الأنبا أغاثون.. «الاتجاه المعاكس» للبابا تواضروس

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

تمثل واقعة قتل الأنبا إبيفانيوس أسقف ورئيس دير الأنبا مقار بوادي النطرون، صدمة داخل الأوساط الكنسية، والمجتمع المصري ككل، خاصة بعد اعتراف الراهب المجرد إشعياء المقاري، والراهب الذي حاول الانتحار فلتاؤس المقاري بارتكاب الواقعة، ورغم أن ارتكاب جريمة القتل يعود لأسباب شخصية تخص مرتكبها، فإن الكنيسة تشهد صراعا بين تيارين بداخلها، أحدهما «منغلق» و«متشدد»، من الأساقفة القدامى المرسومين في عهد البابا الراحل شنودة الثالث، والتيار الآخر «متفتح» ويسعى «لتجديد» دماء الكنيسة وفتح قناة الحوار مع الكنائس الأخرى، وعلى رأسه البابا تواضروس الثاني، والراحل الأنبا إبيفانيوس. 

الأنبا أغاثون يعارض البابا في الموقف من «حماية الإيمان»

يوم الأربعاء الماضي، ألقى البابا تواضروس عظة هامة، في كنيسة السيدة العذراء بمنطقة الأنبا رويس في الكاتدرائية المرقسية، أشار البابا خلالها لعدة نقاط هامة، أبرزها القرارات التي تم اتخاذها عقب واقعة القتل لضبط الرهبنة، وأضاف أنه سيلحق بها قرارات أخرى، كما أشار إلى أصحاب الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي الذين يعلنون أنهم «حماة الإيمان»، وقال بشكل واضح إن «حامي الإيمان هو السيد المسيح فقط».

وداومت مجموعة من الحسابات والصفحات على مهاجمة البابا تواضروس، في عدة مواقف، مثل عمل زيت الميرون، وخلال استقباله بابا الفاتيكان في القاهرة، كما هاجمت الأب متى المسكين، وكانت تهاجم الأنبا إبيفانيوس قبل مقتله.

لكن بعد عظة الأربعاء للبابا بيومين وبالتحديد يوم الجمعة الماضية، ذهبت قناة "مي سات" التابعة للمركز الثقافي القبطي إلى مغاغة خصيصا لنقل عظة الأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة، التي تحدث فيها عن ضرورة حماية الإيمان وقال نصا: «صحيح حامي الإيمان الرب، لكن من ائتمنه على الإيمان مطلوب منه يحميه ويحرسه، والحارس الرب لكن من خلال الوكلاء، وبولس قال إنه حامي الإنجيل»، ليعلن موقفا مغايرا للذي أعلنه البابا تواضروس، وهي ليست المرة الأولى التي يتخذ الأنبا أغاثون فيها مثل تلك المواقف، حيث أصدر بيانات وقام بحذفها فيما بعد، خلال انتقاده كتاب الأنبا بفنوتيوس، وموقفه من معمودية الكنيسة الكاثوليكية سواء على موقع الإيبارشية أو صفحة الإيبارشية على «فيسبوك». 

الأنبا أغاثون ومحاربة الأفكار الإصلاحية

في عهد البابا شنودة نشر الأنبا بفنوتيوس، مطران سمالوط كتابا بعنوان «حتمية النهوض بالعمل الكنسي»، ورغم وجود الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس في ذلك الوقت فإنه لم يتعرض لأي محاكمة كما حدث لغيره سابقا ممن حاولوا الولوج لهذا الحقل داخل مؤسسة الكنيسة، كما حدث مع القس إبراهيم عبد السيد الذي رحل عن عالمنا سنة 1998، وهو محروم من قبل البابا شنودة وتم غلق أبواب الكنائس في وجه جثمانه لمنع إقامة صلاة الجنازة عليه، بسبب الكتب التي نشرها وأبرزها «المعارضة من أجل الإصلاح الكنسي» و«أموال الكنيسة من أين وإلى أين؟»، إلا أن دور الأنبا بيشوي في محاكمة الفكر توارى بعد رحيل البابا شنودة، ويحاول لعب هذا الدور الأنبا أغاثون، لكن لم يترك له البابا تواضروس الفرصة لممارسة هذا الدور.

الأنبا أغاثون يعتبر كتاب «المرأة والتناول» للأنبا بفنوتيوس «بدعة»

أصدر الأنبا بفنوتيوس مطران سمالوط في ديسمبر 2016 كتابا بعنوان «المرأة والتناول»، يرفض فيه منع النساء من «التناول من الأسرار المقدسة في فترة الدورة الشهرية»، وهي نفس الدعوة التي أطلقها الأب متى المسكين عام 2000، وكان يرى أن فكرة المنع من ممارسة الأسرار في أثناء تلك الفترة أو بعد الولادة، باعتبارها عادة يهودية لا تمت للمسيحية بصلة.

