ما هي "صفقة القرن" التي عمل عليها مستشار الرئيس ترامب جاريد كوشنر لتصفية القضية الفلسطينية؟ (د. علا بطرس)

أكثر من ٥ سنوات فى تيار

لطالما شعرت الشعوب العربية بالظلم من التوجه الدولي المنحاز لاسرائيل تجاه قضية العرب المركزية فلسطين لا سيّما من الولايات المتحدة الأميركية. وعلى هذا الأساس، تنامى شعور الكراهية تجاه الولايات المتحدة حيث حاول الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما تبديده في كلمة القاها في جامعة القاهرة مذكراً بالمبادىء والقيم التي بنيت عليها الولايات المتحدة لناحية الديمقراطية واحترام التعددية وتمكين المرأة ما يؤمن الاستقرار والازدهار والسلام في المنطقة العربية الا ان هذا الخطاب لم يغيّر في الواقع شيئاً بفعل تنامي حركات الاسلام السياسي بعد العام ٢٠١١ المناقض مشروعها مع هذه المبادىء بالاضافة الى الدور غير المحايد للولايات المتحدة تجاه فلسطين كونها الدولة الراعية لعملية السلام في الشرق الاوسط.
 
لم تستطع او لم ترد الولايات المتحدة تأمين حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية مقابل التطبيع مع اسرائيل على قاعدة "الارض مقابل السلام" وفق ما اتفق عليه القادة العرب، ممانعين ومعتدلين، في قمة جامعة الدول العربية في بيروت في آذار من العام ٢٠٠٢ وفق ما عُرف بمبادرة الملك عبدالله بن عبد العزيز التي نصّت على السلام العادل والشامل كخيار استراتيجي للدول العربية مقابل انسحاب اسرائيل من الاراضي العربية التي احتلتها عام ١٩٦٧ تنفيذاً لقراري مجلس الامن الدولي 242 و 338 مع التوصل الى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطنيين وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ١٩٤، وبهذا المعنى يكون قد تحقق السلام والامن والاستقرار في المنطقة على قاعدة الحقوق بعد استرداد الارض المحتلة. وفي حين، عبّر العرب عن رغبتهم بالسلام كانت ملفتة المعادلة التي رسمها القادة في اسرائيل والتي تقوم على اساس "الامن مقابل السلام"، وهذا ما تعزّز جلياً مع موجة ما عُرف بالثورات في العام ٢٠١١ التي وصفت بالربيع العربي والتي كانت في الحقيقة مجرد فوضى منظمة مزقت الوحدة الوطنية داخل الدول العربية واضعفت قدرتها على المواجهة وأطلقت زخم التنظيمات التكفيرية التي عاثت فساداً وارهاباً دون المس بأمن اسرائيل، حتى اتت الادارة الاميركية الحالية لتحضن حلم اسرائيل ناسفة حق فلسطين في الوجود ما احبط آمال السلام البناء في الشرق الاوسط. فما الدور الذي لعبه مستشار الرئيس ترامب وصهره غاريد كوشنر في الاطاحة بعملية السلام وضمناً تصفية القضية الفلسطينية فيما يعرف ب"صفقة القرن"؟
 
تعيش اسرائيل عصرها الذهبي بعد اعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب نقل سفارة الولايات المتحدة الى القدس كعاصمة لاسرائيل التي اقرت قانوناً في الكنيست يعلن يهودية الدولة، هذا وخفضت الولايات المتحدة مساهمتها في وكالة "غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطنيين" اي "الاونروا" في العام الماضي حتى عمدت حالياً الى وقف تمويل الوكالة بشكل نهائي بالقول ان ٥ مليون و٢٠٠ الف لاجىء لا ينطبق عليهم توصيف اللجوء كأبناء وأحفاد انما فقط ٧٠٠ الف ممن تهجّر ولجأ الى الدول المجاورة بفعل النكبة في العام ١٩٤٨. واستناداً الى ما هو متداول والمتعارف عليه ب"صفقة القرن"، يتم طرح توطين الفلسطنيين في مصر والاردن مقابل تقديمات مالية سخية تساعد هذه الدول للخروج من ازماتها الاقتصادية ثم يأتي لاحقاً دور لبنان الذي أعلن وزير خارجيته جبران باسيل برفض التوطين المحظر دستورياً كونه ينسف الكيان مع القيام بجهود سياسية ودبلوماسية داعمة للقضية الفلسطينية سبق ان رفع الصوت بخصوصها في القاهرة واسطنبول بالاضافة الى التمسك بحق العودة.
 
ان هذا الاجراء الذي يعمل عليه مستشار الرئيس ترامب غاريد كوشنر ينسف عملية السلام برمتها ويعزز العنف والتطرف والكراهية بفعل شعور الظلم المتنامي ويدفع بالتنظيمات الاصولية الى الواجهة، لأن الولايات المتحدة لم توقف فقط المساهمات المالية المرتبطة بأهداف التعليم والطبابة اي ابسط مقومات الحياة الهادفة للإعانة بل حق شعب في ارضه وهويته وكرامته ما يلحق الاذى بصورة ومصداقية الولايات المتحدة وريثة مبادىء حقوق الانسان وحق الشعوب في تقرير المصير ويدمّر فرص السلام والامن والاستقرار الى غير رجعة

شارك الخبر على