في أجواء مهيبة ووسط حضور كثيف .. المغامسي القرآن الكريم يعلمنا كيف ندعو إذا أخطأنا

أكثر من ٧ سنوات فى قنا

الدوحة في 22 نوفمبر /قنا/ ختمت إذاعة القرآن الكريم يوم الاثنين الماضي ملتقاها الأول الذي أقامته بالشراكة مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، حيث شكلت محاضرة الشيخ صالح المغامسي مسك الختام ضمن محاضرة إيمانية مباركة ألقاها بعنوان "التزود بالدعاء" 
في وسط حضور امتلأ به جامع منيرة السويدي بمنطقة الدفنة عن آخره حتى امتد إلى الساحة الخارجية، وأمام تنوع الحاضرين من رجال وكهول وشباب، ومع امتلاء المكان المخصص للنساء وكثافة الحضور عند أبواب المسجد وفي الساحات ومواقف السيارات، بدأ الشيخ المغامسي في أجواء إيمانية عالية محاضرته ببيان أن المسلم في أمس الحاجة إلى الدعاء، وأنه لا يستغني عن ذلك في حياته بجميع تفاصيلها وجزئياتها، حيث ورد عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال حاكياً عن ربه جل وعلا في الحديث القدسي : " يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته ، فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته ، فاستطعموني أُطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته ، فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم" فالله عز و جل جعل أبوابه للسالكين مفتوحة، و الجميع مفتقر إلى الله ليسلك مسالك الهداية والتوفيق والرشاد، قال الشيخ : "و الله لن يصل العباد إلى شيء إلا بإذن الله، فكيف يوصَل إليه بدونه ؟! " ، فكلنا مقصرون، و كلنا مخطئون، غير أن رحمة الله عظيمة، وعفوه واسع، وللدلالة على ذلك استشهد الشيخ بقصة آدم وحواء عليهما السلام، لما وسوس لهما الشيطان وأخرجهما من الجنة، فالتجئا إلى الله تعالى، و كان الاعتراف بالخطأ هو أول منازل الدعاء، و بهذا يعلمنا القرآن الكريم كيف ندعو إذا أخطأنا، قال تعالى: " وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين، فدلاهما بغرور، فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سواءتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة، و ناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة و أقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين، قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين "، و كما دعا آدم ربه، دعاه الخليل ابراهيم عليه السلام حين قال: " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم و تب علينا إنك أنت التواب الرحيم " فكانت هذه من دعوات قدوة الصالحين وإمام الموحدين، فالخير كل الخير ـ يضيف المحاضر ـ فيما يختاره ربنا لنا، وما علينا إلا أن نطرق باب الدعاء مع الصدق والإيمان.
ثم انتقل الشيخ للحديث عن الرزق باعتباره مجالاً من المجالات التي يدعو العبد ربه أن يبسط له فيها، فحاجتنا إلى الرزق حاجة ملحة، وبئس الضجيع الفقر، علما أن مفتاح الرزق هو الصلاة ، قال تعالى: " و أمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها، لا نسألك رزقا نحن نرزقك و العاقبة للتقوى " وقال الشيخ المغامسي إن المسلم مطالب أن يسأل الله حتى الملح لعجينه وذلك لافتقارنا جميعاً إلى عون الله وتوفيقه، مع الأخذ بالأسباب و اتباع الغدو و الضرب في الأرض.
ولأن الرغبة في الذرية أمر فطري، فإن المسلم يدعو الله أن يرزقه الذرية، وأن يصلحها له، قال تعالى: "لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء، يهب لمن يشاء إناثا، ويهب لمن يشاء الذكور ، أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيما " وساق الشيخ قصة زكريا عليه السلام الذي سأل الله تعالى الولد الصالح وهو في سن متأخرة، فاستجاب الله دعائه وأكرمه بيحيى عليه السلام ، قال تعالى عن نبيه زكريا: " إذ نادى ربه نداء خفيا ، قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا ، وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا، يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا" و في هذه الآيات الكريمات بيان للأدب الذي ينبغي أن يتحلى به المسلم وهو يدعو الله تعالى، فهذا زكريا عليه السلام يقر بنعم الله السابقة عليه، و يدعوه أن كما أنعم عليه فيما سبق أن ينعم عليه فيما لحق.
