معصوم قبل مغادرته قصر السلام التمسّك بالدستور والعمل على تطويره

أكثر من ٥ سنوات فى المدى

 بغداد/ المدى
قال رئيس الجمهورية المنتهية ولايته فؤاد معصوم، أمس، قبل مغادرته القصر الرئاسي ببغداد، إنه يجب التمسك بالدستور والعمل باستمرار على تطويره. وأضاف إن حداثة تجربتنا الديمقراطية وهشاشة بعض أسسها تسبب في تجذر نظام المحاصصة واستفحال وباء الفساد في البلد، جاء ذلك خلال مراسيم تسليم مهام رئاسة الجمهورية الى خلفه برهم صالح.، وفي ما يأتي نص كلمته: 
بمناسبة انتهاء مهامنا الرسمية رئيساً للجمهورية، أعرب عن أصدق مشاعر الشكر والتقدير لجميع أبناء شعبنا العزيز على كل ما منحوني إياه من ثقة ودعم كانا سنداً لي في النهوض بمسؤولياتي الدستورية خلال السنوات الأربع المنصرمة كرئيس للدولة ورمز لوحدة الوطن وممثل لسيادة البلاد، ومكلف بالسهر على ضمان الالتزام الكامل بالدستور، والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة أراضيه، وفقاً لأحكام الدستور.وإذ يحل موعد اختتام الأمد الدستوري الكامل لمسؤوليتي هذه التي كانَ لي شَرَفُ تسلِّم مَقاليدِها وتحمل أعباء أمانتها بعد أن أوكلت لي طوال ما ينيف على سَنَوات أربع مضت، أشعر بارتياحٍ وفخر وضمير مطمئن، لما حققته من نجاح في قيادة بلدي الى بر الأمان بعد تمكينه من اجتياز كل تلك الأخطار التي كانت محدقة به، وأيما إحداق، عند تسلّمنا المسؤولية في مرحلة هي بلا ريب أصعب وربما أخطر فترة في تاريخ بلادنا المعاصر حيث كان قد سبقها تمكن تنظيم داعش الإرهابي من احتلال عدة محافظات عراقية وخاصة ثاني أكبر محافظات البلاد نينوى وعاصمتها الموصل واقتراب مجرميه من العاصمة بغداد في ظُروف دَقيقَةً وَصَعْبَةْ، وفي ظِلِّ انهيار خطير في أسعار النفط عالميا أدى إلى خفض عائداتنا منه إلى الربع تقريبا، وبالتزامن مع انْقِسامات عَميقة وإخفاقات مؤسفة نتيجة حداثة تجربتنا الديمقراطية وحتى هشاشة بعض أسسها بسبب تجذر نظام المحاصصة واستفحال وباء الفساد واستمرار مساوئ التركة الثقيلة الموروثة عن الأنظمة الدكتاتورية البائدالمبادة على الصعد كافة.ومُنذُ 24 تموز 2014 ولِغايَةِ اليَومْ، عَمِلتُ من موقعِ مسؤولياتنا الدستورية بفعالية وقوة، لكن بتجرد ودأب صامت، على مُواجَهَةِ وتذليل كل الصِعابَ بِوَعْيٍ وصَبرٍ وإِرادَة ثابتة، وَلَمْ أتردد قيد أنملة في الوفاء بواجباتي في حماية الدستور ورعاية مصالح العراقيين كافة من كل المكونات دون تمييز كما في تعزيز المواجهة الوطنية للأَزْماتِ والأخطارالتي عَصَفَتْ ببلدنا ومنطقتنا.فطوال أربع سنوات من رئاستنا للجمهورية، على كل مستوياتها ومجالاتها، لم يخطر على بالنا أبدا أن نكون ممثلا لمكون أو طائفة أو حزب، بل رئيس لكل العراق، ومدافع صادق وأمين عن تطلعات شعبنا العادلة بالحرية والحياة الكريمة، وعن تنوع بلادنا الفكري والثقافي والحضاري، وعن عودتها إلى مكانها اللائق بين الأمم.