الاقتصاد يخنق إيران.. و«قرابين» روحاني تتساقط

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

بينما تسود حالة من الهلع داخل إيران، خاصة مع دخول الجولة الأولى من العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ، يحاول النظام الإيراني الخروج من تلك الأزمة بالقيام بتغييرات متواصلة على مستوى القيادات الاقتصادية، أحدثها إطاحة البرلمان بمسعود كرباسيان وزير الشؤون الاقتصادية والمالية.

ففي ضربة جديدة للحكومة، صوت 137 نائبا في البرلمان الإيراني لصالح إقالة كرباسيان في حين صوت 121 لبقائه في منصبه، ويتهم الوزير بالعجز عن إدارة الاقتصاد في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها البلاد، حيث يتفاقم الصراع بين أجنحة النظام الإيراني نظرا لتراجع الاقتصاد.

دفاع غير مقنع

تم سحب الثقة من الوزير رغم أنه دافع عن نفسه إلا أنه لم يقنع النواب بهذا الدفاع، حيث أكد أن الولايات المتحدة "استهدفت اقتصادنا بالكامل وتحصيناتنا الاجتماعية".
وخاطب النواب قائلاً: "تسعى أمريكا إلى تعطيل اقتصادنا، للضغط على الناس وإثارة عدم الرضا.. الأمريكيون يعدّون لضرب الحكومة والنظام، يجب أن تصدقوا أننا نخوض حرباً اقتصادية شاملة".

لكن أعضاء في مجلس الشورى شنّوا هجوماً عنيفاً على الوزير، إذ اعتبر النائب المحافظ عباس بايزاده أن لا علاقة لعدم الفاعلية وانعدام التخطيط بالعقوبات الأمريكية، مندداً بـ"قرارات خاطئة أضرّت بالشعب ودفعت أفراداً إلى نهب المال العام".

اقرأ أيضا : بعد الإطاحة بأبرز حلفاء روحاني.. هل يهدأ الشارع الإيراني؟ 
أما النائب المحافظ حسين علي حاجيديليغاني، خاطب كرباسيان قائلاً: "منذ أصبحت وزيراً السنة الماضية، تقلّصت مائدة العشاء للشعب إلى درجة الخفاء، وتراجعت قوته الشرائية بنسبة 50 في المئة، جعلتَ الناس أكثر فقراً كل يوم" ، بحسب "الحياة" اللندنية.
ليست الأولى

إقالة "كرباسيان" لم تكن الأولى في حكومة روحاني، فقد سبقها عزل وزير العمل علي ربيعي، في الثامن من الشهر الجاري والإطاحة برئيس البنك المركزي، فيما تزايدت ضغوط على الحكومة، في ظل انهيار الريال الإيراني وتفشّي البطالة والفساد وارتفاع أسعار سلع أساسية.

عقب إعادة فرض عقوبات أمريكية على طهران، سحب البرلمان الثقة من وزير العمل، علي ربيعي، الذي حذر من أنه مع بدء العقوبات سيرتفع عدد العاطلون خلال أشهر.

واتهم ربيعي المتشددين في البرلمان باستهداف حكومة روحاني، الذي تعرض لضغوط متزايدة في الأسابيع الماضية لإجراء تعديل على فريقه الاقتصادي.

اقرأ أيضا : خارطة طريق «خاتمي».. حل للأزمة الإيرانية أم محاولة لإسقاط النظام؟ 

ويعد ربيعي من أبرز حلفاء الرئيس روحاني، وكان مستشاراً للرئيس الأسبق الإصلاحي محمد خاتمي بين 1997 و2005.

الإطاحة بوزير الاقتصاد جاء قبل يومين من مثول الرئيس الإيراني للاستجواب غدا الثلاثاء، وهو أول إجراء من نوعه يتعرض له رئيس البلاد من البرلمان.

ومن المقرر أن يجيب روحاني على جملة من التساؤلات يعتزم النواب طرحها، وتتعلق بشكل خاص، بالأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد، ولا سيما تراجع سعر صرف العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية.

