«أسير حرب وثعلب سياسة».. ما لا تعرفة عن السيناتور جون ماكين

أكثر من ٥ سنوات فى التحرير

بعد صراع مع المرض لمدة عام، توفي السيناتور الجمهوري جون ماكين، عن عمر يناهز 81 عامًا، متأثرًا بمرض السرطان، الذي أعلن قبل وفاته بساعات، وقف تلقيه العلاج الخاص به، بسبب انتشار المرض بكثافة في جسده.

وانتقد ماكين، الشهر الماضي، قمة ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأصدر بيانًا وصف فيه المؤتمر الصحفي المشترك بين بوتين والرئيس ترامب بأنه "أسوأ أداء لرئيس أمريكي تعيه الذاكرة"، وقال: إن ترامب "لم يكن قادرًا على مواجهة بوتين فحسب، بل لم يكن راغباً في ذلك".

وتوالت على الفور ردود فعل الطبقة السياسية الأمريكية، تكريمًا لذكرى ماكين، الذي كان من ركائز الحزب الجمهوري، وأغضب الكثيرين، بما في ذلك داخل دائرته السياسية، ولكنه لم يخسر يومًا تقدير الأمريكيين لإخلاصه الوطني.

وقال باراك أوباما الرئيس السابق، الذي هزم ماكين في الانتخابات الرئاسية في 2008، إن علاقتي بجون، كانت بها أصول مختلفة تمامًا، وتواجهنا على أعلى مستوى في السياسة، لكننا تشاركنا، على الرغم من اختلافاتنا، ولاء لما هو أسمى، للمثل التي ناضلت وضحت من أجلها أجيال كاملة من الأميركيين والمهاجرين.

وقال نائب الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، الصديق والخصم السياسي لماكين، إن "تأثير ماكين على الولايات المتحدة لم ينته"، متابعًا في بيان له: "حياة جون ماكين دليل على أن بعض الحقائق خالدة لا تموت، كالشخصية والشجاعة والنزاهة".

اقرأ أيضًا: جون ماكين يوقف علاجه من السرطان: المرض والشيخوخة أصدرا حكمهما

وقالت سارة بالين، التي رشحها ماكين لشغل منصب نائب الرئيس حال انتخابه رئيسا للولايات المتحدة أثناء خوض السباق الرئاسي عام 2008، إن العالم فقد "أمريكيا أصيلا"، ونشرت صورة لها مع ماكين، ووصفته بصديق لها.

ودعا «تشاك شومر»، زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، إلى إطلاق اسم «جون ماكين»، على مبنى في الكونجرس.

أما الرئيس دونالد ترامب، الذي كان على خصام علني مع ماكين، فاكتفى بتقديم تعازيه في تغريدة مقتضبة لم يذكر فيها بتاتًا حياة ماكين أو مساره السياسي، كتب فيها «أقدم تعازي وأصدق احترامي لعائلة السناتور جون ماكين، قلوبنا وصلواتنا معكم».

مسيرته وحياته العسكرية

ولد ماكين، الذي يوصف بأنه بطل حرب وثعلب سياسة، في التاسع والعشرين من أغسطس 1936، ودرس بالأكاديمية القوات البحرية الأمريكية في يونيو 1954، وخدم في القوات البحرية إلى العام 1981، وكان طيارًا على قاذفة قنابل في حرب فيتنام، وانتخب ممثلا عن ولاية أريزونا بالكونجرس عام 1982، وأصبح نائبا عن الولاية العام 1986، وقضى خمس سنوات أسير حرب في فيتنام، ثم تدرج بسلم السياسة الأمريكية، ليصبح صوتًا مؤثرَا في السياسة الخارجية والشؤون العسكرية.

وتقلد ماكين عدة أوسمة، منها ثلاث من ميداليات النجمة البرونزية، ووسام القلب الأرجواني مرتين، ووسام الاستحقاق مرتين، ووسام النجمة الفضية، وصليب الطيران المتميز.

وفي حملته للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية في عام 2000، تصدر السباق على منافسه جورج دبليو بوش، في الجولة الأولى، ولكنه لم يحقق نتائج جيدة بالتصفيات اللاحقة، وفي نهاية المطاف سلم بالهزيمة أمام بوش بعد حملة مريرة.