ولا يسعني وأنا أغادر مسؤولياتي الرئاسية، إلا أن أؤكد من جديد دَعْوَتي التي لم أكلّ منها يوماً، الى لزوم التمسك بالدستور، وإعلاء مبادئ وحقوق المواطنة، وإنجاز المصالحة المجتمعية عبر إرساء حِوارٍ جاد ومُسْتَدَام وتسامحي في الجوهر بين كل أبناء الشعب وليس بين القادة السياسيين وحسب، يَكونُ وَحدَهُ إلى جانب قوة الإرادة والوطنية والتمسك بالقيم الإنسانية، صمام الأمان الضامن لحَلِّ أصعب المشاكل وتذليل العقبات، وللسير قدماً بالاتكال على الله، والثقة بالشعب نحو حماية العراق المستقل الموحد، وضمان فعلي لحقوق كل العراقيين فيه من دون تمييز وفي مقدمتها حقوق المرأة التي نص عليها الدستور.وكما أَن وَحدَتَنا الوطنِيَةْ، تَحتَلُ الأَولَوِيَة، فإننا بذلنا كل جهد من أجل تقريب وجهات النظر والوساطة لحل أي مشكلات أو خلافات بين الدول الشقيقة وغيرها، مدفوعين بعامل الصداقة والعلاقات التاريخية والمصالح المشتركة والفهم الستراتيجي الواثق.ونحن نفخر أيضا بتأسيسنا وتكريسنا لسياسة كسب الأصدقاء، منطلقين من الحرص على أن تكون علاقاتنا مع الجميع جيدة وأن لا ننظر إلى هذه الدولة أو تلك بعيون دولة أخرى، لا سيما ونحن غير مُنعزلين عَن مُحيطِنا الإقليمي والدولي وتعقيداته الجُغرافية والسِياسية والدِينية ومدركين بأن جميع المشكلات والنزاعات يمكن حلها سلمياً وبالحوار المتبادل.لقد اعتبرنا على الدوام ان أي خرق أو تجاوز على الدستور هو اعتداء على أسس إرادتنا المشتركة، كما سعينا بأناة وصبر وإصرار إلى جمع كل الطاقات الوطنية والدولية الصديقة لتلبية متطلبات السنوات الأربع الماضية وتركزت على دحر الإرهاب وعودة النازحين وإعادة الإعمار وتعزيز الوحدة الوطنية وإعلاء مكانة العراق الدولية ونشر الاستقرار الإقليمي وتطوير النظام الديمقراطي الاتحادي الدستوري الذي يتطلع له كل المواطنين.ولقد عملنا بعزم وإصرار على منح أولوية قصوى لإنجاز المسؤوليات التي نصت عليها المادة 73 من الدستور الخاصة بصلاحيات رئيس الجمهورية وتجسدت انعكاساتها في عدد من المكاسب الكبرى لعل أبرزها:- سعينا الى حل أي مشاكل بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان وتقريب وجهات النظر بينهما وكذلك بين أطراف العملية السياسية وممثلي المكونات العراقية، وإشراكها في مزيد من الحوار الوطني لحل أي خلافات أو مشاكل عالقة او طارئة.- بذلنا جهودا متواصلة من أجل تعزيز الممارسات الديمقراطية في حياتنا السياسية كان من أبرز نتائجها تعجيل المصادقة على قانون الاحزاب السياسية من جهة وتقديم قانون جديد للانتخابات كان كفيلا بضمان عدالة الانتخابات وحريتها ونزاهتها لولا ان مجلس النواب أغفل بشكل لا دستوري مناقشته للتصويت عليه، كما أغفل تشريع قانون رئاسة الجمهورية الذي بغيابه تظل الرئاسة تعاني مشاكل كثيرة في ممارسة عملها الدستوري.ويسعدني أن أغتنم هذه الفرصة للتأكيد مجدداً، أن صيغة دستورنا العراقي الذي كتب في وقت عصيب تميز بالتقدم والمتانة بشكل عام. بيد أن كل البلدان الديمقراطية حتى الاكثر تقدما احتاجت الى سنوات طويلة حتى تصل الى دساتير ضامنة للديمقراطية الحقيقية، ومن هنا ضرورة التطوير المتواصل بل الدائم لدستورنا أيضا، ولا نتردد في القول هنا إن كل أزماتنا السياسية الحالية هي أساسا ذات جذر دستوري او قانوني، فاقمها غياب لجنة التعديلات الدستورية عن الوجود دون ان تنجز مهامها، ووجود تفسيرات متباينة حول هذه المادة الدستورية أو تلك ما سمح بالتدخل في إساءة توظيفها أحيانا.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على