العهد الرئاسي الجديد في لبنان ...آمال وتطلعات

ما يقرب من ٩ سنوات فى قنا

بيروت في 16 نوفمبر /قنا/ بعد عامين ونصف من الفراغ الرئاسي في لبنان، أسفرت التسوية بين الأفرقاء عن انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية لتدخل البلاد مرحلة جديدة عنوانها الأمل بمستقبل أفضل بعد تعطيل مؤسساتي وأزمات اقتصادية واجتماعية وهزات أمنية على وقع الحرب المستعرة في بلد الجوار الإقليمي سوريا. 
وقد انتخب مجلس النواب اللبناني العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية نهاية أكتوبر الماضي عقب 45 مرة على التوالي من الفشل في انتخاب رئيس خلفا لميشال سليمان الذي انتهت ولايته في الـ25 من مايو 2014، جراء عدم اكتمال النصاب القانوني لعقد الجلسات التي كانت مقررة. 
آمال وتطلعات يتمناها اللبنانيون من العهد الرئاسي الجديد ومن الحكومة التي من المرجح ولادتها قبل نهاية الشهر الجاري بعد تسمية سعد الحريري في 3 نوفمبر الجاري رئيسا لها عقب مشاورات نيابية ملزمة أجراها الرئيس اللبناني المنتخب والتي أسفرت عن تكليفه بتشكيل حكومة خلفا للحكومة التي رأسها تمام سلام وذلك تطبيقا للدستور كون الحكومة تعتبر مستقيلة  فور انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتتحول إلى حكومة تصريف أعمال. 
وقد التقت مراسلة وكالة الأنباء القطرية "قنا" في بيروت عددا من السياسيين للوقوف على آمالهم  خلال العهد الرئاسي الجديد، حيث أجمعوا على ضرورة إحداث إختراق في جدار الأزمة الاقتصادية، مع دين تجاوز 73 مليار دولار، والقضاء على الفساد وإرساء دولة القانون والمؤسسات وذلك رغم اختلاف توجهاتهم السياسية. 
وفي هذا السياق، قال النائب فادي الأعور عضو تكتل "التغيير والاصلاح" لوكالة الأنباء القطرية "قنا" إن أبرز ما يتطلع إليه اللبنانيون في العهد الرئاسي الجديد هو قيام الدولة على أساس الوحدة الاجتماعية التي تؤمن الحقوق لكل اللبنانيين وتساويهم في الواجبات إلى جانب التأسيس لحقبة جديدة من العمل لإعادة إحياء المؤسسات على أساس الشفافية وهو ما جاء به خطاب القسم للرئيس عون. 
وشدد الأعور على أن عملية إعادة بناء الدولة وتكوين السلطات هي المهمة الأساسية للعهد الرئاسي الجديد من أجل تلبية احتياجات المواطن اللبناني الذي يطمح إلى قيام الدولة الشفافة التي تؤمن له حاجياته الاساسية من ماء وكهرباء وبنى تحتية وضمانات اجتماعية والعمل على استخراج الثروة النفطية بشكل يضمن بقائها في خزينة الدولة لكي تشكل المخزون المالي الكبير لتطوير هذه المؤسسات. 
ولفت عضو تكتل التغيير والإصلاح إلى أنه امام العهد الرئاسي الجديد  تحد كبير يتمحور حول كيفية إرساء قواعد عمل منهجية من اجل تطوير عمل المؤسسات بعيدا عن المحاصصة الطائفية والمذهبية، لافتا إلى أن الممارسات الخاطئة لبعض السياسيين أوصلت لبنان إلى ترد في الوضع الاقتصادي حيث وصل دين الدولة إلى ما يزيد عن70 مليار دولار. 
وأشار إلى المعاناة والمشاكل التي واجهت لبنان على مدى عقود من الزمن جراء  المحاصصة  في كل المجالات، قائلا "نحن اليوم أمام مرحلة جديدة يجب أن تشكل الرد الأساسي على كل ما حصل سابقا"، مشددا على ضرروة إعادة احياء المؤسسات على اساس الشفافية. 
ولفت الأعور  إلى ان التوجهات الاولية التي سيعمل عليها الرئيس عون هي اطلاق ورشة عمل لتأمين الخدمات الأساسية للمواطن إلى جانب ضبط مالية الدولة كمقدمة للعمل في المراحل اللاحقة على بناء الدولة واعتماد مبدأ الشفافية في عمل المؤسسات وتفعيل مبدأ الرقابة على أجهزة الدولة وتحريرها من الفاسدين. 
وحول أولويات الحكومة المرتقب تشكيلها، أكد عضو تكتل التغيير والإصلاح أن واجب هذه الحكومة هو إقرار قانون انتخابي متساو في المعايير لضمان أكبر عملية تمثيل للبنانيين، كما رأى أن الحكومة ملزمة بتأمين حاجيات اللبنانيين والاستقرار الاجتماعي وخدمتهم. 