أيضا يحتاج المسلم أن يدعو الله في حال الضيق و الشدة وأن  يرجوه رفع الهم والغم، وسرد الشيخ قصة ذي النون عليه السلام الذي قال الله تعالى عنه: " و ذا النون إذ ذهب مغاضبا، فظن أن لن نقدر عليه، فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجبنا له ونجيناه، و كذلك ننجي المؤمنين"، كما يحتاج المؤمن أن يدعو الله تعالى ليحفظه من الشياطين، فالشيطان وصفه رب العزة بأنه " عدو مبين " و من الأدعية القرآنية التي ينبغي أن يحرص عليها العبد أن يتلو قول الله تعالى: " و قل رب أعوذ بك من همزات الشياطين و أعوذ بك رب أن يحضرون " و المعنى أعوذ بك رب أن يحضر الشياطين في أي مشهد من مشاهد حياتي، فيتغلبون عليّ بالوساوس، و يعتبر الموت أعظم المشاهد التي يدعو الإنسان فيها ربه أن يثبته و يحفظه حتى يموت على الإيمان والتوحيد، فالمؤمن يعلم أن الموت حق، لكن على أي حال نموت ؟ هذا ما يؤرق الصالحين ولذلك ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: " توفني مسلماً وألحقني بالصالحين " .
و من نعم الله التي ينبغي للمؤمن أن يدعو الله تعالى أن يكرمه بها نعمة الرفقة الصالحة، قال تعالى: " رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي، و أن أعمل صالحا ترضاه، و أدخلني برحمتك في عبادك الصالحين"  و الصالحون ـ كما قال الشيخ المغامسي ـ ركب سائر إلى الله، و كلما كان الإنسان معهم فهو في خير عميم.
وأخيرا يدعو الإنسان ربه أن يرزقه الجنة، وأن يجعله من أهلها، وهذا ديدنُ الأنبياء والصالحين، قال تعالى عن إبراهيم الخليل : " واجعلني من ورثة جنة النعيم " ، فدخول الجنة إنما يكون بفضل من الله تعالى و كرم منه جل و علا، و الجميع يسألونه الجنة قال تعالى : " كان على ربك وعداً مسؤولا " أي يسأله عباده، و المؤمنون لما يدخلون الجنة يحمدون الله أن استجاب دعائهم وجعلهم من أهلها، قال تعالى : " وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين ، وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين " و الأعظم من ذلك كله هو النظر إلى وجه الله الكريم قال تعالى : " وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة " .
شراكة راسخة ..
جدير بالذكر أن الملتقى الأول لإذاعة القرآن الكريم تم تنظيمه بشراكة مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، و في هذا الإطار أعرب سعادة الشيخ خالد بن عبد العزيز آل ثاني -مراقب إذاعة القرآن الكريم- عن اعتزازه بمستوى الشراكة الراسخة مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مشيدا بما تحقق في هذا الملتقى من فوائد أهمها تحقيق التواصل المباشر بين العلماء والمشايخ والدعاة من جهة وبين عموم الجمهور من جهة ثانية، كما أن هذا الملتقى يعتبر شكلا متقدما ونموذجا يحتذى من أشكال التعاون الذي ينبغي أن يكون بين مختلف الوزارات والمؤسسات والجهات الحكومية وغير الحكومية لتحقيق المصالح العامة التي عليها صلاح الإنسان وإعمار الديار و أمن الأوطان، ويشير سعادة الشيخ خالد بأن ما تم طرحه من قضايا إيمانية وعقدية وسلوكية وتربوية من قبل كبار أهل العلم والدعوة إلى الله في الداخل والخارج من أجل التزود بالتقوى التي هي أساس بنيان المرء المسلم وأساس قواعد المجتمع السليم والفاضل، ويضيف سعادته أن ما تم بثه على أثير إذاعة القرآن الكريم، سيكون له أثر بالغ بإذن الله في تقويم السلوك ورفع الهمم لما فيه خير الفرد في ذاته وفي أسرته ومحيطه الصغير والكبير، و هذا ما دعانا لاختيار " وتزودوا " ليكون شعاراً للملتقى الأول، فعملنا على تنويع الموضوعات بحسب المجالات التي رأينا أن الحاجة إليها ماسة في حياة الإنسان الخاصة و العامة.
