البطريرك الراعي رعى مؤتمرًا دوليًا حول التعليم العالي الكاثوليكي في لبنان والشرق الأوسط في جامعة الروح القدس

أكثر من ٥ سنوات فى تيار

برعاية غبطة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي بطريرك إنطاكية وسائر المشرق وحضوره، نظمت جامعة الرّوح القدس - الكسليك مؤتمرًا دوليًا بعنوان: "التعليم العالي الكاثوليكي في لبنان والشرق الأوسط: تعزيز الرسالة والريادة في الابتكار"، بالتعاون مع رابطة الكليات والجامعات الكاثوليكية (Association of Catholic Colleges and Universities ACCU-USA) في الولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الدولي للجامعات الكاثوليكيَّة (FIUC - International Federation of Catholic Universities)، ومؤتمر رؤساء الجامعات الكاثوليكية في لبنان (Conference of Rectors of Catholic Universities in Lebanon-CRUCL).
وحضر إلى البطريرك الراعي، القائم بأعمال السفارة البابوية في لبنان المونسنيور إيفان سانتوس، قدس الأب العام نعمة الله الهاشم الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية والرئيس الأعلى للجامعة ممثلًا بالنائب العام الأب كرم رزق، وزير الدولة لشؤون التخطيط في حكومة تصريف الأعمال ميشال فرعون، الدكتور جوزيف الأسد ممثلًا وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال سيزار ابي خليل، النائب شامل روكز، الرئيس والمدير التنفيذي في رابطة الكليات والجامعات الكاثوليكية، الولايات المتحدة الأميركية مايكل غاليجان- ستيرل، رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة، رئيس جامعة القديس يوسف الأب سليم دكاش، رئيس الجامعة الأنطونيَّة الأب ميشال الجلخ، رئيس جامعة سيّدة اللويزة الأب بيار نجم، رئيس جامعة الحكمة الأب خليل شلفون، رئيسة جامعة العائلة المقدسة الأخت هيلدا شلالا، رئيس الجامعة الأميركية في مادبا الأردن الدكتور نبيل أيوب، الدكتور جورج قزي ممثلًا النائب سامي الجميل، ممثل النائب زياد الحواط مستشاره الإعلامي ريمال ابي يونس، رئيس رابطة جامعات لبنان الوزير السابق سامي منقارة، نائب رئيس جامعة الروح القدس للشؤون الأكاديمية البروفسور جورج يحشوشي، إضافة إلى أعضاء مجلس الجامعة وشخصيات دينية وسياسية وتربوية واجتماعية...
الافتتاحنصر ديميرجياناستهل المؤتمر بكلمة ألقتها العميدة المشاركة في كليَّة الفلسفة والعلوم الإنسانية - جامعة الروح القدس – الكسليك د. كارين نصر ديميرجيان أكدت فيها "أن الجامعات الكاثوليكية تسعى لحماية هويتها، إستناداً إلى القيم والمبادئ الأخلاقيَّة تهدف إلى إضفاء طابع إنساني على التعليم. وهكذا، فإن التحدي المشترك لجميع مؤسسات التعليم العالي الكاثوليكية هو ضمان الحفاظ على هذه الهوية ببعد روحي وإنساني يتّسم بالقيم الأخلاقية، ويهدف هذا البعد الإنساني إلى بناء شخص أفضل من جهة؛ وتأكيد ديناميكيَّة الانفتاح على الابتكارات التكنولوجية والتربوية والأكاديمية، وكذلك الأبعاد المتعددة للثقافات من أجل توفير التعليم القائم على نظم تعليمية جديدة من جهة أخرى".
