أزمة النظام الرأسمالي

أكثر من ٥ سنوات فى الشبيبة

صادق بن حسن اللواتيآدم سميث عالم اقتصادي اسكتلندي ابهر العالم في عام 1776 م بنظريته اليد الخفية في كتابه ثروة الأمم حيث قال «يجب على الحكومات ترك الناس وشأنهم ليبيعوا ويشتروا بين بعضهم البعض « حيث أقترح انه» إذا تركت الحكومات التجار يهتمون بشأنهم فإنه يوجد منافسة ويقود السوق إلى النتائج الإيجابية «وفكرة هذه النظرية أن سعر المنتج يحدده الطلب في السوق فإذا باع أحد التجار سلعته بسعر منخفض فإن منافسه سيبيع بسعر أقل بهذا سيزيد عدد المشترين إلا أن هذه النظرية لم تستطع إيجاد التوازن في السوق لأنه الركود والكساد سيزداد مما يجعل الإحباط يسود بين الناس حينها تضطر الحكومات التدخل وأخذ المبادرة من هذه اليد الخفية هذه هي حقيقة النظام الرأسمالي الذي اصبح هدفه الأساسي هو الربح المادي في كل الأحوال مهما كلف ذلك من تعاسة وشقاء المجتمعات البشرية. النظام الرأسمالي يجعلنا نعيش لنأكل لا نأكل لنعيش فإن الأزمات في النظام الرأسمالي متجذرة في ذات النظام وتعتبر من صميم مكوناته إذ لا يكاد الاقتصاد في بلد ما يخرج من الركود حتى يلوح في الأفق ركود آخر قادم. فالدول التي خرجت من منطقة الدولار إلى منطقة اليورو تعاني من الانكماش التي تفرضها التحالفات الاقتصادية، وكذا الحال من يسبح في منطقة الدولار يعاني من الأزمات الاقتصادية والركود والبطالة.فالرأسمالية لم تستطع انتشال هذه الدول من المعاناة الاقتصادية والتي تتحكم في اقتصاديات الدول في العالم ومن أمثلة الأزمات التي تعبر عن الوجه الحقيقي لهذا النظام هي الباحثين عن عمل والبحث عن الوظيفة لسد جوع مواطن بسيط.إن أزمة الباحثين عن عمل أصبحت المشكلة الأولى في الدول النامية فإذا رجعنا إلى الوراء وتحديدا قبل 50 عاما كانت هذه الأزمة جزءا من عملية الدوران الاقتصادي وكانت تظهر وقت الركود وتختفي وقت الانتعاش الاقتصادي، أما الآن فإنها -الباحثين عن عمل أخذت منحى آخر فبالرغم من الانتعاش الاقتصادي في بعض أبوابه إلا أنها تتفاقم سنة بعد الأخرى.ان المصطلح العالمي «البطالة» يشير إلى عدم وجود وظائف كافية للباحثين عن العمل وعدم وجود الفرص الكافية لذوي المؤهلات في الحصول على العمل تتناسب مع مؤهلاتهم الدراسية وهناك أعداد هائلة من الباحثين عن عمل في الدول النامية على الرغم من استمرار بحثهم عن العمل وقدرتهم على العمل أيضا، مما ينذر باتساع دائرة الفقر وهو صنو الأزمة، وهذا بحد ذاته يهدد المجتمعات الإنسانية. فخطورة الوضع القائم في ظل فشل البرامج التنموية وزيادة الدين الخارجي لسبب او آخر سيؤدي حتما الى الفوضى الاقتصادي وعدم الانضباط المالي، وما يزيد من خطورة الوضع ظهور تيار يلقي اللوم على الباحثين عن العمل وأن هذه مشكلتهم لأنهم فشلوا من التكيف مع ظروف سوق العمل والمنافسة وعليهم التحمل عبء هذه المشكلة، ومن المشاكل الأخرى التي تواجه سوق العمل هو عدم وجود قاعدة المعلومات التفصيلية عن العاطلين عن العمل من حيث أعمارهم ومناطق إقامتهم والمهن ألتي يزاولونها وجنسهم واستنادا على مؤهلاتهم.