السُنّة يريدون "استثناءات" في حكومة عبد المهدي والشيعة ينتظرون الاستحقاقات

أكثر من ٥ سنوات فى المدى

الكابينة الوزاريّة ستصل إلى البرلمان قبل نهاية الشهر الحالي
 بغداد / محمد صباح
تبحث القوى السُنّية مع رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة عادل عبد المهدي عن استثناءات لعدد من النواب الحاليين والوزراء السابقين لمنحهم حقائب في الكابينة الوزارية المرتقبة.واشترط عادل عبد المهدي على القوى السياسية التي رشحته لتشكيل الحكومة، استبعاد النواب الحاليين والوزراء السابقين من طاقمه الجديد، كما طالبهم بتقديم مرشحين يتمتعون بالنزاهة والكفاءة.وفي ضوء هذه المعطيات شكلت الكتل السياسية لجاناً تفاوضية أخذت على عاتقها عقد سلسلة من الاجتماعات المكثفة مع عبد المهدي تمهيداً لحسم مرشحيها للحكومة الجديدة، وكذلك الاتفاق على أسماء المرشحين للهيئات المستقلة.
ويقول عضو تيار الحكمة الوطني عبدالله الزيدي لـ(المدى) إن"مَن يشكل الحكومة المقبلة هما تحالفا الإصلاح والبناء وبعض القوى السياسية المختلفة"، مؤكداً أنّ"قضية المعارضة والموالاة مع الحكومة الجديدة لم تتحقق".وانتخب مجلس النواب الثلاثاء الماضي المرشح عن الاتحاد الوطني الكردستاني برهم صالح، رئيساً للجمهورية بحصوله على 219 صوتاً.وبعد ما يقارب ساعة على انتخابه كلف رئيس الجمهورية، المرشح من قبل القوى الشيعية عادل عبد المهدي، بتشكيل الحكومة الجديدة بحضور رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ومدحت المحمود رئيس المحكمة الاتحادية.ويتوقع الزيدي وجود قوى برلمانية تفضل التواجد في خانة المعارضة داخل السلطة التشريعية لمراقبة أداء وعمل الحكومة الجديدة"، مؤكداً أن"شكل الحكومة الجديدة سيختلف هذه المرة عن الحكومات السابقة من خلال منح المكلف حرية اختيار كابينته الوزارية".وكانت (المدى) قد نقلت عن مصادر مطلعة في شهر أيلول الماضي أنّ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اختار عادل عبد المهدي مرشّح تسوية لرئاسة الحكومة المقبلة من بين قائمة مكونة من أربعة أسماء قيل إنها اقتُرحت على الصدر من قبل مرجعية النجف.ويأتي الترشح، بحسب المصادر ذاتها، بعد اتفاق بين الصدر ومحمد رضا نجل المرجع الديني علي السيستاني، وبعدها أجرى عبد المهدي زيارة سرية إلى مدينة النجف وأجرى لقاءين منفصلين، الأول مع السيستاني والثاني مع الصدر.وعقب الاتفاق جرت اتصالات مكثفة بين الصدر ورئيس تحالف البناء هادي العامري انتهت بسحب الأخير ترشحه لرئاسة الحكومة.ووضع الصدر، بحسب المصادر، ثلاثة شروط على تحالف البناء (الذي يترأسه العامري)،الأول إعلان سحب ترشح العامري من رئاسة الحكومة، والثاني تخلي الطرفين عن قضية تشكيل الكتلة الأكبر، والثالث التزام الكتل بتقديم أربعة أو خمسة مرشحين لكل وزارة أو منصب ومنح رئيس الوزراء حرية الاختيار".وانتهت المشاورات التي انطلقت قبل منتصف شهر أيلول الماضي بين تحالفي البناء والإعمار من حسم الكثير من النقاط الخلافية التي عجلت في تسمية المرشح التوافقي لرئاسة الحكومة المقبلة.