من الأشهر اليوم؟

سادت حالة من الغضب والاستياء بين فلاحي محافظة كفر الشيخ، بعد تلوث مياه الري المغذية لأراضيهم، مما تسبب في تهديد محصول الأرز وخرجت معظم "السنابل" فارغة لا تحتوي على أرز نظرًا لملوحة التربة، إلى جانب لجوئهم لاستخدام مياه المزراع السمكية التي تعتبر أشد خطورة من مياه الصرف الصحي.

قال محمد هيكل، مزارع بقرية الرصيف، إن مياه الري لا تصل إليهم نهائيًا على الرغم من الترخيص لهم بزراعة الأرز فى بعض المناطق، مما دفعهم لاستخدام مياه الصرف الزراعي المخلوط بالصرف الصحي ومخلفات المصانع.

وأضاف هيكل، أن مع الوقت أصبحت المياه لا تصل إليهم مما هدد آلاف الأفدنة الزراعية بالبوار، واضطرهم للري براجع "المزارع السمكية" المجاورة لهم والذي تعتبر الأشد خطورة والأكثر فتكا من مياه الصرف الملوثة، وتسببها في ملوحة التربة، مما يضعف النباتات ولاسيما محصول الأرز الرئيسي، حيث ينتج سنابل فارغة وهو مايهدد إنتاجية الفلاح وتدمير زراعة الأرز.

اقرأ أيضًا: نقيب الفلاحين: «نروي محاصيل كفر الشيخ بمياه الصرف الملوثة»

وأوضح محمد عبد المحسن، مزارع بقرية 56 بمركز الرياض، أن مياه صرف المزارع السمكية ساعدت على انتشار الأوبئة والفيروسات بسبب ري المحاصيل الزراعية بها، بعد أن تقطعت به السبل للوصول إلى مياه الصرف الزراعي أو الصحي، مضيفًا أن زوجته توفيت بسبب فيروس "سى" في مارس الماضي كما توفي والده أيضًا بنفس المرض.

ولفت عبد المحسن، إلى أن ما يحدث موت وخراب ديار، بسبب مياه المزارع السمكية في تقليل إنتاجية النبات وخاصة الأرز إلى الثلثين تقريبًا، وكذلك عدد من المحاصيل الأخرى كالقطن، مناشدًا المهندس عبد الرافع عبد العظيم،  وكيل وزارة الزراعة بكفر الشيخ، بزيارة قرى مركز الرياض لمناقشة مشكلات لافلاحين.

"مافيش فلوس وما عليكم إلا الانتظار".. هكذا رد مسؤول الري بالمحافظة على عبد العزيز هيكل، مزارع بقرية أبو سعيد، حينما ذهب هو وعدد من فلاحي مركز الرياض للمسؤول لكى يقوم بحل مشكلة المياه لديهم.

وتابع عبد العزيز: "طرقنا جميع الأبواب لحل هذه المشكلة التي تتفاقم كل عام ونجدتنا من مياه المزارع السمكية ولكن لم يستجب لنا أحد، وعندما تواصلنا مع وكيل وزارة الري تحجج لنا بعدم وجود أموال لعمل مشروع ري خاص بنا ونصحنا بالانتظار حتي تتوافر ميزانية ونحن ننتظر من العام الماضي وحتي الآن ولم يحدث شيئًا".

اقرأ أيضًا: «مخلفات المصانع والمصارف».. الزراعة في مصر يهددها تلوث المياه

من جانبه، أكد الدكتور محمد الغنام، باحث في الأراضي والمياه في مركز البحوث الزراعية بسخا، أن قرى كفر الشيخ بشكل عام تعاني من فقر مائى، وذلك لوقوعها فى نهاية المصبات، مما اضطر الري والزراعة إلى تنظيم عملية الرى وتنظيف المصارف المائية لكى تصل هذه الكمية القليلة من المياه للجميع، ولكن للأسف لم تنجح خطتهم بشكل كبير، مما اضطر الأجهزة المحلية متمثلة في المحافظة للتدخل لحل الأزمة، وقاموا بعمل ما يسمى بمنظومة "الري المطور" بتمويل من أحد البنوك العالمية وتكلفت ملايين الدولارات، ولكنها لم تنجح أيضًا لعدم وجود مياه من الأساس.

وأضاف الغنام، في تصريحات لـ"التحرير"، أن تلوث المياه والتغير المناخي أدى إلى إضعاف التربة الزراعية فكانت مياه المزارع السمكية الأشد خطرًا على التربة فلوثها بشدة وزاد من ملوحتها وهو ما تسبب فيما يشكو منه الفلاحين حاليًا من تقليل إنتاجية محصول الأرز بسبب التلوث.

وأشار مصدر بمديرية الري بكفر الشيخ، إلى أنهم لا يألوون جهدًا في حل مشكلة الري المستعصية منذ سنوات، ولكن يقف الدعم المادي عائقًا في كثير من الأمور بالإضافة إلى موقع المحافظة في نهاية المصبات، مناشدًا الفلاحين الالتزام بقرار وزارة الزراعة بخصوص مساحات زراعة الأرز حتي يتسنى حل المشكلة، قائلًا: "نعلم بوجود مشاكل ونعمل على حلها وسنوجه اهتمامنا خلال هذه الفترة للقرى الأكثر تضررًا وخاصة في مركزي الرياض وسيدي سالم".