يحشوشيثم تحدث نائب رئيس جامعة الروح القدس - الكسليك للشؤون الأكاديمية البروفسور جورج يحشوشي الذي اعتبر "أنه في منطقة يسودها جو عام من عدم الاستقرار، يصبح لمهمتنا كجامعات كاثوليكية معنى أكبر، وتأثير متعدد. فجامعاتنا تحمل في صلب مهمتها الدينية التزامًا لا مثيل له في خدمة المجتمع والمصلحة العامة". وأضاف: "رسالتنا تكمن أيضًا في تعزيز القيم الأخلاقية وغرسها في نفوس الطلاب، فضلًا عن مؤازرتهم في تحقيق أهدافهم الشخصية وحثّهم إلى السعي للتميز في كل ما يقومون به... إن مسؤوليتنا كمؤسسات كاثوليكية ومؤسسات تعليم عالي هي أيضًا قيادة الابتكار ومواكبة التطورات التكنولوجية السريعة إضافة إلى دمج القيم الإنسانية والاجتماعية والروحية لمعتقداتنا الكاثوليكية في كل نشاطاتنا ومناهجنا التعليمية".ولفت إلى "أنه في الوقت عينه الذي يتم فيه التركيز على الطلاب، كانت الجامعات الكاثوليكية دومًا معيارًا للحوكمة الرشيدة"، مشددًا على "أن الإيمان هو جوهر التعاون ومفتاح القيادة والنجاح".وشكر جميع الذين استثمروا إيمانهم بالتعليم العالي الكاثوليكي في الشرق الأوسط، وفي العالم، وكل الذين ساهموا في تهيئة أرضية صالحة لطلابنا لتمكينهم من التفكير بصرامة من أجل التصرّف بوعي وخدمة الإنسانية بشكل أفضل..."
رايونوتلت مديرة المشاريع في الاتحاد الدولي للجامعات الكاثوليكيَّة، وممثلة الأمين العام السابق للاتحاد البروفسور فرنسوا مابي والأمينة العامة للاتحاد البروفسورة إيزابيل جيل، الدكتورة كميل رايون رسالة خلصت فيها إلى : "أنه يتوجب على جامعاتنا تطوير تعليمها، وتقوية أبحاثها، وتعزيز ما يطلق عليه اسم "الرسالة الثالثة"، وهذه المسؤولية الاجتماعية للجامعات كانت موضوع بحثنا في الجمعية العامة الأخيرة..."وأعلنت أنه "سنطلق مع رئيستنا الجديدة العديد من المبادرات القوية، لتعزيز التعاون الدولي داخل الرابطة. هذا وتقترح عليكم الرابطة ورشة عمل خاصة حول البحوث وأخرى حول التمويل الأوروبي، كدليل على الاهتمام والدعم اللذين نوليهما لجامعاتكم".
الأب حبيقةوألقى رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة، كلمة قال فيها: "نجتمع اليوم في جامعة "الروح القدس"، جامعة الروح المُمثَّل بـ "ألسنة من نار" التي بعثت الحقيقة في نفوس التلاميذ وزوَّدتهم بنعمة التشارك مع كافة المجتمعات، إذ مكَّنتهم من التحدُّث بلغات عديدة ومختلفة. لقد ثبَّت التلاميذ مبادئ الرسالة الكاثوليكيّة في التعليم، وخاصة في التعليم العالي، كما جاء في الإنجيل المُقدَّس، في رسالة القديس بولس الرسول الأولى إلى أهل قورِنْتُس 28:12، وذلك من خلال رسالتِهم وحُسن تدبيرهم والرغبة والإرادة في إيصال الحقيقة..."