إلى وزارة الأوقاف..

حوالي ٥ سنوات فى الشبيبة

علي بن راشد المطاعنيتقشعر الأبدان عند الدخول إلى بعض المساجد فنجدها شبه مهجورة إلا من بعض المارة، ثم تقتلنا الحسرة عندما نلقي نظرة على السجاد في باحتها فنراه ممزقا وباليا وإناراتها لا تبدد ظلاما ولا تهزم ليلا، ودورات مياهها تفوح منها روائح تزكم الأنوف، صور لا تشبه بيوت الله أبدا..لكل ذلك أضحى من الضروري ‏إيجاد مصدر دخل للمساجد وهي مسألة مهمة جدا للحفاظ عليها شامخة معززة مكرَّمة تؤدي دورها كما يُحب ربنا ويرضى، وليعود ريع تلك المحلات للمساجد ليتم الصرف منها على مستلزماتها واحتياجاتها؛ فهي تحتاج لمبالغ مالية لا يُستهان بها متمثلة في مرتبات الأئمة والوعاظ وأعمال النظافة والصيانة، وهي متطلبات تتم يوميا وعلى مدار الساعة وغيرها من الجوانب التشغيلية، ولكي نوفي هذا الجانب المهم تقام في العادة محلات تجارية تابعة للمسجد يتم تأجيرها، وبذلك يضمن المسجد وجود دخل ثابت يزداد مع مرور الأيام وبناءً على متطلبات السوق.غير أن القرار الذي أصدرته وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في فبراير من عام 2016 وما زالت تعمل به، يمنع تأجير تلك المحلات لأنشطة تجارية معروفة اجتماعيا ولا غنى للناس عنها مثل محلات الخياطة النسائية والحلاقة و»الكوافير» وأنشطة أخرى صُنّفت باعتبارها غير ملائمة مع حرمة المساجد. وما تم تداوله الأسبوع الماضي عبر الوسائط بشأن منع بيع ماركة معيّنة من الدجاج في المحلات الوقفية التابعة للمساجد ومدارس القرآن الكريم، لخير دليل على قسوة القرار، المنع تم باعتبار أن الدجاج وارد من دولة غير إسلامية وبالتالي تحوم حوله شبهة أن يكون مذبوحا بغير الطريقة الإسلامية، على الرغم من تأكيد وزارة الزراعة والثروة السمكية على سلامته، كما أنه ليس ممنوعا في كل البقالات بالسلطنة ويستهلكه الناس منذ عقود مضت، كل ذلك وغيره يضع علامات استفهام حول مدى واقعية مثل هذه الممنوعات، فمثل هذه الجوانب أوجدت بلبلة في الأوساط المحلية وأفرزت الكثير من التساؤلات نحن في غنى عنها في هذه المرحلة وليست لها جوانب واقعية في التحريم والمنع ما لم تقترن بالدلائل الفقهية القطعية. فالمحلات الملحقة بالمساجد في الأحياء السكنية أنشطتها معروفة وهي ما يحتاجه الإنسان يوميا من خدمات، ومنع تأجيرها لبعض الأنشطة يعني أن تبقى فارغة أبدا ودوما فهي لا تصلح إلا لتلك الأنشطة التجارية الحياتية إذ لا يعقل أن يتم تأجيرها لوكالة سيارات مثلا، وإذا كان المنع قد حدث فما هو النشاط التجاري الآخر الملائم ليحل محل الأنشطة الممنوعة؟وإذا كانت تلك الأنشطة ممنوعة في محلات للمساجد، فلماذا يُسمح بها في بقية المحلات في بلد واحد؟ ما حدث هو أن المساجد فقدت مصادر دخل مهمة تلك كانت النتيجة.نحسب أن المبالغة في تقدير الشبهات في الأمور الحياتية اليومية وربطها بالأملاك الموقوفة للمساجد ومدارس القرآن الكريم فقط دون غيرها مسألة تثير العديد من التساؤلات التي لا إجابة لها.ونتّفق جميعنا على حقيقة أن الفصل في شبهات الحلال والحرام يتعيّن أن تنبثق من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وأن تبتعد كليا عن الاجتهادات الشخصية التي لا محل لها من الإعراب الفقهي، هذا إذا ما رغبنا أن نعطي العقل حرية التفكير والانفكاك من هذا الأسر والانطلاق لرحاب المستقبل بكل اطمئنان. نأمل من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية أن تنظر للمسألة بعين الاعتبار؛ فبيوت الله لا بد لها من موارد لإعمارها وصيانتها والاهتمام والعناية بها في ظل عدم وجود الدلائل الكافية والموجبة لجدلية التحريم والمنع.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على