بعد دعوة السياح الروس لزيارة سوريا.. هل دمشق أصبحت آمنة؟

أكثر من ٥ سنوات فى التحرير

كتبت:- فاطمة واصل

«سوريا آمنة الآن، يمكنك أن تصل بأمان من مطار دمشق إلى المعالم التاريخية وشواطئ اللاذقية».. هكذا أعلن السفير السوري في روسيا رياض حداد، اليوم الخميس، في مقابلة مع صحيفة «إزفيستيا» الروسية، ليدعو الشعب الروسي لزيارة الأماكن المقدسة ودور العبادة الأثرية على الأراضي السورية، قائلا: «نريد خلق خلفية موثوقة للتعاون مع روسيا، أولا وقبل كل شيء سنطور السياحة الدينية والزيارات إلى الأماكن المقدسة ودور العبادة التاريخية، والسياح الروس لن يواجهوا مشكلات في الحصول على التأشيرات، إذ سيحصلون عليها بمجرد القدوم إلى سفارتنا في موسكو وتقديم الوثائق اللازمة».

وتشجيعا للسياح، أوضح حداد أنه يوجد في مدينة معلولا دير مسيحي شهير، فضلا عن مساجد تاريخية في دمشق، بالإضافة إلى أنه يتم الآن إعادة بناء مدينة تدمر الأثرية.

في المقابل أعلن رئيس وكالة السياحة الروسية، انطلاق أولى المشاريع السياحية الروسية في سوريا، موضحا أنه سيتم إعادة تأهيل قرية المنارة السياحية بمحافظة طرطوس، بتكلفة إنشاء تبلغ نحو 90 مليون دولار. 

ووفقا لموقع "روسيا اليوم"، فإن المشروع عبارة عن مشروع لفندق 5 نجوم يقع على شاطئ مدينة طرطوس، يتضمن أسواق تجارية ومول تجاري ومسابح وملاعب أطفال وفيلات وصالة مؤتمرات.

ويعد هذا المشروع مقدمة لمشاريع سياحية أخرى ستقام بالتعاون بين البلدين، حيث دخلت 80 شركة استثمار روسية إلى سوريا منذ مطلع 2018 الجارى للتعرف على واقع الاستثمار على الأراضي السورية.

اقرأ أيضا| «الأندوف».. قوة أممية للفصل بين سوريا وإسرائيل في الجولان

وضع السياحة في سوريا

في سبتمبر 2016، صرح وزير السياحة السوري المهندس بشر يازجي، بأن القطاع تضرر بشكل كبير جدا في عامي 2012 و2013، ولذلك ركزت الحكومة على محوري السياحة الدينية والداخلية، وبدأت في بث حملات ترويجية، موضحا أنه في عام 2015 تجاوز عدد السياح 500 ألف زائر، كان معظمهم يتركز في مجال السياحة الدينية المسيحية والإسلامية، وفي عامي 2014 و2015 شهدت سوريا زيادة بنسبة 12% في أعداد السياح، وفي عام 2016 زادت النسبة إلى 30%.

وقال يازجي، إنه يوجد مناطق آمنة في سوريا يمكن زيارتها ومن بينها الساحل السوري، مناطق حمص وريف حمص الغربي، مثل مرمريتا ووادي النصارى "وادي النضارة"، ويوجد في دمشق إشغالات فندقية كبيرة جدا.

اقرأ أيضا| إعمار سوريا.. فرصة ترامب الذهبية لإحراج بوتين

من جانبه، أعلن مدير سياحة ريف دمشق المهندس طارق كريشاتي، في سبتمبر 2016، عن تحسن وتطور السياحة الدينية، موضحا أنه يوجد إقبال كبير على السياحة الدينية، وتبلغ يوميا حوالي 7 آلاف ليلة سياحية، ما دفع أصحاب المنشآت السياحية لإعادة افتتاح منشآتهم السياحية، إضافة إلى افتتاح منشآت جديدة.

وفي نوفمبر 2017، ذكر وزير السياحة السوري، أن عائدات السياحة الدينية إلى سوريا ارتفعت عام 2017، بمعدل 3 أضعاف عن 2016، وأن الشركة السورية للنقل والسياحة حققت عائدات بقيمة 150 مليون ليرة سورية، في حين لم يتعد الرقم 50 مليون ليرة عام 2016، مضيفا أن عدد الليالي الفندقية في سوريا وصل إلى 3 ملايين ليلة، منذ بداية 2017، وأن عدد الليالي الخاصة بالسياحة الدينية تجاوز 800 ألف.

اقرأ أيضا| «تجارة الحرب» تعيد التلاحم بين فرقاء سوريا.. وتمهد للمصالحة

أماكن يقصدها السياح

في عام 2016 بلغ عدد سياح المناطق الدينية 115 ألف زائر، مقارنة بـ60 ألفا في عام 2015، ما ساهم في عودة 34 فندقا للخدمة من جديد، ويقصد السياح بشكل رئيسي منطقتي السيدة زينب والسيدة رقية الإسلاميتين، فيما تتركز السياحة للأماكن المسيحية في منطقتي صيدنايا ومعلولا، وفيما يلي تعريف بأهم الأماكن التي يقصدها السياح:

