قبل فرض المزيد من العقوبات.. واشنطن تسعى للتهدئة مع موسكو

أكثر من ٥ سنوات فى التحرير

يقترب الموعد النهائي، لفرض جولة جديدة من العقوبات على روسيا بسبب تورطها في محاولة اغتيال الجاسوس الروسي السابق سيرجي سكريبال وابنته في انجلترا.

وفي هذه الأثناء أكد عدد من الدبلوماسيين الأمريكيين، أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو يحاول التوصل إلى تفاهم مع موسكو قبل فرض العقوبات.

وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إلى أن هذا الأمر يعكس رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في فتح حوار بنّاء مع موسكو، وكسر دائرة العقوبات الانتقامية التي وصفها الكرملين بأنها مدمرة للعلاقات الثنائية.

وأضافت أن احتمال التقارب بين الخصمين أصبح ضعيفًا، حيث يطالب المشرعون الأمريكيون بتطبيق صارم للعقوبات الحالية، ويناقشون حزمة جديدة من الإجراءات العقابية ضد روسيا، وهو ما يحد من قدرة إدارة ترامب على المناورة.

وتلقى جهود بومبيو لإيجاد طريق للتفاهم مع روسيا، دعم حلفاء أوربيين رئيسيين لهم علاقات اقتصادية مع الولايات المتحدة وروسيا مثل ألمانيا وإيطاليا، وفي الوقت نفسه أثارت هذه الجهود قلق عدد من دول الاتحاد السوفيتي السابق.

وبموجب قانون استخدام الأسلحة الكيميائية لعام 1991، يتعين على إدارة ترامب معاقبة روسيا إذا لم تتخذ خطوات للتحقيق في استخدام غاز الأعصاب "نوفيشوك" في محاولة اغتيال سيرجي سكريبال وابنته في مارس الماضي في مدينة "ساليسبري" بإنجلترا.

ودخلت الجولة الأولى من العقوبات الأمريكية ضد روسيا، حيز التنفيذ يوم الاثنين الماضي، بفرض حظر على تصدير السلع والتكنولوجيا الأمنية الحساسة لروسيا.

اقرأ المزيد: هل تنشر روسيا أسلحة نووية في سوريا ردا على العقوبات الأمريكية؟

ومن المتوقع، أن تشمل الجولة الثانية من العقوبات، المقرر أن تدخل حيز التنفيذ بحلول نوفمبر المقبل، حظر رحلات شركات الطيران الروسية إلى الولايات المتحدة، أو تخفيض العلاقات الدبلوماسية أو تعليقها، ومنع البنوك الأمريكية من إقراض الحكومة الروسية.

من جانبها، تنفي موسكو مسؤوليتها عن محاولة الاغتيال، وتعهدت بالرد على العقوبات الأمريكية.

وقال الدبلوماسيون الأمريكيون والأوروبيون الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم بسبب سرية المناقشات الدبلوماسية، إنه من أجل إيجاد طريق للمضي قدمًا في قضية العقوبات، طلب بومبيو من وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في مكالمة هاتفية بينهم في 10 أغسطس الجاري، عقد اجتماع مشترك، وأكد بومبيو أنه طلب عقد الاجتماع بتوجيه من الرئيس الأمريكي.

ووافق لافروف على الاجتماع مع بومبيو وطلب أن يناقش الجانبان ثلاثة مواضيع أخرى تهم موسكو، تشمل الحد من التسلح، وإنشاء مجلس أعمال لتعزيز التجارة بين البلدين؛ والتبادل العلمي بين العلماء والباحثين الروس والأمريكان.

واتفق الوزيران على الاجتماع، وقالا إنهما سيحددان الموعد بعد اجتماع بين مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، ونظيره الروسي نيكولاي باتروشيف، في جنيف الذي عُقِد الأسبوع الماضي.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن دبلوماسي مطلع على هذه الخطط، قوله إنه من غير الواضح ما إذا كان اجتماع بومبيو ولافروف سيحدث في واشنطن أو نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر سبتمبر.

وأشار نائب وزير الخارجية الروسى سيرجى ريابكوف، الثلاثاء الماضي، إنه "من المحتمل" أن يجتمع الوزيران خلال فعالية الأمم المتحدة، وفقا لما ذكرته وكالات الأنباء الروسية.