وبعد الفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة في 2008، خسر ماكين أمام المرشح الديمقراطي باراك أوباما، الذي حصل على 53%.

الربيع العربي في 2011

وعند اندلاع الاضطرابات التي أطلق عليها اسم "الربيع العربي" في عام 2011، حث ماكين الرئيس المصري حسني مبارك على التنحي، ودعا الولايات المتحدة إلى اتخاذ موقف مؤيد للديمقراطية في المنطقة العربية رغم مخاطر استحواذ الاسلاميين المتطرفين على السلطة في دول المنطقة.

جهوده في السياسة الخارجية

كان ماكين من صقور السياسة الخارجية، كما كان من أقوى المؤيدين للحرب على العراق، وأيد زيادة القوات هناك تحت إمرة الجنرال ديفيد بترايوس، ولكنه وصف وزير الدفاع الأمريكي السابق، دونالد رامسفيلد، بأنه "واحد من أسوأ وزراء الدفاع في التاريخ"، وانتقد تعامل إدارة الرئيس السابق جورج بوش مع الصراع في العراق.

وعارض بشده، ترحيل المعتقلين المشتبه في أنهم "إرهابيون" إلى سجون سرية في دول تستخدم أساليب تحقيق غير قانونية، كما عارض أيضًا استخدام التعذيب، ونجح في تبني تشريع يحظر استخدام أساليب قاسية ولا إنسانية ومهينة في معاملة المشتبه فيهم، مثل أسلوب محاكاة الغرق.

اقرأ أيضًا: وفاة السيناتور الأمريكي جون ماكين عن عمر يناهز 81 عاما

وأيد بقوة التدخّل العسكري الأمريكي لإسقاط نظام الأسد، حتى إنه هاجم الرئيس السابق، باراك أوباما، مرارًا، ووصفه بـ"الضعيف"، كما انتقده بشدة حينما رفض إسقاط بشار الأسد بعد ارتكاب الأخير مجزرة في ريف دمشق بالسلاح الكيماوي عام 2013، حيث وصفه حينها بـ"المتخاذل" وبأن أمريكا فقدت دورها الريادي في العالم بسبب سياساته.

زار ماكين في مايو 2013، القوات المعارضة في سوريا، ودعا إلى تزويدها بالأسلحة الثقيلة وإقامة منطقة حظر طيران تشمل الأراضي السورية كافة.

مواقفه الداخلية

لم يتردد ماكين في إعلان الخلاف مع حزبه في القضايا الداخلية، فانتقد خطة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن لخفض الضرائب، وقال في مجلس الشيوخ عام 2001، «لا أستطيع أن أؤيد وأنا مرتاح الضمير خفضًا للضرائب، تذهب معظم فوائده للأوفر حظًا بيننا، على حساب الأمريكيين من الطبقة الوسطى».

وفي التعاون مع النواب الديمقراطيين في الكونجرس، لم يتررد وأبرز مواقفه حين أسقط العام الماضي مشروعًا للرئيس دونالد ترامب لإيقاف العمل بقانون "أوباماكير" للرعاية الصحية، الذي أُقر في عهد باراك أوباما، لعدم اقتناعه بالبديل.

وكان ماكين منتقدًا بارزًا لترامب، خصوصًا اتجاه مواقفه من الهجرة والهجرة غير الشرعية، وتجاه المسلمين والنساء.

ومن منطلق الولاء للحزب، أيد ماكين ترامب عندما فاز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة، لكنه سحب تأييده هذا في أكتوبر 2016، بعد الكشف عن تسجيل يتباهى فيه ترامب بالتحرش بالنساء، وظل ماكين منذ ذلك الحين حتى وفاته، من منتقدي رئاسة ترامب، لدرجة أنه أوصى بأن لا يحضر جنازته.

ونشرت الـBBC صور للسيناتور الجمهوري جون ماكين، في بادية حياته العسكرية والسياسية.

 

يذكر أن أسرة ماكين قد قررت، يوم الجمعة الماضي، وقف علاجه لسرطان الدماغ، الذي يكافحه منذ أكثر من عام، في إعلان أثار موجة نادرة من التعاطف بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، تكريما لبطل حرب فيتنام والخبير السياسي البارز في الحزب الجمهوري.

 

شارك الخبر على