هيومن رايتس ووتش التعذيب في سجون الموصل أودى بحياة مشتبه بهم
حوالي ٧ سنوات فى المدى
بغداد/ المدى
جددت منظمة هيومن رايتس ووتش، أمس، الحديث عن تعذيب المحتجزين في مراكز نينوى، فيما أكدت أن أحد المشتبه بارتباطهم بداعش توفي أثناء التعذيب.وقالت المنظمة في تقرير لها تلقت (المدى) نسخة منه، إن "معتقلَيْن سابقَيْن ووالد رجل توفي أثناء الاعتقال قدموا تفاصيل عن سوء المعاملة والتعذيب والموت في مراكز تديرها وزارة الداخلية في الموصل".ونقلت المنظمة عن شخص كان محتجزاً لدى مديرية الاستخبارات ومكافحة الإرهاب (الاستخبارات) في سجن شرقي الموصل من كانون الثاني الى أيار 2018 قوله إنه "شاهد وتلقى تعذيبا متكررا أثناء الاستجواب، ورأى 9 رجال يموتون هناك، اثنان على الأقل من سوء المعاملة". كما قال والد رجل آخر من الموصل اعتقل في آذار من قبل الشرطة المحلية، إنه "توفي أثناء استجوابه من قبل هذه القوات في مركز تابع لها في الموصل". وفي شهادة ثالثة، قال رجل احتُجز في سجن الاستخبارات في القيارة إنه "رأى رجالاً آخرين عادوا من الاستجواب وهم يحملون علامات من سوء المعاملة على أجسادهم".وقالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش: "هذه المزاعم الأخيرة لا تعكس المعاملة الوحشية لمحتجزي وزارة الداخلية في منطقة الموصل فحسب، بل أيضا عدم إحقاق العدالة من قبل السلطات الأمنية والقضائية عند وجود دليل على التعذيب. تقاعس الحكومة عن التحقيق في التعذيب والوفيات في الاحتجاز هو ضوء أخضر لقوات الأمن لممارسة التعذيب دون أي عواقب".وقالت المنظمة انه "بسبب معدل إطلاق السراح المنخفض نسبياً، لم يتمكن الباحثون من العثور على معتقلين سابقين آخرين كانوا على استعداد للتحدث". وأشارت الى أنه "مع ذلك، فإن أساليب التعذيب الموصوفة تتفق مع ممارسات التعذيب التي تمارسها قوات وزارة الداخلية الأخرى، التي وصفها للباحثين محتجزون سابقون آخرون ووُثِّقت بالصور ومقاطع الفيديو التي نشرها المصور الصحفي علي أركادي في أيار 2017".ورغم ذلك أكدت هيومن رايتس ووتش أن باحثيها حصلوا من المعتقلين على أدلة مادية أو وثائقية أو فوتوغرافية لإثبات رواياتهم. كما أكدت أن "الرجال المعتقلون أو المفرج عنهم لم يُخبروا القضاة بأنهم تعرضوا لسوء المعاملة أو أنهم شهدوا سوء معاملة، خشية الانتقام من حراسهم، وقالوا إنهم لن يتخذوا أي خطوات للإبلاغ عن سوء المعاملة". قال أحد المعتقلين، بحسب التقرير، إنه "أصيب بكدمات في جميع أنحاء ذراعيه، كانت واضحة للقاضي، لكنّ القاضي لم يستفسر عنها أو يحقق في إمكانية استخدام التعذيب". لكن الأب الذي فقد ابنه قال إنه "تقدم بشكوى رسمية إلى الشرطة لكنه لم يتلقّ ردّاً بعد".وأضاف الاب سلام عبيد عبد الله إن "الشرطة اعتقلت ابنه في الساعة 11:30 مساء في 22 آذار. لم يقدم العناصر أي سبب للاعتقال، لكنهم قالوا إنهم يريدون استجواب ابنه في مركزهم المحلي. بعد يومين، عبر اتصالات شخصية، قال عبد الله إنه تأكد في النهاية من المركز الذي يحتجز فيه ابنه. وبعدها أخبره رجل أمن في المركز أن عبيد قد توفي في ذلك الصباح أثناء استجوابه بسبب نوبة قلبية. قال عبد الله إنه طالب بإجراء فحص طبي شرعي، لكن رجل الأمن قال إنه سيحتاج إلى انتظار وصول فريق تحقيق طبي من بغداد".