٢١ رصاصة قتلت «ذكرى» وأحيت «أشباحها».. قصة ليلة مرعبة في «شقة ١١٢» بالزمالك

أكثر من ٧ سنوات فى التحرير

دقت عقارب الساعة كنبضات القلب المضطرب، تعلن قدوم الثانية عشر من صباح يوم الجمعة 28 نوفمبر 2003، حيث كانت الفنانة التونسية "ذكرى" تحضر حفل افتتاح مطعم جديد لزوجها، رجل الأعمال المصري "أيمن السويدي"، دون أن تعلم أنها الساعات الأخيرة في حياتها.
البداية في مطعم السويدي 

أثناء السهرة ومع حلول الساعة الواحدة صباحًا، أرسل الزوج سائقه الخاص لإحضار مدير أعماله "عمرو الخولي"، وزوجته "خديجة صلاح" من مدينة الشروق بعدما دب خلاف بينه وبين "ذكرى" في الحفل، فحضر الاثنان إلى المطعم، ثم اجتذبت الفنانة زوجة مدير الأعمال "خديجة"، وفضلت الانصراف من الحفل خوفًا من أن يشاهد الناس شجارها مع زوجها، وكان ذلك في الساعات الأولى من فجر يوم الجمعة 28 نوفمبر.

وأثناء مغادرتها للمكان، اتصلت ذكرى بصديقتها المقربة الممثلة "كوثر رمزي"، التي اشتهرت بقراءة الفنجان، طالبة منها الذهاب إلى شقتها في شارع "محمد مظهر" بحي الزمالك، وتحديدًا العقار رقم "23 أ"، الشقة "112"، وذلك لأنها ترغب في الحديث إليها عن زوجها الذي عادت إليه شكوكه مجددًا، وطلب منها أن تتفرغ للبيت وله وتنسى الفن والمهرجانات.

الوصول إلى مسرح الجريمة

وهنا تروي "كوثر" في التحقيقات التي أجرتها النيابة ونشرتها صحيفة "الجريدة" الكويتية تفاصيل ما حدث ليلتها قائلة: "يبدو أنها كانت خائفة لأن أيمن لم يكن في حالته الطبيعية، ربما كان قد تعاطى خمرًا بأكثر مما يجب. وربما لم يشرب خمرًا وكانت حالته النفسية هي التي تجعله يبدو كمن فقد عقله! وبينما نحن نتحدث أنا وذكرى وخديجة وصل أيمن وبصحبته مدير أعماله ولا أعرف لماذا تكهرب أيمن حينما رآني"، متابعة: "عاملني بغلظة غير طبيعية ثم طلب مني أن أدخل إحدى الحجرات لأنه يريد إكمال الحديث مع زوجته في أمور عائلية ولا يريدني أن أكون طرفاً فيها.. وأمام ثورة غضبه قمت فعلاً ودخلت حجرة بعيدة عن المدخل".

وتابعت: "كان صوت أيمن واضحاً وهو يحذر زوجته من الاستمرار في البروفات الليلية والسفر إلى المهرجانات.. وكانت ذكرى تصرخ وهي ترفض هذه الإهانة التي وصلت إلى حد الشك في سلوكها وفي علاقتها بمدير أعمالها وببعض الأشخاص"، وهنا انتبه الزوج إلى وجود الصديقة المقربة داخل الغرفة، فقام بطردها وألقى حذاءها ناحية الباب، فعزّت عليها نفسها وغادرت، لكنها علمت فيما بعد أنه كان في العمر بقية.

اللحظات الأخيرة 
وهنا أمر "السويدي" الخادمتان بالدخول إلى غرفة وإغلاق الباب عليهما، فتصاعدت حدة الخلاف بين الزوجين، وارتفع صوت الشجار، وطالب رجل الأعمال زوجته بترك مجال الفن، والاهتمام بأمورها العائلية، بينما حاول مدير أعماله وزوجته تهدئة الأمور بينهما.

دخل "السويدي" إلى غرفته،  ثم خرج وفي يده 4 قطع سلاح، 3 مسدسات ومدفع رشاش صغير، وصرخ في وجه ذكرى بشكل هيستيري -وفق رواية الخادمتين- وأطلق الرصاص على الجميع، ويرجح أنه أطلق رصاصة في فمه وانتحر.

21 رصاصة كانت من نصيب الفنانة التونسية، و20 أخرى اغتالت جسد مدير الأعمال، فيما اخترقت 14 رصاصة جسد زوجته "خديجة"، وكانت معظم الرصاصات في منطقة الصدر والبطن والذراعين، وفق ما ذكرته التحقيقات.

الوصية الأخيرة

عثر رجال المباحث في خزانة "السويدي" على وصية كتبها بخط يده إلى شقيقه الأصغر محمد، حذره فيها من التعامل مع مدير أعماله، لأنه سبب الخراب الذي حل به، بتشجيعه له على الاقتراض من البنوك، مستغلاً علاقاته ببعض المسؤولين في البنوك، ما تسبب في دخوله في أزمة اقتصادية طاحنة.

