سمير خفاجي وعادل إمام.. قصة نجاح عمرها ٥٠ عاما وانقطعت لهذا السبب

أكثر من ٥ سنوات فى التحرير

يعد سمير خفاجي واحدًا من المنتجين المغامرين، كونه لم يلجأ يومًا إلى الخيار السهل، ولم يقدم أعمالًا مسرحية لنجوم لهم شعبية وجماهيرية، بل كان يغامر بالمواهب الشابة التي لا يعرفها الجمهور، فقط لأنه آمن بهم، ونجح بالفعل فى إنتاج الكثير من الأعمال المسرحية التي حفرت فى ذاكرة المشاهدين، من بينها «هالو شلبي»، «مدرسة المشاغبين» و«العيال كبرت»، فهو مؤسس فرقة «الفنانون المتحدون» التي أخرجت جيلا من النجوم على رأسهم عادل إمام، أحمد زكي، سعيد صالح ويونس شلبي.

بدأ نشاط فرقة «الفنانون المتحدون» عام 1966، وكان نجومها فى ذلك الوقت، الفنان فؤاد المهندس والفنانة شويكار (قد يهمك.. فؤاد وشويكار.. قصة حب ولدت على المسرح وقتلتها الغيرة)، وكانت تقدم الفرقة عملين مسرحيين، هما: «انا فين وانتي فين» و«حالة حب» وشارك فيهما عادل إمام، بأدوار صغيرة جدًا، وتنبأ الراحل سمير خفاجي بمستقبل «الزعيم» حيث قال فى حوار سابق له: «عند مشاهدتي لاستقبال الجمهور لعادل في مسرحية (أنا وهو وهي) عرفت أنه سيكون نجماً جماهيرياً، ومنذ ذلك التاريخ لم يعمل خارج فرقتي، كما وجدت التزامه بالمسرح لا حدود له، ويعتبره أهم من بيته ويذهب قبل رفع الستارة بثلاث ساعات، وأحياناً يجلس في المسرح طويلاً بعد انتهاء العرض، بغض النظر عن الموهبة، وهو من القلائل الذين جمعوا بين الموهبة والنجومية، وحافظ على هذا بذكاء شديد».

واستمرت بعدها الفرقة فى تقديم عروضها حتى تركها «المهندس» وبعدها أخذ «خفاجي» يبحث عن فنانين آخرين من أجل استمرارية الفرقة، ووقع اختياره على مجموعة من الشباب من بينهم عادل إمام وأحمد زكي، وفي أحد الحوارات تحدث المؤلف والمنتج سمير خفاجي عن ذلك قائلًا: «قدمت عادل إمام، سعيد صالح، يونس شلبي وأحمد زكي، في أكثر من عمل لم يكن أحد يعرفهم، وكان علي أن أتحمل النتيجة؛ إلى أن يحققوا النجاح وكانت هذه مغامرة ومرحلة خطيرة في مسيرتي كمنتج وقدمت أعمالا مثل: (هاللو شلبي) و(سري جدا) وبالفعل حدثت المفاجأة في (مدرسة المشاغبين) وحققوا نجاحا كبيرا‏، فقد كان على أن أخوض هذه التجربة بعد أن تركني فؤاد المهندس وعبدالمنعم مدبولي لاكتشاف مواهب جديدة تستمر معها فرقة الفنانين المتحدين‏».

تعتبر «مدرسة المشاغبين» هي نقطة فارقة فى مشوار عادل إمام الفني، عرضت لأول مرة فى عام 1973، وهى من تقديم فرقة «الفنانين المتحدين» ومن تأليف على سالم وإخراج جلال الشرقاوي وإنتاج سمير خفاجي، واستمر عرضها لمدة 6 سنوات، وبعد انتهاء هذه التجربة، أراد «الزعيم» الانفصال عن مجموعة «مدرسة المشاغبين» وهم: أحمد زكي، سعيد صالح ويونس شلبي، فلم يشاركهم فى مسرحية «العيال كبرت» التي حققت أيضًا نجاحًا منقطع النظير، وهنا يأتي دور الراحل سمير خفاجي، الذي منح «الزعيم» فرصة ذهبية حينها وهي البطولة المنفردة الأولى له على المسرح من خلال «شاهد ماشفش حاجة» التي استمر عرضها عامين كاملين.