وأضاف: "كما وتمَّ تسليط الضوء على الرسالة الكاثوليكية لجامعاتنا من خلال شهادة القديس البابا يوحنّا بولس الثاني في مقدِّمة الدستور الرسولي للحبر الأعظم حول الجامعات الكاثوليكيّة، تحت عنوان "من قلب الكنيسة": "لعدّة سنوات، لمستُ في نفسي نضوجًا واسعًا من خلال تجربتي في العمل الجامعي والحياة الجامعية: البحث الحثيث عن الحقيقة وفرح البحث عنها بقلبٍ واسع ورحب مع الشبيبة ومع كل من يفكِّرون بصرامة، كي يتصرفوا بشكلٍ صحيح ويخدموا البشرية بشكل أفضل..."وأكد الأب حبيقة: "نحن مدعوون اليوم لتخريج مفكرين متنوِّعين وقادة مُخلِصين قادرين على تلبية حاجات المجتمع المعرفيّة بشكل مسؤول. إن هدف الجامعة الكاثوليكيّة، وانطلاقًا من ارتباطها بالكنيسة، هو توثيق وترسيخ الإيمان والعقل كركائز للتعليم الجامعي. كون العلم والمعرفة وُلِدا لخدمة الإنسان، لذلك، فإن دورنا كمؤسسات كاثوليكيّة للتعليم العالي هو دور محوري وتحويلي، خاصة في لبنان والشرق الأوسط، حيث تتعرَّض المُجتمعات دائِمًا للشَك وتغوص في المجهول، ممّا يؤثِّر على حياة المواطنين ورفاهيّتهم". وشدد على أنه "هنا تتضاعف أهميّة مهمّتنا بالنظر إلى التطورّات والتغيرّات التي تعصِف في الشرق الأوسط وسوء الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في لبنان. نحن ملتزمون اليوم بإعداد خرّيجين جامعيين، إذ نعوِّل على التأثير الإيجابي لِقِيمهم ومبادئهم في المجتمع". ولفت إلى "أن جامعة الروح القدس – الكسليك أسَّست، وعلى مرّ السنين، تقليد التميُّز المُترسِّخ في المهمّة التربويّة للرهبانيّة المارونيّة اللبنانيّة التي شقَّت طريق النجاح على مختلف المستويات. تسعى الجامعة إلى المساهمة في تطوير كافة طلّابها من خلال برامج تعليميّة وبحثيّة متميِّزة في مختلف المجالات الدراسيّة. تعتزم جامعة الروح القدس إعداد قادة الغد في مجال الابتكار والتطوّر المهني والتعلُّم المُستمِرّ في لبنان من خلال توفير تعليم عالي الجودة على الطراز الأميركي، في الشرق الأوسط وفي جميع أنحاء العالم. يُكرِّس العمداء وأعضاء الهيئة التعليميّة والموظفون أنفسهم لتأمين تعليم متميِّز لطلابنا، إضافة إلى خبرة أكاديميّة واسعة، من خلال إتِّباع أنظمة الاعتماد الدولية، تعزيز التعلُّم النَشِط، استخدام التكنولوجيا وأيضًا، من خلال دعم الأبحاث وعلى وجه الخصوص، الأبحاث في مجال الابتكار". وتابع: "تُثبِتُ هذه الاستراتيجيات على أن طرائِقنا في التعليم هي ما يساهم في تحقيق هدفنا في مهمّة التحوُّل في التعليم في نظام تعليمنا الكاثوليكي المُتميِّز. هدفنا هو إعطاء طلابنا الثقة في معتقداتهم وقِيَمهم كي يكونوا قادرين على الابتكار والتكيُّف بشكلٍ إيجابي ومسؤول مع التغيُّرات العالميّة". وخلص مشددًا على "أهميّة التعاوُن بين كافة الجامعات الكاثوليكيّة، ليس فقط في لبنان، إنما في جميع البلدان الأُخرى. وتابع قائلا: "أنا كُلّي إيمان بأنّه لو تضافرت جهودنا، سنَصِل إلى قمّة النجاح. عِندها سيصبح بمقدورنا أن نُلهِم طلّابنا بطريقة تعاملنا مع بعضنا البعض، كمؤسسات تعليم عالي كاثوليكيّة، ونكون أبهى تجل لطاقة الحب التجديدية والتكاتُف المثمر والتلاحم الاجتماعي الخلاق".