وقد أثبتت الدراسات أن توفر هذه البيانات فإننا نستطيع الوقوف على نسبة البطالة على مستوى الاقتصاد القومي ولا يمكن علاج البطالة ما لم يكن لدينا تصور حقيقي لها , لأنه أكثر الإحصاءات الرسمية المنشورة تثير جدلا حول دقتها وشموليتها لآنه هناك فئات بدون عمل لا يشملهم التقرير الإحصائي عن الباحثين عن العمل وهم على سبيل المثال وليس الحصر العمالة المحبطة التي بحثت عن العمل ولم توفق في الإيجاد عن عمل ملائم لها بحيث وصل بها اليأس من كثرة بحثهم عن العمل والعمالة التي تعمل لوقت قصير بينما يريدون هم العمل لوقت أطول والعمالة المتعطلة موسميا كالذي يعمل في السياحة او في الحصاد الزراعي فعمل هؤلاء يكون موسميا وباقي أيام السنة يبقون متعطلين عن العمل والعمالة الهامشية التي تعمل لحسابها الخاص ثم تتعرض لمشكلات كبيرة.وعلى ضوء هذه المعطيات فإن هذه العوامل ساهمت في تزايد الباحثين عن عمل في الدول النامية وفي منظور اشتداد نقص التشغيل وقصور في الإنتاج عن إشباع حاجات المواطن، وهذا سيعمق الاعتماد على العالم الخارجي من اجل الوفاء بهذه الاحتياجات وبالتالي سيؤدي اللجوء إلى القروض والمعونات الخارجية، لتمويل شراء هذه الحاجات، مما يُعيد إنتاج التبعية لمراكز الاقتصاد العالمي، فقط، وغياب القدرة على التنافس في المعترك الاقتصادي الدولي. تكون المحصلة هي استفحال مشكلة التشغيل والذي يتعين علينا كسرها بتدابير وإجراءات صحيحة لخفض نسبة الباحثين عن عمل والعودة بالسوق إلى سابق عهده وهذا لن يتم إلا من خلال إعادة هيكلة المنظومة الاقتصادية والعمل على تفتيت احتكار كيان واحد من خلال أنظمة تمنع سيطرة هذه المنشأة أو تلك على حجم السوق لأنه بقاء الاحتكار يعني ضعف التدفق في الاستثمارات وضعف في التوظيف وعدم التوسع في الإنتاج مما يعني زيادة في رفع التضخم وإعادة تفعيل المادة 14 من اتفاقية مكتب حقوق الإنسان بشان النهوض بالعمال والحماية من البحث عن عمل.وتعزيز دور التنافسية لرفع الكفاء والإنتاجية لتدفق الاستثمارات وزيادة معدل التوظيف وتقليص من حجم الواردات والاعتماد على المنتج المحلي لمعالجة ظاهرة الباحثين عن عمل.ينبغي أن نعرف أن النظام الرأسمالي لم يجلب لنا غير الآلام والأزمات ولا يخفى أن قضية الباحثين عن عمل تؤدي إلى انعدام الأمن الاقتصادي والاجتماعي فعندما يفقد الفرد دخله فإن ذلك يسبب له ولأسرته الحرمان والألم خاصة إذا فقد الحماية الاجتماعية فإن الأمر سيزداد سوءا وقد أثبتت الدراسات الاقتصادية أن أزمة الباحثين عن عمل وما يرافقها من الحرمان فإنها تدفع الفرد الى البحث عن لقمة العيش بوسائل غير صحيحة تدخله إلى عالم الإجرام وهذه تعد خسائر على مستوى الفرد، أما على مستوى الاقتصاد القومي فإن الخسائر تكون أكبر وفي مقدمتها أنها فقدت القوة الإنتاجية واليد العاملة المنتجة وزادت من ميزانية المدفوعات نصل في نهاية المطاف إلى العجز في الموازنة العامة للدولة وتزداد الهجرة الواسعة إلى الخارج تعبر الحدود و القارات هربا من سوء الأحوال المعيشية.باحث في علم الاجتماع السياسي

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على