جميل راتب والعالمية.. هرب من دراسة القانون وشارك في ٧ أفلام فرنسية

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

سافر باريس من أجل الدراسة، لكن هاجس التمثيل طارده هناك، فترك القانون وسار وراء شغفه، إلا أن الحكومة منعت عنه أموال المنحة، ورفض أهله أن يساعدوه فى الوصول إلى هدفه، فأخذت تلك الظروف الفنان الراحل جميل راتب إلى أن يكتشف عالم آخر بعيدا عن الطبقة الأرستقراطية التى كان يسكنها، واعتمد على نفسه في توفير مصاريف معيشته، فعمل كومبارس، ومترجما فى بعض الأحيان، و"جرسون" فى قهوة، وأيضا "شيال" فى سوق الخضار، كل تلك المصاعب قبل بها ليلتمس الطريق إلى الشهرة ويضع اسمه بين نجوم العالم.

رحلته مع المسرح العالمى

كان يريد جميل راتب أن يقتحم الفن الفرنسى، فكان «المسرح» هو ملاذه ليصنع نجوميته، فاشترك فى فرق مسرحية متواضعة، ليتمكن من تحسين أدائه، ويعرف طريقه، وبالفعل وجد ضالته وأصبح ممثلا مسرحيا يقوم بأدوار رئيسية فى أعمال عالمية.

وتحدث "راتب" عن الأعمال المسرحية التى شارك بها خلال استضافته فى برنامج «صاحبة السعادة» مع الفنانة إسعاد يونس، الذى أذيع منذ ثلاث سنوات، وقال إنه شارك فى مسرحيات عالمية فى باريس، منها 5 أعمال لـ«شيكسبير»، وعدد من الأعمال الأخرى لكبار الكتاب الفرنسيين منهم: جان راسين، بيير كورنى، وموليير، كما أنه كان عضوا فى فرقة «كوميدى فرانسيس» الشهيرة، وشارك معهم فى عدد من الأدوار الصغيرة، وكان من أكبر الأحداث فى حياته حسبما قال، حينما رأى اسمه على أفيش إحدى المسرحيات فى فرنسا لأول مرة.

فى بداية الخمسينيات، أراد مدير عام الأوبرا المصرية سليمان بك نجيب، أن يستفاد من شهرته وطلب من «راتب» أن يحضر الفرق المسرحية من فرنسا وإيطاليا وبريطانيا لتقديم عروض فى مصر، وتمنى لو يأتى ضمن المجموعة القادمة.

أفلام أمريكية

عام 1956 شارك جميل راتب فى بطولة الفيلم الأمريكى Trapeze الذى شاركه فى بطولته برت لانكستر وتونى كرتیس وجینا لولوبریجیدا، وأخرجه كارول ريد، وكان انطلاقته الأولى فى السينما العالمية، وتدور أحداث العمل حول أحد لاعبى الأكروبات البارعين، الذى يقوم ببعض الحركات الخطيرة، ويلتحق الشاب الأمريكى الموهوب تونى بالعمل فى السيرك، ويتمنى أن يتعلم فن الأكروبات من مايك فى الوقت ذاته، وتسعى لولو الإيطالية الجميلة الأقل موهبة لتعلم فن الأكروبات أيضا، فيجد مايك نفسه ممزقًا بين الاثنين.

وبعدها دخل تجربة جديدة مع العالمى عمر الشريف حينما أتيحت له فرصة المشاركة فى فيلم Lawrence of Arabia، الذى يعتبره أبرز الأعمال فى مسيرته بالخارج، والسبب فى فتح  باب له فى السينما الفرنسية، رغم مهاجمة الجمهور فى العالم العربى للعمل بسبب قصته التى تدور حول، حياة الضابط البريطانى توماس إدوارد لورانس والذى كان ضمن القوات الإنجليزية فى القاهرة خلال الحرب العالمية الأولى، ويتم إرساله إلى الصحراء الغربية لمساعدة الأمير فيصل فى ثورته ضد السلطان العثمانى. حيث نظم لورانس حرب عصابات سببت إزعاجا شديدا للإمبراطورية العثمانية.

عن هذا الفيلم قال الفنان جميل راتب فى حوار سابق له: «فيلم (لورانس العرب) من أهم أدوارى، وفى البداية رشُحت لدور عمر الشريف، ثم تم اختيارى فى دور آخر، ومشاركتى فى هذا العمل كانت فرصة كبيرة لى بأن يكون اسمى موجودا فى أسرة الفيلم، وهذا فتح لى أبوابا كبيرة فى السينما وقتها، وكان الفنان العالمى الراحل (أنتونى كوين) من أقرب أصدقائى على مستوى الممثلين العالميين».