اكتسب الفنان عادل إمام شهرة واسعة فى الوطن العربي، بسبب شخصية (سرحان عبد البصير) الشاب لديه حس مرهف ويعاني من العصبية المفرطة بسبب انعزاله عن المجتمع، «شاهد ماشفش حاجة» مستوحاة من نص مسلسل إذاعي بعنوان «حدوتة الأرنب سفروت»، وعلى الرغم من أن المسرحية لم تكن من تأليف سمير خفاجي، ولكنها تعد أحب الأعمال إلى قلبه، إذ يقول: «أكتر مسرحية باحبها لعادل هي شاهد ماشفش حاجة، رغم إنها مش تأليفي بس كانت من إنتاجي»، ولم تقتصر علاقة «الزعيم» بـ«خفاجي» على المسرح فقط، بل قام بإنتاج أحد أشهر أفلامه هو «عصابة حمادة وتوتو» و«حب فى الزنزانة».

بالعودة إلى المسرح، فلم يعمل الفنان عادل إمام إلا مع المنتج والمؤلف سمير خفاجي، حتى توقف نشاط فرقة «الفنانون المتحدون» فى عام 2014، حيث قدم عقب «شاهد ماشفش حاجة»، مسرحية «الواد سيد الشغال» التي استمرت عروضها لمدة 8 سنوات، وهي من تأليف سمير عبد العظيم وإخراج حسين كمال، والتى تعد من أشهر أعمال «الزعيم» والتى خلدت اسمه فى المسرح، وتأتي بعد ذلك مسرحية «الزعيم» التى استمر عرضها سنوات عديدة، وتم عرضها فى الكثير من الدول العربية.

أما الرحلة الأخيرة التي جمعت الثنائي سمير خفاجي والزعيم عادل إمام على خشبة المسرح فهي «بودي جارد» التي أنتجت عام 1999، وألفها «خفاجي» واستمر عرضها 11 عاما، حتى تم إيقاف عرضها عام 2010 بسبب الظروف الاقتصادية وركود المسرح، وفى 2014 أعلن سمير خفاجي توقف فرقته «الفنانون المتحدون» وبرر ذلك بسبب حالته الصحية وأنه لم يعد يتحمل متابعة نشاط الفرقة، قائلًا فى تصريحات صحفية حينها: «‏حالتي الصحية لم تعد تسمح لي بمتابعة الفرقة‏ وعادل إمام مشغول حاليا بتصوير فيلم (ألزهايمر) وبالتالي لا بد أن أعتمد على نفسي في إدارة الفرقة‏، ‏ومع استمرار عرض (بودي جارد) ما يقرب من ‏11‏ عاما، فالفرقة بحاجة الآن لرواية جديدة في حين أنني مريض منذ عامين بسبب الجلطة التي أصبت بها، لذا كان لا بد من التوقف مؤقتا إلى أن تسمح حالتي بكتابة نص جديد وإنتاجه‏».

على الرغم من تلك الصداقة الطويلة والتي تتجاوز 50 عامًا، فإن علاقتهما شهدت توترا فى الفترة الأخيرة، وهو ما أكده الراحل سمير خفاجي فى لقاء تليفزيوني له ببرنامج «آخر النهار» عرض عام 2014، قال خلاله: «من يوم ما تعبت وعادل إمام لم يزرني، وكل أعماله المسرحية كانت معايا»، لتسدل الستار على حكايتهما مع رحيل «خفاجي» أمس الجمعة، إلا أنه ما صنعه فى المسرح سيبقى خالدًا فى تاريخ الدراما المصرية.

فى النهاية، لم تخيب نظرة المنتج الراحل سمير خفاجي فى عادل إمام، الذي تنبأ بجماهيريته ونجاحه قبل 55 عامًا، بعد أن رأى استقبال الجمهور له فى مسرحية «أنا وهو وهي»، لتتحقق ويصبح «الزعيم».

شارك الخبر على