصدرها، حيث يشير التقرير الأمريكي إلى نقاط الضعف في النظام المالي الإماراتي المتمثلة في القطاع العقاري وسوء استخدام تجارة الذهب والألماس، فضلًا عن عدم وضع ضوابط وتعريفات للكيانات المالية في المناطق الحرة وفرض الرقابة عليها بما يكفل سد الفجوات في الرقابة. وفي أكثر من فصل من تقرير لجنة الخبراء الدوليين التابعة للجنة العقوبات في مجلس الأمن الدولي الخاصة بليبيا، يبرز اسم الإمارات أيضًا، من خرق لحظر بيع الأسلحة، وصولًا إلى البنود المتعلقة بتجميد أرصدة الشخصيات المشمولة بالعقوبات، الساعدي القذافي وهو نجل الرئيس الليبي السابق، معمر القذافي، دفع أموالًا وفق التقرير الدولي بغية نقله من النيجر إلى أوغندا بواسطة ثلاثة تحويلات نقدية وإيداع مصرفي واحد، شكلت كلها انتهاكات لقرار تجميد الأصول، وإحدى الشركات التي قامت بالتحويل هي “أديناوي”، ومقرها الإمارات. تحقيق آخر يقوم به فريق الخبراء الدولي ويتعلق بأموال تستعمل لتمويل الجماعات المسلحة في ليبيا من عائدات تهريب البشر، ويشير التقرير الدولي إلى أن فريق الخبراء يحقق حاليًّا في عدد من التحويلات المصرفية الواردة من أقارب مهاجرين يوجدون في السويد، إذ تودع هذه المبالغ في حسابات مصرفية سويدية عائدة لمهربي المهاجرين، لتحويلها في وقت لاحق وفق التقرير الدولي بواسطة نظم الحوالة المالية الموجودة في السودان والإمارات، حيث تغسل الأموال. الصفحة ١٣٨ هي الصفحة الأشهر في تقرير لجنة التحقيق الأمريكية بأحداث ١١ سبتمبر، ومن خلالها تم ربط الإمارات بتنظيم القاعدة وهجمات سبتمبر، ففيها تفاصيل عن كيفية إضاعة وكالة الاستخبارات الأمريكية فرصتها في اغتيال زعيم تنظيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن، قبل سنتين من تنفيذ هجمات سبتمبر على برجي التجارة العالمية، لتجنب مقتل من بدا أنهم مسؤولون إماراتيون كانوا معه في مخيم للصيد في أفغانستان، نجا هؤلاء الإماراتيون الذين لم تكشف يومًا هويتهم ومعهم بن لادن، الذي أشرف بعد تلك الحادثة بسنتين على أكبر ضربة للولايات المتحدة. ويبدو أن الولايات المتحدة بقيادة رجل الأعمال ترامب تسعى لابتزاز دول الخليج لاستحلاب أموالهم، فعلاقة واشنطن بتأسيس تنظيم القاعدة بمساعدة السعودية لمجابهة عدوها السوفييتي في أفغانستان كشفتها المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأمريكية، هيلاري كلينتون، وبالتالي تنظيم القاعدة صنيعة أمريكية، حاولت الولايات المتحدة استخدامه لتتدخل من خلاله في منطقة الشرق الأوسط، وعندما بدأ يترنح، تحاول واشنطن استغلاله كورقة لابتزاز الدول التي صنعته وممولته وجني ما يمكن جنيه من الأموال.
قارن هيلاري كلينتون مع:
شارك صفحة هيلاري كلينتون على