منافسة خلف القضبان و«الفوتوشوب».. انتخابات موريتانيا على صفيح ساخن

أكثر من ٥ سنوات فى التحرير

تستعد موريتانيا لأكبر انتخابات تنافسية في تاريخها والتي تجرى أول سبتمبر المقبل، حيث انطلقت أمس رسميًا الحملة الانتخابية للمتنافسين الذين أثار عددهم حفيظة الكثيرين، خاصة أن 100 حزب سياسي في البلاد، أعلنت ترشيحات لقوائم الانتخابات التشريعية والبلدية.

وتحظى الانتخابات المقبلة بأهمية خاصة، فمن يحصل على الأغلبية البرلمانية قد يكون بمقدوره إجراء تغييرات دستورية ومنها إجراء تعديل في عدد الفترات الرئاسية المحددة حاليا بفترتين، حيث ستكون الانتخابات المقبلة مهمة لتحديد الطيف السياسي الذي سيفوز بالأغلبية في البرلمان الجديد وفي المجالس الجهوية المستحدثة بعد إلغاء مجلس الشيوخ.

منافسة من خلف القضبان

وتشهد الانتخابات المقبلة العديد من المفارقات، ومنها وصول المنافسة إلى السجون، حيث يشارك سجينان في الانتخابات الحالية، ويفتتحان حملاتهما الانتخابية من داخل الزنازين وهما السيناتور المعارض محمد وغده الذي يعتبر مرشحًا شرفيًا لحزب التناوب الديمقراطي "إيناد" على رأس اللائحة الجهوية المنافسة في الانتخابات التشريعية بالعاصمة نواكشوط، والناشط بيرام ولد الداه وهو مرشح حزب الصواب على رأس اللائحة الوطنية، فيما تم إطلاق سراح الدكتور محمد ولد الشيخ وهو مرشح حركة نستطيع عن حزب الجيل الجديد على رأس اللائحة الوطنية الذي اعتقل مطلع أغسطس الجاري في ظروف غامضة.

اقرأ أيضًا: «التشيع» يضع العلاقات «الموريتانية-الإيرانية» على صفيح ساخن 

كما أثارت صور المرشحين جدلًا واسعًا في البلاد بعد إقدام أحدهم على أخذ صورة للرئيس ومعالجتها بالفوتوشوب وإزالة وجه الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ووضع وجهه مكانه، فيما أزال آخرون وجوه مشاهير وفنانين عالميين وعارضي أزياء ووضعوا وجوههم مكانهم، ولم يكلفوا أنفسهم حتى شراء بدلة والتقاط صورة، وتم ذلك بإشراف وكالات دعاية عديمة الخبرة في الدعاية الانتخابية، وفق متابعين وناشطين.

كما لجأت أغلب المترشحات إلى نشر صور دعائية لصورهن في غرف النوم أو في المنزل سبق ونشرنها على تطبيق "سناب شات" وهي صور "رومانسية أو عائلية" لا تليق بالتنافس الانتخابي، بحسب "إرم نيوز".

أرقام مثيرة

ومن المفارقات أيضًا هي الأرقام التي ستحملها تلك الانتخابات، فقد بلغ عدد الأحزاب المشاركة في الانتخابات 98 حزبا سياسيا من أصل 105 أحزاب هي عدد الأحزاب الموريتانية المرخص لها، أما المرشحون الفرديون فلا يسمح القانون الانتخابي بالترشيحات المستقلة لأن الأحزاب طلبت من الحكومة إلغاء "الترشيحات الفردية" لأنها "تضر بالأحزاب السياسية وتقزم دورها".

اقرأ أيضا: من الخيمة إلى القصر.. كيف استعدت موريتانيا لأول قمة إفريقية؟ 

وتقدمت الأحزاب السياسية المعارضة والموالية بلوائح للمشاركة في الانتخابات النيابية والمحلية والجهوية التي ستجري في يوم واحد وبشكل متزامن، إذ سيكون على الناخب الموريتاني التصويت خلال دقائق على عضو البرلمان عن دائرته الانتخابية ومجلس بلديته والمجلس الجهوي لمحافظته.

