ائتلافا الإصلاح والبناء يتلقّيان رسائل اطمئنان من المرجعيّة بشأن مرشّح رئاسة الوزراء

أكثر من ٥ سنوات فى المدى

 بغداد/محمد صباح
تلقى كل من ائتلافي سائرون والفتح قبل عشرة أيام إشارات وُصفت بالإيجابية نقلها أشخاص مقربون من المرجعية الدينية في النجف تبدي فيها الرضا وعدم الممانعة حيال ترشيح عادل عبد المهدي لرئاسة الحكومة الجديدة.ويُجري تحالفا الإصلاح والبناء مفاوضات مستمرة ومركزة للتوصل إلى حل لمشكلة أخرى تتمثل في إنهاء حالة الخلافات الحاصلة بينهما بشأن تسجيل الكتلة البرلمانية الأكبر عدداً التي يلزم الدستور تحديدها من أجل تكليف مرشحها لرئيس الحكومة.وتدرس القوى الشيعية سيناريوهات عدة للخروج من أزمتها الراهنة قبل عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقرر إجراؤها يوم غد الإثنين، منها اللجوء إلى المفاوضات لحل الخلافات أو الذهاب إلى المحكمة الاتحادية للبت بالكتلة البرلمانية الأكبر.ويكشف رئيس تجمع العدالة والوحدة المنضوي في تحالف البناء عامر الفايز لـ(المدى) عن "تلقي تحالفي الفتح وسائرون أشارات إيجابية من قبل المرجعية الدينية بشأن المرشح لرئاسة الحكومة"، مبيناً أن "هذه الإشارات نقلت عن الأشخاص المقريبن والمخولين بالتحدث باسم المرجعية".وكانت (المدى) قد كشفت الخميس الماضي عن اتفاق بين تحالفي الفتح وسائرون لحسمَ الجدل القائم على مرشح رئاسة مجلس الوزراء وطرح اسم عادل عبد المهدي كمرشح تسوية للحكومة المقبلة بعد موافقته على 4 شروط ،هي: عدم تشكيله أي حزب سياسي أو انتمائه إلى أي جهة حزبية، ثانياً: عدم ترشّحه لولاية ثانية ولا إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة، ثالثا: يلتزم بتقديم برنامج حكومي ينفذ ضمن توقيتات زمنية، رابعاً: يختار كابينته الوزارية من ترشيحات الكتل التي ستحدد لكل موقع خمسة مرشحين مستقلين.ويوضح الفايز أن "تحالفي سائرون والفتح واثقان من عدم وجود اعتراضات من قبل المرجعية الدينية في النجف على المرشح عادل عبد المهدي".ويضيف أن "المرشح الجديد لرئاسة الحكومة (عبد المهدي) تنطبق عليه شروط المرجعية التي حددتها في وقت سابق ومنها الشجاعة والجرأة والاستقلالية والنزاهة"، مؤكدا ان "الوسطاء نقلوا ما تم الاتفاق عليه بين تحالفي الفتح وسائرون إلى المقريبن من قبل المرجعية الدينية في النجف".وكان ممثل المرجعية العليا في كربلاء عبد المهدي الكربلائي قد دعا خلال خطبة الجمعة قبل عدة أسابيع إلى تطبيق ضوابط صارمة لاختيار الكابينة الوزارية الجديدة والمناصب الحكومية والهيئات المستقلة، مطالباً بتوافر الكفاءة والنزاهة والشجاعة والحزم والالتزام في المرشح لرئاسة الحكومة.ويذكّر الفايز أن "هذا الحراك الذي جرى بين الفتح وسائرون وتكلل بموافقة المرجعية الدينية على المرشح الجديد لرئاسة الحكومة حصل قبل أكثر من عشرة أيام".وكانت (المدى) قد كشفت في عددها (4275) الصادر في الثامن عشر من شهر أيلول الجاري عن أنّ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اختار عبد المهدي مرشّح تسوية لرئاسة الحكومة المقبلة من بين قائمة مكونة من أربعة أسماء قيل إنها اقتُرحت على الصدر، حيث تم طرح اسم عبد المهدي بعد اتفاق بين الصدر ومحمد رضا نجل المرجع الديني علي السيستاني، وبعد ذلك وصل عبد المهدي إلى مدينة النجف وأجرى لقاءين منفصلين؛ الأول مع السيستاني، والثاني مع الصدر، لكن بعد ذلك تضاءلت حظوظه، قبل ان ترتفع مجدداً.وجرى العرف السياسي طيلة السنوات الماضية على أن يحظى أي مرشح لرئاسة الحكومة بموافقة الولايات المتحدة الأمريكية وإيران وبعض الأطراف الإقليمية والدولية.ويقول الفائز إن "إيران والولايات المتحدة الأمريكية لم تتدخلا بشأن ترشيح عادل عبد المهدي بعد طرحه من قبل تحالف سائرون"، مشيراً إلى أن "عبد المهدي شخصية مستقلة ولديه علاقات جيدة مع المحيط العربي والدولي".ويؤكد رئيس تجمع العدالة والوحدة أن "الكتل السنية والكردية أبدت موافقتها على ترشيح عبد المهدي بوصفه مرشح تسوية للحكومة المقبلة"، مشدداً على أن "موضوع رئاسة الحكومة يكاد يكون قد حسم بشكل نهائي، والأمر متوقف على انتخاب رئيس الجمهورية".وحددت هيئة رئاسة مجلس النواب في جلسة الخميس الماضي يوم غد الإثنين موعداً لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية ممن استوفت فيهم الشروط القانونية والدستورية .