«معركة إدلب» تدفع تركيا للتخلى عن «النصرة».. وتسقط المشروع الأمريكي

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

مع تحضيرات الجيش العربي السوري لإطلاق معركته القادمة باتجاه محافظة إدلب، وإتمامه استعداداته الميدانية واللوجيستية، انتاب الذعر الجماعات المسلحة خاصة بعد تخلي تركيا عن دعمهم ماديا، وإعلانهم جماعات إرهابية، وهو الأمر الذي قد يدفع "جبهة النصرة" الداعم لتنظيم القاعدة إلى الرضوخ في نهاية المطاف إلى الجيش السوري.

صحيفة "الوطن" السورية، الموالية للنظام، نقلت عن مصادر مقربة من فصائل مسلحة في إدلب قولها: إن "أنقرة حاولت إقناع قيادات "النصرة" بحل نفسها خشية استهدافها، إلا أن الجبهة المسلحة رفضت حل نفسها والانضمام إلى تنظيم "الهيئة الوطنية للتحرير"، المدعوم من تركيا، لعدد من الأسباب، أحدها خلاف إقليمي ودولي حول مصير مقاتليها الأجانب الذين ترفض دولهم الأم عودتهم إليها وتطالب بتصفيتهم في إدلب.

"المصادر" أوضحت أن "النصرة" تخشى استهدافها من قبل تركيا عبر الائتلاف الجديد "الهيئة الوطنية للتحرير" الذي تطالب بعض فصائله بتصفية النصرة، لافتة إلى أنها لا تثق بنوايا أنقرة.

ورغم العقيدة الجهادية المتزمتة لاتباع جبهة النصرة، المرتبطة بالقاعدة، الذين تمرسوا في ساحات القتال في العراق وأفغانستان والشيشان وغيرها، إلا أن الجبهة طُعمت كذلك خلال الحرب السورية، بعناصر أقل خبرة من مقاتلين عرب وأتراك وأوزبك وشيشانيين وطاجيك وقلة من الأوروبيين، وفقا لمحللين سياسيين.

اقرأ أيضًا: سوريا تتسلح بأنظمة دفاعية روسية لمواجهة العدوان الأمريكي 

ويرى المحللون أن مثل هذا الخليط البشري غير المتجانس، سيربك صفوف الجبهة بفعل القرار التركي، مرجحين أن تشهد الجبهة انشقاقات بين عناصر سيرضون بالتسوية وتسليم أسلحتهم، وآخرون سيقاتلون بدافع عقائدي إيديولوجي، حتى الرمق الأخير، بحسب إرم نيوز.

وفي محاولة لنزع صفة الإرهاب، وفك الارتباط مع القاعدة، خوفا من الاستهداف،  أعلن زعيم الجبهة أبو محمد الجولاني، إلغاء العمل باسم "جبهة النصرة" وإعادة تشكيل جماعة جديدة باسم "جبهة فتح الشام"، ليس لها علاقة بأي جهة خارجية - في إشارة إلى تنظيم القاعدة.

محللون سياسيون يرون أن تصنيف تركيا لهيئة تحرير الشام جبهة النصرة، أحد فروع تنظيم القاعدة، كمنظمة إرهابية جاء بضغط روسي، في محاولة لعزل التنظيم المتطرف عن باقي التنظيمات المتحالفة مع تركيا، والتي ستضطر إلى عقد مصالحات مع النظام السوري بدلًا من خوض معارك خاسرة .

يأتي ذلك وسط استعدادات قوات النظام السوري بدعم روسي لشن هجوم واسع على الفصائل المعارضة بما فيها جبهة النصرة في محافظة إدلب، آخر معاقل المعارضة المسلحة، فيما حذرت الولايات المتحدة من الهجوم واستخدام أسلحة كيماوية خلاله.

اقرأ أيضًا: العدوان على سوريا.. هل تتصدى روسيا للهجوم الغربي المزعوم؟ 

المحلل السياسي نضال سعيد السبع، قال: إن "الجيش السوري يستعد الآن لإطلاق أكبر عملياته في إدلب، لتطهيرها وتحريرها من الإرهابيين، التي ستكون "أم المعارك".

وأضاف السبع، أن معركة إدلب هي أم المعارك في سوريا، ليس فقط لأنها تطيح بالإرهابيين خارج سوريا وتقضي على معاناة الشعب السوري، ولكن أيضًا لأنها تسقط المشروع الأمريكي في سوريا، القائم على دعم ما تسميهم بالمعارضة، بحسب "سبوتنيك".

