رئيس الوزراء المكلّف يباشر إدارة مهامّه من منطقة العلاوي..جهود برلمانيّة وحكوميّة لإعادة افتتاح "المنطقة الخضراء"

أكثر من ٥ سنوات فى المدى

 بغداد/ وائل نعمة
لأول مرة يبدأ رئيس حكومة عراقي أعماله من خارج المنطقة الخضراء المحصنة منذ الاجتياح الامريكي للبلاد في 2003.وقرر رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي اختيار مبنى المجلس الوطني السابق في علاوي الحلة وسط بغداد، ليكون مكتبه الجديد الذي من المفترض أن يبقى فيه طوال السنوات الأربع المقبلة.ونشر مكتب عبد المهدي مساء السبت، صورة له وقال في بيان:"باشر رئيس مجلس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي أعماله، في مكتبه الجديد ببغداد في المنطقة الواقعة مقابل محطة القطارات العالمية المركزية – الكرخ".وأضاف:"فور مباشرته عقد عادل عبد المهدي عدة لقاءات داخل المبنى تتعلق بتشكيل الحكومة والبرنامج الحكومي".ويقترب إجراء عبد المهدي من خطوات سابقة كان قد اتخذها سلفه حيدر العبادي ضمن جملة قرارات لتهدئة الشارع في 2015 لكنها لم تنجح في النهاية.
اختيار الخضراءوبحسب رواية العراقية تمارا الداغستاني لم تكن لدى القوات الأمريكية أي خطة لمكان التمركز في العاصمة قبل يومين من سقوط تمثال صدام حسين الشهير في ساحة الفردوس وسط بغداد.وأضافت في تصريحات متلفزة بعد عام من خروج القوات الامريكية من العراق:"وضعوا خريطة بغداد على الطاولة، وسألوني أين سيبيت كل هؤلاء الآلاف من الأمريكيين؟"، فأجبتهم بأن المكان الوحيد الذي يمكنهم اللجوء إليه هو منطقة وسط بغداد حددتها لهم على الخريطة وأطلق عليها"المنطقة الخضراء". والمصطلح ابتدعه بعض أفراد الأمن الأمريكيين بعد ذلك، لتصنيفها بمثابة المنطقة الآمنة، فيما وصفت المناطق خارجها بـ"المنطقة الحمراء".وتقع"الخضراء"على الضفة الغربية لنهر دجلة في جانب الكرخ، وتمتد حدودها من حي القادسية وحي الكندي (الحارثية) غرباً، وجسر الجمهورية ومتنزه الزوراء شمالا، ويحتضنها نهر دجلة من الشرق والجنوب، إضافة إلى جزء كبير من متنزه وساحة الاحتفالات الكبرى بما تضم من منشآت.ويدخل ضمن المنطقة الخضراء فندق الرشيد، وتعبر حدودها إلى جانب الرصافة حيث تسيطر على الجزء المحيط بالجسر المعلق في جهة الكرادة الشرقية.وتشغل المنطقة الخضراء عشرة كيلومترات مربعة في قلب بغداد، ويحيطها سور من الإسمنت الصلب بارتفاع 17 قدماً وسماكة قدم واحد، تعلوه الأسلاك الشائكة، يمتد عدة كيلومترات. وللمنطقة أربعة منافذ، تتولى حمايتها قوات خاصة.وتمتد"الخضراء"على مساحة حيي كرادة مريم والقادسية الراقيين، وتضم المئات من الدور السكنية لمواطنين عراقيين، تم شراؤها أو استئجارها من قبل الدولة بأسعار رمزية، ومنحت لمسؤولين حكوميين ونواب في البرلمان.
كسر الحواجزواستمراراً لسياسة إثارة الجدل التي لاحقت عبد المهدي منذ تكليفه بتشكيل الحكومة، أعلن الأربعاء الماضي، نيته فتح المنطقة الخضراء المسوّرة والمغلقة أمام المواطنين بعد تشكيل حكومته.وأضاف عبد المهدي خلال زيارته البرلمان العراقي أنه يطلب مساعدة مجلس النواب في ذلك من أجل"كسر الحاجز بين المسؤول والمواطن".وكانت المنطقة الخضراء مركزاً لسلطة الاحتلال الامريكية التي تولى مهامها الجنرال غارنر في البداية لوقت قصير ثم السفير بول بريمر لمدة سنة واحدة. وتوجد في المنطقة السفارة الأميركية التي تعد أكبر السفارات في العالم. ولا يسمح بدخول المنطقة إلا بهويات تعريفية تُمنح عادة للعاملين داخلها. او المأذون لهم بزيارتها.