اتفاق الهجرة يبحث عن طوق نجاة على شواطئ أوروبا
أكثر من ٨ سنوات فى قنا
الدوحة في 29 نوفمبر /قنا/ هل يحتضر اتفاق الهجرة الثنائي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا قبل أن يكمل شهره التاسع؟ السؤال بدأ يطرح نفسه بقوة بعد الأزمة الأخيرة التي تشهدها العلاقة بين الطرفين على خلفية موافقة أعضاء البرلمان الأوروبي على قرار يدعو إلى تعليق المفاوضات حول انضمام تركيا إلى الاتحاد، وما صاحب هذه الموافقة من تصريحات لمفوضة السياسة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني عبرت خلالها عن اعتقادها بأن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة توجد الآن على "مفترق طرق".
وفي المقابل، استخدمت تركيا اتفاق اللاجئين كورقة ضغط تحفظ بها مصالحها المأمولة وتدافع به عن مساعيها المشروعة للانضمام إلى الاتحاد. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن هذا التصويت "لا يحمل أي قيمة بالنسبة لبلاده بغض النظر عن النتيجة التي سيؤول إليها".
وانتقد أردوغان في كلمة له في افتتاح الدورة الـ32 للجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري "الإسيداك" التابعة لمجلس التعاون الإسلامي تعامل الدول الأوروبية مع أزمة اللاجئين، ولفت إلى أن مصير 10 آلاف طفل ممن أجبروا على الهجرة إلى أوروبا غير معروف.
ويخشى بعض القادة الأوروبيين بصورة خاصة أن تتخلى تركيا عن تطبيق اتفاق الهجرة الموقع في مارس الماضي مع الاتحاد الأوروبي، أو أن تتوقف عن ضبط حركة تدفق اللاجئين الساعين للوصول إلى أوروبا.
ولم يكن تلويح تركيا بحقها في نظرة عادلة من الاتحاد الاوروبي لملف الانضمام اليه أو لاتفاق الهجرة هو الأخير من نوعه، ففي شهر يوليو الماضي لوح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بالتراجع عن الاتفاق المبرم بشأن اللاجئين إذا لم يلغ الاتحاد الأوروبي تأشيرة دخول الأتراك لدوله الأعضاء.
وجدد أوغلو تهديد بلاده مرة ثانية في تصريحات صحفية في شهر أغسطس الماضي وقال: "إذا لم يتم التوصل إلى تحرير للتأشيرات، سنضطر لننأى بأنفسنا عن ترتيبات إعادة المهاجرين والاتفاق الذي تم التوصل إليه في 18 مارس".
وفي الشهر الماضي، قال وزير شؤون الاتحاد الأوروبي في الحكومة التركية عمر جليك، إن بلاده سوف تلغي "من جانب واحد" اتفاقية اللاجئين التي وقعتها مع الاتحاد الأوروبي إذا أصر الأخير على تعطيل منح الأتراك حق السفر بدون تأشيرة، ولم يكف عن الضغط على تركيا لتعديل قوانين مكافحة الإرهاب.
وتتمحور الاتفاقية الأوروبية التركية لاستعادة اللاجئين الموقعة في العشرين من مارس الماضي حول تبادل اللاجئين، وتلزم هذه الاتفاقية تركيا باستعادة كافة اللاجئين الذين وصلوا منذ العشرين من الشهر ذاته من أراضيها بطريقة غير شرعية إلى الجزر اليونانية، ومقابل كل لاجئ تستعيده تركيا بدأ الاتحاد الأوروبي منذ الرابع من أبريل الماضي استقبال لاجئ واحد من اللاجئين السوريين الموجودين فيها وكان من المقرر أن يتم رفع القيود الخاصة بالتأشيرات بالنسبة للمواطنين الأتراك الذين يزورون الاتحاد الأوروبي في يوليو2016، لكن تلك الخطوة توقفت بسبب عدم وفاء تركيا بعد بجميع المعايير الـ 72 اللازمة لرفع القيود الخاصة بالتأشيرات.
التصريحات، والتصريحات المضادة جاءت في الوقت الذي صدر فيه تقرير المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة حول أعداد المهاجرين الذين وصلوا إلى الأراضي الأوروبية خلال شهر نوفمبر2016، وقال التقرير إن عدد من نجوا من الموت عبر البحر المتوسط في رحلة الوصول إلى المحطات الرئيسية (قبرص - اليونان - إيطاليا - إسبانيا ) بلغ 345 ألفا و676 مهاجراً ولقي 4 آلاف و663 شخصا حتفهم غرقا في مياه البحر المتوسط.
ووفقا للتقرير، فقد تصدرت اليونان قائمة الدول الأوروبية المستقبلة لمراكب الهجرة عبر المتوسط بإجمالي 171 الفا و463 مهاجرا يحتل السوريون النصيب الأكبر منهم بأكثر من 77 الف شخص ثم الأفغان 40 الفا والعراقيون 25 الف مهاجر، في حين جاءت إيطاليا في المرتبة الثانية واستقبلت نحو 168 ألف شخص يمثل النيجيريون السواد الأعظم منهم بـأكثر من 22 الف مهاجر ثم الإرتريون 15 الفا والسودانيون 8 آلاف.
