المايسترو صالح سليم.. ملك «اللعب مع الكبار»

أكثر من ٥ سنوات فى التحرير

​«لا يختلف أحد على أنه كان لاعبًا متميزًا من طراز فريد، يمتلك من المهارة والقدرات الفنية العالية والشخصية القيادية التي أهلته لأن تطلق عليه جماهير النادي الأهلي والكرة المصرية لقب المايسترو».. إنه صالح سليم نجم النادي الأهلي ورئيسه الأسبق، الذي تحل ذكرى ملياده اليوم الثلاثاء، حيث إنه من مواليد 11 سبتمبر 1930، في حي الدقي بالجيزة، ووالده هو الدكتور الجراح المعروف محمد سليم، ووالدته هي السيدة زين الشرف، التي كان والدها من أشراف مكة المكرمة قبل انتقاله للعيش في تركيا ومنها إلى مصر.

تعرف صالح سليم على زوجته السيدة زينب لطفي على متن باخرة متجهة إلى الحوامدية، فأعجب بها وقررا الزواج، وقوبل هذا القرار بالاعتراض من قبل والد صالح ووالد زينب لطفي، بسبب عدم إكمال دراسته الجامعية، فقرر تأجيل إقامة حفل الزفاف حتى إنهاء صالح دراسته.

وأنهى صالح دراسته الجامعية وحصل على شهادة بكالوريوس تجارة، وتزوج زينب لطفي، استمر الزواج حتى وفاة صالح سليم، وأنجبت زينب لطفي لصالح سليم ابنيه هشام سليم وخالد سليم، وكانت هذه الزيجة هي الوحيدة في حياة صالح.

عشق صالح سليم كرة القدم منذ طفولته، وانضم إلى فريق المدرسة ثم منتخب المدارس الثانوية في أثناء دراسته بالمدرسة السعدية، انضم إلى أشبال النادي الأهلي عام 1944، ونجح سريعًا في إثبات وجوده وموهبته، حتى تم تصعيده إلى الفريق الأول وهو في السابعة عشرة من عمره، وخاض أول مباراة له مع الفريق الأول أمام المصري عام 1948، وفاز الفريق وقتها بهدفين مقابل هدف واحد وأحرز «المايسترو» هدف الفوز، أما المباراة الرسمية الأولى، فكانت أمام يونان الإسكندرية في الأسبوع الثالث لبطولة الدوري موسم 1948 وفاز الفريق الأحمر بهدفين.

استمر صالح سليم في اللعب مع الأهلي طوال 19 عامًا، حتى اعتزاله في نهاية عام 1966، وكانت آخر مباراة رسمية يشارك فيها مع الأهلي أمام الطيران يوم 11 نوفمبر عام 1966.

كان في حياة صالح سليم مواقف رسخت لدى الجماهير أن «الأب الروحي» للأهلاوية واحد من أهم رموزه التي صنعت مبادئ ناديهم الكبير ويرصدها «التحرير» في السطور التالية..

- مواجهة الزمالك بالناشئين

لم يخطر ببال أحد أن يتخذ رئيس النادي قرارًا بإيقاف 16 لاعبًا من الفريق الأول لكرة القدم بالنادي الأهلي عام 1985، بعدما أعلنوا تمردهم قبل مباراة مصيرية أمام الزمالك في بطولة كأس مصر، حيث فضل «المايسترو» أن يخوض المباراة بتشكيلة مكونة من لاعبي فريقي الشباب تحت 20 و19 سنة.
وبالفعل انتصرت المبادئ والأخلاق وفاز الأهلي في المباراة بنتيجة 3-2، فالنتيجة لم تكن تشغل بال صالح سليم، إنما كان ينظر إلى المستقبل، وكيف يرسي قاعدة أخلاقية ثابتة داخل جدران القلعة الحمراء.

- إيقاف حسام حسن

الموقف الثاني للمايسترو، قال خلاله عبارته الشهيرة للمدرب الإنجليزي آلان هاريس: «لو إيقاف لاعب هيضيع منك البطولة استعد.. عشان هو هيتوقف، ومش مهم البطولة».

تعود هذه الواقعة إلى عام 1994، عندما قرر صالح سليم إيقاف كبير الهدافين حسام حسن، الذي كانت تتغنى الجماهير الأهلاوية باسمه في المدرجات، بسبب نجاحه في قيادة الفريق للتتويج بالبطولات محليا وقاريا، لكن اللاعب أثار أزمة كبرى في مباراة الأهلي أمام المصري البورسعيدي فى بطولة الدوري الممتاز على ملعب المقاولون العرب، في كرة مشتركة مع ناصر التليس ليقرر الحكم طرد حسام الذي انفعل بشدة، على طاقم التحكيم والتليس.

شاهد أيضًا.. «موعد سينما».. السر وراء إخفاء صالح سليم مرضه الخبيث

وامتد الأمر إلى حد قيام حسام بخلع الفانلة وإلقائها أرضا ثم الخروج من الملعب باصقًا على الفانلة، وتم إيقافه 6 أشهر من جانب الراحل صالح سليم رئيس النادى آنذاك، وقبل إصدار المايسترو قرار الإيقاف انتظر أولًا التقرير الذي سيرفعه له شقيقه طارق سليم مدير الكرة حينها، وبمجرد أن تم الاتفاق على إيقاف اللاعب، توجه صالح إلى المدير الفني الإنجليزي وسأله، عما إذا كان حسام حسن هو أهم لاعـب في الفريق؟ فأجابه «هاريس» نعم.