فهناك استعدادات كبيرة لمعركة إدلب، حيث اتخذت قوات الجيش العربي السوري مراكزها الاستراتيجية في محيط المدينة، وذلك بعد أيام قليلة من لقاء بين وزير الدفاع الإيراني والرئيس السوري بشار الأسد، تناولا خلاله الترتيبات اللازمة لمعركة إدلب".

المحلل السياسي اللبناني، لفت إلى أن ساعة الصفر لبدء المعركة الكبرى تقترب، خاصة أن هناك مفاوضات جرت بين كل من روسيا وتركيا لرفع الغطاء عن المنظمات الإرهابية، حيث سلمت تركيا الملف السوري للجانب الروسي، وفي نفس الوقت يفاوض الروس بعض الفصائل المسلحة للاستسلام دون قتال.

اقرأ أيضًا: لماذا تعتزم واشنطن نشر نظام دفاع صاروخي في سوريا؟ 

"وأمريكا حاليًا أدركت أن مشروعها فشل في سوريا تمامًا، على الرغم من أنها قضت السنوات الـ7 الماضية في إقامة غرف أمنية وتسليح عدد من التنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى تشجيع وتسهيل الانقسامات الداخلية، وهيأت كافة الظروف لظهور التنظيمين الأخطر، وهما تنظيم داعش الإرهابي وجبهة النصرة".

واليوم يتنفس الجيش السوري الصعداء، بعدما تمكن من تطهير أغلب الأراضي من الإرهاب، مثل الغوطة وتدمر وحلب والأرياف، كما حوَل معاركه ضد الإرهاب إلى الجنوب السوري حيث توجد إدلب، وهي مناطق خطيرة لأنها توجد بالقرب من إسرائيل، بحسب المحلل السياسي.

يمكن القول، إن القضاء على المسلحين في إدلب يعني فعليا انتهاء المشروع الأمريكي رسميا في سوريا، لذلك نجد أمريكا تستعد لأمر جديد، وهو فصل الجنوب السوري عن الشمال، كما أن إدلب هي بوابة بالنسبة للجيش السوري للقضاء على محاولات الانفصال من جانب الأكراد، لذلك نجد أمريكا تحذر من كارثة إنسانية في إدلب، كغطاء لتواجد الإرهابيين فيها، وفقا لنضال السبع.

على جانب آخر، قال الكولونيل المتقاعد، ريك فرانكونا، محلل الشؤون العسكرية: إن "معركة إدلب ستكون حاسمة وستستمر حتى النهاية، حيث أن التنظيمات المسلحة لن تستسلم باعتبار أنه لم يتبقى مكان آخر في سوريا يمكنهم الانتقال إليه كما كان الحال في العمليات التي شهدتها مناطق أخرى في البلاد"، بحسب "سي إن إن".

اقرأ أيضًا: لماذا ينضم مقاتلو المعارضة المسلحة إلى النظام السوري؟ 

"فرانكونا" أوضح أن ما يقوم به الجيش السوري في عملياته هو فرض حصار على المناطق التي تأوي الجماعات المسلحة قبل أن يعطوهم فرصة للانتقال إلى مناطق أخرى، وكانت "إدلب" هي المنطقة المنتظرة.

وتابع: "هذه المعركة ستكون النهائية، فلن يكون هناك عمليات انتقال وأمام المقاتلين خيار الاستسلام أو القتال حتى الموت، بالطبع لن يتمكنوا من الصمود أمام الجيش السوري المدعوم من قبل إيران وروسيا".

كانت تركيا صنفت في وقت سابق جبهة النصرة، كتنظيم إرهابي، في مؤشر على أن المفاوضات، التي أجرتها المخابرات التركية مع قادة الجبهة، وصلت إلى طريق مسدود، لاسيما مع اقتراب ساعة الصفر لبدء هجوم قوات النظام، بحسب الوطن السورية.

وتعتبر سيطرة الجيش السوري على التلال والمرتفعات الحاكمة وامتلاكه قواعد نارية وبشرية في ريف اللاذقية أحد أهم العوامل التي تزيد من توتر "النصرة" وتجعلها  تنازع  حتى في مناطق سيطرتها المتبقية من الجغرافيا السورية.

شارك الخبر على