ماذا قالت الشريعة الإسلامية عن «ضريبة الميراث»؟

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

تستعد وزارة المالية، خلال الفترة المقبلة، لفرض ضريبة 2.5% على التصرف فى الميراث، وقال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، إن الضريبة مفروضة على بيع الميراث والتكسب من ورائه لا تفرض على الميراث في حد ذاته، ولكنها تفرض على الربح عند بيع هذا الميراث.

واستطرد: «من ورث لا يدفع ضريبة على هذا الميراث، ولكن عندما قرر البيع، فمن يشتري منه يدفع ضريبة وأنا عندما أبيع لا أتساوى مع من يشتري؟ هذا خلل».

"التحرير" تستعرض خلال هذا التقرير، آراء عدد من رجال الدين حول موقف الشريعة الإسلامية من فرض ضريبة على "التصرف في الميراث".

مخالف للشرع

قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه بجامعة الأزهر، إن التركة تعنى، حسب مفاهيم اللغة، ما تركه المورث من أموال سواء أكانت نقدية أو عينية.

وأوضح كريمة لـ"التحرير"، أن الشريعة الإسلامية ومقاصد الشرع الحنيف، حددت مصاريف وأوجه توزيع التركة بعد قضاء أمور شرعية لا مناص منها، وتنطلق عملية توزيع التركة بحسب نصيب كل فرد فى الميراث وفقا للشرع الحنيف، مؤكدا أن تلك الأمور الأربع، تجهيز الميت وتكفين، ثم قضاء الدين، وتنفيذ وصية لا تزيد على الثلث، إلا إذ أجازها الورثة الشرعيون.

وشدد كريمة، على أنه لا يجوز فرض ضرائب على الميراث والأنصبة الشرعية من التركة بأي حال من الأحوال سواء عند عملية التوزيع أو حيال تصرف الورثة فى الميراث، فالإرث هو نصيب شرعي خالص للورثة، ولا يجوز الاقتراب أو الأخذ منه، طالما انقضت الأمور الثلاثة التى حددتها الشريعة.

وتابع: أن إداء الضريبة واجب شرعي، وذلك من باب تأدية الواجب القانوني، وذلك لتقديم أوجه الدعم للدولة، خاصة إن كانت تمر بظروف مالية تقتضي ذلك، وأنه يتعين على الدولة أن تفرض من الضرائب، التى أجازت فيها الشريعة فرض رسوم عليها، والابتعاد عن الميراث، لأن الشريعة حددته من حيث التوزيع والنفقات.

للوراث حرية التصرف دون ضرائب

وأكدت الدكتورة فتحية الحنفى، أستاذ الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة، بجامعة الأزهر، أنه من المعلوم يقينا أن علم الميراث ثبت بأدلة قطعية الثبوت والدلالة، ولا يجوز لأحد مهما كان مكانته لا نبي مرسل، ولا ملك مقرب أن يتدخل في علم الميراث، الذي تفرد الله عزوجل ببيانه وتوزيع الانصباء كما حددها الله عزوجل في كتابه الكريم.

وأضافت الحنفى لـ "التحرير"، إذا توفى الشخص، وترك مالا والخطوات التي يتبعها أهل الميت هي: التجهيز والتكفين من ماله، ثم سداد ديونه إن كان عليه ديون سواء أكانت متعلقة بحق الله أو بحق العباد، ثم تنفذ وصاياه في حدود الثلث سواء أكانت وصية اختيارية أم واجبة، ثم بعد ذلك ما تبقى من مال يكون لأصحاب الفروض، ثم العصبات، ثم الرد علي أصحاب الفروض، ثم ذوي الأرحام، ثم الرد على أحد الزوجين، فإذا لم يكن للميت وارث من هؤلاء يرد المال إلى بيت المال، وهو خزينة الدولة.

وتابعت: بانتقال الميراث إلى الورثة، صار ملكًا خالصًا له يتصرف فيه كيف يشاء بالبيع أو الهبة أو الوصية أو التبرع له حرية التصرف، فمن يقول بفرض ضريبة حال التصرف فيه فهذا حرام شرعًا، لأنه تدخل فيما يخص الشخص نفسه، وهذا يؤدي إلى تجمد المال وتعطيله فيما يعود بالنفع على صاحبه وكذا المجتمع، كما أنه يؤدي إلى الغش والخداع والذهاب إلى الطرق المحرمة في تبديد المال، لأن الشخص يفتعل كل الطرق لعدم معرفة الدولة لهذا المال.

وأضافت الحنفى، إذن فمن يقول بفرض ضريبة علي الميراث متى يأخذها هل قبل التوزيع على الورثة إذا كان ذلك فهذا مخالف شرعًا، لأنها ليست من الحقوق المتعلقة بالتركة، هل بعد التوزيع علي الورثة، فهذا حق خالص لهم، ولا يجوز لأحد أن ينقص من حقه شيئا، أما تقييده بالتصرف فيه فهذا يعد تجميدا للمال الذي أمرنا باستثماره في كل ما يعود بالنفع علي صاحبه ومجتمعه، مشددة على أن علم الفرائض علم محكم قطعي الدلالة لا تبديل فيه أو تغيير إلى أن يرث الله الأرض، ومن عليها.

عقوبات للممتنع عن تسليم الميراث
ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من امتنع عمدا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى من الميراث.

ويعاقب بذات العقوبة سالفة البيان كل من حجب سندًا يؤكد نصيبًا للوارث، أو امتنع عن تسليم ذلك السند حال طلبه، من أي من الورثة الشرعيين، ويكون لكل من المجنى عليه أو وكيله الخاص، أو ورثته أو وكيلهم الخاص، وكذلك للمتهم أو المحكوم عليه أو وكيلهما الخاص إثبات الصلح في هذه الجرائم أمام المحكمة أو النيابة العامة بحسب الأحوال.

ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية، ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر، وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا وقع الصلح أثناء تنفيذها، ولا أثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة.

آيات للمواريث
وتعد المواريث من قبيل الأحكام الثابتة قطعية الدلالة بالقرآن الكريم، فنصت الآيات القرآنية صراحة على الميراث، منها قول الله تعالي "لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً"

"يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيماً"

"وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)"

"يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ".

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على