أوقات صعبة تنتظر رجالاً أشداء

أكثر من ٥ سنوات فى الشبيبة

كريس باتِنيبدو أن أسهم الزعماء الأقوياء بدأت تنخفض. صحيح أن السوق لم تتحول إلى الاتجاه الهابط بعد، لكن الحكام المستبدين ليس لديهم من الأسباب الكثير ما قد يجعلهم متفائلين بالصعود.لنتأمل هنا الصين. تشتهر ألعاب القوة الداخلية التي يمارسها الحزب الشيوعي الصيني بغموضها، ونادرا ما يصل الاقتتال السياسي الداخلي إلى المستوى الذي لا يمكن التستر عليه. ومع هذا، يمكننا أن نسمع دمدمات عدم الارتياح بوضوح. ففي هذا الشهر، عندما انعزل الرئيس شي جين بينج وكبار مستشاريه في منتجع باي ديه هي الساحلي، انتشرت الشائعات حول انتقادات متنامية لعبادة شخصية شي بين عامة أعضاء الحزب الشيوعي الصيني.بالحكم من خلال الشائعات، يجب على شي جين بينج أن يسأل نفسه ما إذا كان من الحكمة أن يلغي إصلاحات دنج شياو بينج ويتجاهل السوابق التي وضعها زعماء الحزب الشيوعي الصيني السابقين مثل جيانج تسه مين وهو جينتاو. وربما يتعين عليه أيضا أن يعيد النظر في خطابه المتباهي بالنصر، في ضوء الحساسيات القومية وبلطجة سياسات الحماية التي يمارسها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وأخيرا، ربما يكون لزاما عليه أن يعيد تقييم سياسته الأساسية، أو مبادرة الحزام والطريق، التي تلقى انتقادات متزايدة كآلية تستغلها الصين لتصدير ديونها إلى دول أخرى مثقلة بالديون، وغالبا من خلال الاستثمار في مشاريع وهمية وغير ذلك من المشاريع المشبوهة.من ناحية أخرى، يظل صديق شي جين بينج المفضل الجديد، الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، منيعا من الناحية السياسية. ولكن كما اقترح أحد مراسلي فوكس نيوز، ربما يكون هذا راجعا إلى حقيقة مفادها أن عددا كبيرا من منتقديه «تنتهي بهم الحال إلى الموت». ولا تزال حكومة روسيا تعتمد على النفط والغاز لتحصيل نحو 40% من إيراداتها، ويظل الاقتصاد الروسي، المحروم من دينامية ريادة المشاريع والاستثمارات الأجنبية، في حالة احتضار. وما عليك إلا أن تنظر حول بيتك لترى ما إذا كان بوسعك أن تجد أي شيء مستجلب من روسيا، بعيدا عن الفودكا، أو الطاقة، أو أعمال تولستوي.لكن متاعب الرجل القوي التي يواجهها فلاديمير بوتن وشي جين بينج تتضاءل بجانب المتاعب التي يواجهها الرئيس التركي رجب طيب أردوجان، والرئيس ترامب الذي ورطه الآن محاميه القديم الذي دأب على «إصلاح» أخطائه في ارتكاب جريمة فيدرالية.بعد خمسة عشر عاما من وصوله إلى السلطة على خلفية أزمة الصرف الأجنبي، يبدو أردوغان الآن عازما على صنع أزمة جديدة من عمل يديه. فقد خسرت الليرة التركية نحو 38 % من قيمتها في مقابل الدولار الأميركي هذا العام .خلافا لسلفه في منصب الرئاسة، عبد الله غول، لم يبذل أردوجان قَط أي جهد حقيقي لكي يثبت كونه زعيما للبلاد بالكامل. وكان أسلوبه وسياساته من الأسباب التي أدت إلى تعميق الانقسامات بين العلمانيين الأثرياء والمسلمين الأكثر فقرا في المناطق الريفية والذين يشكلون قاعدة أردوجان.كانت أحدث أزمات تركيا أكثر مأساوية لأنها لم تكن ضرورية على الإطلاق. إذ تُعَد تركيا مركزا إقليميا مهما، فهي موطن لنحو 81 مليون نسمة، كما تشكل جسرا بين الغرب والشرق الأوسط وآسيا الوسطى. ولديها القدرة على العمل كمحرك اقتصادي قوي. لكن سياسات أردوجان تجر اقتصاد تركيا إلى هاوية عميقة.