البستان سيظل قصرا!

أكثر من ٥ سنوات فى الشبيبة

علي بن راشد المطاعنيعندما أطلقت الحكومة عليه مسمى فندق قصر البستان في الثمانينيات من القرن الفائت فإنها فعلت ذلك ليكون رمزا للضيافة والكرم والألق الذي يعكس هذه القيم العربية، ولأنها أرادت للتاريخ أن يسجل ظهور هذا النجم الساطع في سماوات العاصمة مسقط، فقد استضاف الفندق بالأريحية العُمانية العربية المعروفة داخليا وخارجيا عام 1985 قمة مجلس التعاون الخليجي، وقتها كان الإعلام يتحدث عن هذه التحفة المعمارية العُمانية الأخاذة التي تعانق بالشموخ كله بحر عُمان ورماله البيضاء الممتدة، ثم نراهما يتناجيان بلغة يترجمها حفيف الأمواج وهي تصطدم بالشاطئ ثم ترتد على أعقابها من بعد أن قالت ما قالت.إن دلالات الاسم تتفق فقط عندما يكون القمر بدرا في إشارة لا تخطئها العين وتقول إن لهذا الوطن وجها حضاريا رائع الحُسن في عالم السياحة والضيافة، وإن السبلة العُمانية ذائعة الصيت جودا قد لبست ثوبا لها قشيبا وجديدا، وإنها قد استحضرت في البستان وقصره كل أمجاد الإمبراطورية العُمانية فيما خلف البحار، وإن التاريخ ذاك الهائل قد رأيناه يلوذ بتلابيب الصمت المهيب في أروقة البستان القصر وأمام كل غرفة وأجنحته البالغة 250، وأمام كل قاعة من قاعاته القادرة على استيعاب أكثر من 800 شخص دفعة واحدة.الغريب والعجيب والمثير هو أنك وفي كل مرة تزور هذه القصر الفندق يخيل إليك أنك تزوره للمرة الأولى، ذلك صحيح بالطبع والسبب بسيط أيضا وهو يعبر أن لكلمة الفخامة أكثر من معنى وأكثر من مدلول، وأن زوايا الرؤية إليه تتسع وتضيق وأيضا تدور في تجسيد مذهل لمعنى إن الجمال المطلق لا حدود له ولا مكان، وبما أنه كان أبدا كذلك فإنه يقف ندا وكتفا إزاء كتف لكل قصور الفخامة والوسامة والوجاهة في العالم، وبما أنه أصيل وللأصالة أصول كما نعرف فإنه وكلما تقدم به العمر أعلن التحدي لكل الفنادق والقصور الناشئة، هو يقول إن النقوش والزخارف والرموز والإيحاءات الناطقة به وبجدرانه وردهاته لن يستطيع أي بناء آخر أن يقف ندا له، ستنكفئ كل المحدثات على وجهها إذ هي تقف أمام البستان القصر والبستان الفندق.وإذا سأل سائل ما عن اسم (البستان) كيف جاء ولماذا جاء وبأي وجه حق نال هذا الشرف العظيم من بعد أن نأي عن كل التسميات، فانتصرت التسمية المحلية التي ارتبطت بالمنطقة التي تتزين بهذا المعلم السياحي الكبير بعد أن أضحت عالمية الآن، بعدها نجد الحجوزات المسبقة بالكامل للفندق طوال أشهر العام، فالأقوام قد علموا بسحر هذا المكان، فهاهم يتسابقون لنيل شرف الفوز بغرفة في هذا القصر.وإذا كنا قد أنخنا مطايانا كعشاق للجمال على شواطئ القصر، ثم دلفنا إليه نروم الدعة والاسترخاء المخملي على الفرش والوسائد والمخادع التي لا تقاوم، فإن مستوى الخدمة وسحر ابتسامات العاملين وإشراقات وجوههم كفيلة أن تدفع جيوش الضجر للانتحار احتراقا، ولهذا كانت الابتسامة النابعة من نياط القلوب هي عنوان للمحبة وللسلام.نأمل أن يبقى هذا الفندق القصر وإلى ما شاء الله رمزا لكل شيء بديع، ولكل رمز جميل، ولكل كرم نبيل، وتلك كلها وجميعها تجسد معنى الضيافة والسماحة العُمانية عبر العصور.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على