ماذا تقول الدبلوماسية السورية عن معبر نصيب ل tayyar.org وكيف تستفيد اسرائيل من خسارة لبنان ل ٥٠٠ مليون دولار؟

أكثر من ٥ سنوات فى تيار

لارا الهاشم - 
 
لا يمكن فصل ما يحدث عند معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن عن كل المخطط الذي رُسم لمنطقة الشرق الأوسط  منذ بدء الحرب السورية. هي حرب استنزاف المنطقة وتفكيك شعوبها وتدميرها اقتصاديا من خلال إرهاب متنقل، دموي حينا ومستتر حينا آخرا.
 
فهذا المعبر الذي اُقفل في شهر أيار من العام 2015، هو بمثابة الهواء الذي تتنفّسه القطاعات الزراعية والصناعية والسياحية في لبنان. هو مدخل لبنان الوحيد إلى دول الخليج. منذ إقفاله انخفضت نسبة شحن المنتوجات الزراعية من حوالى ال 550 الف طن يوميا إلى حوالى ال 350 ألف طن. ما يعني أن نسبة المحاصيل الكاسدة بلغت ال 200 الف طن تقريبا، يباع بعضها بأسعار زهيدة جدا. أما كلفة الخسائر المادية السنوية للمزارعين نتيجة الحصار فقد بلغت حوالى ال 500 مليون دولار بحسب رئيس تجمّع المزراعين والفلاحين في البقاع ابراهيم ترشيشي.
 
بالأمس ناشد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق، المديرَ العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم التدخل إلى جانب الدولة السورية لفتح المعبر "من دون ثأرية". انطلق المشنوق في مطلبه من الدور الإيجابي الذي لعبته الدولة اللبنانية مع السوريين طيلة الأزمة السورية والتسهيلات التي قدّمتها على المعابر، من دون منّة أو شروط. وزير الداخلية غضّ النظر عن أن فريقه السياسي هو الرافض  للتطبيع مع سوريا أو حتى الاعتراف بالنظام السوري، ورمى الكرة في ملعب السوريين قائلا إنه لا يجوز أن "يصبح المعبر جزءا من التفاوض السياسي".
 
في حديث ل Tayyar.org يقرأ الكاتب و المحلّل السياسي وسيم بزّي في كلام المشنوق تذاكيا على الرأي العام و محاولةً للهروب إلى الأمام و لتحميل اللواء ابراهيم في هذا الأمر أكثر مما هو يحتمل. أما جوهر موضوع المعبر فلا يمكن حلُّه إلا على المستوى السياسي يقول بزي. "إذ يعتبر السوريون أن إقفال معبر نصيب لا علاقة له لا بالمال ولا بالتجارة ولا بالاقتصاد قبل أن يكون له علاقة بالسياسة. وبالتالي فإن إمكان فتحه مرتبط بالترجمة السياسية للمسألة عبر وضع قواعد سياسية واضحة مع لبنان والأردن. علما  أن لبنان هو المستفيد الأول من ذلك من خلال خط الترانزيت العربي، فَيليه الأردن. فيما يشكّل المعبر بالنسبة لسوريا مجرّد ممرّ أو نقطة عبور.
 
لناحية الأردن، يشير بزّي ل Tayyar.org الى أنه اجتاز شوطا كبيرا في إعادة تطبيع العلاقات مع سوريا من خلال وفود أمنية وسياسية واقتصادية. أما في لبنان فالأمر خاضع لانقسام سياسي داخلي حادٍّ ولرفضِ قسمٍ من اللبنانيين وعلى رأسهم رئيس الحكومة سعد الحريري، التعاونَ مع سوريا. يرى بزّي أن هذا الرفض سيؤثر على القرار السيادي اللبناني وأن الخيار الواضح في هذا المجال كان قد تبلور عند رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إلا أن ترجمته العملية تتطلب تشكيل حكومة. لكن في حال استمرّت الأمور على حالها بعد تشكيل الحكومة فيتصوّر بزّي أن الملف سينفجر على صعيد العلاقة بين الأطراف المعنيين داخلياً.
 