ومن أهم المناصب التي تبوأها عادل عبد المهدي: وزير المالية في الحكومة العراقية المؤقتة برئاسة إياد علاوي 2004 – 2005، ثم أصبح بعد ذلك نائباً لرئيس الجمهورية للفترة 2006 -2010، ثم وزيراً للنفط في حكومة العبادي التي قدّم استقالته منها بسبب الاحتجاجات التي اجتاحت المحافظات العراقية في العام 2015 التي طالبت بالإصلاح. وهو لم يشترك في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.ويزيد عضو اللجنة التفاوضية لتيار الحكمة الوطني ان"الاتفاق بين القوى السياسية منح المرشح المكلف حرية الاختيار من ترشيحات الكتل التي ستوفر أكثر من مرشحين لكل حقيبة وزارية"، مؤكداً"عدم فرض شخص أو مرشح من قبل حزب أو كتلة سياسية في الكابينة الوزارية الجديدة".وكان عادل عبد المهدي قد وافق على شروط الصدر مقابل تكليفه في تشكيل الحكومة الجديدة ومنها، أولاً: عدم تشكيله أي حزب سياسي أو انتمائه إلى أي جهة حزبية، ثانياً: عدم ترشّحه لولاية ثانية ولا إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة، ثالثاً: يلتزم بتقديم برنامج حكومي ينفذ ضمن توقيتات زمنية.وتناول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) أنباء أفادت بنية المرشح بتغيير مقر الحكومة ونقله خارج المنطقة الخضراء المحصنة أمنياً إلى بناية المجلس الوطني في منطقة العلاوي.وعن هذه المعلومات يعلق عبد الله الزيدي، قائلا إن"مقر الحكومة سيبقى في المنطقة الخضراء من دون تغيير"، لافتاً إلى أن"الحوارات بين عادل عبد المهدي والقوى البرلمانية مستمرة لحسم أسماء الوزراء للحكومة الجديدة".ويرجح الزيدي"تقديم اسم الوزراء الجدُد من قبل المرشح المكلف لرئاسة الحكومة في غضون أقل من ثلاثة أسابيع للتصويت عليها في البرلمان"، مستبعداً"إبعاد كل الوجوه السابقة من الحكومة الجديدة"،لأن هناك"شخصيات نجحت في مهامها".ويؤكد أن"تحالفي الإصلاح والبناء يعملان بالتنسيق مع عادل عبد المهدي على كتابة البرنامج الحكومي الذي سيحدد مشاركة كل الكتل في الحكومة الجديدة من عدمه"، لافتاً إلى أن"المشاركة ستنحصر بموافقة كل كتلة على نقاط البرنامج الحكومي".ويلفت إلى أن"هناك لجاناً مشكّلة بين تحالفي الإصلاح والبناء بالتنسيق مع عادل عبد المهدي تعمل على تسمية المرشحين الجدد للهيئات المستقلة"، موضحاً ان هذه اللجان"ستختار المرشحين على وفق نظام اختيار الوزراء الجدد". وأكد أيضا أن"اللجان المشتركة تعمل بشكل موازٍ لحسم هذين الملفين".وقبل ترشيح عادل عبد المهدي تباينت مواقف تحالفي الإصلاح والبناء بشأن تحديد الكتلة الأكبر عدداً، لكنها اتفقت وقدمت عبد المهدي مرشحاً عن تحالف موسع يضم الإصلاح والبناء.يمنح الدستور في مادته (76) أحقية تشكيل الحكومة للكتلة الأكبر عدداً عبر إلزام رئيس الجمهورية تكليف مرشحها، بتشكيل مجلس الوزراء، ويتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف، تسمية أعضاء وزارته، خلال مدةٍ أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ التكليفوخلال اجتماع سرّي جمع قيادات من التحالفين مساء الإثنين الماضي في الهيئة السياسية التابعة للتيار الصدري حسم الجدل القائم على مرشح رئاسة مجلس الوزراء، واتفق الطرفان على طرح اسم عادل عبد المهدي مرشح تسوية للحكومة المقبلة. وضمن الاتفاق سوف يمنح منصب نائب رئيس الجمهورية إلى حيدر العبادي.