لكن النائب اللبناني أكد ضرورة عدم المبالغة فيما يمكن أن تقوم به الحكومة كون مدتها ستكون لستة اشهر كحد أقصى جراء استحقاق موعد إجراء الانتخابات النيابية وهو ما يؤدي الى ضرورة تشكيل حكومة جديدة مع حصول انتخابات نيابية تطبيقا للدستور. 
وأكد الأعور على أهمية تفاعل القوى السياسية مع خطاب القسم للرئيس عون لما فيه مصلحة للبنانيين. 
وكان الرئيس اللبناني العماد ميشال عون أكد في خطاب القسم عقب انتخابه رئيسا للجمهورية على ضرورة إرساء الاستقرار السياسي في لبنان من خلال احترام الميثاق والدستور والقوانين، مشددا على أهمية الشراكة الوطنية لاخراج البلاد من الخلل السياسي المتمادي، مشددا على أهمية ارساء الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. 
بدوره، قال النائب علي خريس "عضو كتلة "التنمية والتحرير" في تصريح لـ"قنا" إن المطلوب من العهد الجديد إعطاء الشأنين الاجتماعي والاقتصادي الأولوية الكاملة وخاصة تأمين فرص عمل للشباب من أجل الحد من الهجرة إلى الخارج، إضافة إلى اقرار التشريعات اللازمة للبدء باستخراج النفط والغاز. 
وأكد ضرورة مكافحة الفساد والهدر في المؤسسات والادارات، لافتا إلى أن أنه يقع على عاتق العهد الرئاسي الجديد والحكومة إقرار قانون انتخابي جديد يعتمد على القاعدة النسبية. 
وأوضح خريس أن المقصود بالعهد الرئاسي كل مؤسسات الدولة من رئاسة الجمهورية ومجلسي الوزراء والنواب، موضحا أن الاجواء جيدة في مسار تشكيل الحكومة ومن المرجح تشكيلها في وقت قريب. 
وفي السياق نفسه، قال النائب انطوان زهرا عضو كتلة "القوات اللبنانية" لـ "قنا" إنه يتمنى من العهد الرئاسي الجديد اطلاق بناء الدولة وتعزيز المؤسسات الدستورية وإرساء الشفافية. 
وشدد زهرا على ضرورة إعطاء الشأن الاقتصادي الأولوية، منوها إلى أن معالجة المشاكل الاقتصادية تعالج من خلال تأمين الاستقرار السياسي والأمني. 
أما الشارع اللبناني على اختلاف طوائفه ومن كافة المناطق والتيارات السياسية فقد أعرب عن أمله أن يكون انتخاب عون فاتحة خير للبنانيين وأن ينهي العهد الرئاسي سنوات من الأزمات وأن يكون الشعب اللبناني وقضاياه ضمن أولويات الرئيس خاصة انه وفور دخوله القصر الجمهوري  علق لافتة فوق الواجهة الأساسية للقصر كتب عليها" بيت الشعب". 
وقد انتخب ميشال عون رئيسا للبنان، وهو الرئيس الثالث عشر للبلاد منذ الاستقلال عام 1943، بعد توافق أغلبية الفرقاء وأبرزهم  سعد الحريري رئيس الحكومة المكلف الذي تبنى ترشيح عون بعد عامين ونصف من الفراغ الرئاسي في مايو 2014. 
وانتخب عون رئيسا للبنان بعد تسوية لبنانية - لبنانية، وهي أمر نادر، وفقا لمراقبين سياسيين في بيروت إذ يؤكدون أن بلدهم لم يكن بمعزل عن مساعدة الدول الخارجية لصون أمنه وحل أزماته طيلة العقود الماضية التي تلت الاستقلال في عام 1943 نظرا للتركيبة الطائفية حيث يضم لبنان 17 طائفة ومذهبا كل منها لديه ارتباطاته مع دول خارجية تحكمها روابط التاريخ والمعتقد الديني والتوجه والأحلاف السياسية وخير دليل على ذلك أن الحرب الأهلية اللبنانية التي بدأت عام 1975 لم تتوقف إلا بعد التوصل إلى "اتفاق الطائف"، الذي وقع بمدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية في 30 سبتمبر 1989. 
ومن الشواهد الهامة والتاريخية أيضا "اتفاق الدوحة" الذي توصلت إليه الفصائل اللبنانية في 21 مايو 2008 بالدوحة، وهو الاتفاق الذي مثل نهاية لـ 18 شهرا من الأزمة السياسية في لبنان، والذي أثمر عن انتخاب ميشال سليمان رئيسا للجمهورية لتدخل البلاد بعد انتهاء ولايته شهر مايو من العام 2014 في أزمة شغور رئاسي انتهت الشهر الماضي بعد عامين ونصف. 
هذا ومن المرجح الاعلان عن تشكيل حكومة لبنانية جديدة خلال الشهر الجاري بعد تكليف سعد الحريري بتشكيلها، حيث تحدثت مصادر مطلعة على أجواء الاتصالات بأن تشكيلة الحكومة أصبحت في مراحلها الأخيرة، معربة عن تفاؤلها بتجاوز أي إشكاليات، وإن بدت حذرة من تحديد موعد أو مواعيد لإصدار مراسيم التشكيلة في ظل إصرار بعض الأفرقاء على تسلم ما يسمى حقائب سيادية وخدماتية. 

شارك الخبر على