في السياق عينه تشير مصادر دبلوماسية سورية ل Tayyar.org إلى أن "سوريا ستفتح معبر نصيب بعد اكتمال الشروط والظروف اللوجستية والاقتصادية، ومتى رأت أن مصلحة سوريا تقتضي ذلك. فالأمر قيد الدرس بحسب المصادر عينها إذ أن مصلحة سوريا تأتي "أولا" مع حرصها على مصالح جيرانها". أما حديث بعض المسؤولين اللبنانيين عن رفض التنسيق مع سوريا فهو غير مقبول لا بل مؤسف، وترى فيه المصادر استجابةً لضغوط خارجية وضرراً بمصلحة لبنان. "فالتنسيق بين البلدين قائم في ظل تداخل الحدود ووجود سفارتين بينهما".
 
وفي حين يحمّل جزء من اللبنانيين الفريق المعارض للنظام السوري مسؤولية المأساة التي تلحق بالمزارعين اللبنانيين جرّاء إقفال المعبر، يناشد ترشيشي، اللواء عباس ابراهيم التوسّط لتقريب وجهات النظر بين سوريا والأردن على حد سواء. "فمصدر الضغوط هو من يقفُ خلف الأردن ( أي اسرائيل وأميركا) لصالح مرفأ "حيفا" في فلسطين المحتلة. فاذا فُتح معبر نصيب، كأن الحرب لم تكن". يقول ترشيشي أن الطريق من لبنان إلى الشام بات مؤمّنا كذلك الطريق من الشام إلى درعا. في حين أن المزارع السوري الذي يريد أن يصدّر بضائعه إلى العراق الواقعة على حدوده، عليه أن يشحنها إلى لبنان فتركيا فإربيل فبغداد. كذلك هي حال المزارع اللبناني الذي يريد شحن بضائعه الى الأردن. إذ يجب عليه المرور بمصر لبلوغ  قناة السويس وصولا الى العقبة ثم عمان (مسافة 300 كم) فيما مسافة الترانزيت برّاً من لبنان إلى عمان هي 300 كم.
 
هذا عدا عن الخسائر اللاحقة بقطاع النقل برمّته. "فأكثر من 2000 شاحنة مبرّدة  وغير مبردة باتت معطّلة ومرميّة على الطرقات. السائقون عاطلون عن العمل ومكاتب تخليص البضائع في المصنع والعبودية صارت مقفلة. من جانب آخر خسِرت البضائع اللبنانية المصدّرة إلى الخارج جودتها. فبعد أن كانت تصل إلى دول الإستيراد طازجة في رحلة أقصاها سبعة أيام، صار اليوم شحنها عبر البحر يستغرق أحيانا 20 يوما.
 
اليوم وبفعل تعطلّ معبر نصيب، بات الأردن يستورد عبر مرفأ "حيفا" في فلسطين المحتلة، كذلك تركيا ومصر  اللتان تستخدمانه كمحطة ترانزيت لتصدير البضائع منه إلى أوروبا.
 
قد يصحّ أن الأردن يضغط باتجاه إقفال المعبر حتى في وجه الشاحنات السورية خدمة لمصالح غربية واسرائيلية. وقد يصحّ أن لبنان لا يمدّ يده للضغط  في عكس هذا الاتجاه عن إدراك أو عن غير إدراك. وقد يصحّ أيضا أن سوريا لن تقبل التعاطي معها وفقا لمعايير مزدوجة. لكن ما هو مؤكد أن الخاسر الأكبر هو الشعب اللبناني الذي يدفع ثمن أجندات خارجية، فيما التنّين يكبُر وسياسيوه يتناحرون ولقمة عيشه تتلطّخ بعار التآمر.
 
 
 

شارك الخبر على