فسأله صالح سليم "هل يمكن أن نخسر الــدوري لو ابتعد حسام حسن؟ فأجابه بنعم، فقال صالح: (إذن استعد لخسارة البطولة لأن اللاعب سيتم إيقافه حتى لو كان الثمن خسارة بطولة الدوري)".

- انسحاب الأهلي من إفريقيا

اتخذ الراحل صالح سليم، عام 1994 قرارًا بانسحاب فريق الكرة بالأهلي من بطولة الأندية الإفريقية وقتها، بسبب ضعف العائد المادي من البطولة بجانب تكبد الفريق مصاريف كثيرة من سفر وتنقلات، بخلاف الظلم الذي تعرض له النادي في بطولة السوبر الإفريقي أمام الزمالك على يد الحكم بتروس ماتبيلا الذي تسبب في خسارة الأهلي -من وجهة نظر المايسترو-.

بعدها اتجه الأهلي للعب في البطولة العربية وحصد ألقابها قبل أن يعيد الكاف حساباته ويقرر تعديل اللوائح المادية للفرق المتنافسة في البطولة ليعود الأهلي من جديد للمشاركة في البطولات الإفريقية.

- رحيل التوأم

في مفاجأة من العيار الثقيل قرر الراحل صالح سليم، عدم تجديد التعاقد مع التوأم حسام وإبراهيم حسن، بعد خلاف مع الإدارة بشأن التجديد بشروط مادية أعلى، وهو الأمر الذي رفضه المايسترو ليقرر الاستغناء عن التوأم الذي رحل إلى نادي الزمالك.

بعدها تعرض صالح سليم للهجوم بشدة من جانب جماهير الأهلي التي عارضته في هذا القرار، لكنه أصر على رحيل التوأم لإعلاء قيم ومبادئ القلعة الحمراء.

شاهد أيضًا.. صالح سليم.. مايسترو الزمن الجميل الذي جعل «الأهلي فوق الجميع»

- تحدي الرئيس

في نهائي البطولة العربية للأندية أمام الرجاء المغربي عام 1997، وجد صالح سليم في استاد القاهرة مبكرًا، وفوجئ بأن هيئة مراسم الرئيس الأسبق حسني مبارك، تضعه في آخر الصف، فقرر "صالح"، عدم حضور المباراة، وتمسك بالجلوس بجوار الرئيس، أو عدم حضور اللقاء.

وأمام إصرار المايسترو الذي رفض الفكرة لقناعته بأن الرئيس ضيفه ومن غير اللائق أن يجلس الضيف في المقدمة وصاحب الدعوة في الخلف، رضخت هيئة المراسم، ووافقت على جلوس صالح سليم بجوار الرئيس مبارك، بعدما فشلت قيادات ومسئولو الدولة في إقناعه بالجلوس في الصفوف الخلفية.

- أزمة الأهلي والإسماعيلي في الكأس

تدخل صالح سليم، من أجل إقامة لقاء الأهلي والإسماعيلي في نهائي كأس مصر عام 1997 عصرًا، بعدما طلب اتحاد الكرة إقامة المباراة ليلا، ولكن رئيس الأهلي التاريخي رفض تعنت الجبلاية، وتمسك باللعب عصرًا، لإنقاذ جمهور الإسماعيلي من مسألة غياب جمهوره، إذا أقيم اللقاء ليلًا.

وقتها تلقى رئيس الأهلي اتصالًا من إسماعيل عثمان رئيس النادي الإسماعيلي، وشرح له الموقف فرحب صالح فورًا بالأمر، ولم يندم على القرار حتى بعد خسارة فريقه للمباراة بهدف أحمد فكري الصغير.

- رفض مباراة ضحايا قطار الصعيد

بعد حادث قطار الصعيد الشهير عام 2002، تقرر إقامة مباراة بين الأهلي والزمالك لصالح ضحايا الحادث بقرار من حسني مبارك رئيس الجمهورية الأسبق وبالاتفاق مع إبراهيم نافع رئيس مجلس إدارة الأهرام حينها.

وسبب رفض «المايسترو»، لإقامة المباراة هو عدم إبلاغه وأخذ رأيه، وتم الإعلان عن المباراة ونشر الخبر في جريدة الأهرام، ووقتها عرف "صالح" الخبر فرفض إقامة المباراة.

ووجه صالح سليم، رسالة خلال تلك الفترة قال فيها: «لو حسني مبارك مصمم يلعب هذه المباراة يكلف 11 موظفًا من رئاسة الجمهورية للعب أمام الزمالك، ولو أصر إبراهيم نافع، على إقامتها فليأت بـ11 صحفيا من الأهرام للعب أمام الزمالك.. طول ما صالح سليم عايش الأهلي مش هيلعب هذه المباراة».

ورغم مرور 16 عامًا على وفاة «المايسترو»، فإنه ما زال حيا في أذهان الملايين من عشاق الفانلة الحمراء، رغم مرور سنوات طوال.. مات صالح لكنه ما زال في قلوب من أحبوه وعشقوه وخلدوه رمزًا لناديهم الكبير بمواقفه الثابتة، فهو شخص من الممكن أن تتفق مع شخصيته أو تختلف معها، لكن من الصعب أن تكرهه أو تنساه فهو شخصية لها طبيعة خاصة.

شارك الخبر على