حبال الدجالين..

أكثر من ٥ سنوات فى الشبيبة

لميس ضيفلطالما تخيلت، وأنا أرى المنشورات التي تُسطر في كل مكان محذرةً من الاحتيال الإلكتروني، أن ضحاياه هم من الجهلة أو البسطاء، أو ربما كبار السن الذين لا زالوا يرون الدنيا بخير فيفشون أسرار حساباتهم لمن ينتحل صفة مسؤول بالبنك دون تردد. لكنني اكتشفت مؤخرا أن الأذكياء يمكنهم أن يقعوا أيضا ضحايا لهؤلاء الدجالين، الذين يسخرون طموحات المرء كسلاح ضده، ويمتطون جشعه ويحولون آماله لسفينة توصلهم لما يريدون.يروي لي أحدهم، وهو شاب من خريجي الجامعات الأمريكية المرموقة، أن أحدهم أرسل له بريداً إلكترونيا وراسله من رقم ألماني واستدرجه للقاء أحد «مندوبيه» الذي قال له إنه سيصل خلال أسبوع، واستطاع هذا الأخير، أن يقنع الشاب بدفع 8 آلاف ريال عماني. لم يكن يملكها كلها فاستدان جزءا منها من أهله. اتضح لاحقا أن هذا الشخص هو ذاته من راسله، واستطاع اختراق هاتفه النقال ومعرفة الكثير عنه، وأقنعه بأنه نافذ البصيرة ويملك قدرات خارقة، وأنه يستطيع أن يحول هذه الآلاف الثمانية لثروة في فترة قياسية!يصعب عليكم أن تصدقوا صيرورة الأمر ولكنه حصل، وحصل لشاب ذكي ألمعي لم يشارك من حوله بما حدث لأنه شعر بالعار والخجل؛ فهو لا يكاد يصدق أنه كان بهذه السذاجة، ويردد بأنه ربما كان مسحورا أو مخدرا ولا يجد سوى تلكم الأعذار لتبرير انقياده الأعمى هذا. أستعان بالجهات الأمنية طبعا -متأخرا- ليكتشف أن ساحره المزعوم سافر بعد تسلمه للمبلغ بساعات!في قنوات التواصل الاجتماعي، في تطبيقات كالوتساب، أو حتى بالرسائل النصية هناك دوما عصابة ما تتربص بالناس، والحسابات التي نتندر عليها عادةً، أعني تلك التي تنتحل أسماء شخصيات مرموقة وتعرض مساعدات نقدية على من يطلبها، تزداد يوميا لأنها تنجح دوما في تسلق أحلام شخص ما.. وقد راسلني بعض أولئك الضحايا، الذين «صدقوا» أن شيخة ما أو سيدا ما سيطلب منهم تحويل مبلغ مالي لـ«وكيل» في شرق الأرض أو مغربها، وذلك لاستخدام هذا المبلغ لتحويل قيمة التبرع. صدق أو لا تصدق أن هذه الحيلة تنطلي على الآلاف. وأظن أن هؤلاء النصابين يتمرسون في الخدع والحيل النفسية أو يدرسون مداخل النفس البشرية دراسة مستفيضة لينجحوا في غسل أدمغة الناس بهذا الشكل. «لم أكن لأتخيل يوما أني سأكون أحمق بهذا الشكل» قال لي أحدهم وهو رجل وقور في الخمسين استنزفه نصاب بوعوده حتى كاد أن يبيع بيته. لكن حبال الدجالين طويلة جدا فاليقظة، ثم اليقظة واليقظة.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على