فعلى الرغم من سقوط الليرة التركية وارتفاع التضخم إلى عنان السماء، ضغط أردوجان على البنك المركزي لمنعه من زيادة أسعار الفائدة، خشية أن يتسبب تباطؤ النمو في إلحاق الأذى بآفاق حزبه في الانتخابات المحلية المنتظرة في العام المقبل، وخاصة في المدن التركية. ولكن على مدار الأشهر الإثني عشر المقبلة، سيضطر أردوجان إلى التعامل مع عجز متزايد الاتساع في الحساب الجاري فضلا عن جبل من الديون المقومة بالدولار.كما انهمك أردوجان في نزاع دبلوماسي وتجاري متصاعد مع الولايات المتحدة بعد اعتقال قس أميركي متهم بالتواطؤ في محاولة الانقلاب ضد أردوجان في العام 2016. من جانبه، جعل ترامب من مسألة تحرير القس قضية شخصية، على سبيل مداهنة قاعدته الإنجيلية في الفترة التي تسبق انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة في شهر نوفمبر. ولتحقيق هذه الغاية، أعلن ترامب مؤخرا أنه سوف يضاعف الرسوم الأميركية على واردات الصلب والألومنيوم من تركيا.الواقع أن المحاولات اليائسة التي يبذلها ترامب لإثبات عدم قدرة أي شخص (باستثناء بوتن) على إعطائه الأوامر معلومة للجميع. وفي نزاعه مع تركيا، لم يتردد في فرض الرسوم الجمركية، بصرف النظر عن الضربة الانتقامية المحتملة التي قد تتلقاها الشركات الأميركية والمستهلكون الأميركيون. ناهيك عن كون تركيا حليفا مهما في منظمة حلف شمال الأطلسي. ويبدو أن ترامب عازم على إخراجها من الحلف إلى أحضان روسيا والصين.على الرغم من مشاكله القانونية المتصاعدة وشرعيته المشكوك فيها على نحو متزايد، استمر ترامب في تدمير النظام الدولي لفترة ما بعد الحرب والذي ساعدت أميركا في إنشائه. والأسوأ من ذلك هو أن نسخته من سياسات عداء المهاجرين الأنانية تنتشر في أنحاء آسيا وأوروبا، إلى الحد الذي قلب السياسة في إيطاليا والمجر وبولندا، بل وحتى المملكة المتحدة، رأسا على عقب.في بريطانيا، زعم وزير الخارجية الجديد جيريمي هنت أن الحركة التي تقف وراء حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي تختلف عن القومية الشعبوية في دول أخرى. لكن هذا غير صحيح. فمن الواضح أن المتشددين من أنصار الخروج البريطاني اكتسبوا قوتهم من العداء تجاه المهاجرين والأجانب. وإذا كان لدى هنت أي شك حول هذا، فما عليه أن ينظر إلى ما هو أبعد من سلفه بوريس جونسون، الذي كتب مؤخرا تعقيبا يسخر من النساء المسلمات اللاتي يرتدين النقاب.على النقيض من الرجال الأقوياء الطموحين اليوم، كان الزعيم القوي حقا ليدافع عن التعاون الدولي ويسعى إلى إقناع الناخبين بأسباب أهميته. ولا يملك المرء إلا أن يأمل أن يفعل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي هذا على وجه التحديد في الأشهر المقبلة.في هـــذه الأثنـاء، يتعيـــن علينا أن نصلـــي كــي لا يتمكن أمثال ترامب وأردوجان، من إلحـــاق أضرار بالغة ببلدانهم، وبقية بلدان العالَم. فالآن حان الوقت لجعل أواصر التعاون عظيمة مرة أخرى.آخر بريطاني حَكَمَ هونج كونج، ومفوض الاتحاد الأوروبي الأسبق للشؤون الخارجية، ورئيس جامعة أكسفورد حالياً

شارك الخبر على