البطريرك الراعيوبعد فاصل موسيقي قدّمه التينور إيليا فرنسيس، اختتم الافتتاح بمداخلة للبطريرك الراعي حملت عنوان: "مسؤوليَّة التعليم العالي الكاثوليكي في بناء مستقبل لبنان والشرق الأوسط". وقال فيها: "التعليم هو أقوى سلاح يمكنك استخدامه لتغيير العالم". انطلاقاً من هذا القول لنيلسون مانديلا، وهو النموذج الأوّل للمقاومة الثقافيَّة والسياسيَّة ضد القمع والظلم، أنني لمقتنع أننا بحاجة ماسّة لتغيير العالم الذي نعيش فيه وبخاصّة لبنان والشرق الأوسط من جهة، وتجديد نظام التعليم وبخاصة التعليم العالي لتحقيق هذه الرسالة من جهة أخرى".وأضاف: "وإزاء هذا التحدّي الكبير، أتمنّى النجاح لهذه الندوة التي تسعون من خلالها إلى تعزيز الرسالة المحدّدة للتعليم العالي الكاثوليكي، وإلى ضمان دورها الريادي في مجالي الأبحاث والابتكارات. أنّني أهنّئ جامعة الروح القدس – الكسليك لمبادرتها بتنظيم هذه الندوة العالميَّة بالتعاون مع رابطة الكليات والجامعات الكاثوليكيّة (ACCU) والاتّحاد الدولي للجامعات الكاثوليكيّة (FIUC)، ومؤتمر رؤساء الجامعات الكاثوليكيّة في لبنان (CRUCL). وأشكر أيضاً الأب البروفسور جورج حبيقة، رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك على دعوتي للمساهمة في موضع البحث هذا كجزء من افتتاح هذه الندوة".ولفت إلى أن مداخلته تشمل نقطتين أساسيتين: التعليم كرسالة والتعليم كابتكار.وحول موضوع "التعليم كرسالة للعالم"، قال البطريرك الراعي: "اعتبر المجمّع البطريركي الماروني الذي انعقد بين عامي ٢٠٠٣ و٢٠٠٦ أنّ التعليم يشّكل جزءًا أساسيّاً من رسالة الكنيسة، وبالتالي كرّس نصّين بما يخص هذه المسألة : الأوّل حول ”التعليم العام والتقني“ والثاني حول "التعليم العالي". وفي خلاصة النصّ حول التعليم العالي نجد تأكيداً على ارتباط التعليم ورسالة الكنيسة العالمية ارتباطاً وثيقاً: ”التدريب من أجل الآخرين ومن أجل خدمتهم؛ هذا هو المبدأ الأساسي الذي نستنتجه من دراسة العلاقة بين الموارنة والتعليم العالي في القرون الماضية واليوم أيضاً والذي نعتمده كدرس ثابت.“ وبحسب المجمّع الماروني، هكذا نفهم "الانجازات الكبرى التي حققها طلاب كل من المعهد الماروني في روما (الذي تأسس عام ١٥٨٤) ومعهد عين ورقة (الذي تأسس عام ١٧٨٩) ودورهم الريادي في النهضة الثقافية في لبنان والعالم العربي، في ضوء الرسالة التي ركزوا عليها بروح مسيحية منفتحة ما أدى بهم إلى التحليق والانطلاق من المجتمع إلى الفضاء الوطني والتألق من لبنان نحو البلدان المجاورة وسائر الشرق". وأضاف: "ويذكّر البابا القديس يوحنا الثالث والعشرون ببعد التعليم التبشيري في منشوره البابوي ”الأمم والمعلم“ (أي "Mater et Magistra") سنة ١٩٦١ حيث يقول ”يجب أن يولد التعليم المسيحي عند المسيحيين وعياً يرتكز على القيام بالنشاطات الاقتصادية والاجتماعية تبعاً للتعاليم المسيحية." فبالنسبة له، تعتمد الكنيسة على تعليم اتباعها لتأمين "ازدهاراً وحضارةً بأبعادها المتعددة وفي مختلف عصورها".واستنتج "أنّ رسالة المؤسسات الجامعية الكاثوليكيّة لا تقتصر فقط على توفير تعليم جيّد لشباب اليوم كي يتمكنّوا من إيجاد مكانًا لأنفسهم في عالم العمل وكسب العيش الكريم، بل يجب أيضاً تنشئتهم لكي يتمكّنوا من المساهمة في تحويل مجتمعاتهم وبناء "حضارة الحبّ". ووفقاً لتعاليم الكنيسة الكاثوليكية والتقليد الماروني، يشكل التعليم الجامعي أوّلاً تنشئة لشخصيّة الطلّاب كي يصبحوا العناصر الفعّالة للتغيير الاجتماعي، وفقاً لقيم الإنجيل".