الأعمال الدرامية الثلاثة التي أطلقها صندوق دعم الدراما تدور حولها أسئلة الوساطات والمحسوبيات

أكثر من ٥ سنوات فى المدى

زينب المشاط
في إحدى المقاهي الثقافية، جلست كصحفية أحاول أن أسترق السمع للأحاديث التي تدور هنا وهناك، وكم تمنيّت حينها لو أن إعلامنا أو صحفنا تُخصص صفحات عن مشاكل وخلافات وفضائح الفنانين والكُتاب، لأستطعت في كل يوم ومن خلال جلوسي في هذا المقهى أو ذاك والتي بدورها ملأت المدينة أن أكتب مواضيع عديدة...فجأة طرق مسامعي صوت أحدهم (ماذا فعلت أستاذ هل اتصلت بالمخرج .... لتوصيه بـ (عليّ)؟ ، نعم ، نعم لا تقلق ما إن ينتهي هذا الأسبوع حتى تتصل به وتخبره إنك من طرفي، وسيُدرج اسمك من ضمن الكادر الذي سيحتاجه لانتاج عمل درامي)...
غيرت مقعدي، ولأني صحفية أيضاً اقتربت من الشخصين المتحدثين، والذي كان احدهما ممثلاً في مقتبل طريقه، والآخر مخرج وكاتب، وسألت الشاب قائلة (رائع هل ستُمثل في الأعمال الدرامية الثلاث التي اطلقها صندوق دعم الدراما) فأجاب (نعم... الفضل يعود للسيد .... لأنه دعمني لدى المخرج ... وبهذا حصلت على دور )...همهمت في ذاتي وصمت دون أن أُعير للأمر انتباه، ذلك إني وفي الواقع غالباً ما اقتاد خلف مشاعري وتعاطفي مع الفنانين الذين يقضون سنوات دون تقديم أي عمل فني بسبب الواقع الاقتصادي المتردي، ولم أعدّ ما سمعته وساطة أو محسوبية، أو سوء تصرّف، بل هو محاولة لإنطلاقة شبابية قد تكون جديرة بأن تُمنح فرصة...بعد عدة أسابيع، كنت جالسة في إحدى المقاهي الثقافية والفنية، ودعاني أحد الفنانين الشباب ومعه كاتب مسرحي، طالبين مني الانضمام إليهم، ولأني كنت بمفردي لم أرفض ذلك، ومع إدمان احتساء اكواب القهوة العملاقة التي اعتدت أن اشربها كلما جلست في مقهى دون أن أفهم السبب وراء ذلك، تطرقنا الى الأعمال الدرامية التي باتت هذه الأيام حديث الوسط، فذكر الكاتب المسرحي أن على المخرجين أن لا يتهاونوا في اختيارهم وأن يختاروا شخصاً رصيناً وكفوءاً لتقديم العمل الدرامي فالشاشة العراقية حُرمت من أعمال جيدة لسنوات، وليس من حق المخرجين أن يتهاونوا في اختيارهم وأن ينجروا خلف عواطفهم...أيّدت ما قاله الكاتب، بالمقابل أضاف الفنان الشاب تعليقاً حاقداً وقال، طلب مني أحد الفنانين من أبناء جيلي أن نتحدث الى أحد مخرجي الأعمال الدرامية ونحاول إقناعهم لاختيارنا ، ولكني رفضت، سأترك القرار للمخرجين فلهم خياراتهم بكل تأكيد...هذا التناحر داخل الوسط الثقافي قادني للتساؤل وفق أي ضوابط سيوقع الفنانون عقودهم، بعد أن وقع المخرجين والمؤلفين عقود الأعمال؟ وهل هنالك ورش لأختبار طاقات الفنانين الجدد، لنرى ما اذا كانوا مؤهلين للادوار التي ستُمنح لهم؟بعد أن وقّع مخرجو ومؤلفو الأعمال الدرامية الثلاثة عقوداً بروتوكولية و التي اطلقها صندوق دعم الدراما في مؤتمره الأخير، يذكر رئيس لجنة دعم الدراما مجاهد ابو الهيل " إن توقيع العقود الخاصة بالفنانين ستكون موكلة الى المخرجين والمؤلفين، ولا حق للجنة دعم الدراما التدخل فيها، إلا أن لدينا الحق في المصادقة على تلك العقود لدرء أي اتهامات ممكن أن ترد للجنة والمخرجين وضمان توزيع الأدوار بشكل شفاف ومهني وعدم تغليب العلاقات الشخصية على الكفاءة والمهنية في تقديم الأعمال."هنالك شروط وضعتها لجنة دعم الدراما الغرض منها وكما ذكر أبو الهيل " عدم إثارة أي تقولات أو اتهامات بسأن أن هنالك محسوبية في توزيع الادوار، إضافة الى أن لا وجود لاختيارمسبق للفنان فالشروط متروكة للمخرجين الذين سيقومون باختيار فنان كفوء منسجم مع الدور." اللجنة لن تترك العمل لمخرجه ومؤلفه، بل ستقوم بمراقبة الأعمال خلال فترة تصويرها وفي مواقع العمل عليها، يذكر أبو الهيل " سيكون هنالك مشرف من قبل لجنة دعم الدراما سيراقب مسار عمل كل من الأعمال الدرامية، ذلك لتجنب المحسوبيات والوساطة بين الفنان والمخرج، ولضمان أداء العمل بشكل مهني، ولهذا قمنا بأختيار أسماء مهمة وكبيرة للكتاب والمخرجين لهذه الأعمال لأننا على دراية تامة أن هؤلاء المخرجين والكتاب ينتقون الفنانين بشكل مهني لاغير."