بعد رفض رجال الأزهر لها.. هل تلغي الحكومة «الضريبة العقارية»؟

أكثر من ٥ سنوات فى التحرير

«أنا لست مع فرض الضريبة العقارية، لكن هذا نقوله في اللجان والحوار المجتمعي وهنفضل وراه لغاية لما يتلغي، ومن هنا لغاية ما تتلغي هدفع الضرايب لأنه لا يجوز الخروج على الحاكم».. هكذا أجاب الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، خلال لقائه ببرنامج «والله أعلم» في إجابته عن سؤال متصل يسأل عن: «حكم الشرع في فرض الضريبة العقارية على المنازل؟».

وتابع: «لا علاقة لأحكام الدين بالضريبة العقارية، وهذا أمر سنلتزم به طالما أقره ولي الأمر، الذي لا يجوز الالتفاف على أوامره»، مضيفا: «سأدفع الضريبة العقارية وأنا غير مقتنع بها، ولكنه نظام عام يجب الالتزام به».

«مش في شرعنا»

وأوضح مفتي الجمهورية السابق، أنه ليس مع قانون فرض الضريبة العقارية على المنازل، وهذا الرأي من منظور رجل اقتصادي وليست فتوى، مشيرًا إلى أن هذا القانون فُرض عام 2009، وأثار وقتها جدلًا واسعًا، من باب أنه كيف يجاهد الإنسان في سبيل الله من أجل بناء منزل ليستقل فيه، وبعدها يدفع ضريبة تساوي أو تعلو الإيجار. 

وسبقه فى هذا الرأي الداعية الإسلامي الدكتور مبروك عطية، عندما قال خلال برنامج «كلمة السر» فى إجابته عن سؤال متصل يسأل عن "حكم الشرع في فرض الضريبة العقارية": «مافيش حاجة في الشرع اسمها ضريبة على بيوت الناس ماينفعش»، مطالبًا الرئيس عبد الفتاح السيسي، بإلغاء هذه الضريبة: «إلغيها يا ريس مش في شرعنا الكلام ده».

الحكومة توافق على التعديل 

جاء الرد سريعا من الحكومة بتعديل القانون ووافق مجلس الوزراء، أمس الثلاثاء، على مشروع قرار بتعديل بعض أحكام القانون رقم 196 لسنة 2008 بإصدار قانون الضريبة على العقارات المبنية.

وينص التعديل على أنه تستحق الضريبة المربوطة عن أول تقدير اعتبارا من الأول من يوليو 2013، وتستحق بعد ذلك اعتبارا من الأول من يناير من كل سنة، وفقا لأحكام القانون، على أن يستمر العمل بهذا التقدير حتى نهاية ديسمبر 2020، ويهدف التعديل إلى إعطاء فرصة لمصلحة الضرائب العقارية خلال هذين العامين الإضافيين للقيام بأعمال حصر العقارات المبنية الخاضعة لأحكام هذا القانون، ووضع التقدير الخمسي الجديد لتلك القيمة.

ووجه رئيس الوزراء فى هذا الصدد بإعداد بعض التعديلات بالقانون، بما يسهم فى تيسير إجراءات تحصيل الضريبة، ويعالج أى تشوهات ظهرت بالقانون بعد التطبيق.

الأمر الذي يطرح تساؤلا: هل يرضي هذا التعديل الأصوات الرافضة من قطاعات كبيرة فى الدولة من بينها رجال الدين وغيرهم من القانونيين والدستوريين؟ هل هذا يجعل الدولة تتراجع عن تطبيق قانون الضريبة العقارية على المبانى السكنية؟

«جباية» والدولة مزنوقة

من جانبها، قالت الدكتورة آمنه نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة والعميدة السابقة لكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر، إن تطبيق الضريبة العقارية على المنازل والبيوت هى نوع من الجباية، وتعتبر من مصالح الدولة الوقتية، لأنها «مزنوقة» أي لديها حالة ضغط اقتصادى، وتسعى لتعويض ذلك من المواطن بكل سهولة.

وأوضحت "نصير"، فى تصريح لـ«التحرير» أن الحكومة فجأة تذكرت تفعيل قوانين كثيرة فى وقت واحد، الأمر الذى يحدث ضغطا على المواطن بشكل كبير، مشيرة إلى أن ذلك يدل على عدم ذكاء الجهات المسئولة سواء من رئيس الوزراء أو الوزراء.

