الرئيس عون في الامم المتحدة من التوطين الى المبادرة الروسية! (د. علا بطرس)

أكثر من ٥ سنوات فى تيار

في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول من العام الماضي، خاطب الرئيس العماد ميشال عون قادة العالم بإعلانه ثوابت السياسة اللبنانية حاملاً في جعبته انتصار الجيش اللبناني على الارهاب في معركة "فجر الجرود" بأنّه لم يعد قادراً على تحمّل تداعيات الأزمة السورية لناحية النزوح بعدما انتفت أسباب اللجوء الأمني وعودة الاستقرار الى معظم أراضي الدولة السورية مؤكداً على موقف لبنان المنادي بالعودة الآمنة دون ربطها بالحل السياسي. وفي حين، عمدت الدول المانحة والمنظمات الدولية من خلال ما يُعرف بخطة الطوارىء للاستجابة للازمة التي تحولت الى خطة اندماج وتوطين من خلال تقرير بان كي مون ٢٠١٦ وبيان بروكسل ٢٠١٨ الا ان موقف الرئيس عون لم يحد عن الثوابت كما جاء في خطابه من على المنبر الاممي بأنّ "لبنان لن يسمح بتوطين أي لاجىء او نازح على ارضه مهما كان الثمن والقرار في هذا الشأن يعود لنا وليس لغيرنا".
وبالتزامن مع التوجه الدولي الغافل عن معادلة الامن والاستقرار للبنان ولاوروبا والرابط لعودة النازحين بالحل السياسي كورقة ضغط، لم يوفّر الرئيس عون فرصة او مناسبة للدفاع عن موقف لبنان سواء بلقاءاته مع نظرائه او برسائل الى الأعضاء الدائمين لمجلس الامن الدولي والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة كما كلّف مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم بالتنسيق مع الحكومة السورية لتأمين عودة النازحين لمن يرغب طوعاً بالعودة الى سوريا.
لم يألُ وزير الخارجية جبران باسيل جهداً لوضع حد للسياسة المتمادية بحق لبنان وديمومته وبقاء كيانه كدولة والوقوف بوجه التوطين لا سيّما الإجراء الذي اتخذه بحق مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين مطالباً إياها بوضع برنامج تنشيط العودة الى الوطن، حتى أتت المبادرة الروسية لتتطابق مع الموقف اللبناني في سياق ما تم الاتفاق عليه في البيان الختامي لقمة "سوتشي" في تشرين عام ٢٠١٧ بعودة النازحين المتزامنة مع عملية اعادة الإعمار وليس الحل السياسي. وفي حين، رحّب لبنان بالمبادرة في اللقاء الذي عقد في القصر الجمهوري من قبل أركان الدولة مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي لافرنتييف كما ان معني بإنجاحها وفق ما عبّر عنه وزير الخارجية جبران باسيل في زيارته الى موسكو لوضع آلياتها التنفيذية. فما هي المبادرة؟
أتت المبادرة كمظلة سياسية لعودة النازحين حيث يجري الرئيس بوتين لقاءاته مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب والفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للغاية عينها. وتنشط روسيا مع الدول الداعمة لاتفاق آستانة اي تركيا وإيران وكذلك سوريا التي تتخذ خطوات عملية مواكبة للعودة ومنها تأمين المدارس والرعاية الاجتماعية والصحية وفرص العمل وبناء المساكن وتدرس الحكومة السورية حالياً مسألة تخفيض الخدمة الالزامية في الجيش التي تعتبر من معوقات عودة الشباب السوري الى وطنه. تم انشاء لجنة مشتركة روسية- سورية وروسية - تركية ووقعت سوريا اتفاق استراتيجي اقتصادي مع ايران للبنى التحتية ولإعمار ٣٠ الف وحدة سكنية... وتأتي الخطوات التنفيذية الروسية - اللبنانية لوضع العودة الآمنة على السكة الصحيحة بالتزامن مع السياسة الموحدة للحكومة لإتمام هذا الملف.
ويبقى ما طالب به وزير الخارجية جبران باسيل المجتمع الدولي بتسهيل العودة والتمكين الاقتصادي للنازحين في وطنهم مصلحة حيوية لكل الأطراف لتأمين الاستقرار المستدام لأن الفقراء الذين يعيشون في مخيمات هم عرضة للاستغلال من المنظمات الإرهابية التي تحولهم الى قنابل موقوتة بوجه الاعتدال والاستقرار والحداثة الغربية نفسها.
ختاماً، عندما يقف الرئيس عون من على المنبر الأممي هذه السنة ستكون وقفته فوق مدفن التوطين ومشاريع الترانسفير السكاني التي اتخذت من الطابع الانساني مطية لأهداف سياسية. ولا شك، سيتذكر العالم دائماً ما قاله يوماً "يستطيع العالم ان يسحقني لكنه لن يأخذ توقيعي". لذلك ان العودة الآمنة والكريمة والمستدامة والممرحلة بدأت... ولا شيء سيوقف مسار الشعوب عندما تكون كلمتها موحدة برئيس يستشرف مستقبلها ويضمن مصالحها.

شارك الخبر على