مع بداية جولتها الإفريقية.. تيريزا ماي في مهمة صعبة

أكثر من ٥ سنوات فى التحرير

العلاقات بين بريطانيا وأفريقيا، تعود إلى الحقبة الاستعمارية خلال القرن الماضي، حيث كانت معظم بلدان القارة السمراء تقع تحت حكم التاج البريطاني.

والآن تسعى بريطانيا إلى العودة مرة أخرى إلى إفريقيا، مع زيارة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ثلاث دول إفريقية، في جولة تستمر لعدة أيام هذا الأسبوع.

وأشارت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إلى أن جولة ماي الإفريقية التي تعد الأولى لها منذ توليها منصبها، وتشمل جنوب إفريقيا ونيجيريا وكينيا، تأتي في إطار مساعي بريطانيا لتعزيز علاقاتها التجارية مع دول القارة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.

حيث قالت ماي في بيان لها، إن بريطانيا تسعى إلى "تعميق وتعزيز شراكاتها الدولية" بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي المقرر له مارس من العام المقبل.

وأضافت "خلال هذا الأسبوع، سأسعى إلى مناقشة كيفية القيام بذلك مع دول القارة الإفريقية، للمساعدة في توفير استثمارات مهمة، وفرص عمل، بالإضافة إلى مواصلة العمل معًا للحفاظ على الاستقرار والأمن في المنطقة".

مهمة صعبة

إلا أن "بي بي سي" ترى أن مهمة ماي في الحصول على موطء قدم في إفريقيا ستكون صعبة، بالنظر إلى ماضيها الاستعماري، والمنافسة الشرسة مع دول أقوى اقتصاديا من بريطانيا.

حيث ستسعى دول القارة، والعديد منها مستعمرات بريطانية سابقة، إلى إعادة تعريف علاقاتها مع بريطانيا، خاصة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.

اقرأ المزيد: طائراتها لن تُحلق.. بريطانيا مُهددة بالعزل التام بعد البريكست

فالقادة الأفارقة في حاجة إلى تحديد قائمة أولوياتهم التي تنحصر إما في التعاون مع الصين، الدولة الطموح لكن "ودودة" في الوقت نفسه، أو الكتلة الأوروبية الضخمة، أو الولايات المتحدة ذات الثروات الهائلة، أو المملكة المتحدة التي تربطها بها صلات تاريخية.

ففي عام 2015، بلغ إجمالي التجارة بين إفريقيا والمملكة المتحدة 36 مليار دولار، لكن هذا الرقم لا يذكر بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي تبلغ تجارته مع إفريقيا نحو 305 مليار دولار.

وفي نفس العام، بلغ حجم التجارة بين الصين وإفريقيا 188 مليار دولار، بينما بلغت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وأفريقيا نحو 53 مليار دولار.

وفي محاولة لتعزيز موقفها خلال الزيارة، التي تستمر خمسة أيام، من المقرر أن تصطحب ماي 29 من رجال الأعمال البريطانيين، لتقديم الخبرة البريطانية في التكنولوجيا والبنية التحتية والخدمات المالية والمهنية لهذه الدول.

مسار الجولة

تبدأ رئيسة الوزراء البريطانية، جولتها الإفريقية بزيارة جنوب إفريقيا التي تعد أكبر شريك تجاري لبلدها في القارة، حيث ستلتقي مع الرئيس سيريل رامافوزا.

ومن المقرر أن تلقي خطابًا في كيب تاون، اليوم الثلاثاء، لوضع خططها للشراكة مع إفريقيا عن طريق التجارة والاستثمار في القطاع الخاص بعد مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي.

وتأتي زيارة رئيسة الوزراء البريطانية، قبل أسبوع من انعقاد منتدى التعاون الصيني الإفريقي في العاصمة الصينية بكين، والذي من المقرر أن يشارك فيه العديد من قادة القارة، وقد تُقدِّم فيه الصين عروضًا استثمارية مغرية.

اقرأ المزيد: الصين تنافس فرنسا في مستعمراتها الإفريقية السابقة

القمة تأتي بعد الجولة الإفريقية الثانية للرئيس الصيني شي جين بينج، والتي زار خلالها السنغال ورواندا وموريشيوس وجنوب إفريقيا، حيث ترى الإذاعة البريطانية أن جولة ماي أضعف من جولة الرئيس الصيني.

وفي محطتها الثانية من المقرر أن تلتقي ماي مع الرئيس النيجيري محمد بخاري، في العاصمة النيجيرية أبوجا، بعد 4 أشهر من عقد اجتماعهما في لندن.

وأشارت "بي بي سي" إلى أنه على الرغم من أن نيجيريا تعد ثاني شريك تجاري للمملكة المتحدة في إفريقيا، فإن أبوجا قد تكون غير مهتمة بزيادة التعاون مع لندن.

حيث يعتقد تونجي أندروز، وهو اقتصادي يعمل في مركز "لاجوس" التجاري في نيجيريا، أن نيجيريا يجب أن تركز أكثر على علاقتها مع الاتحاد الأوروبي.

وقال أندروز إن "تنوع الطلب في سوق الاتحاد الأوروبي يجعله أكثر جاذبية"، مضيفًا "أعتقد أنه من المستحيل عدم النظر إلى السوق البريطانية في هذه المرحلة، لكن دعني أؤكد أنه في الوقت الذي تعد فيه بريطانيا شريكًا تجاريا مهما، إلا أنها لا تملك نفس القيمة لإفريقيا مثل الصين والولايات المتحدة".

وتختتم ماي جولتها الإفريقية في كينيا، لتصبح أول رئيس وزراء بريطانيا، يزور البلد الواقع في شرق أفريقيا منذ أكثر من 30 عامًا.

وقالت "بي بي سي" إن كينيا تعتمد في تصدير عدد من منتجاتها إلى دول الاتحاد الأوروبي عن طريق بريطانيا، ومن المتوقع أن يؤثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق تجاري على تجارتها.

اقرأ المزيد: بريطانيا تجد ضالتها في الصين للاستعداد لما بعد الخروج الأوروبي

وتتقاسم بريطانيا وباقي دول الاتحاد الأوروبي، التبادل التجاري مع كينيا بالتساوي، حيث يقول الخبير الاقتصادي توني واتيما، إنه "سيتعين على كينيا أن تبرم اتفاقًا جيدًا مع كل من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث إنها تعتمد على كلا السوقين لبيع الشاي والمنتجات الطازجة وغيرها من المنتجات الزراعية".

حيث تعد كينيا أكثر دول العالم تصديرًا للزهور إلى الاتحاد الأوروبي، كما تعد ثالث أكبر مصدر للزهور في العالم، حيث تُصدِّر البلاد 17٪ من زهورها المباعة في الاتحاد الأوروبي عبر المملكة المتحدة.

وقد يؤثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على أكثر من 500 ألف كيني يعملون في صناعة الزهور، ولكن مع بدء الرحلات المباشرة من نيروبي إلى نيويورك في أكتوبر المقبل، قد تتطلع كينيا للاستفادة من السوق الأمريكية الأكبر، لتسويق منتجاتها.

ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، وماي في العاصمة نيروبي يوم الخميس، بعد ثلاثة أيام فقط من مناقشته العلاقات التجارية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض.

شارك الخبر على