الأوساط الفنية لا تخلو من التقولات ومجاهد أبو الهيل واثق تماماً من أن مشروع الدراما هذا واجه وسيواجه المزيد من الأقاويل والشائعات والاتهامات، خلال فترة انتاجه وهذا أمر طبيعي ومعروف في الوسط الفني لكنه يذكر "إن ما تستطيع أن تسعى إليه لجنة دعم الدراما هي أن تكون صمام أمان للفنانين والمخرجين لحماية حقوقهم." صندوق دعم الدراما لم يتوقف عند ثلاثة أعمال، أبو الهيل يعدّ للاستمرارية بأن يكون الصندوق جاهزاً للسنوات القادمة لتقديم المزيد، وهذا ما عمل على تنسيقه مع الجهات المانحة، ذاكراً " إن مشروع دعم الدراما هو الأخير الذي سيعمل على إنقاذ الدراما، واذا اعتمدت الدراما على القطاع العام ستفشل لأن هذا القطاع متذبذب وغير مضمون." مؤكداً " نحن نخطط لتسويق أحد الأعمال وهو عمل وطني بشكل دولي وعربي وليس محلياً فحسب وذلك لأنه عمل مهم وسيشترك فيه فنانون عرب أيضاً، وهذا ما سنطرحه أيضاً في مونديال القاهرة حيث سنحمل معنا موضوع الشراكة الفنية والتسويق." الاجتماعات مستمرة بين المخرجين والمؤلفين مع لجنة دعم الدراما، وقد فاقت هذه الاجتماعات اجتماعات البرلمان العراقي في عددها وكما ذكر المخرج أكرم كامل مازحاً مُضيفاً " إن هدفنا من وراء هذه الاجتماعات تقديم الأفضل."أما عن الشائعات حول أن هنالك محسوبيات ووساطات في اختيار بعض الفنانين وضمهم الى الأعمال الفنية ذكر كامل قائلاً " لا اعتقد أن اسماء كبيرة مثل مؤلفي الاعمال الثلاث ولا اسماءنا نحن المخرجين ستسمح لنا بالمغامرة بها، واختيار فنان غير جدير فقط من أجل إدراجه بالعمل وهو لا يستحق، نحن حين نختار سنختار الأجدر والأفضل وفق مقاييسنا ورؤانا كمخرجين."كامل يؤكد "إن لجنة دعم الدراما لم تتدخل في اختيار الفنانين ولم تفرض علينا اي فنان لإدراجه ضمن كادر عملنا فلنا مطلق الحرية بذلك لأننا مَنْ نحدد ما اذا كان الفنان ينسجم وأعمالنا أو لا ، وأتوقع أن لدينا تأريخاً وخبرة تمنحنا تلك الثقة ، إضافة الى إننا لن نقدم فناناً على حساب العمل أو على حساب المشاهد العراقي بل سنختار فناناً مؤهلاً لذلك وفق شروط مهنية وكفاءات." ذاكراً " على سبيل المثال في عملي احتاج لنجوم كبار في السن اثنين امرأة ورجل ومازلت أبحث عنهم في الواقع لم أجد ما يناسبني، أما بالنسبة للشباب فقد اخترت ثلاث اسماء شابة وهم من أهم فناني الجيل الشاب واعتقد إنهم سيكونون مفاجأة للجمهور." يتم قراءة النص المكتوب بعد استلامه من المؤلف من قِبل المخرج، وفِي القراءة الاولى تأتي صور لبعض الممثلين في مخيلة المخرج تصلح لأن يجسدوا الشخصيات المقروءة هكذا يجد المخرج جمال عبد جاسم الأمر، ويذكر إن "فِي القراءة الثانية وبعد التداول مع مؤلف العمل الذي عادةً مايضع في مخيلته بعض الممثلين لأداء بعض الشخصيات التي كتبها نتفق سوية وبقناعة إسناد الأدوار للممثلين المناسبين."جاسم يصرّح مبدئياً بإختياره للفنان قاسم الملاك لأداء بطولة عمله ويقول " الاسم الوحيد الذي ممكن التصريح به حالياً هو الفنان المبدع قاسم الملاك فهو بطل العمل."ونفى جمال عبد جاسم أي اقاويل حول محسوبيات اختيار أبطال عمله ذاكراً "ليس هناك مثل هذه الاقاويل، ففي عملي عندما أريد أن أحدّد شخصيات العمل فكثير من الأعمال التي ظهرت لي على الشاشة كان جميع الممثلين الذين أدوا شخصيات العمل موفقة وناجحة لا أخفي أن هناك من يتعامل بالمحسوبيات والعلاقات ولكن ليس جمال عبد جاسم." ويشير جاسم الى وجود "جلسات مطولة ونقاش متبادل بيني وبين المؤلف للوصول للشخصيات المناسبة فالمؤلف له الحق أن يقترح الممثل المناسب لأداء الشخصية لكن هناك رؤية لدى المخرج في الاختيار يتم الاتفاق عليها مع المؤلف وبقناعه ."وأيضاً يشير جاسم الى وجود وجوه شبابية وخاصة نسوية لانضمامها في الأعمال الجديدة ذاكراً أن "هناك عدد من الفتيات اللاتي وقفن أو لم يقفن أمام الكاميرا سيتم إشراكهم في العمل الجديد وكذالك بعض الشباب من خريجي معهد الفنون الجميلة والأكاديمية حيث عملت "كاستينك" لاختيار هذه الوجوه الجديدة، سيكون البدء الفعلي للعمل بتاريخ ١٥ايلول وبعدها ستقدم قائمة من الممثلين الذين تم اختيارهم لأداء الشخصيات للتعاقد معهم."

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على