وفي تصريح لـ"واشنطن بوست"، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر نويرت، إن "وزير الخارجية اقترح عقد اجتماع لمعالجة القضايا المهمة لعلاقاتنا مع الروس"، وأكدت أنه لن تتم مناقشة العقوبات الأمريكية.

اقرأ المزيد: روسيا: نهج الولايات المتحدة «المدمر» يمنع التعاون

وقال مسؤولون أمريكيون آخرون، بمن فيهم بولتون، إن العقوبات ستبقى سارية حتى تغير روسيا من سلوكها، إلا أن ترامب ألمح إلى أنه من الممكن التوصل إلى اتفاق مع موسكو بشأن تخفيف العقوبات إذا قدم الكرملين تنازلات فيما يتعلق بسوريا وأوكرانيا.

وصرح الرئيس الأمريكي الأسبوع الماضي، "سأفكر في الأمر إذا فعلوا شيئًا في مصلحتنا".

وفي الوقت الحالي، تتعرض إدارة ترامب لضغط من الرئيس الراغب في تعزيز العلاقات مع روسيا، وضغط الكونجرس من أجل فرض عقوبات إضافية على أمل ردع روسيا من التدخل في انتخابات التجديد النصفي المقبلة.

وأكد العديد من المحللين أن تصادم الأجندات داخل أروقة الإدارة الأمريكية، تسبب في حالة من الإرباك داخل الكرملين.

حيث قالت أنجيلا ستينت، الخبيرة في الشأن الروسي إن "إدارة ترامب في الوقت الحالي لديها سياسة مزدوجة تجاه روسيا، تشمل فرض المزيد من العقوبات على موسكو من جانب الكونجرس، والرغبة في التواصل مع الكرملين من جانب ترامب".

وأضافت أن "الروس ينظرون إلى هذا الأمر ويعتقدون أنه لا يمكن التنبؤ بأي شيء، ويعتقدون أنه منذ قمة هلسنكي بين ترامب وبوتين الشهر الماضي، لا يمكنهم التأكد من تحسن الوضع بسبب الاستمرار في فرض العقوبات".

وتسائلت الصحيفة الأمريكية، كيف يمكن لبومبيو أن يتناقش مع لافروف بشأن العقوبات، دون أن يعرف مصير القرار بشكل واضح.

فبموجب القانون الأمريكي، يجب على الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة على روسيا ما لم يتمكن الرئيس الأمريكي من التأكيد، في أقل من 90 يومًا، على أن روسيا لم تعد تستخدم الأسلحة الكيماوية، وقد قدمت ضمانات بأنها لن تشارك في مثل هذه الأنشطة في المستقبل، والسماح للمراقبين الدوليين بإجراء عمليات تفتيش ميدانية لضمان عدم مشاركتهم في هذه الأنشطة.

اقرأ المزيد: العقوبات الأمريكية تهدد صناعة النفط الروسية

ومن غير المحتمل أن تمتثل روسيا للبنود الثلاثة جميعها، لأنها تنكر ادعاءات واشنطن باستخدام أسلحة كيماوية، حيث قالت وزارة الخارجية الروسية بعد مكالمة بومبيو ولافروف مباشرة إنه "لا الولايات المتحدة ولا بريطانيا، ولا أي دولة أخرى، لديها دليل واحد يدعم هذه الادعاءات".

وقال دبلوماسي مطلع على فحوى المكالمة، إن لافروف قال لبومبيو أن بريطانيا ضللت الولايات المتحدة بشأن مرتكبي الهجوم.

وإذا رفضت روسيا مطالب الحكومة الأمريكية، بحلول نوفمبر المقبل، فإن القانون ينص على أن يختار الرئيس الأمريكي ثلاثة إجراءات جزائية من قائمة من ستة إجراءات في مشروع القانون.

ويمكن لترامب أن يقرر عدم فرض العقوبات تمامًا، لكنه سيحتاج إلى أن يشهد بأن القيام بذلك أمر ضروري للأمن القومي للولايات المتحدة، وإخطار الكونجرس قبل 15 يومًا من سريان مفعول رفع العقوبات.

وقال دبلوماسيون إن قدرة إدارة ترامب على رفع العقوبات أو اختيار مدى شدتها، يمنح بومبيو مجالًا للتفاوض، لكنه في النهاية سيكون عليه مواجهة الكونجرس.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على