قرابين روحاني

الباحث في الشأن الإيراني حسن راضي، أكد أن إقالة وزير الشئون الاقتصادية والمالية الإيراني يُعد ضربة كبيرة لحكومة حسن روحاني باعتبار أنه وزير مقرب ومن اختيار الرئيس، مشيرا إلى قرار الإقالة يؤكد وجود ضغوطاً كبيرة ويمثل نجاحاً للتيار المحافظ المتشدد ضد حكومة الرئيس "روحاني".

راضي قال خلال مداخلة على فضائية "الغد" الإخبارية، أنه سيتم استدعاء روحاني للمسائلة أمام البرلمان غدا، ورأى أن الرئيس الإيراني سيحاول أن يقدم وزراءه كـ"قرابين" قبل أن يصبح هو ذاته قربانا لخطط "الحرس الثوري" أو "التيار المحافظ" المتشدد، معرباً عن اعتقاده أن تلك الإقالة تأتي من أجل إلهاء الشارع المنتفض والمحتج ضد السياسات الداخلية وضد الوضع الاقتصادي.

وأوضح راضي أن الفشل الاقتصادي الإيراني غير مرتبط بوزير أو بحكومة، بل أن هناك إشكاليات هيكلية داخل النظام الإيراني، من فساد ممنهج في كل مؤسسات الدولة والأداء الخاطئ والسياسات الداخلية والخارجية التي تؤثر على الدولة، مشيرا إلى أن الأزمات داخل إيران لا تقتصر على الاقتصاد بل أيضا على الجانب السياسي والاجتماعي.

اقرأ أيضا: روحاني يصر على البقاء رغم اقترابه من حافة الهاوية 
ورأى راضي أن مسألة سحب الثقة من "روحاني" وعزله ليست في يد البرلمان بل في أيدي المرشد الأعلى على خامنئي، وأن ما يخطط له المرشد سيتحقق وسيُنفذ، إلا أنه خلال تلك المرحلة لا يوجد بديلا لروحاني في جعبة المرشد، لذا فمن المرجح أنه لن يُعزل، وأن الأمر هو رسالة تحذيرية له.

الخبير الإيراني محمد حسين أنصاري يشير في تصريحات لـ "روسيا اليوم" إلى أن عزل وزير الاقتصاد ومن قبله وزير العمل لن تحد من آثار العقوبات الأمريكية على طهران، ولكنها ستجعل الحكومة تعمل بشكل أكثر جدية تخوفا من المساءلة في البرلمان.

من جانبه، يرى الدكتور على رضا نور زاده مدير مركز الدراسات العربية الإيرانية، أن تلك الإطاحات هي مجرد "أكباش فداء" ويجب ألا يحمل هؤلاء المسؤولية عن الأوضاع التي آلت إليها البلاد، قائلا "المجتمع يعلم جيدا أن هؤلاء ليسوا المسؤولين عن ما حل بالاقتصاد الإيراني فالعقوبات وقبلها انتشار الفساد بشكل كبير أبرز الأسباب التي أدت إلى تلك الأزمة"، موضحا أن الحلول الأمثل تتمثل في مكافحة الفساد والسماح للمتخصصين بعرض حلولهم لتلك الأزمة.

اقرأ أيضا : الاستجواب والعقوبات.. تحديان يواجهان وزير الداخلية الإيراني 
كما يرى مراقبون للشأن الإيراني أن النظام يلجأ إلى الحلول السهلة من خلال إقالة الوزراء في محاولة لتبرير فشله في إدارة الأزمة الاقتصادية الخانقة أمام شعبه إثر العقوبات الأمريكية، مشيرين إلا أن تلك الحلول لن تحل الأزمة إلا أنها مجرد محاولات لامتصاص غضب الشارع.

وأدى الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015، إلى إعادة فرض أول دفعة من العقوبات الأمريكية، لكن إيران تواجه في الأساس مشاكل اقتصادية منذ فترة طويلة مثل البطالة وبطء الاستثمارات، دون أن يتمكن الفريق الاقتصادي الحالي كما يبدو من تقديم حلول لها.

شارك الخبر على