 

مساعد مخرج عالمى

بعد انتهاء فيلم Lawrence of Arabia، مر "راتب" بحالة سيئة فى فرنسا، ولم يكن مرتبطا بأى عمل جديد يشارك فيه، فراسل صديقه أنطونى كوين، ليبحث له عن عمل، فأخبره عن انضمامه لطاقم عمل فيلم «زيارة السيدة العجوز»، ولكن حينما ذهب «راتب» إلى موقع التصوير وجد المفاجأة، حيث أخبره مدير الإنتاج، عن عدم احتياجهم لممثلين، وعرض عليه العمل كمساعد سادس للمخرج، وهو ما وافق عليه، وحكى "راتب" عن تلك التجربة فى برنامج صاحبة السعادة وقال إن صلاحياته كمساعد مخرج كانت ضئيلة، إلا أن «أنتونى» كان يثق به لدرجة كبيرة، إلى حد رحيله عن موقع التصوير واعتماده عليه فى عملية مراقبة المونتاج، وهو ما دفع البقية إلى الحذر منه وعدم الاستهانة به".

وبعد انتهاء الفيلم عرض عليه «أنتونى» العمل معه كمساعد مخرج  فى فيلم جديد، ولكن «راتب» تردد وطلب منه فرصة للتفكير قبل اتخاذ القرار، ليتوجه إلى خطيبته الفرنسية فى ذلك الوقت، والتى تعمل فى مجال الإنتاج السينمائى، وأفصح لها عن الأجر الذى تلقاه فى «زيارة السيدة العجوز»، لتخبره بأن ما تقاضاه يعادل أجر المساعد الأول، فشعر وقتها  بامتنان شديد إلى «أنتونى» الذى ساهم فى حصوله على مبلغ أكبر مما يحصل عليه ليتجه على الفور ويقابل مدير الإنتاج، لكنه رفض العمل معه بسبب عدم الاتفاق على الأمور المالية بعد ذلك.

السينما الفرنسية

بعد خروج جميل راتب من تلك التجارب فتحت له السينما الفرنسية أبوابها، واحتل من خلالها مكانة كبيرة، وشارك فى 7 أعمال فرنسية، فكان الظهور الأول له عام 1957 بفيلم «مغامرة شانزليزيه» من إخراج روجيه بلان ثم توالت مشاركاته فى أفلام مثل «بانكو فى بانغوك» و«الذئاب الصغيرة» ويعتبر هذا الفيلم آخر مشاركاته فى السينما الفرنسية 1968.

عاد «راتب» بعد ذلك إلى مصر وانقطع قرابة 14 عاما انشغل خلالها بالمسرح، ولكنه لم يستطع أن يترك حبه للسينما الفرنسية  نهائيا، وعاد عام 1982 وشارك فى فيلم «نجمة الشمال» و«حتى طرف الليل» فى عام 1995 وهو من تأليف وإخراج جيرار بلان وعام 1999 فيلم «ليلة القدر»، وكانت تهتم به الصحافة الفرنسية، وكتبت عنه أحد المواقع مقالا كانت بدايته "عندما يؤدى دوره على الخشبة فى مسرحية «الوريث» فإنه يخطف أنظار الحضور بأدائه القوى وعينيه الحادتين».

فى النهاية.. هناك كثير من النجوم لم يكن يعرف الجمهور عن العالمية التى وصلوا إليها، مثل ماحدث مع جميل راتب، ولكنه كان فنانا كبيرا له قدره فى العالم كله ولا تقل نجوميته عن نجومية عمرو الشريف وغيره ممن سلكوا هذا الطريق، فعالمية "راتب" لم تكن محض صدفة، بل تعود لموهبته وحلمه الكبير الذى حققه قبل رحيله عن عالمنا اليوم.

اقرأ ايضا..

يوم حزين في تاريخ السينما.. هكذا نعى الفنانون جميل راتب
مشتاق له وخايف من العذاب.. ماذا قال جميل راتب عن الموت؟
جميل راتب.. دخل الفن متمردا ونافس المليجي في أدوار الشر
تشييع جنازة الفنان القدير جميل راتب وسط حضور فني ضعيف (صور)
وزيرة الثقافة تنعي الفنان جميل راتب: «رحل بجسده لكنه يبقى دائما بأعماله»

شارك الخبر على