أحلام «السلطان» تتحطم على صخرة ألمانيا

أكثر من ٨ سنوات فى أخبار اليوم

صفعات متتالية تلاقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مؤخرا، من الحليف الأهم في الاتحاد الأوروبي «ألمانيا»، بعد أن قررت برلين بالفعل التخلي عنه، ما يعني القضاء على أحلام «السلطان العثماني»، نحو الطريق إلى أوروبا التي يسعى إليها منذ 11 عاما.

بدأ الحديث في أروقة السياسة الألمانية عن هذا الاتجاه الجديد، خلال الأيام الماضية، بعد تسريب نشرته صحيفة «بيلد» قالت فيه إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل رفضت بشكل صريح بدء محادثات جديدة لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، عقب تصويت البرلمان الأوروبي على تجميد مفاوضات انضمام أنقرة للتكتل الأوروبي.

المستشارة ميركل قالت لنواب عن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الذي تنتمي إليه، إنها تعارض بدء مفاوضات جديدة مع تركيا مما يعني انتهاء المناقشات فعليا، حيث أن ميركل أوصت بإيصال هذه الرسالة للناخبين الذين سألوا عن موقف الحزب من تركيا.

الصفعة الألمانية الأخيرة لحلم «السلطان»، وهو الوصف الذي أطلقته عليه مجلة «الإيكنومست»، لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة على الأرجح، فقد كانت ألمانيا في الفترة الأخيرة، بمثابة الصخرة التي تتحطم عليها أحلام أردوغان، فقبل ذلك، وتحديدا في شهر يونيو الماضي، كان تصويت البرلمان الألماني بأغلبية كبيرة على مشروع قانون يعترف بمذابح الأرمن وهو ما أثار جنون السلطان التركي، وظل يهدد ويتوعد ألمانيا وساستها بالويل والثبور وعظائم الأمور، ولكنها كالعادة تهديدات جوفاء لم تعد تجدي مع الدولة الأوروبية الأكبر.

وقبل الحديث عن رفض ميركل لبدء جولة جديدة من مفاوضات الاتحاد الأوروبي مع تركيا، بدأ الرئيس التركي في التهديد مجددًا، والتحدث عن الورقة الوحيدة التي يملكها ويساوم بها أوروبا، وهي فتح الحدود لتدفق اللاجئين إلى القارة العجوز، حيث قال أردوغان إن بلاده لم «تغلق الباب بعد»، فيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، لكن أمامه خيارات أخرى مع شركاء آخرين.

تصريحات أردوغان جاءت بعد يوم من تصويت البرلمان الأوروبي بواقع 479 مقابل 37 صوتًا لصالح تحرك غير ملزم لوقف محادثات عضوية تركيا مؤقتا بسبب رد فعلها «غير المتناسب» مع محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو.

الاتحاد اعتبر أن حملة أردوغان على المعارضين والصحفيين بعد محاولة الانقلاب لم تكن مبررة، فهناك عشرات الصحف التي تم وقفها، وعشرات الصحفيين المعتقلين، إلى جانب 36 ألف معتقل، وهناك أكثر من مائة ألف شخص تم فصلهم من وظائفهم.

تهديدات «أردوغان» بإلغاء اتفاق يقضي ببقاء مئات الآلاف من المهاجرين داخل حدود تركيا مقابل مساعدات مالية تقدر بالمليارات، لم يحرك ساكنا في الاتحاد الأوروبي ولم يثن عزم أوروبا عن وقف طموح «السلطان»، مع إدراكه للمساومة والابتزاز التركي.

ولم يكتف الرئيس أردوغان بهذا الابتزاز فحسب، بل هاجم ألمانيا التي يرغب في دعمها لمواقفه وسعيه نحو أوروبا، فكان بمثابة المنتقد الدائم للسياسة الألمانية حتى أنه اتهمها مؤخرا بأنها ملاذ آمن للإرهابيين.

هذه السياسة التركية المتخبطة بقيادة أردوغان، وصفها الخبير في الشئون التركية- الألمانية، فاروق سين، بأنها سياسة «الحب والكراهية»، معتبرًا أن التقارب بين البلدين في أدنى مستوى، مؤكدًا أن الشعب الألماني بات ينظر إلى أردوغان بأنه «عدو».

تهديد أردوغان ضد ألمانيا وأوروبا واضح، لكن من غير الواضح من هم الشركاء الآخرين الذين سيعمل معهم الرئيس التركي، بعد انهيار أحلامه في أوروبا، وقبلها انهارت أحلامه في ريادة منطقة الشرق الأوسط، واستعادة «المجد العثماني» القديم مع انهيار حكم الإخوان المسلمين في مصر، التي كان يعتبرها بوابته نحو المنطقة، وكذلك طريقا لفتح الأسواق الأفريقية.. فمن هم شركاء «السلطان» الجدد؟

وفي الوقت الذي يتحدث فيه الرئيس التركي عن الشركاء الجدد المجهولين فإنه يخسر الكثير في الداخل، فسياسة «السلطان»، أو «الديكتاتور» المنتخب، وفقا للباحث أرون بن مير كانت متهورة، وكان لها أثر كبير في الداخل كما في الخارج. وأكبر دليل على ذلك أن عدد طالبي اللجوء الأتراك وصل معدلات غير مسبوقة في ألمانيا خلال العام الحالي، وهي طلبات لجوء سياسي في المقام الأول.

لكن المثير في الأمر أيضًا أن الجنود الأتراك العاملين في قاعدة تابعة للناتو في ألمانيا رفضوا العودة إلى تركيا وتقدموا بطلبات لجوء سياسي للسلطات الألمانية، وفقا لصحيفة «حريت» التركية.

شارك الخبر على