وينظم الدستور في مادته (70) آلية انتخاب رئيس الجمهورية من خلال أولاً:- ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيساً للجمهورية، بأغلبية ثلثي عدد أعضائه، ثانياً:- إذا لم يحصل أيٌ من المرشحين على الأغلبية المطلوبة، يتم التنافس بين المرشحين الحاصلين على أعلى الأصوات، ويعلن رئيساً من يحصل على أكثرية الأصوات في الاقتراع الثاني.وتواجه الكتل الشيعية مشكلة أخرى تتمثل في حسم تحديد الكتلة البرلمانية الأكبر قبل بدء جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي لم تتم تسميتها حتى اللحظة بسبب الخلاف الدائر بين تحالفي سائرون والفتح على أحقية كل منهما .وكانت المحكمة الاتحادية قد أصدرت في 2010 قراراً لفض الخلاف بشأن تعريف الكتلة الأكبر التي يحق لها تشكيل الحكومة وذكرت في حينها أنها الكتلة التي تشكل داخل البرلمان وليس بالضرورة الفائزة في الانتخابات.ويبين الفايز أن "المشكلة التي ينبغي تجاوزها هي قضية الكتلة البرلمانية الأكبر عدداً ليتسنى لرئيس الجمهورية تسمية مرشحها لرئاسة الحكومة"، متوقعاً انه "في حال عدم توصل الأطراف على تحديد الكتلة الأكبر سيلجأون إلى المحكمة الاتحادية".ويمنح الدستور الحالي الكتلة الأكبر داخل البرلمان أحقية تشكيل الحكومة المقبلة للبلاد، ويلزم في مادته الـ (76) رئيس الجمهورية بتكليف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية كما يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف، تسمية أعضاء وزارته، خلال مدةٍ أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ التكليف.ويكشف النائب عن محافظة البصرة أن "هناك اتفاقاً سياسياً على ضرورة حسم المحكمة الاتحادية لموضوع الكتل الأكبر عدداً في غضون يوم واحد"، مؤكداً أن "موضوع (الكتلة الأكبر) ما زال قيد التداول بين سائرون والفتح".وكانت هناك محاولات بين سائرون والفتح على دمج التحالفين في كتلة واحدة إلا أن التقاطعات بين دولة القانون من جهة وسائرون وائتلاف النصر من جهة أخرى حالت دون توحيد التحالفين وإعلان الكتلة البرلمانية الأكبر عددا.في غضون ذلك يؤكد ائتلاف النصر "وجوب الالتزام بالنصوص الدستورية القاضية بتحديد الكتلة الأكبر قبل شروع رئيس الجمهورية بتكليف مرشحها لتشكيل الحكومة".ويحذر الائتلاف في بيان اطلعت عليه (المدى) قائلا إن "تكليف أي مرشح دون حسم الكتلة الأكبر يعدّ مخالفة دستورية صريحة، وما يتأسس عليها لا يمتلك الشرعية الدستورية والقانونية ولا يمكن قبوله أو بناء الحكومة القادمة على أساسه".وتابع إن "الالتزام بالدستور يجب أن يكون فوق الاعتبارات والمصالح أياً كانت لضمان شرعية بناء الدولة وسلطاتها ومهامها ولضمان سلامة السياقات الدستورية والديمقراطية في البلاد".في هذه الأثناء يؤكد مصدر مقرب من ائتلاف النصر لـ(المدى) أن "عملية حسم رئاسة الحكومة خضعت إلى توجيهات داخلية وخارجية"، لافتاً إلى أن "كل الوعود التي قطعتها بعض الكتل السياسية في ما بينها تبخرت وانتهت".ويبين المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن هويته أن "كل الاتفاقات السابقة من برامج وأسس بين القوى السياسية المختلفة انهارت خلال مفاوضات اللحظات الأخيرة"، لافتاً إلى أن "الظروف أبرزت معطيات أخرى في العمل".ويؤكد المصدر أن "ترشيح عادل عبد المهدي كان بتوجيهات من قبل المرجعية الدينية وبتدخلات من قبل أطراف أمريكية وإيرانية"، مؤكداً أن "ائتلاف النصر مازال متمسكاً بترشيح حيدر العبادي إلى رئاسة الحكومة المقبلة رغم هذه التطورات".ويكثف تحالف الإصلاح والإعمار من اجتماعاته الأسبوعية قبل انعقاد جلسة التصويت لانتخاب رئيس الجمهورية من أجل تسريع حسم تشكيل الحكومة الجديدة.ويؤكد عضو تيار الحكمة عبد الله الزيدي في تصريح لـ(المدى) أن "هذه الاجتماعات تأتي من أجل مأسسة تحالف الإصلاح والإعمار لتجاوز الكلاسيكية السياسية"، مضيفا ان "اللقاءات تبحث قضية توحيد البرامج السياسية لكل الكتل".ويتابع إن "الاجتماعات مستمرة بين الإصلاح والبناء لخلق أجواء إيجابية تساعد في تقديم مرشح توافقي من قبل الفريقين"، مستبعدا "إمكانية دمج تحالفي الإصلاح والبناء بكتلة برلمانية واحدة في الوقت الرهن".

شارك الخبر على