ورد الأنبا أغاثون على كتاب الأنبا بفنوتيوس بدراسة وصف فيها كتاب «أخيه في الخدمة» -أي الأنبا بفنوتيوس- بـ«البدعة» وهو «اتهام خطير لا تطلقه الكنيسة عبر تاريخها على أي شخص إلا بعد مراجعته وعقد مجمع لمناقشة أفكاره»، وبالفعل اعترض البابا تواضروس وقتها على هذا الوصف. 

مرفق في نهاية التقرير نص الدراسة التي أصدرها الأنبا أغاثون بعنوان «الرد على بدعة المرأة الحائض والوالدة من الأسرار المقدسة»

وناقش المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، قضية «تناول المرأة وقت الحيض»، في يونيو 2017، لكن المجمع الذي يبدو أنه يغلب عليه الصوت الأصولي، حاول إمساك العصا من المنتصف، خاصة مع ضغوط البابا الذي يسعى للتجديد والمراجعة وبعض الأساقفة الذين يؤيدونه، وأصدر المجمع بيانا يؤكد على أنه «لا أحد نجس لكنه يمنع النساء من التناول وقت الحيض».

وجاء في نص بيان المجمع المقدس أن «التعليم المسيحي يعلن وبوضوح عدم نجاسة أي إنسان مؤمن إلا بالخطية، وأن الإنسان هو هيكل للروح القدس الذي لا يفارق الإنسان إلا في حالة الموت في الخطية، وعليه فإن المرأة طاهرة ومسكن للروح القدس في كل أيام حياتها».

وأضاف: «لكن بسبب التقوى والحرص اللائق بالتناول من الأسرار المقدسة والالتزام بما تسلمناه بالتقليد يليق بالرجل والمرأة أن يمتنعا عن التناول في فترات عدم الاستعداد الجسدي -الإفرازات الجسدية بكل أنواعها: الاحتلام والدورة الشهرية وفترة النفاس والعلاقات الزوجية- إلا في حالات استثنائية بمشورة الأب الكاهن الروحي ولأسباب رعوية.. كما نؤكد أن المرأة غير ممنوعة في جميع ظروفها من جميع الممارسات الروحية الأخرى بما فيها الصلوات الفردية والليتورجيا وقراءة الكتاب المقدس والخدمة وحضور الكنيسة.. ونؤكد أنه يمكن معمودية الطفل (ذكر أو أنثى) في أي يوم بعد ولادته في حالة الضرورة».

ليكون هذا النص انتصارا للمتشددين، لكنه في نفس الوقت حرك المياه الراكدة أمام الداعين للتجديد والتطوير داخل الكنيسة.

لم يتهم المجمع المقدس كتاب الأنبا بفنتوتيوس بـ«البدعة»، كما أطلق عليه الأنبا أغاثون، خلال رده على الكتاب.

الأنبا أغاثون يحرج البابا تواضروس وقت زيارة البابا فرنسيس

خلال زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس الأول، في نهاية إبريل 2017 لمصر، ظهر الأنبا أغاثون أسقف مغاغة ببيان يرفض فيه اتفاق «نسعى جاهدين لعدم إعادة سر المعمودية» بين كنيستي الإسكندرية وروما ووقعه البابوان تواضروس وفرانسيس، ووصف معمودية الكاثوليك بأنها «غير قانونية وغير صحيحة وباطلة». 

ورغم أن البيان بين كنيستي روما والإسكندرية، كان النص فيه «قررنا عدم إعادة سر المعمودية» فإن ضغوط الأساقفة المتشددين داخل المجمع المقدس وأنصارهم على مواقع التواصل الاجتماعي غيرت إلى هذا النص الذي أمسك العصا من المنتصف أيضا، وأصبحت «نسعى جاهدين لعدم إعادة سر المعمودية»، وبعدما نشر موقع راديو الفاتيكان البيان بالعبارة القديمة، تفهمت كنيسة روما الضغوط التي تعرض لها البابا تواضروس وعدلت النص.

يذكر أن محاولة البابا تواضروس والبابا فرنسيس ليست الأولى في التقارب، فقد سبق البابا شنودة الثالث بتوقيع بيان مشترك عام 1973 خلال زيارته البابا بولس السادس في الفاتيكان، حول فتح باب الحوار اللاهوتي بين كنيستي روما والإسكندرية لتجاوز الخلافات. 

اقرأ أيضا: 

المجددون والمحافظون داخل الكنيسة القبطية.. لمن تكون الغلبة؟ 

صراع الأب متى المسكين والبابا شنودة الثالث يعود من القبر 

رغم وفاته.. صفحات تهاجم الأب «متى المسكين» 

أين وجهة الكنيسة في ظل الصراع بين المجددين والمحافظين؟ 

شارك الخبر على