وكانت (المدى) قد كشفت في الأسبوع الماضي أن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية شهدت قبل انعقادها بساعات معدودة انتهاء قيادات من الفتح والتيار الصدري من اجتماع حضره خبراء قانونيون تدارسوا فيه المخارج القانونية والدستورية لتكليف تحالف سائرون بتقديم مرشحه عادل عبد المهدي إلى رئيس الجمهورية. في المقابل يؤكد تحالف سائرون أن"جميع القوى البرلمانية شكلت لجاناً تفاوضية تأخذ على عاتقها تقديم مرشحيها إلى رئيس مجلس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة"مبيناً ان"المفاوضات مستمرة لوضع المعاير والأسس في اعتماد قضية الترشيح إلى الوزارات".ويقول النائب عن التحالف ماجد الوائلي لـ(المدى) ان"تحالف الإصلاح والإعمار كلف لجنة من هيئته القيادية لطرح المرشحين للكابينة الحكومية"، موضحاً أن"تحالف سائرون يصر على ترشيح وزراء من التكنوقراط المستقل للحكومة".وأفرزت نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في 12 أيار الماضي فوز كتلة سائرون يليها تحالف الفتح ثم ائتلاف النصر، ثم الحزب الديمقراطي الكردستاني، ودولة القانون وائتلاف الوطنية، وتيار الحكمة الوطني.ويلفت الوائلي إلى ان"مهمة اللجان التي شكلتها الكتل البرلمانية المختلفة طرح مرشحيها إلى الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة"، مؤكدا أن"الأمر هذه المرة قد يختلف عن تشكيل الحكومات السابقة التي اعتمدت على المحاصصة".بدوره، يبيّن تحالف البناء أنّ"الاتفاق مع عادل عبد المهدي يلزم منحه الحرية الكاملة في اختيار طاقمه الحكومي مع احترام الاستحقاقات الانتخابية لكل كتلة أو مكون"، مؤكداً"إبعاد كل النواب من الترشح إلى الحكومة الجديدة".ويضيف النائب عن التحالف عامر الفائز لـ(المدى) أن"المباحثات مازالت مستمرة بين القوى البرلمانية وعادل عبد المهدي لتشكيل الحكومة الجديدة".وكان قيادي في التيار الصدري قد كشف لـ(المدى) في وقت سابق أن حصة تحالف سائرون في الحكومة المقبلة ستكون خمس وزارات من أصل 22 وزارة، لافتاً إلى أن"تحديد هذه الوزارات سيكون خلال المفاوضات القادمة بين الكتل المختلفة".وبعد هذا التصريح، رفض زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، منح حقائب وزارية لأعضاء تحالفه. ويوم أمس، قال في تغريدة نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي: تعليقاً على تغريدتنا الاخيرة أقول:أولاً: على رئيس الوزراء أن يبقي وزارتي الدفاع والداخلية في كل المناصب الامنية الحساسة بيده حصراً ولا يحق لأي حزب أو كتلة ترشيح أحد لهما، فجيش العراق وشرطته وقواته الامنية يجب أن يكون ولاؤها للوطن حصراً.ثانياً: إننا إذا منعنا الترشيح للوزارات إنما لأجل أن تكون بيد رئيس الوزراء وليس هبة للكتل والاحزاب او أن تكون عرضة للمحاصصة بل لا بد ان تكون بيد التكنوقراط المستقل وإلا كان لنا موقف آخر.ثالثاً: باقي المناصب والهيئات والدرجات الوظيفية مما لا يقل أهمية عن الوزارات... التي استولت عليها (الدولة العميقة) في ما مضى، يجب ان تكون على وفق ضوابط وأسس قانونية ومنطقية صحيحة ويراعى فيها العدل والإنصاف والخبرة والابتعاد عن التحزب والفئوية.