وتابع: "ومن جهّة أخرى، إنّ إعلان المجمّع الفاتيكاني الثاني حول "التعليم المسيحي" يحث الجامعات الكاثوليكيّة على دراسة المشاكل الجديدة الناتجة عن تطوّر العالم الحديث بعنايةٍ وبوحدة بين الإيمان والعقل. وبهذه الطريقة، سيتم تحضير طلّاب هذه المؤسسات على أن يصبحوا أشخاصاً بارزين من خلال علمهم، وجاهزين لتحمّل أصعب المهام في المجتمع، وبالوقت عينه أن يكونوا شهداء للإيمان في العالم" (n.10). في الإطار نفسه، قال البابا فرنسيس "إن الجامعات هي أماكن تتمتّع بامتياز التفكير وتطوير هذا الالتزام بالتبشير بطرق متكاملة ومتعددة المجالات“ (الإرشاد الرسولي فرح المسيح Evangelii Gaudium، ٢٠١٣، النّص ١٣٤)". وانتقل البطريرك الراعي إلى المحور الثاني من مداخلته: "التعليم كابتكار لمستقبل منطقتنا" وأكد: "إنّكم مجتمعون اليوم في لبنان كمسؤولي التعليم العالي الكاثوليكي في المنطقة وفي العالم، للتفكير معاً حول مسألة تطوير مهمّة ورسالة مؤسساتكم. وأدعوكم، في ظلّ تعاليم الكنيسة الكاثوليكيّة، إلى التأكّد أنّ مهمّتكم هي في صميم رسالة الكنيسة العالميّة، فيما يخصّ تجديد العالم من خلال الديناميكيَّة وعمل للروح القدس المستمر الذي يغيّر حياة الشباب. لذلك من الضروري أن يتوجه طلابنا نحو مهن المتعلقة بالصحة والهندسة والعلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية والتكنولوجيا وعلوم الكمبيوتر والمعلومات والاتصالات، بدلاً من اللاهوت والعلوم الدينية".واقترح "أربع قيم أساسية في رسالة التعليم العالي في المنطقة وفي المساهمة في تجديد مجتمعاتنا كمكان للحياة، والإزدهار والكرامة. يمكننا طرح هذه القيم الأربعة بمعادلة ذات حدين: الحرية والتضامن من جهة، والتعددية والمواطنة من جهة أخرى. وليس بعيداً عن هذا التأمل، أدعوكم أن تستوحوا من المنشور الحديث الصادر في العام ٢٠١٧ عن مجمع التعليم الكاثوليكي تحت عنوان: "Eduquer à l’humanisme solidaire pour construire une civilisation de l’amour".وتحدث البطريرك الراعي عن الحريّة والتضامن لافتًا إلى "أنّ الحريّة أساس كلّ القيم وهي الطريق نحو الحقيقة. وبفضل هذه الحريّة، تتطوّر العلوم باستمرار من خلال الشكّ والأسئلة والنقاشات المنطقية. وبفضل هذه الحرية، يأخذ الشباب القرارات المهمّة ويوجّهون حياتهم نحو خدمة الخيّر ليصلوا إلى الالتزام الجذري في الحياة الدينيّة. وبفضل هذه الحريّة، يساهم الشباب ديموقراطيّاً في تطوير إدارة مجتمعاتهم السياسيَّة. لذلك، فدور الجامعات تعليم الطلّاب التفكير بحريّة والتمتع بالتفكير النقدي كي يتمكّنوا من الهروب من الاغراءات الظلامية والشعوبية والأصوليّة، أكانت سياسيّة أو دينيّة".وتابع: "ولكن يجب أن يتعلّم الشباب أيضاً أنّ الحريّة الحقيقيّة لا يمكن أن تعاش بالأنانيّة، بل بالتضامن وخدمة الآخرين. وخلال زيارته لجزيرة لامبيدوسا تضامناً مع اللاجئين في ٨ تموز ٢٠١٣، شجب البابا فرنسيس بشدة ما أطلق عليه اسم "عولمة اللامبالاة". وفسّر قائلاً: " إنّ ثقافة الرفاهية، التي تقودنا إلى التفكير بأنفسنا، تجعلنا لا نتعاطف مع أوجاع الآخرين وتجعلنا نعيش في فقاعات الصابون، وهي جميلة، ولكنها لا تساوي شيئاً. إنّها وهم باطل ومؤقت يدفعنا إلى اللامبالاة تجاه الآخرين، وحتى إلى عولمة اللامبالاة". إنّني أعتقد أنّ دور الجامعات الكاثوليكيّة هو أن تساعد الشباب ألا يجعلوا من حريّتهم "فقاعة صابون"، بل أن يعيشوا هذه الحرية كهبة أعطيت لهم وتدفعهم إلى النضال من أجل العدالة وخير الجميع".