في 23 نيسان، أعادت الشرطة جثة عبيد إلى عائلته، قائلة إن الفريق قد أجرى فحصا، لكنه سيحتاج إلى إصدار التقرير من بغداد. لم تتلق العائلة التقرير. عرض عبد الله 3 صور لجثة عبيد، تظهر فيها جروح على جبينه وظهره، وكدمات وحروق على ساقيه، وكدمات على كتفيه، ودم جاف في أذنيه وأنفه.وفي سياق متصل، قال محمود (35 عاما)، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه الثنائي، إنه "سلّم نفسه إلى مسؤولي الاستخبارات في الموصل في كانون الثاني بعد أن أخبره صاحب العمل أن الاستخبارات قد أصدرت مذكرة توقيف بحقه. احتُجز 4 أشهر، تعرض خلالها للتعذيب مرارا لأنه اشتُبه في انتمائه إلى تنظيم داعش"، وقال إنه "رأى شخصين يموتان بسبب التعذيب".أُطلق سراح محمود في أيار، من قبل قاضي تحقيق في محكمة نينوى لمكافحة الإرهاب، حيث وجد أنه لا يوجد دليل يربط محمود بداعش. وقال: "في معظم الليالي، أرى كوابيس حيث يُتهيّأ لي أنني ما زلت في السجن. أستيقظ وأنا أتعرق ولا أقوى على التقاط أنفاسي إلا حين ألتفت حولي وأرى أنني في بيتي، مستلقياً بجوار زوجتي". قال محمود إنه عُلّق في وضعية "البزونة" (القطة) 6 مرات على الأقل أثناء احتجازه طوال ساعات. قال إنه خلال 4 مرات على الأقل، فقد وعيه قبل أن يتم إنزاله. في بعض الأحيان كان العناصر يرشون الماء عليه قبل أن يعاودوا ضربه بكابلات معدنية، بحسب ما قال. كريم هو الثالث لم يسلم، فقد احتجز 11 شهراً، أولاً في سجن الاستخبارات في القيارة، على بعد 60 كيلومتراً جنوب الموصل، ثم في سجن الفيصلية حيث كان محمود محتجزا. قال كريم لـ(هيومن رايتس ووتش) في تموز إنه لم يتم استجوابه أو تعذيبه، لكنه رأى علامات تعذيب على 5 رجال في سجن القيارة".وجد قاضٍ في أيار 2017، بعد فترة وجيزة من احتجازه، أنه لا يوجد دليل واضح ضده وأمر بإجراء فحص أمني لإخلاء سبيله. لكنه احتُجز حتى أيار 2018، عندما تمكن محاميه من تحديد مكانه والإثبات للقاضي أنه لا يوجد أي دليل ضده.في 12 آب الحالي، كتبت هيومن رايتس ووتش إلى حيدر العكيلي، ممثل اللجنة الاستشارية لرئيس الوزراء، طالبته بالرد على ادعاءات الأشخاص الذين تمت مقابلتهم. وكتب العكيلي في رد أولي في 14 آب أنه ملتزم في التحقيق في موت داود سلام العبيد، لكنه لن يتمكن من التحقيق في الادعاءات الأخرى ما لم يُعلن عن هوية الأشخاص المعنيين. أوضحت هيومن رايتس ووتش في رسالة لاحقة أنها وفرت معلومات كافية للتحقيق في ادعاءات التعذيب والموت أثناء الاعتقال، بما فيها فترات الاحتجاز وأماكنه والأشخاص الذي لعبوا دورا. وكتب العكيلي لاحقا في اليوم نفسه في رسالة إلكترونية، في إشارة إلى الطلب من مكتبه إجراء تحقيق: أود أن أقول نحن متفقون ولسنا مختلفين لأننا بالطبع سنقوم بذلك و(لكن)... عملية فتح تحقيقات بهذه التفاصيل الدقيقة بناء على "رواية" شخص غير معروف أمر صعب... ومع ذلك فسوف نقوم بكل ما نستطيع. كما قدمت المنظمة، المعلومات إلى المفتش العام بوزارة الداخلية.وأضافت فقيه: "المحتجزون وعائلاتهم يقدمون دليلاً ملموساً على إساءة المعاملة في مراكز وزارة الداخلية. الكرة الآن في ملعب السلطات لتظهر أن لديها الهيكليات المناسبة للتحقيق والملاحقة والتعويض".