رابعاً: فتح باب الترشيح العام لذوي الاختصاص والكفاءات على وفق شروط صارمة تحفظ للدولة هيبتها وللعمل نجاحه.خامساً: هناك مناصب مهمة حساسة قد تكون من أهم مقومات الإصلاح ودفع الفساد... فعلى رئيس الوزراء العمل على جعل ذلك بيده حصراً مع الاستشارة فقط لا غير.سادساً: اللجان البرلمانية حق مكفول للجميع إلّا أنني أنصح أن يكون توزيعها مراعياً لمصالح الشعب لا الحزب والطائفة أو العرق.ويؤكد الفائز أن"تحالف سائرون هو الكتلة الوحيدة لغاية الآن التي ستكون في خانة المعارضة البرلمانية"، لافتاً إلى أن"ترشيحات الوزراء مازالت تصل إلى مكتب عادل عبد المهدي من قبل القوى البرلمانية المختلفة".وكشف مسؤولون في تقرير سابق نشرته (المدى) أن"الصدر أبلغ عادل عبد المهدي في اجتماع جمعهما في النجف بعد الاتفاق على ترشيحه لرئاسة الحكومة عدم رغبة ائتلاف سائرون في أي منصب أو وزارة في حكومته الجديدة". وأضافوا أن"التوجه العام للصدر في المرحلة المقبلة هو العمل على تأسيس معارضة برلمانية بنّاءة في العراق".ويقول النائب عن محافظة البصرة أنه"بعد قبول القوى السياسية ترشيح عادل عبد المهدي يجب أن تمنحه حرية الاختيار لكابينته الوزارية، وبعدها محاسبة المقصرين منهم وإقالتهم"، مؤكداً أن"عبد المهدي تعهد باختيار طاقمه الحكومي على وفق الاستحقاقات الانتخابية لكل كتلة أو مكون".ويضيف ان"من ضمن شروط عادل عبد المهدي على الكتل البرلمانية عدم طرح اي برلماني كرشح لشغل إحدى الوزارات في حكومته الجديدة"، مؤكدا أن"إعلان الوزارة الجديدة لا يتعدى نهاية الشهر الجاري".وصوّت مجلس النواب بآلية الاقتراع السرّي في 14 أيلول الجاري على اختيار محمد الحلبوسي رئيساً له وهو المرشح المدعوم من تحالف البناء الذي يقوده هادي العامري، وعلي حسن الكعبي (مرشح سائرون) نائباً أول قبل أن يسمي بشير حداد (نائب كردي) نائباً ثانياً.بدورها، تحاول القوى السنية"الحصول على استثناءات من عبد المهدي لمرشحيها نواب ووزراء سابقين طرحهم كمرشحين في الكابينة الوزارية الجديدة"، مؤكدة أن"مفاوضاتها على تحديد وزاراتها لم تحسم بعد".ويبين النائب عن كتلة الجماهير حسن الجبوري لـ(المدى) أن"المفاوضات جارية داخل القوى السنية وخارجها لحسم أسماء المرشحين للحكومة الجديدة قبل تقديمهم إلى رئيس الوزراء المكلف"، مؤكداً أن"ما نريده الحصول على استثناء بعض الشخصيات التي كانت تشغل حقائب وزارية سابقة ومن النواب الحاليين".ويشير إلى أن"القوى السنية المنضوية في تحالف البناء مستعدة لتغيير مرشحيها بآخرين في حال طلب عادل عبد المهدي استبدالهم".وانضمت قوى المحور الوطني المكونة من كتلة الجماهير التي يقودها أحمد عبد الله الجبوري وكتلة الحل التي يرأسها جمال الكربولي وتحالف القرار الذي يتزعمه خميس الخنجر إلى تحالف البناء. ويؤكد الجبوري أن"القوى السنية المنضوية في تحالف البناء تنتظر حسم مفاوضاتها مع عبد المهدي من أجل تقديم مرشحيها للحكومة الجديدة"، متوقعاً"حسم كل هذه المتعلقات خلال الأسبوع المقبل عبر المفاوضات الجارية بين القوى المختلفة".

شارك الخبر على