وعن التعددية والمواطنة رأى البطريرك الراعي "أن الحريَّة توّلد التعدديَّة. ولكن تشكّل التعددية في آنٍ واحد فرصةً وتحدياً لمجتمعاتنا المعاصرة وبخاصةٍ في الشرق الأوسط. فنحن نتعلق اليوم بالتعددية أكثر فأكثر، وذلك بعد ظهور الآثار المدمرة التي نتجت عن الأصولية الارهابية التي تحتقر وتضطهد كل ما لا يتوافق معها. يعتمد مستقبل مجتمعاتنا على قدرتها على العيش وتعزيز المواطنة التي تشمل التنوع. ويجب تعزيز التنوع كونه حق وفرصة للإثراء الشخصي والاجتماعي. وأضاف: "يشير منشور مجمع التعليم الكاثوليكي المذكور أعلاه "التربية من أجل الإنسانية المتناغمة" إلى أن امتلاك القدرة على رمي كل أسس أي حوار سلمي للسماح بإلتقاء التنوع بهدف بناء عالم أفضل هي من طبيعة التعليم. فهو أولاً عملية تعليمية يتجذر فيها البحث عن تعايش سلمي ومثري في مفهوم الإنسان على نطاق اكبر - في توصيفه النفسي والثقافي والروحي - إلى أبعد من أي شكل من أشكال الأنانية والتعصب الإثني، بحسب مفهوم التنمية المتكاملة والمتعالية للإنسان وللمجتمع"(رقم ١٥).وخلص البطريرك الراعي في ختام مداخلته إلى "أن منطقتنا قد عانت كثيراً من العنف الذي حاول مراراً وبطرق مختلفة خنق الحريّات فيها وإلغاء التعددية. ولكنها تظهر بفضل صوت شبابها رغبةً في عيش هذه القيم واستعادة كرامتهم. نؤمن بالحياة وبأن المسيح أتى ليفيض علينا (يو ١٠:١٠) وسيقاوم محاولات الموت هذه. ونعتمد أيضاً وقبل كل شيء عليكم، لجعل مؤسسات التعليم العالي الكاثوليكية واحات يعيش فيها طلابنا ويختبرون هذه القيم ويكتسبون مهارات ضرورية لإثراء حياتهم على الصعيد المهني والاجتماعي والروحي والدولي".ثم قدّم الأب حبيقة درعًا تقديريًا للبطريرك الراعي.جلسة عامةوانعقدت بعدها جلسة عامة قدم فيها الرئيس والمدير التنفيذي في رابطة الكليات والجامعات الكاثوليكية، الولايات المتحدة الأميركية مايكل غاليجان- ستيرل مداخلة قدّم فيها لمحة عامة عن التعليم العالي الكاثوليكي في الولايات المتحدة. كما تناول تاريخ تأسيس الرابطة وأهدافها ونشاطاتها... متناولاً مواضيع: تطوير الهوية الكاثوليكية ورسالة الجامعة الكاثوليكية، والريادة في الابتكار.
جلسة رئاسيةثم انعقدت جلسة رئاسية شارك فيها الأب البروفسور جورج حبيقة، رئيس جامعة روح القدس – الكسليك، نائب رئيس جامعة القديس يوسف الأب مايكل شوير، رئيس الجامعة الأنطونيَة الأب ميشال الجلخ، رئيس جامعة سيّدة اللويزة الأب بيار نجم، رئيس جامعة الحكمة الأب خليل شلفون، رئيسة جامعة العائلة المقدسة الأخت هيلدا شلالا، رئيس الجامعة الأمريكية في مادبا الأردن الدكتور نبيل أيوب، وعالجوا كافة المواضيع المتعلقة بالجامعات الكاثوليكية.
الجلساتثم انعقدت جلسات تمحورت حول مهمة الجامعات الكاثوليكية وهويتها وسبل تعزيز فرص الابتكار فيها والتحديات التي تواجهها الجامعات الكاثوليكية، بمشاركة نخبة من الأكاديميين من العديد من الجامعات اللبنانية والأجنبية.
 
 
 
 

شارك الخبر على