وبلغ عدد الناخبين الجدد المسجلين على القائمة الانتخابية مليونا و400 ألف و663 ناخبا، فيما بلغ عدد المراكز الانتخابية 4035، ولا يتجاوز عدد الناخبين 500 على مستوى كل مكتب انتخابي، بحسب صحيفة "العرب".

أما عدد مقاعد البرلمان الموريتاني فتبلغ نحو 157 مقعدا "للجمعية الوطنية"، 87 منها يجري انتخابها عبر النظام النسبي و70 بنظام الأغلبية المطلقة.

ويتيح اعتماد نظام التصويت بالنسبية دخول أحزاب صغيرة إلى البرلمان، مثلما حدث في تجربة انتخابات 2013، حيث بلغ عدد الأحزاب الصغيرة الممثلة في البرلمان 13 حزبًا بدلًا من الأحزاب الكبرى التي كانت تكتسح جميع مقاعد البرلمان، خاصة الحزب الحاكم.

اقرأ أيضًا: موريتانيا تعلن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر 

ويجري التصويت بالنظام النسبي على 20 مقعدا تتنافس عليها 97 لائحة (قائمة)، منها 20 قائمة خاصة بالنساء، و18 مقعدا عن ولايات العاصمة نواكشوط الثلاث لكنها دائرة انتخابية واحدة ومقاعد أخرى في عدد من المدن الكبرى للبلاد، أما في باقي الدوائر فيجري الانتخاب بنظام الأغلبية المطلقة.

وتتنافس الأحزاب السياسية على 13 مجلسا جهويا، وهي أول انتخابات تجرى لهذه المجالس بعد استحداثها بموجب تعديل دستوري في أغسطس 2017، أفضى إلى إلغاء مجلس الشيوخ، ويبلغ عدد اللوائح المتنافسة عليها 159 لائحة، بحسب "هسبريس".

الرابح الأكبر

تستفيد النساء الموريتانيات من قانون "الكوتا" الذي جرى إقراره سنة 2006 ويفرض تخصيص نسبة 20% من مقاعد البرلمان للنساء.

ويرى متابعون بحسب "سكاي نيوز" أن الموريتانيات يستفدن من هامش سياسي مهم، إذ يشكلن 52% من كتلة الناخبين، كما أنهن منخرطات بقوة في المشهد الحزبي.

وزادت نسبة النساء المشاركات في الحياة السياسية بشكل كبير بعد إقرار مبدأ التمييز الإيجابي لصالح النساء في البرلمان، بعدما ظل الحضور النسائي محدودًا خلال العقود الماضية.

ويفرض القانون احتلال النساء مراكز متقدمة في اللوائح لضمان وصولهن الفعلي إلى المجالس المنتخبة، وهو ما يضمن حصول النساء على 30% من تلك المجالس.

بينما ترى الكاتبة الروائية الموريتانية أم كلثوم بنت أحمد، وهي مرشحة ضمن لائحة في نواكشوط، أن المرأة الموريتانية تمثل حالة خاصة في سياق نيل المرأة العربية لحق المشاركة في المسار السياسي، مشيرة إلى العدد الكبير من الوزيرات في تاريخ الحكومات الموريتانية.

وتقود عدة نساء أحزابا سياسية في موريتانيا من أبرزهن الوزيرة الحالية الناها بنت مكناس، التي كانت أول سيدة عربية تتولى رئاسة الدبلوماسية في بلدها، وهي رئيسة حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم، وتقود لائحة وطنية باسم الحزب في السباق الانتخابي الموريتاني.

الاستجابة للرئيس

الرئيس الموريتاني دعا إلى التصويت للحزب الحاكم (الاتحاد من أجل الجمهورية) في الانتخابات البرلمانية والبلدية والإقليمية، كما دعا مرشحين من أحزاب الموالاة الداعمة له بسحب ترشحاتهم ودعم مرشحى الحزب الحاكم في الانتخابات المقررة في الأول من سبتمبر المقبل.

اقرأ أيضًا: انتخابات زيمبابوي.. تبادل للاتهامات وموجابي ما زال حاضرًا 

وفي استجاب سريعة لهذه الدعوة، كشف رئيس لجنة الحزب الموريتاني الحاكم للإعلام، الدكتور محمد ولد عبد الفتاح أن بعض الأحزاب استجاب لولد عبد العزيز بسحب ترشحاتها لدعم الحزب الحاكم.

شارك الخبر على