مقام السيدة زينب

يقع مقام السيدة زينب حفيدة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وابنة الإمام علي ابن أبي طالب، في قرية من قرى دمشق كانت تسمى راوية والآن السيدة زينب وهو مقام داخل مسجد رائع البنيان حمل اسمها، ويتكون من بناء تتوسطه ساحة وفناء واسع وللمسجد مدخلان مدخل من الجهة الشمالية ومدخل من الجهة الغربية، وهذا المدخل يتصل بالسوق الرئيسي الكبير في البلدة، وهناك رواق كبير تحيط به الغرف والقاعات ومنها غرف مخصصة لمنام ومبيت الزائرين، الحرم له باب مصفح بالنحاس المزخرف والمنقوش وترتفع مآذن المسجد والمقام محاط بسور وحلقات من الفضة الخالصة، وفي الداخل يوجد غطاء الضريح الخشبي المصنوع من خشب الأبنوس الفخم ومطعم بالعاج والذهب وهو تحفة فنية ومحاط بسور من الزجاج البللور الصافي.

اقرأ أيضا| الدور الفرنسي في سوريا.. ماكرون يخطط للضغط على موسكو وإزاحة الأسد

مقام السيدة رقية

السيدة رقية بنت الإمام الحسين بن علي ابن أبي طالب عليهما السلام، ومقامها في جامع كبير غني بالزخارف البديعة تم بناؤه في حي العمارة الجوانية بدمشق داخل السور سنة 1994، وكان في موضعه مسجد قديم يعرف باسم (مسجد الرأس) نسبة لرأس الإمام الحسين المدفون فيه.

دير سيدة صيدنايا البطريركي

يعود الدير إلى القرن السادس بناه الإمبراطور يوستينانوس تنفيذا لوصية السيدة العذراء ووفقا لتصميمها الذي وضعته له على الأرض، وفي الدير مقام الشاغورة (المشهورة) وهو المكان الذي تولت فيه الغزالة إلى السيدة العذراء، وطلبت من مطاردها الإمبراطور أن يبني لها الدير، وفيه كنسية جددت بعد فتنة عام 1860 وقام بهندستها مهندس المريمية بدمشق.

اقرأ أيضا| عملية السويداء والاستقرار بعيد المنال في سوريا

دير مار ألياس الحي في صيدنايا

يعتبر مار الياس (أو النبي إيليا) من أعظم الأنبياء وأبرز الشخصيات في العهد القديم، ويمتد العهد القديم زمنيا من إبراهيم الخليل أبي الآباء (حوالي 2000 ق.م)، إلى مار يوحنا المعمدان الذي وصل بين العهدين القديم والجديد.

دير القديسة تقلا البطريركي في معلولا

يعد من أقدم الأديار الحية في دائرة بلاد الشام، ويعود إلى القرن الرابع وفيه منسك القديسة تقلا وقبرها في بطن الجبل، وبجانبه نبع ماء وكنيسة صغيرة وتعود إلى منتصف القرن الأول.

اقرأ أيضا| هل يرسم الاتفاق بين الأكراد والأسد خريطة «لا مركزية» لسوريا؟

أماكن أثرية تحولت لأنقاض

رغم وجود مناطق آمنة للسياح، إلا أن هناك مدن سياحية دمرتها الحرب في سوريا ولعل أهمها مدينة تدمر التي تعرضت لدمار شامل جراء أعمال تنظيم داعش من هدم وحرق وتخريب لحقت بالمباني والمعالم الآثرية، إذ أقدمت عناصر التنظيم الإرهابي على تدمير واجهة المسرح الروماني والتترابيلون المؤلفة من 16 عمودا في الشارع الرئيسي عن طريق التفخيخ ما أدى إلى تدميرها، كما أقدم التنظيم على تدمير معبد «بل» الأثري، من خلال تدمير المبنى الرئيسي للمعبد وكذلك صف من الأعمدة الملاصقة له، والذي استغرق تشييده نحو قرن من الزمن، إذ بدأ في عام 32 وانتهى في القرن الثاني، كما فجر «داعش» معبد «بعل شمين» الشهير، ما أدى إلى تدمير الهيكل وانهيار الأعمدة، وأظهر شريط فيديو بثه التنظيم صورا تبين الركام الذي خلفه التفجير.

وبجانب تدمر هناك مدينة أفاميا، التي تعرضت لتنقيبات سرية وحفر بشكل كامل من قبل لصوص الآثار، وتبين صور التقطها ناشطون ونشرتها الجمعية السورية لحماية الآثار حالة أحد الأبراج التي حفرها لصوص الآثار، بالإضافة إلى صور الدمار التي أصابت جزءا من الشارع المستقيم في أفاميا نتيجة تعرضه لقصف، وبحسب المعلومات التي نشرتها الجمعية تم تهريب حوالي 30 لوحة فسيفساء من الموقع الأثري.

اقرأ أيضا| هل سترد سوريا على إسقاط مقاتلتها من قبل إسرائيل؟

ولم يكن الجامع الأموي الكبير في حلب، الذي يعود بناؤه إلى العهد الأموي أي قبل نحو 1000 عام، وتبادلت الحكومة السورية والمعارضة الاتهامات حول المسؤولية عن هدم مئذنته، أفضل حالا، ووفقا لتقارير إعلامية فإن الجامع الأثري شهد في عام 2016، اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية ومسلحي المعارضة ما أدى إلى احتراق المسجد خاصة المكتبة التاريخية التي تضم العديد من المخطوطات القديمة، كما أن سوق مدينة حلب الأثري القديم من أبرز المعالم المتضررة من الحرب.

شارك الخبر على