انتهت التحقيقات في جريمة "مذبحة الحي الهادئ" كما وصفها الإعلام، بالتأكيد على الرواية السابقة، وهي انتحار الزوج، بعد قتله لزوجته الفنانة ذكرى، ومدير أعماله مع زوجته "خديجة"، وصرحت النيابة بدفن الجثث، وتم نقل جثمان الفنانة الراحلة إلى تونس على متن طائرة خاصة، بأمر من الأمير السعودي الوليد بن طلال، وحملت أيضًا الفنانين الراغبين في تشييع "ذكرى" إلى مثواها الأخير، لكن حادث ذكرى لم ينته عند هذا الحد.

أشباح ذكرى تغني في الشقة المشؤومة

مرّ وقت قصير بعد الحادث، وتقدم محمد السويدي ببلاغ يطلب فيه من النيابة إعطائه الإذن لفتح الشقة وجرد محتوياتها، بعد أن لاحظ الجيران وحراس العقار فتح نوافذ الشقة وغلقها بشكل مفاجئ، مع استحالة حدوث فتح أي نافذة من نوافذ الشقة إلا من الداخل، بجانب تأكيدهم على اتجاه المصعد للطابق الثاني حيث شقة "المرحومة"، من دون أن يستدعيه أحد!

أقرّ بعض الحراس بسماعهم لأصوات غناء ومواء قطط حتى الساعة السادسة من صباح كل يوم، ورغم محاولة الجميع طرد الخوف، وبث الطمأنينة في أنفسهم، بتصوير ما يحدث على أنه خيالات لا أساس لها من الصحة، فإن تكرار الأحداث مع تغيير ورديات الحراس، جعلهم جميعًا على يقين بحقيقة تلك الأصوات.

وافقت النيابة على طلب الشقيق الأصغر لرجل الأعمال، بفض "الشمع الأحمر" على الشقة، بواسطة ضباط مباحث قسم شرطة قصر النيل، وفور صعودهم لفتح الشقة، أحاط بهم الجيران مطالبين بعدم إغلاق الشقة إلا بعد فتح الراديو على إذاعة القرآن الكريم وتركه مفتوحًا.

شهادة ضابط المباحث

نشرت الصحف المصرية والعربية آنذاك شهادة ضابط المباحث الذي عاين محتويات الشقة، وجاء فيها عن لسانه: "كنت واحدًا ممن سبق وعاينوا الشقة إثر وقوع المذبحة.. شاهدت آنذاك جثث القتلى الأربعة وفتشت الشقة من دون أن أشعر بالخوف... لكن ما إن دخلت الشقة هذه المرة حتى دب الرعب في أعماقي وإن كنت قد أخفيت ذلك عن كل الموجودين"، متابعًا: "لم تكن الشقة قد تم تنظيفها بعد الحادث، بل لم يتم فتحها منذ أمرت النيابة بإغلاقها.. الدماء الجافة كانت ملتصقة بأرضية المدخل ومتناثرة فوق الجدران والكنبة التي كانت تجلس فوقها ذكرى".

دخل الضابط إلى غرفة "ذكرى"، حيث النوافذ التي لاحظ الجيران والحراس فتحها وغلقها، وتطاير الحجارة منها إلى الشارع، وقدم شهادته عن ذلك قائلًا: "تأكدنا من أنه لا يمكن لأحد أو حتى للعواصف الهوائية من فتح هذه النوافذ إلا إذا كان داخل الحجرة.. وما لم نتأكد منه هو من الذي كان يفتح النوافذ من دون أن يكون داخل الشقة أحد؟"، مختتمًا: "الأوراق الرسمية لا يمكن أن تتهم العفاريت، لهذا تم إغلاق المحضر بالتأكيد على أن الشقة لم تتعرض للسرقة.. وبقي سؤال عن هذا المجهول الذي يحرك المصعد ويفتح النوافذ ويلقي بالحجارة ويعزف الموسيقى وتصدر عنه أصوات مواء القطط". 

عرض الشقة للبيع

ظلت الشقة الواقعة في أرقى مناطق الزمالك مثل "البيت الوقف"، لا يتقدم أحد إلى شرائها في جلسات المزاد التي عقدتها محكمة شمال القاهرة، بعد أن انتشرت حكايات العفاريت التي تعبث بداخلها، وتم تسعيرها بمبلغ 7 ملايين جنيه، وبعد 4 جلسات فاشلة، اشتراها رجل أعمال المصري في أغسطس من عام 2009، أي بعد 6 أعوام من الحادث، مقابل ستة ملايين و200 ألف جنيه، ليسدل بذلك الستار على إحدى أبشع قضايا القتل في الوسط الفني، وأكثرها رعبًا على الإطلاق.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على