لبنان يحتفل بعيد استقلاله في ظل عهد رئاسي جديد

أكثر من ٧ سنوات فى قنا

بيروت في 22 نوفمبر /قنا/ يحتفل لبنان اليوم، بالذكرى الثالثة والسبعين للاستقلال الذي يطل هذا العام مع بداية عهد رئاسي جديد عقب انتخاب العماد ميشال عون بعد فراغ رئاسي، استمر عامين ونصف، وهو ما شكل بادرة أمل للبنانيين وسط جملة من التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد على وقع الأزمة المستعرة في بلد الجوار الإقليمي "سوريا"، والتي زادت من وتيرة الخلافات بين الأفرقاء اللبنانيين السنوات القليلة الماضية مما أثر سلبا على مختلف شؤون البلاد. 
ويطل عيد الاستقلال هذا العام مع بصيص أمل للبنانيين بعد إنهاء الفراغ الرئاسي الذي بدأ منذ شهر مايو 2014 واستمر لغاية 31 أكتوبر الماضي، ووسط تمنيات أن تنتهي الأزمة السياسية وتشكيل حكومة جديدة، بعد بروز عثرات في مسار تشكيلها جراء الخلاف بين الأفرقاء حول الحقائب الوزارية، عقب تسمية سعد الحريري رئيسا للحكومة في 3 نوفمبر الجاري خلفا لحكومة تمام سلام التي تشكلت في 15 فبراير 2014 بعد أكثر من عشرة أشهر من الخلافات بين الأفرقاء حول التوصل إلى إعلان تشكيل الحكومة جراء رفض عدة كتل سياسية مشاركة حزب الله بالحكومة جراء انخراطه بالقتال الى جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد ولاحقا حول الحقائب والأسماء الوزارية. 
كما يهل عيد الاستقلال في وقت يعاني فيه الاقتصاد اللبناني من وضع حرج إذ يبلغ دين الدولة اللبنانية أكثر من 73 مليار دولار وسط آمال الشعب اللبناني بحل الأزمة الاقتصادية والقضاء على الفساد وإنهاء المشاكل الاجتماعية بعد أن تجاوز معدل البطالة 25 بالمائة. 
ومما يثقل كاهل الاقتصاد اللبناني تزايد أعداد النازحين السوريين الذين قارب عددهم المليون ونصف نازح في ظل صعوبة تأمين احتياجاتهم من قبل الحكومة اللبنانية والجهات الدولية المانحة. 
ولفت رئيس الجمهورية في كلمة له أمس بمناسبة عيد الاستقلال، إلى أن المؤسسات الوطنية عانت ولا تزال من وهنٍ تضاعف بسبب الخلل في الممارسة السياسية والدستورية، "ولا يمكن أن تنهض من جديد ما لم يتم تحديثها وتغيير أساليب العمل وقواعده". وقال "إن الأمور لن تستقيم ما لم نحرر العنصر البشري من ثقافة الفساد، وإن مكافحة هذا الفساد تكون بالتربية من خلال تنمية سلم القيم، وبالقانون من خلال التشريع الملائم". 
وإذ اعتبر الرئيس عون "أن تعزيز الوحدة الوطنية هو ضرورة قصوى وأولوية لأنه يحصّن لبنان ويؤمن استقراره"، شدد على وجوب إيلاء المواطنين في المناطق الحدودية من الشمال إلى الجنوب، اهتماماً خاصاً لتنمية بلدانهم وقراهم. "فالمجتمع الذي يعاني من العوز والحاجة معرّض للتجارب القاسية وما ينتج عنها من خلل أمني واضطراب اجتماعي، فالوطن لا يحيى فقط بمدنه وضواحيه المكتظة، بل بانتشار سكاني متوازن على مختلف أراضيه". 
ويطل الاستقلال بالتزامن مع استمرار المخاطر من موجة الإرهاب التي اجتاحت لبنان مؤخرا على وقع الأزمة المستعرة في بلد الجوار الإقليمي "سوريا"، حيث يشهد لبنان على المستوى الداخلي مخاوف مستمرة حول الوضع الأمني بالبلاد خاصة مع استمرار خطف عدد من العسكريين اللبنانيين لدى تنظيم "داعش" في سوريا. 
وفي هذا السياق، أكد قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي في كلمة له بمناسبة الذكرى الثالثة والسبعين للاستقلال، على أهمية تحصين الداخل اللبناني من مخاطر الإرهاب المحيطة بحدوده من أقصاها إلى أقصاها. 