وحوّل الأميركيون العديد من المقار الحكومية والقصور العائدة لنظام الرئيس السابق صدام حسين ومنازل مسؤولين سابقين في نظامه إلى مقار لقواتهم، ومكاتب لمستشاريهم والوكالات العاملة معهم، ثم أصبحت في ما بعد مقار حكومية مهمة، إضافة إلى منازل مسؤولين وسياسيين بارزين. وفي المنطقة الخضراء اتخذت جميع قرارات السلطة الأميركية، ففي تموز 2003 تشكلت سلطة الائتلاف المؤقتة، و"مجلس الحكم الانتقالي في العراق"، وكذلك الحكومة المؤقتة في العام 2004 التي ترأسها زعيم الائتلاف الوطني إياد علاوي، وما بعدها من حكومات.ويقول رامي السكيني، وهو نائب عن تحالف سائرون الذي يدعمه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لـ(المدى) أمس تعليقا على قرار عبد المهدي بفتح المنطقة الخضراء:"حتى الآن الأمر في إطار الكلام، ولا نعرف مدى جدية رئيس الوزراء المكلف في مثل هكذا قرار"، على الرغم من انه يعتبر أن تلك الخطوة صحيحة وتمسح الصورة السيئة عن تلك المنطقة.ويرفض الصدر منذ سنوات دخول"المنطقة الخضراء"بسبب وجود السفارة الامريكية فيها، وقام أتباعه ومئات من الاشخاص الآخرين في عام 2016 باختراق المنطقة مرتين في فترة الاحتجاجات التي شهدتها بغداد في ذلك الوقت.ويرى السكيني أن فتح المنطقة الحصينة في بغداد ستعطي انطباعاً للمواطن بأن أمنه يساوي أمن المسؤول، واضاف:"يمكن أن تأخذ المؤسسات الحكومية او السفارات إجراءات احترازية لتأمينها ولكن بدون وضع طوق كونكريتي عازل".وتضم المنطقة الخضراء عددا من المنشآت المهمة منها القصر الحكومي حيث مقر رئيس مجلس الوزراء ووزارة الدفاع والمفوضية العليا للانتخابات، وقوس النصر الذي يجسد قبضة الرئيس الراحل صدام حسين،ويعد أحد أبرز معالم ساحة الاحتفالات الكبرى، ونصب الجندي المجهول، وقصر السلام والقصر الجمهوري، وقصر المؤتمرات الذي بات بناية لمجلس النواب العراقي.وقدم النائب الصدري قبل أيام طلباً الى رئاسة مجلس النواب، يدعو فيه إلى رفع الحواجز الكونكريتية من امام مبنى البرلمان. وقال:"سأعيد الطلب مرة ثانية مشفوعا بتواقيع النواب وسأضمنه الدعوة لفتح الشوارع أمام المواطنين".امتيازات المسؤولينوفي 2015، كان قد أعلن العبادي فتح المنطقة الخضراء أمام المواطنين. وأوعز حينها إلى الفرقة الخاصة وقيادة عمليات بغداد، بوضع الترتيبات اللازمة لفتح المنطقة، قبل ان يتراجع عن ذلك القرار، لأسباب قيل أن وراءها بعض السياسيين الذين سيخسرون منافعهم والرفاهية داخل المنطقة المحصنة.وفي عام 2016، كشفت (المدى) بعد حصولها على وثائق رسمية تعود الى مدة رئاسة نوري المالكي للحكومة، اظهرت بأن الاخير قرر عام 2009 بيع الشقق السكنية والدور المملوكة للدولة الى عراقيين بالمزاد العلني، باستثناء قصور"صدام"والبنايات التي تستخدم لأغراض رسمية. الوثائق بيّنت حينها أن المالكي وافق على مقترحات لجنة شكلها في مجلس الوزراء لدراسة بيع وإيجار أموال الدولة. وتنص الوثائق على تأجير مجمع حكومي داخل المنطقة الخضراء الى الوزراء ببدل ايجار سنوي يبلغ 2 مليون دينار!. وبحسب الوثيقة فإن معدل الايجار الشهري لا يزيد على 170 ألف دينار شهرياً، وهو أقل بأضعاف من أسعار السوق الحقيقية بحسب مراقبين.ويعتقد حسن السالم وهو نائب عن تحالف الفتح في تصريح لـ(المدى) أمس أن:"هناك سياسيين لايعرفون العيش إلا منعزلين عن بقية الشعب، وهم بالتأكيد سيقفون ضد أي مشروع لفتح المنطقة الخضراء".

شارك الخبر على