ويعد الموت غرقاً هو أكثر أسباب الوفاة شيوعاً لمن عجزوا في الوصول الى أوروبا عبر المتوسط خلال العام الجاري حسبما ذكر التقرير خاصة من دول شمال أفريقيا وجنوب الصحراء والقرن الأفريقي، في حين رصد التقرير أسبابا أخرى لا تقل مأساوية يموت المهاجرون بسببها على أبواب أوروبا منها الدهس بالحافلات، وإطلاق النار والموت على قضبان القطارات .
وتشير أرقام المنظمة الدولية للهجرة أنه خلال الأشهر الستة من العام الحالي 2016، بلغ عدد الواصلين إلى أوروبا بحراً 257 ألفا، بينما عدد الغارقين هو قرابة 3120 شخصا ،ويشير رقم الواصلين، بالمقارنة بعام 2015، إلى تراجع في موجة الهجرة إلى أوروبا بشكل كبير خلال هذا العام، حيث بلغ عدد اللاجئين إلى أوروبا في عام 2015 أكثر من مليون لاجئ، ما يشير إلى تراجع بمقدار النصف تقريباً، بالمقارنة مع أرقام الأشهر الستة الأولى من عام 2015.
بينما بلغ عدد القتلى في البحر المتوسط خلال عام 2016 نحو 3120، في حين كان عدد القتلى في عام 2015 حوالي 3771 خلال عام كامل، الأمر الذي يظهر أن عدد الغرقى قد ازداد خلال هذا العام، حيث أن الرقم المسجل خلال نصف عام يقارب أكثر من 80% من عدد المهاجرين الذي قتلوا غرقاً خلال العام الماضي بأكمله.
ما يدل على أن الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، شهدت تراجعاً بمقدار النصف في عدد المهاجرين عبر البحر المتوسط، ولكن مقابل زيادة كبيرة في عدد المهاجرين الغرقى، أي تراجع في عمليات الإنقاذ.
وبداية من شهر نوفمبر الجاري، بدأت دول الاتحاد الأوروبي بشكل جماعي أو منفردة في اتخاذ عدة تدابير لضبط إيقاع حركة اللجوء والهجرة عبر أراضيها أو الى داخل بقية دول الجوار حيث وافق الاتحاد الأوروبي على تمديد الضوابط المؤقتة المفروضة على الحدود داخل منطقة "شنغن" وتضم ألمانيا والنمسا والسويد والدنمارك التي يسمح فيها بالانتقال بدون تأشيرات لثلاثة أشهر أخرى بهدف المساعدة في التعامل مع أزمة المهاجرين.
في حين دعت وزارة الداخلية الألمانية أكثر من 12 ألف مهاجر أفغاني إلى مغادرة أراضيها نظرا لعودة الأمن للكثير من المدن الأفغانية الكبيرة، وأوضحت الوزارة، في بيان لها أن جزءا من المطالبين بمغادرة ألمانيا سيغادرونها بشكل طوعي في حين يرجح أن يقدم آخرون وثائق تثبت وجود معوقات تمنعهم من المغادرة.
كما اقترح وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير ترحيل المهاجرين الذين يتم إنقاذهم في البحر المتوسط بشكل مباشر إلى دولة أفريقية أخرى مثل تونس أو مصر، ويمكنهم هناك تقديم طلب اللجوء إلى أوروبا.
وقررت السويد تمديد الترخيص الممنوح للاتحاد الأوروبي لاستخدام خفر السواحل السويدي في البحر الأبيض المتوسط حتى 30 أبريل من عام 2018، وأكدت الحكومة السويدية سماحها للمصلحة الأوروبية باستخدام موارد خفر سواحلها لإنجاز مهمتها في مراقبة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وإنقاذ الأشخاص المعرضين للخطر.
وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد اعترفت في وقت سابق بالارتفاع الكبير في عدد القتلى من بين اللاجئين والمهاجرين الذين عبروا البحر الأبيض المتوسط هذا العام، وقد عزت المفوضية هذه الزيادة في الغرقى إلى عدد من الأسباب، منها استخدام المهربين في كثير من الأحيان سفنا ذات جودة أقل وقوارب واهية لا تقوى على إتمام الرحلة، كما أن حوالي نصف أولئك الذين عبروا البحر المتوسط حتى الآن هذا العام قد سافروا عبر الطريق الأكثر خطورة، من شمال إفريقيا إلى إيطاليا.
وأشارت المفوضية أيضا إلى أن العديد من الحوادث كانت متصلة بالسفر خلال سوء الأحوال الجوية، بالإضافة إلى تغيير المهربين لتكتيكاتهم باستمرار، خشية اكتشافهم، وهو ما يجعل أيضا عمل رجال الإنقاذ أكثر صعوبة.
تقرير/ الأبحاث والدراسات