وقال إن انتخاب الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، فتح صفحة جديدة، وأعاد صياغة خطوط عريضة لواقع سياسي شهد ما شهده من انقسامات واصطفافات خلال المرحلة الماضية، وسيؤسس من دون شك لانصهار وطني منشود، تحت عناوين سيادية تحصن الداخل من مخاطر تحوطه، ما انفكت تقرع طبول إرهابها على حدوده من أقصاها إلى أقصاها. 
ثلاثة وسبعون عاما مرت على لبنان، عاش خلالها ظروفا سياسية وحروبا صعبة وتدخلات خارجية، فعلى الرغم من نيل لبنان استقلاله وجلاء الجيوش الأجنبية عن أراضيه منذ العام 1943 فإن جملة من التحديات الخارجية والضغوط الإقليمية التي باتت في بعض الأحيان تشكل عبئا على هذا الاستقلال، كانت محل توقف حول أهمية الاستقلال دون الأمن والاستقرار الذي أصبح مطلبا لدى كل الشعب اللبناني إلى جانب عدم قدرة الأفرقاء حل أزماتهم بمعزل عن الخارج ومنها انتخاب رئيس للجمهورية. 
وأكد مراقبون سياسيون أن لبنان لم يكن بمعزل عن مساعدة الدول الخارجية لصون أمنه وحل أزماته طيلة العقود الماضية التي تلت الاستقلال في عام 1943 نظرا للتركيبة الطائفية حيث يضم لبنان 17 طائفة ومذهبا كل منها لديه ارتباطاته مع دول خارجية تحكمها روابط التاريخ والمعتقد الديني والتوجه والأحلاف السياسية. 
وقد كان هذا الاستقلال حتى بعد نيله معمدا بالدماء في ظل اغتيالات رجالات سياسية من كافة الطوائف والمذاهب عملت لاستقلال وازدهار لبنان، ومنهم رئيسا الوزراء الأسبقان رشيد كرامي (عام 1987) ورفيق الحريري (عام 2005) ،والمفكر كمال جنبلاط (عام1977)، ورئيسا الجمهورية الأسبقان بشير الجميل (عام 1982) ورينيه معوض (عام 1989). ومفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد (عام 1989). 
ويرى مراقبون أن هناك تحديات كثيرة أمام الاستقلال اللبناني خاصة في ظل وجود أراض لبنانية ما زالت تحت الاحتلال (مزارع شبعا) وهو ما استدعى وجود قوات دولية متعددة الجنسيات تابعة للأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان بعد الحرب الإسرائيلية عام 2006. 
وقد كان استقلال القرار اللبناني عن الخارج سواء عن الجوار الإقليمي (وتحديدا السوري) أو الدول الغربية وإيران مدار جدل بين الأطراف اللبنانية التي أخذت تتبادل التهم فيما بينها حول مسألة تغليب الولاء لدولة معينة على حساب الولاء الوطني لبلدهم لبنان والتي استفحلت في ظل الأزمة السورية. 
ويرى عدد من المراقبين أن لبنان استقل عن القرار السوري حديثا، معتبرين أن ذلك مرحلة استقلالية في تاريخ الدولة الحديث. وقد دخل الجيش السوري إلى لبنان عام 1976، بينما كانت نار الحرب الأهلية مستعرة، تحت غطاء جامعة الدول العربية ليضع حدا للنزاع العسكري وليعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل الحرب. وقد خرج في عام 2005 بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، حيث يرى عدد من المراقبين أن اغتيال الحريري مهد الطريق لاستقلال القرار اللبناني عن الجوار الإقليمي ومحطة هامة في مسيرة الاستقلال اللبناني عن القرار الخارجي. 
ويبقى السؤال هل ستكتمل فرحة الاستقلال بتشكيل حكومة لبنانية جديدة تعمل مع العهد الرئاسي الجديد على تعزيز الأمن والأمان وتبعد الوطن عن النار المستعرة في جواره الإقليمي "سوريا"، وتسعى لإنقاذ شعب عانى ويلات الحرب الأهلية لسنوات عديدة. 
تقرير الأبحاث والدراسات

شارك الخبر على