وطالبت العميدة السابقة لكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر، الحكومة بضرورة إدراك الحالة الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، والإلمام بحجم الضغط النفسي على الشعب، حتى لا ينفجر الإنسان المصري فجأة. 

مخالف للدستور

بينما قال الفقيه الدستوري الدكتور فؤاد عبد النبي، إن إجماع عدد من علماء الدين على أن الضريبة العقارية على المباني السكنية مخالفة للشرع يؤكد أنها مخالفة للدستور وفقا لنص المادة 2 من الدستور والتي توضح أن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع.

وأضاف عبد النبي، فى تصريح لـ«التحرير» أن الضريبة العقارية ليس لها سند دستوري، وتعتبر نوعا من أنواع البلطجة، ويجب معاقبة وزير المالية على هذا القرار لأنه أهان شعب مصر على حد قوله، مشيرًا إلى أن الدستور به 19 مادة تتحدث عن العدالة الاجتماعية بدءا من المادة 8 إلى المادة 26، وهدف الضريبة تحقيق تنمية اجتماعية وتحقيق تنمية اقتصادية، لذلك فهى تصطدم مع الدستور، الدولة ملزمة بتوفير الحياة الكريمة للمواطن.

وأوضح الفقيه الدستوري أن احترام إرادة الشعب المصري يلزم الدولة بالتراجع عن تطبيق هذا القانون لمخالفته الشريعة الإسلامية ولانتهاكه نصوص الدستور.

الدولة فرضت الضريبة لزيادة مواردها 

فى حين قال المستشار القانوني طارق نجيدة، إن الدولة فرضت الضريبة على المواطنين لزيادة مواردها فقط، وليست لتحقيق العدالة الاجتماعية أو إزالة التمييز بين المواطنين، رغم أنها لا تتماشى مع الالتزامات التي نص الدستور من كفالة الدولة حق السكن وتوفيره وتأمينه. 

وأضاف نجيدة، فى تصريح لـ«التحرير» أن المسكن مهما كانت قيمته لا يصح أن تُفرض عليه ضريبة، لأن القاعدة الشرعية والقانونية والدستورية تتحدث عن حق السكن كحق دستوري، فلا يصح فرض الضريبة عليه، فكيف توفر الدولة مسكنًا للمواطن لو طبقت الضريبة العقارية، لافتا إلى أن فرض ضريبة على المسكن يؤدي لزوال هذا الحق المكفول.

وتابع: «يجب إعادة طرح الأمر على المحكمة الدستورية مجددا، لأن دستور 2014 به مواد جديدة تمنع فرض الضريبة العقارية، ولا يجوز فرض ضريبة على العقارات التى لا تدر دخلا».

الضريبة العقارية ليست ضريبة جديدة 

فى المقابل أصدرت مصلحة الضرائب العقارية المصرية، بيانا مؤخرا أكدت فيه أن الضريبة العقارية ليست ضريبة جديدة يتم فرضها على المبانى السكنية، والقانون رقم 196 لسنة 2008 بشأن الضريبة العقارية لا يفرض ضريبة جديدة، فهى ضريبة مفروضة بالفعل بموجب القانون رقم 56 لسنة 1954 وقد تعارف عليها المجتمع باسم «العوايد»، وقد أعيد تنظيم أحكامها بالقانون الحالى رقم 117 لسنة 2014، والذى بموجبه تم إجراء تعديلات جديدة على قانون الضريبة العقارية. 

وعرفت فى القانون العقارات التى تخضع للضريبة على أنها  كل العقارات المبنية على أرض مصر عدا غير الخاضعة للضريبة وهى العقارات المبنية المملوكة للدولة، والأبنية المخصصة لإقامة الشعائر الدينية، والأحواش ومبانى الجبانات، وأوضح القانون أيضا العقارات المعفاة من الضريبة، وهى الوحدات السكنية التى تبلغ قيمتها السوقية أقل من 2 مليون جنيه، أو ما يساوى 24 ألف جنيه كقيمة إيجارية، كما أكد أن سعر الضريبة موحد 10% من القيمة الإيجارية السنوية، بعد خصم 30% مصاريف للسكنى، و32% لغير السكنى، مقابل جميع المصروفات التى يتكبدها المكلف بأداء الضريبة بما فيها مصاريف الصيانة.  

شارك الخبر على