وختم المراقب العام لإذاعة القرآن الكريم تصريحه بتوجيه خالص الشكر والتقدير للعلماء والمشايخ والدعاة الذين قاموا بتلبية الدعوة وإخلاص القول وتوجيه الناس نحو العمل الصالح وشحذوا هممهم لما فيه خيرهم وصلاحهم في الدنيا والآخرة، مبدياً اعتزازه بما يتمتع به هؤلاء الفضلاء من علم شرعي راسخ، وفهم عميق لواقع الناس وما يحتاجونه، وأسلوب يجمع بين الحكمة و الاعتدال و التيسير.
" و تزودوا " دعاة متميزون و تنوع في العناوين 
يشار إلى أن إذاعة القرآن الكريم نظمت ملتقاها الأول خلال الفترة من الثالث من شهر أكتوبر حتى الحادي والعشرين من شهر نوفمبر من هذا العام وذلك بجامع منيرة السويدي، حيث شارك في تقديم محاضرات الملتقى الاسبوعية عدد من العلماء والمشايخ و الدعاة من داخل قطر و من خارجها، حيث افتتح الملتقى بمحاضرة للشيخ الدكتور عمر عبد الكافي الداعية المعروف بأسلوبه المؤثر، ثم الشيخ الدكتور عثمان الخميس المتأصل في العلم والدعوة، فالشيخ الدكتور سعيد بن مسفر القحطاني الداعية المعروف المتمكن في العلم الشرعي وطرق إيصاله للمستمع بأسلوب فريد وهو من مشايخ المملكة العربية السعودية، ثم العلامة المعاصر ورمز مدرسة أهل الحديث الشيخ أبو إسحاق الحويني من علماء مصر العربية، ثم الداعية القطري الشيخ عبد الله بن ابراهيم السادة نفع الله به، فالشيخ الدكتور عبد الحي يوسف من علماء السودان الأجلاء، ثم الشيخ القارئ الدكتور عبد الله بصفر من قراء العالم الإسلامي بالمملكة العربية السعودية، وكان مسك ختام هذا الملتقى فضيلة الشيخ صالح المغامسي إمام وخطيب مسجد قباء بالمدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية الذي وصلت محبته لقلوب الناس فأحبوه وحرصوا على الازدحام للاستفادة من علمه النافع ، وكانت محاضرته الإيمانية بامتياز حول " التزود بالدعاء "، كما تتقدم الإذاعة لكافة الحاضرين لكافة المحاضرات والمستمعين لها عبر البث المباشر بالشكر الجزيل على حرصهم لمتابعة سلسلة المحاضرات وتفاعلهم مع ملتقى الإذاعة الأول أولاً بأول.
الجدير بالذكر أن كافة محاضرات ملتقى إذاعة القرآن الكريم الأول متوفرة على موقع الشبكة الإسلامية " إسلام ويب " التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وكذلك على قناة اليوتيوب التابعة لإذاعة القرآن الكريم من الدوحة وتنشر عبر الحسابات الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي تحت الرمز QURANRADIO_QA  ، وسيتم بث جميع المحاضرات عبر تلفزيون قطر لاحقاً وذلك ضمن إطار التعاون بين إذاعة القرآن الكريم وتلفزيون قطر في ملتقى إذاعة القرآن الكريم.
 

شارك الخبر على